التقارب الكويتي الايراني: «قمة المأزق السعودي»

حجم الخط
32

اختتم امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح زيارة مهمة الى ايران بلقاء مع مرشد الثورة آية الله علي خامنئي، اعلن خلاله عن فتح صفحة جديدة مع الجارة العتيدة بعد سنوات صعبة شهدتها العلاقات الثنائية، وفي توقيت حرج تبلغ فيه الازمات الاقليمية درجة غير مسبوقة من التعقيد وربما الانسداد.
اما على المستوى الثنائي فان الزيارة تتوج نهجا كويتيا نجح في الحفاظ على العلاقات السياسية والاقتصادية مع طهران، في وجه العواصف والخلافات البينية والاقليمية التي ضربتها، وبينها تبادل طرد ثلاثة دبلوماسيين اثر اتهامات بالتجسس قبل ثلاثة اعوام.
وتمثل العلاقات الثنائية اهمية خاصة بالنسبة الى البلدين، لاسباب اقتصادية وسياسية وعقائدية، ليس فقط بسبب الاحصائيات التي تقول ان ثلاثين في المئة من الكويتيين ينتمون الى المذهب الشيعي، ولكن ايضا الافاق التي يفتحها تخفيف العقوبات عن ايران لتوسيع التعاون في كافة المجالات.
وبالنظر الى ان الكويت تترأس مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، فان لقاء الامير مع القيادة الايرانية بدا وكأنه «قمة اقليمية» وليس ثنائية فقط، وهو ما تأكد بتطرق المباحثات الى الازمات التي تخيم على الخريطة بدءا من العراق الى لبنان مرورا بسوريا والسعودية واليمن، والتي تمثل ايران طرفا اصيلا فيها سواء علنا او من وراء ستار.
ولا يمكن فصل التقارب الكويتي الايراني عن الحملة الدبلوماسية التي تشنها السعودية لفتح قنوات مباشرة مع ايران بعد ان تحررت سياستها الخارجية من هيمنة الامير بندر ضمن «سلسلة اقالات ملكية» عبرت عن شعور الرياض بعمق مأزقها داخليا واقليميا. وكان ملفتا ان تخلي الرياض عن «سياسة الحرد» تجاه طهران لم يكن كافيا لاقناع الاخيرة بانهاء الفتور الذي يخفي توترا بل واحتقانا في العلاقات الثنائية، فاعتذر وزير خارجيتها عن تلبية دعوة سعودية بسبب «تزامنها مع اجتماعات اوروبية».
وحيث ان الكويت الوحيدة التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع كافة بلاد الخليج العربية الى جانب ايران، فانها مؤهلة اكثر من غيرها ليس فقط للقيام بدور الوساطة بين طهران والسعودية، ولكن لفتح الباب امام نهج دبلوماسي يفصل المسارات الثنائية عن المواقف المختلفة على ضفتي الخليج، ما يمكن ان يوفر سبيلا لادارة النزاعات الاقليمية التي يصعب حلها.
وبينما تحاول السعودية ان تجد طريقا للالتفاف على عجزها عن منع فراغ رئاسي في لبنان، وولاية ثالثة للمالكي في العراق، وتصاعد تهديد الحوثيين في اليمن، وتعقيدات وضع كارثي في سوريا، فان ايران لن تتردد في الحصول على اكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والاستراتيجية مقابل حلحلة اي من هذه الازمات.
لقد ادى انحسار النفوذ السعودي في هذه الملفات الى استنزاف مكانتها الاقليمية، ما يجعلها تسابق الزمن لكسر حالة الانسداد الاقليمي، وهو ما دفعها مضطرة الى السعي نحو الحوار مع «رأس الافعى» وهو الوصف الذي كان اطلقه العاهل السعودي على طهران حسب تسريبات ويكيليكس.
وفي المقابل تبدو طهران مستعدة لانتظار «نضج التراجع السعودي» لتقطف ثماره اعترافا غربيا بدورها الجديد في الاقليم، في ظل مسارات سياسية تبدو اكثر ملاءمة لها من خصومها، من لبنان حيث تراجعت التفجيرات، الى حرب اليمن المشتعلة على حدود السعودية مرورا بسوريا حيث ترتدي مسوح «مكافحة الارهاب» للتغطية على جرائم النظام، امام الغرب الذي فقد اهتمامه او قدرته او كليهما على التدخل في مستنقعات الشرق الاوسط.
ويمكن ان تشجع زيارة امير الكويت لطهران دولا عربية اخرى على ان تسلك الطريق نفسه، حيث سيصعب على الرياض ان تبرر الاستمرار في الضغط من اجل عزل بلد بينما تسعى هي الى التوصل لتفاهمات معه.
ومهما كانت النتائج التي قد تسفر عن الزيارة، فانها تمثل درسا في ادارة الصراعات الدولية، وشهادة تاريخية بفشل سياسة «الغطرسة» التي قادت السعودية بها المنطقة لعقود، فكانت النتيجة انها افسحت المجال امام توسع نفوذ طهران بدلا من محاصرته.

