الممثل الهوليوودي غسان مسعود عندما يغضب… “وطن” لبناني يجبر مواطنة على تقبيل حذاء… كوميديا البرلمان الأردني أمام الكارثة

حجم الخط
4

رفض الممثل السوري غسان مسعود تسلّم جائزته في “مهرجان الإسكندرية السينمائي” الأخير عن دوره في فيلم “الكتابة على الثلج” لرشيد مشهراوي. الجائزة قدمت له عن “أفضل دور ثان” فيما يعتبر مسعود أنه لعب دوراً أول، مستشهداً على ذلك بالإشارة إلى الكيفية، التي ورد بها إسمه في تيترات الفيلم والمرفقات الإعلامية.
من حقه الاعتراض بالطبع إن كان بالفعل في دور أول، لكن المفاجئ طريقته في الاعتراض، كما ظهرت في صحيفة سورية تصدر من دمشق، فقد عنونتْ مقابلة معه بمانشيت عريض يقول “الجوائز كلها من كعبي ونازل ومن دون تواضع”.
مسعود قال رداً على سؤال الصحيفة “يبدو أن خطأ ما قد حدث، ربما يكون مقصوداً، أو غير مقصود، في ما يخص هذه الجائزة، وقناعتي أن هناك خداعاً قد حصل لأن دوري لم يكن دوراً ثانياً، وهذا واضح، وبناءً عليه هذه الجائزة ليست لي”. وأضاف ملمحاً لوجود مؤامرة كونية ما “وأنا على دراية تامة بكواليس ما حصل في المهرجان”.
لغة “من كعبي ونازل” معروفة تماماً وشائعة في الشارع، لكنها لم تأخذ طريقها إلى الصحافة والإعلام الرسمي، إلا بتصريح مماثل للرئيس اللبناني ميشيل عون، إلى حد باتت هناك لغة إعلامية قائمة بذاتها تحمل اسم “لغة من الزنار ونازل”، نسبة لتصريح شهير لعون.
اليوم، تنهج الصحافة الثقافية السورية على يد مسعود طريقة تلك اللغة، وكنا قد توقعنا لغة أخرى من الممثل الهوليوودي، هو الذي قضى أكثر من نصف عمره على خشبة المسرح بين نصوص شكسبير وتشيخوف وسارويان، ألم تجُدْ قريحتك المسرحية بعبارة أرقى!

“الوطن” اللبناني

نقل الموقع الالكتروني لـ “بي بي سي” فيديو أثار جدلاً غاضباً في لبنان تحت عنوان “جندي لبناني يجبر سيدة على تقبيل قدم زوجته”. الفيديو منشور على صفحة “وينيه الدولة”. وقدمته “بي بي سي” بالقول: “جندي في الجيش اللبناني برتبة معاون يجبر فيه امرأة فقيرة الحال على تقبيل قدم زوجته بهدف الاعتذار منها، بعد خلافات شخصية بينهما، حسب المستخدمين، وقاما بتصويرها ونشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي”.
لا ندري إلى أين سيصل الغضب، ولكن مبدئياً يختتم الخبر ببيان للجيش اللبناني جاء فيه: “على إثر تداول مواقع التواصل الاجتماعي لفيديو يظهر سيدتين تقوم إحداهما، وهي زوجة أحد العسكريين، بإجبار الأخرى على تقبيل قدمها، أوقفت قيادة الجيش العسكري المذكور لاتخاذ التدابير التأديبية اللازمة”.
مع ذلك لا شيء يخفف من الغضب، الذي يتملّك المرء وهو يشاهد مجريات الفيديو، لماذا وصل “الوطن” إلى هنا (والوطن بالدارجة اللبنانية صفة تطلق على العسكري)؟ لكن هل هناك أبلغ من هذا الحدث، عندما يجبر الوطن أبناءه على تقبيل الأقدام من أجل النجاة!
أي وطن هذا، حيث الدجاج الفاسد في المطاعم، وصفقات اللحوم الفاسدة، الشوارع والساحات مكبات للنفايات، بقايا براز بشري في مياه الشرب، السيول تجتاح القرى المحاذية للمقالع.. فيما حماة الوطن تحولوا إلى محتلّين ومرتكبي مجازر في الجوار. “هل وطن هذا أم وكر ذئاب؟”.

دقيقة صمت من أجل الضحايا

بات مشهد الجدالات الساخنة في البرلمان الأردني نوعاً من الفلكلور الخاص بذلك البلد، المنكوب أخيراً بحادثة مروعة قضى ضحيتها عشرون طفلاً. في ما مضى كنا نتلقى الأمر على أنه شكل من أشكال الديمقراطية التي يحلم بها المواطن العربي المنكوب هو ونوابه بالديكتاتورية وبأنظمة شمولية لا تسمح بتسرّب كلمة أو انتقاد. غير أن المشهد المكرر من تحت قبة البرلمان الأردني سرعان ما بات أقرب إلى الكوميديا المسلية، يتناقلها الناس للضحك والتندر ليس إلا. نحفظ منها أن نائباً أكل أذن زميله، أو كاد، كما نحفظ تلك العبارة الشهيرة القبَلية ذات النبرة الوصائية التي راح نائب يصرخ به اتجاه زميلة نائبة “اقعدي يا هند”.
كذلك شهدنا على الفضائيات جدالاً صاخباً بعد حادثة البحر الميت الرهيبة. يشعرك هذا النوع من “الديمقراطية” بأن أحداً ما سمح به ليقول للأردنيين “هذا هو برلمانكم، هؤلاء هم ممثلوكم”. بطريقة أخرى، أحد ما كان يمدّ لسان السخرية للأردنيين: “هذه هي ديمقراطيتكم”.
إزاء تلك المصيبة لا يجد المرء أصدق من هذا الرأي الذي عبّر عنه كاتب أردني لموقع “سي أن أن”: “لقد كشفت كارثة الرحلة المدرسية أن سيولاً، وليس سيلاً واحداً جرفنا جميعاً إلى هذه الكارثة الإنسانية الوطنية. فالمتابع للحدث عبر وسائل الإعلام الرسمية والأهلية التقليدية وغير التقليدية عبر منصات التواصل الاجتماعي، يدرك حتماً مدى حجم الكارثة في جذورها لا فيما ستؤول إليها من تداعيات فقط”.
هذه المرة فقط، لا نأمل بشيء من التسلية والتهريج البرلماني، لا نطمح بأكثر من دقيقة صمت من أجل أرواح الضحايا.

كاتب فلسطيني سوري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد السوري:

    ولو انني احتقر جيش ابو شحاطة السوري الخائن آلات ادعوا الله ان يعي وصاية هذا الجيش على لبنان من جديد عندها سوف اكف عن وصفه بجيش ابو شحاطة

  2. يقول عربي سوري:

    سرد جميل وتوصيف دقيق.

  3. يقول محمد -المغرب:

    الجيش اللبناني ينطبق عليه المثل القائل”أسد علي وفي الحروب نعامة”.هكذا حاله دائما يستقوي على الابرياء من اللاجئين السوريين وقبلهم الفلسطينيين واليوم على بني جلدته..أما في مواجهة إسرائيل أو تجاوزات حزب الله فهو الغائب الاكبر

  4. يقول سامي:

    الجندي الذي اجبر غريمة زوجته على تقبيل حذائها.
    المقال لم يستكمل نهاية القصة. ….. وهي أن زوجة العسكري التي تم تقبيل حذائها….. قتلها شقيقها وأصاب زوجها اصابات خطرة (لسبب لم يعرف بعد)

إشترك في قائمتنا البريدية