هل تعود العلاقات الخليجية إلى طبيعتها بفضل مونديال 2022؟

ظل قرار استضافة مونديال 2022 عامل توتر وحساسية بين قطر وجيرانها على مدى الاعوام الماضية، وزادت الحدة في الشهور الأخيرة بعد الخلافات التي سميت بالحصار من جهة والمقاطعة من الطرف الآخر، فاعتبر القطريون ان سبب الحصار هو “حسد” من هذه الاستضافة، فيما لم يتوان “المقاطعون” عن البحث عن  ثغرات وهفوات في الملف القطري الذي قاد إلى منحهم الاستضافة في 2010.

في الأيام الاخيرة عاد رئيس الفيفا جاني انفانتينو إلى إعادة طرح فكرة رفع عدد المنتخبات المشاركة في مونديال 2022 من 32 منتخباً إلى 48، على غرار المونديال التالي في 2026 الذي تستضيفه 3 دول أمريكية هي الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، ما يعني أن قطر لن تكون قادرة على استيعاب هذه الزيادة وحدها، ويتعين اشراك جيرانها في هذه الاستضافة، رغم أن انفانتينو لم يعط نجاح الفكرة أكثر من 50%، اذ قال: “هي ممكنة وقابلة للتنفيذ وانا أتناقش مع اصدقائنا في قطر وأيضاً مع أصدقائنا في المنطقة وأتمنى ان تنجح الفكرة” قبل ان يقول: “اذا لم تنجح نكون قد حاولنا”. أي أن ليس القرار بيده وحده.

هذه الفكرة لو لاقت الضوء الأخضر من كل المعنيين، فان أقرب الجيران الذين يمكن أن يتشاركوا مع القطريين في التنظيم هم الإماراتيون والسعوديون، ما يعني أن عليهم التعاون وعقد لجان مشتركة والتناقش في عمليات التنظيم والتنسيق وتبادل المعلومات في استضافة ملايين الزوار، وهذا لن يحدث في ظل العلاقات المجمدة الحالية، لكن مع ظهور بوادر انفراج في الايام الاخيرة وصدور بعض التصريحات الايجابية من مستويات عليا، فان مونديال 2022 قد يكون البوابة التي تفتح إعادة العلاقات إلى طبيعتها، على غرار ما فعلته الرياضة بين الكوريتين الشمالية والجنوبية في الاعوام الاخيرة.

الآن، أعلنت قطر انها ستدرس الفكرة، رغم انها لم تطرح للمرة الاولى، وفي الواقع هناك الكثير من الأفكار الطموحة التي طرحها انفانتينو منذ خلافته جوزيف بلاتر في رئاسة الفيفا في 2016، وكلها تصب في النهاية في مصلحة زيادة المداخيل المادية للفيفا، فهو عرض إلغاء كأس القارات وإنشاء دوري أممي يشمل كل المنتخبات العالمية، على غرار دوري أمم أوروبا، وهو أيضاً اقترح توسيع كأس العالم للأندية لتشكل 24 فريقا بدلاً من 8 بشكلها الحالي، وهما فكرتان لاقتا الرفض من الاتحاد الاوروبي وهيئات أوروبية مختلفة. لكن القطريين قد يرفضون أي تعديل لمونديال 2022 بسبب جوهري بسيط أنهم عندما فازوا بشرف الاستضافة في 2010، فان التنظيم كان لمونديال بـ32 منتخبا وليس أكثر، وحتى لو وافقوا على استضافة مونديال أوسع بالشراكة مع الجيران فانها ستكون شبيهة بالاستضافة الامريكية لمونديال 2026، بحيث تحظى الولايات المتحدة باستضافة 80% من المباريات، بينها المبارتان الافتتاحية والختامية، في حين تحظى المكسيك بـ10% ومثلها لكندا. فيما لو شعرت قطر بعدم نجاعة عودة العلاقات بينها وبين جيرانها إلى طبيعتها، ووافقت على فكرة توسيع عدد المنتخبات المشاركة في مونديال 2022، فانها قد تقترح ضم الكويت مثلا، مع عُمان للتشارك في الاستضافة، وهذا طبعا قد يؤجج الخلافات أكثر مما هي عليها الآن.

لكن الفكرة ما زالت قائمة، والوقت يمضي بسرعة، ومونديال 2022 “الشتوي” يتبقى عليه 4 سنوات بالتمام والكمال، وأي موافقة على التوسعة تجب ألا تتأخر ما بعد الربيع المقبل، وسيضع الجميع في الحسبان أن مونديالا آخر في المنطقة لن يتكرر مجدداً في الظروف الحالية اطلاقا، وإن حدث لن يكون قبل مرور 60 عاماً.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مزوار محمد سعيد (تلمسان):

    أنا شخصيا أسفت كثيرا لما حل بالإخوة من فرقة بسبب لعبة كرة القدم، أو هذه الأخيرة كانت من أسبابها، وفيما يخص استضافة قطر لمنديال 2022 فلطالما تمنيت لو أن كل دول الخليج العربي قد أعدت ملفا مشتركا، كان العرس الكروي سيصبح عربيا موسعا يعبر عن الوحدة المفقودة بحق!! آه.

إشترك في قائمتنا البريدية