تجميد وتذويب

حجم الخط
0

إن قائمة انجازات أبو مازن في السلطة الفلسطينية مدهشة وهي «كف» البناء اليهودي ـ أي تجميده، وتجديده من اجل العقاب؛ والافراج عن مخربين؛ ومكانة دولة غير عضو في الامم المتحدة وانضمام الى مواثيق دولية؛ واستعداد لتنازل اسرائيلي عن غور الاردن ما عدا مواقع عسكرية قرب الاردن؛ وموافقة نتنياهو على «اطار كيري» الذي يتضمن حدود 1967 مع تحفظات وهمية متفق عليها مسبقا فقط، في حين ترفض رام الله الخطة وتخرج نقية؛ وانشاء حكومة فتح – حماس بدعم العالم كله وعزلة اسرائيل. وكل ذلك دون أي مقابل. ومن الذي يتم التنديد به؟ إنه نتنياهو.
كانت اللعبة مباعة وكانت وساطة كيري تمثيلية فقط. فقد كان من وراء الستار قرار عربي امريكي موحد على اخراج كل شيء من يد اسرائيل – بالخير أو بالشر، وبالاستقامة أو بالخداع، ولا يهم من هو «المذنب». وليظن المغفل الاسرائيلي أنهم يلعبون لعبة توجيه الاتهامات، وليقم بتنازلات وبوادر حسن نية اخرى موهما نفسه بأنه سيسقط بذلك التهمة عن نفسه.
هذه هزيمة سياسية لكن اسرائيل عندها قدرات، فهي فقط تحفظ حياة أبو مازن من شركائه الجدد. فحرية حركته واقتصاده في يديها (حتى إنها في يوم ارتباطه بحماس حولت إليه نصف مليار شيكل). وهي تستطيع بدل أن تلوح بمشروع الاستيطان بصفة عقوبة أن تُفخمه وأن تجعل الدولة الفلسطينية غير قادرة على التحقيق.
لهذا لا يوجد هنا عجز بل عدم رأي وشلل داخلي. في جلسة المجلس الوزاري المصغر التي كانت ترمي الى علاج الازمة ذوبوا التجميد وعينوا لجنة ولم يعرفوا فعل شيء أكثر من ذلك.
في الماضي حينما كان اللاعب العربي يتحول الى لعب شطرنج دولة في الامم المتحدة، كان اللاعب الاسرائيلي يستمر على مسيرة اوسلو. وأسقط الارتباط بحماس رقعة الشطرنج فبقي اللاعب الاسرائيلي معلقا في الهواء.
اليكم سيناريو مثلا: تُتهم اسرائيل في مجلس الامن وفي لاهاي بجريمة الحرب التي هي نقل مواطني المحتل الى ارض الواقع تحت الاحتلال. ويوجد على ذلك رد واحد فقط هو ألا يكون اليهود في الارض محتلين. وهذا السلاح موضوع في جيب نتنياهو على صورة تقرير ادموند ليفي الذي يُثبت حقنا بحسب القانون الدولي. لكن نتنياهو حتى في وضعه اليائس اليوم ما زال يطوي التقرير ويتخلى عن الجبهة القانونية الدولية.
ولماذا؟ إن جذر ذلك موجود في خطبة بار ايلان لأنك اذا وعدت العدو بالارض فكيف تزعم أنها لك؟.
أصابت تلك الخطبة الليكود ايضا بالشلل وفصلت الزعيم عن حركته التي بقيت مخلصة للبرنامج الحزبي الذي يرفض دولة فلسطينية.
وتضاعف الانفصال في الحكومة الجديدة، فقد أضيف الى رئيس الوزراء ووزراء حزبه المختلفين سياسيا تناقضات مثل بيري وإلكين ولفني وبينيت، ولهذا لا تبغي الحكومة سوى الاشتغال بقضايا داخلية مثل «التساوي في عبء الخدمة» – بفرض أن الشأن السياسي راقد. وقد بلغت الحكومة الى طريق مسدود حينما نشأ وضع لا يُمكن من التعوج بعد ذلك.
تمنع لفني ضم الارض، ويعوق لبيد البناء خارج الكتل الاستيطانية. وهما لن يُمكنا من زعم أن اسرائيل ليست محتلة لأنهما يعلنان هما أنفسهما ذلك. ولا يريد نتنياهو ايضا في الحقيقة أن يكسر حكومة فتح ـ حماس.
ويوصي بوقه، تساحي هنغبي، بـ «اعتدال»، ونتنياهو نفسه موزع بين التجميد والتذويب.
خسر نتنياهو الانتخابات الاخيرة في واقع الامر ولهذا اضطر الى أن يشكل هذه الحكومة غير الممكنة. وهو يستطيع أن ينقذ زعامته – وحكم الليكود – اذا ترك المغامرة الفلسطينية في حالها فقط وألغى خطبة بار ايلان ردا على انشاء حكومة فتح ـ حماس.

يديعوت 9/6/2014

اليكيم هعتسني

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية