استرداد الوعي
استرداد الوعي بعد رحيل ماو تسي تونغ بشهور، مضي شاعر شاب جاء من الأقاليم الجنوبية إلي رئيس تحرير جريدة الكفاح التي تصدر بعدة لغات تتحدث بها إلي القوميات المتآخية في الصين، قدم قصيدة في رثاء ماو تسي تونغ، قرأها رئيس التحرير ثم ابتسم، قال أنه يحيي وفاء الشاعر لزعيمه الخالد، كما أن القصيدة تنم عن موهبة لا شك فيها. لكن .لم ينشر رئيس التحرير تلك القصيدة الجميلة، وتحدث إلي ذلك الشاب وقال أن المبالغة في التعبير عن الحزن تعطل الشعب عن أداء أعماله، فيعيش في مناخ قاتم، وحزن بعيد. في خضم ما نعيش الآن وبعد إعدام السيد الرئيس الشهيد صدام حسين المجيد، كتبنا كثيرا عن ذلك الموقف وما حصل من خلال بدء الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق، مرورا بمهزلة محاكمة الرئيس الراحل صدام حسين ومن معه في عدة قضايا نسبت إليهم، بالرغم من أن الدلائل والثوابت تدل علي أن جلها تم تلفيقه من قبل إيران وأمريكا لصدام حسين ومن معه لإبعادهم عن الساحة العراقية وتسليمها لعملائهم المباشرين للسيطرة علي العراق من كل النواحي وخصوصا إراحة إسرائيل من صدام حسين الذي كان الخطر الأول والأخير لها. لفقوا له قضية الدجيل، وهل يعقل ما حدث إبان الحرب الإيرانية العراقية من قبل إيران وأعوانها في العراق؟ ثم اتهموه بضرب حلبجة بأسلحة كيمياوية وغيرها من الأكاذيب والأقاويل التي وللأسف كثير من الناس يعرف حقيقتها ولكنه لا يملك من الإنصاف اي شيء، وكثير منهم لا يعرف حقيقة تلك التهم، مع أن الدلائل والشواهد بينت تماما أن من قام بضرب حلبجة بالأسلحة غير الشرعية دوليا هي إيران. لا نريد الخوض في تفاصيل ما حدث. فقد كان صدام حسين بلا شك صاحب وعي وإدراك وخصوصا من جانب إيران وما تريده من العـــــراق وجل الدول العربية والإسلامية من ما يسمي تصدير الثورة وغيرها من الأطماع الاســـــتعمارية. فعـــــرفوا جميعا أن صدام حسين واع ومدرك لأفعالهم وأعمالهم، فحاولوا مرارا وتكرارا التخلص منه بأي طريقة تذكر، لفرض ســـيطرتهم علي العــراق واستغلوا بشكل كــــبير وفظيع أهل الشــــيعة في العراق لتنفيذ مخططاتهم. مع العلم أن الرئيس الشهيد صدام حسين قد بعث بأكثر من سبعين رسالة إبان الحرب العراقية الإيرانية إلي الخميني مفاد كل منها انهاء الحرب والرجوع للمفاوضات والصلح، ولكن الأخير رفض ظنا أن تلك الرسائل هي مبرر ضعف وخوف إلي أن جاء القرار بإنهاء الحرب من الجانب الإيراني بعد ما صعقت إيران وهزمت في تلك الحرب. كثيرة ٌ هي المواجع التي تلقتها أمتنا العربية والإسلامية في العصر الحديث، فكثير منا ما زال يعيش بواقع ِ ما حدث بعد الخامس من حزيران للعام 1967، واستقبلنا القرن الواحد والعشرين بأهوال ومصاعب عديدة وكثيرة ومؤلمة، كان الأمل قائما وما زال كذلك. وكان من أهم الجراح وأكثرها نزفا احتلال العراق وتقسيمه، إلي أن جاء ذلك اليوم الذي أعدم فيه السيد الرئيس صدام حسين المجيد فكان ذا ألم ووقع كبير في نفوس الكثير من أبناء أمتنا العربية والإسلامية. وكتب الكثير عن حيثيات الإعدام وتداعياته وكتبنا للسيد الرئيس، وما زلنا ولكن الدور الآن علينا كشعوب أن نصل إلي مرحلة استرداد الوعي بأن ندرك ونعي تماما أننا شعب ٌ واحد وأمة ٌ واحدة وأعداؤنا كثر، علينا أن نعي جميعا أن الجبل شامخ والرياح التي تهب لا تزيده إلا رسوخا .استشهد صدام ؛ فيجب علينا الآن أن نعي وندرك معطيات ما يدور من حولنا بإتقان أكبر وبإدراك أكثر وأن نحصن أنفسنا بداية بالعلم والثقافة والفكر لنحقق ما قاله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يوما : الآن يصبح في إمكاننا أن نتطلع إلي المستقبل، وقبل الآن فإن مثل ذلك لم يكن ممكنا إلا بالاستغراق في الأحلام أو الأوهام، وكلاهما لا تستسلم له الشعوب المناضلة، فضلا عن أن تقع فيه بينما هي عند مفترق الطرق الحاسمة وأمام تحديات المصير.اسامة نصار طلفاح رسالة علي البريد الالكتروني6