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد الكندي:

    اي تقارب عربي ايراني هو في صالح كل الملفات العالقه واعتقد اننا لانذهب بعيدا في مثل هذا الحلم اذا سرعان ماينتهي بلاشئ

    1. يقول طعس بن شظاظ الصميدي:

      التقارب العربي الإيراني أشبهه ب الملح و السكر !!! :)

  2. يقول سارح:

    يقول سامح حفظه الله ورعاه(العرب بالمجمل ( مسالمون ) وايران بالمجمل ( عدوانية ) … سامحك الله ياسامح …من حارب ايران 8 سنوات وارجعها 50 سنه للوراء وقتل منها مئات الالاف ؟ اليس صدام ومن ورائه دول الخليج ؟ ياسامح ماذا كنت ستقول عن ايران اذن لو انها وقفت مع صدام ضد دول الخليج عند احتلاله الكويت ؟ ان الذي جعلنا في الحضيض من دون الامم هو اننا غرائزيون نتكلم ونعمل كما نحب لاكما يجب. شكرا.

    1. يقول عامر جسار:

      يبدو انك لا تعلم ان الاعتداءات الإيرانية على العراق بدات منذ عام 1975، أي أيام حكم الشاه، و استمرت ايران بالاعتداء على الأراضي العراقية وقتل الرعاة وحرس الحدود حتى بعد الثورة الخمينية، إذا كنت لا تعلم التاريخ فلا تتكلم من رأسك و لا تحكم على ما لا تعلم

  3. يقول عماد المغواري:

    زياره من قرائتها اﻻوليه ﻻنهاء الخﻻفات الكويتيه اﻻيرانيه ولكن من جهة اخري هو الدخول لبيت الطاعه اﻻيراني بموافقه امريكيه واﻻيام ستثبت ان السياسه اﻻيرانيه الصارمه تجاه دول الخليج وخاصة امام السعوديه المنهزمه دائما اتت اكلها وانها فعﻻ بانتظار مزيد من الغنايم السعوديه غصبا عنها ﻻ تفضﻻ

  4. يقول سامح // الامارات:

    * للأخ ( سارح ) حياك الله يا طيب .
    * أنا ضد حروب المرحوم ( صدام ) وضد غزوه ( للكويت ) .
    *لكن من الذي يحتل حتى الآن ( الجزر الإماراتية ) ؟؟؟
    * من الذي يدعم الطاغية ( بشار الدم ) ؟؟؟
    * من الذي يخرب ( العراق ) الآن ؟؟؟
    * من الذي يشجع ( الحوثيين ) ف اليمن ويسلحهم ؟؟؟
    * من الذي يحرض على التمرد ف البحرين ؟؟؟
    * يا طيب كلها ( أيادي ) طهران وهذا جزء بسيط من الحسبة ؟؟؟!!!
    شكرا .

  5. يقول نبيل العلي:

    شيخ الدبلوماسية ينظر إلى ما بعد عشر سنوات وغيره ينظر عند أصابع قدميه. إيران قادمة وغيرها آفل ما لم يتغير ويتأقلم ويتهيأ لدخول عالم جديد. الكويت مرنة في دبلوماسيتها عقلانية في طرحها وتقدر عوامل التاريخ والجغرافية والجيوستراتيجيا ولا تعاند سياق الزمن. هذه الاتفاقيات التي عقدتها الكويت مع إيران سوف تريح الكويت من توتر قد اقترب في المنطقة بعد انتخاب الرئيس بشار الأسد والسيسي. لا أعتقد أن زيارة الأمير إلى إيران ليست “قمة المأزق السعودي” ولكن زيارة ملك البحرين ستكون ما قبل قمة المأزق. قمة المأزق ستأتي من اليمن الذي تركته السعودية مرتعاً لكل ارهابي ومتخلف ومفسد.

  6. يقول زاهد_المغرب العربي:

    من أشعلوا الحروب الطائفية وتاجروا بالملفات الإقليمية..مختلقين “العدو الصفوي”.. يضطرون اليوم إلى الإعتراف بفشلهم و الحوار صاغرين مع إيران..
    ولكن بعد ماذا..؟؟ بعدما شردوا شعوب ودمروا دول..!!
    لاحول ولا قوة إلا بالله..

