اليمن: انشغال العالم بقضايا دول الخليج يثير مخاوف الشارع من نسيان مآسي الحرب المميتة

خالد الحمادي
حجم الخط
0

تعز-“القدس العربي”: ارتفعت وتيرة المخاوف في الشارع اليمني من احتمالات نسيان العالم للحرب اليمنية، ومآسيها المميتة، وذلك إثر انشغاله بمشاكل وقضايا دول الخليج العربي، التي تفجرت مؤخرا بشكل دراماتيكي حتى بلغت ذروتها مع قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وانكشاف استعانة الإمارات بمرتزقة أمريكيين لقتل السياسيين والمعارضين لها في اليمن، بالإضافة إلى زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو لسلطنة عمان.

وازدادت المخاوف مع ارتفاع مستوى المآسي اليومية للحرب اليمنية، سواء عبر آلات الدمار العسكرية أو الانهيار الاقتصادي الذي يطحن البلاد طولا وعرضا، حيث أصبح اليمنيون يشعرون أن الحرب في بلادهم دخلت ملف النسيان ولم يلمسوا اهتماما دوليا كافيا بها، وبالذات مع انشغال العالم والإعلام الدولي على وجه التحديد بمجريات الأحداث المتسارعة في دول الخليج.

وفي الوقت الذي ما زال فيه الإعلام الدولي منشغلا بقضية التحقيقات الجارية في قضية مقتل جمال خاشقجي، تحولت أنظار العالم أمس الأول نحو سلطنة عمان التي استقبلت زيارة رسمية معلنة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو وما أسفرت عنها من مباحثات، كشفت التطبيع العربي على حقيقته مع تل أبيب، وأحرجت العديد من الأطراف العربية بما في ذلك جماعة الحوثي الانقلابية في اليمن، التي يوجد لها ممثلون للتواصل الدولي في سلطنة عمان، حيث ترددت أنباء عن لقاء جمع مسؤولين إسرائيليين مع ممثلين عن جماعة الحوثي، رغم الشعار المعلن للحوثيين المتضمن “الموت لإسرائيل”.

وكان التقرير الاستقصائي الذي نشره موقع (BuzzFeedNews) عن تعاقد دولة الإمارات مع مرتزقة أمريكيين لاغتيال سياسيين في الشرق الأوسط والذي أورد تفاصيل مثيرة عن عملية محاولة اغتيال رئيس فرع حزب الإصلاح بمدينة عدن، أثار أيضا ضجة كبيرة حول الأدوات الإماراتية في اليمن التي تجاوزت مهمة قواتها ضمن قوات التحالف العربي في اليمن، إلى مهمة الاغتيالات التي طالت عشرات السياسيين والعسكريين وخطباء المساجد الذين لا يتماشون مع سياسة أبو ظبي في اليمن.

وذكر العديد من السياسيين اليمنيين لـ”القدس العربي” ان هذه الثلاث القضايا، وهي قضية مقتل خاشقجي وزيارة نتنياهو إلى سلطنة عمان واستخدام الإمارات للمرتزقة الأمريكيين في ممارسة الاغتيالات، أشغلت العالم وشغلت الإعلام الدولي على حساب الاهتمام بقضية الحرب في اليمن، والتي تدخل كل يوم منعطفا خطيرا، تسفر عن مآس إنسانية عميقة، في مختلف الأصعدة، بدءا بآلات الحرب المدمرة، مرورا بالانهيار الاقتصادي الكبير وانعدام الخدمات العامة وليس أخيرا الأمراض الفتاكة التي تظهر بين فترة وأخرى إثر غياب الخدمات الصحية في البلاد.

وأوضحوا أنه مع انشغال دول التحالف العربي بقضاياها المصيرية، وبالذات السعودية والإمارات، فإن من المرجح أن تدخل الحرب في اليمن مأزقا ونفقا جديدا، يصعب التكهّن بنهايته ومآلاته، ويُترك اليمنيون يصارعون الموت كل يوم بمختلف الأسباب التي تكالبت عليهم من كل جانب، فيما صناع الحرب، لا يأبهون لحجم المآسي التي تفتك باليمنيين كل يوم.

ويرون أنه مع إكمال العام الرابع للحرب في اليمن، أصيب المواطنون بخيبة أكل كبيرة من تدخلات الأطراف الخارجية التي زادت الحرب ضراوة وضاعفت تعقيداتها، والتي اتخذت من الأرض اليمنية حربا بالوكالة، لتصفية حسابات إقليمية وبالذات بين إيران والسعودية عبر أطراف محلية، حيث تدعم طهران الانقلابيين الحوثيين، فيما تدعم السعودية الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، والذين خرجت الحرب اليمنية عن سيطرتهم وأصبحوا أدوات بيد الأطراف الخارجية ولم يعد بيدهم أي قرار لإنهاء الحرب أو لتحقيق أي خرق فيه لصالح أي طرف.

وتضاعف القلق الذي سيطر على قلوب وعقول اليمنيين مؤخرا بسبب انشغال اللاعبين الإقليميين بمشاكلهم وقضاياهم الداخلية ونسيانهم لمجريات ومآسي الحرب في اليمن، خاصة مع انهيار العملة المحلية الريال للحضيض بشكل متسارع وندرة المواد الأساسية من الأسواق وانعدامها في كثير من الأحيان، وتفشي الأمراض، علاوة على المجازر المتكررة في أوساط المدنيين جراء الحرب المدمرة.

وأصبح الشارع اليمني لا يرى أي أفق لنهاية الحرب المدمرة في اليمن، على الأقل على المدى المنظور، كما لا يستطيع التنبؤ بالفصل الأخير لحالة الاقتتال الداخلي، بين ميليشيا الانقلاب الحوثي والقوات الحكومية، المدعومة بالمقاومة الشعبية، حيث تراوح الحرب مكانها منذ أربع سنوات دون احراز أي تقدم من قبل أي طرف، إلا في نطاق محدود للقوات الحكومية، التي حققت مكاسب عسكرية في المحافظات الجنوبية غير أن القوات الإماراتية استحوذت عليها عبر سيطرتها على تلك المناطق بواسطة ميليشيا محلية مدعومة وممولة من أبو ظبي.

 ويرى الكثير من المحللين اليمنيين ان انشغال عواصم دول الخليج بقضاياها المحلية وإشغال الإعلام الدولي بها قد تكون سببا كافيا لإطالة أمد الحرب في اليمن ونسيانها من أجندتهم الرئيسية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية