رأي القدس شهدت الساحة الفلسطينية حالة من الارتباك السياسي والاعلامي طوال الايام الثلاثة الماضية حول مسألة مشاركة السيد اسماعيل هنية رئيس وزراء الحكومة في قطاع غزة في قمة عدم الانحياز التي ستعقد في طهران اواخر هذا الشهر.السيد هنية اعلن انه تلقى دعوة بهذا الخصوص من الحكومة الايرانية وانه عازم على قبولها والتوجه الى طهران تلبية لها. فما كان من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الا ان اصدر بيانا اعلنه الناطقون باسمه في رام الله انه سيقاطع هذه القمة في حال تواجد السيد هنية فيها.حجة الرئيس عباس في المقاطعة هي عدم جواز تجزئة التمثيل الفلسطيني، فمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية اللتان يرأس كلتيهما هما الجهتان اللتان تمثلان الشعب الفلسطيني في المؤتمرات والمحافل الدولية.الرئيس عباس كان مصيبا في موقفه هذا بدليل تراجع السلطات الايرانية عن دعوتها للسيد هنية، من خلال الجزم بانها لم توجه مثل هذه الدعوة بالاساس، واعلان المركز الفلسطيني للاعلام المقرب من حركة ‘حماس’ امس ان رئيس الحكومة السيد هنية لن يشارك في قمة عدم الانحياز. واكد ان هذا القرار جاء بعد مشاورات مكثفة جرت في الساعات الاخيرة بين الاطر العليا في قيادة الحركة والحكومة الفلسطينية في غزة اسفرت عن اتخاذ قرار عدم المشاركة.ما لم يكن السيد عباس مصيبا فيه هو اخراج هذا الخلاف الى العلن، وبطريقة غير دبلوماسية على الاطلاق الحقت الضرر بالشعب الفلسطيني وقضيته، وهزت صورته امام الرأي العام العالمي، وكأنها بحاجة الى هزات جديدة.ادارة هذه الازمة من قبل الرئيس عباس لم تكن على الشكل المتوقع او المنتظر منه، فقد كان بامكانه او من يمثلونه الاتصال بالسيد هنية وشرح خطورة قبول هذه الدعوة على مسألة التمثيل الفلسطيني، وتعميق الانقسام بين صفوف الفلسطينيين.نحن نسمع عن اتصالات بين ‘فتح’ و’حماس’ طوال الاسابيع الماضية من اجل اتمام المصالحة الفلسطينية وترجمتها خطوات عملية على ارض الواقع، فكيف نصدق مثل هذه الاقوال اذا كانت قنوات الاتصال في قضايا طارئة ومهمة كهذه مسدودة تماما؟ذهاب الرئيس عباس الى قمة عدم الانحياز على رأس وفد يضم السيد هنية ومسؤولين آخرين من الوان الطيف الفلسطيني كان من شأنه ان يقدم الشعب الفلسطيني في صورة افضل امام العالم باسره، ولكن الرئيس عباس مصر على حصر عملية تمثيل هذا الشعب في شخصه ومجموعة من الشخصيات المكررة التي سيطرت على المشهد الفلسطيني طوال السنوات الثلاثين الماضية.قمة عدم الانحياز هي قمة علاقات عامة، بعد ان فقدت الحركة اهميتها منذ انهيار الكتلة الاشتراكية وانهيار الاتحاد السوفييتي وسيطرة الولايات المتحدة على مقدرات العالم، وكان من المفترض ان يستغل الفلسطينيون هذه المناسبة لتأكيد تضامنهم ووحدتهم الوطنية وكسب اكبر قدر ممكن من الوفود المشاركة الى جانب قضيتهم ولكنهم اضاعوا هذه الفرصة الذهبية بارتباكهم واظهار خلافاتهم الى العلن.Twitter: @abdelbariatwan