    1. يقول AL NASHASHIBI:

      الاعتراف بالحق فضيله ..والإسلام دين واحد وثابت وهكذا يجب ان تكون الامه الاسلاميه ثابته بمباديًها ودينها. وعملها الصالح في خدمه المواطن ..لان المواطن هو مصدر القوه في هذه الامه الصالحه …وبالوحده الاسلاميه والوعي العربي ..يهزم الاستعمار. والجهل معاً …
      ..أخوكم النازح. …بسبب عدم الوحده علي الرغم الدين والماباديً الاسلاميه واحده. وأتت من اجل الحفاظ علي قيمه الانسان ..وليس علي العربي فحسب …
      AL NASHASHIBI

  7. يقول محمد علي الجزائر:

    انهم خطر لا يؤتمن جانبهم لكن مع الاسف العرب لا يتعضون

  8. يقول مروان الأردن:

    الخطوة الكويتية بالتأكيد ليست بمعزل عن التنسيق المسبق مع الشقيقة الكبرى السعودية ولا يغرنكم أن ايران بنفوذها الجديد في العراق وسوريا ولبنان اصبحت بوضع المجد الامبراطوري فلا هي بوضع ووزن الامبراطورية الامريكية من حيث التطور التكنولوجي والحضاري والمؤسساتي والموارد والثروة ، والتي استنزفت ووصلت لمرحلة من الازمات الاقتصادية والخسائر البشرية جراء حربي العراق وافغانستان والتي كادت ان تجعل منها مجرد دولة عظمى وليس القطب الاوحد في العالم لو توفر البديل ففضلت الانكفاء والانعزال بقدر الممكن عن مشاكل العالم لأن الولايات المتحدة دولة مؤسسات مستقلة ومتناغمة لها رأي تستطيع أن تضع حد لانحرافات مؤسسة الرئاسة في البيت الابيض .

    فبقاء الدولة الايرانية الاحادية الرأس المؤسساتي الذي لايصغي لنبض الشارع الايراني ولا لنداءات الجوار العربي ممثلا بقيادة الولي الفقيه منشغلة بأزمات المنطقة سوف يستنزفها ويستنزف حلفائها ويقود بالتالي لا محالة لثورة مضادة في الداخل الايراني ولدى حلفائها لانعكاس ذلك على مستوى الحياة المتدني اصلا لدى الاغلبية الساحقة من سكانها المتعطشين لاسلوب الحياة الغربي الاستهلاكي ،وهذا ما تفكر به مؤسسات صنع القرار الغربي وبذات الامريكي عندما قادت حور مع القيادة الايرانية لتضرب أكثر من عصفور بحجر واحد ودون اللجؤ للصدام المباشر مع الاعتراف لايران بالحق بامتلاك التكنلوجيا النووية المكلفة للموارد والتي بالكاد توفرها عن افواه الجوعى في ايران ،وكان ذلك بوحي من تجربة سابقة مكتملة عندما سرع الغرب بقيادة الثنائي(ريغان ،تاتشر ) من سباق التسلح مع الاتحاد السوفياتي السابق في الثماننيات من القرن الماضي فاوصلت الدولة السوفياتية حد الافلاس تقاطع ذلك مع الغزو والفشل السوفياتي في افغانستان وترافق بنفس اللحظة مع تدخل استخباري حاد ومبرمج قاد لثورة مضادة من الداخل سبب بالنتيجة انهيار الدولة السوفياتية فباعت اسلحتها لمصانع حديد الخردة والمتبقي منها للدكتاتوريات العربية بالدين.

  9. يقول تاج الدين محمد نور كوالا لمبور ماليزيا:

    ايران دولة فيها كل المقومات لاقامة دولة مكتملة التمو، امكانيات هائلة من البشر
    ومن الصناعات ومن العلماء في العلوم والتكنولوجيا ، وقفت ضد أقوى الدول وهي
    أمريكا ، واجبرتها على الرضوخ لها ، وبرضوخ أمريكا سترضخ كل دول المنطقة
    لأن العم ( سام ) بيده مفاتيح الدهب الأسود ، خصوصا بعد غزو العراق ، أحيي
    الساسة الإيرانيين على نجاح سياسة ( النفس الطويل ) وتمكنهم من التحكم على توجيه
    دفة السفينة لمصلحتهم ، وأن العالم الإسلامي اقتنع بأن التحريض على معادات إيران
    الشيعية ماهي إلا وسيلة لتغطية سياسات خاطئة أفقدت الأمة الإسلامية الكثير مـــن
    إحترام الأمم المتحضرة ، ونعتونا ب ( التطرف والإرهاب والتخلف ) ، الآن الدول
    التي كانت تدعو لمعادات إيران تتودد إليها مجبرة مأمورة من حاميها ، إيران لـــن
    تنسى المواقف السابقة ، ولن تتخلى عن طموحها المعلنة و المخبئة ، فإيران دولــة
    ديمقراطية برلمانية نفطية منتجة في طريقها للإكتفاء الذاتي ، ولها أهداف إسلامية
    تسعى معها كل الشعوب الإسلامية ( تحرير القدس ) وهي تحاول أن توحد المسلمين
    ابتداء من وحدة الفلسطنيين ، لوحظ أن النفوذ الإيراني متوغل بين الشعوب العربية
    وانحسار نفوذ بعض الدول في المنطقة لتدخلاتها في الشئون الداخلية لبعض دول
    المنطقة ، وهذا التصرف لا يرضي الدول الإسلامية عموما .

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية