وهل كان السادات يريدنا؟

حجم الخط
1

قال رئيس الوزراء ردا على الانتقاد العام للبناء في يهودا والسامرة: لا يريدوننا هنا، وهذه هي المشكلة الحقيقية لأبناء البيوت.
هب الامر كذلك، فماذا يعني؟ هل صدرنا مرة عن الفرض الاساسي أنهم يريدوننا هنا؟ وهل اعتقدنا قط مثلا أن زيارة انور السادات لاسرائيل كانت نابعة من تأييد مصري اساسي لوجود دولتنا؟ من المؤكد أن لا. فقد كنا نعلم وجود اختلاف في مجرد وجودنا بصفة دولة، لكن رئيس مصر الذي جاءنا منتصب القامة، أيد الحقيقة التي لا اعتراض عليها وهي أن دولة اسرائيل أُسست لتبقى.
نشأ للسادات أعداء اقوياء. ودعوه في أنحاء العالم العربي خائنا ودفعت مصر عن اتفاق السلام بمكانتها باعتبارها زعيمة العالم العربي (لكن الهيمنة عادت الى حسني مبارك بعد عشر سنوات). ووجد في هذا البلد ايضا من ردوا في شك وتحدثوا عن زيارة السادات كأنها حيلة مصرية لاضعاف اسرائيل.
«لا يريدوننا هنا» ـ هذا هو الفرض الاساسي لكل مُجري التفاوض على اختلاف اجيالهم. ولو أجري استفتاء شعبي بين الفلسطينيين وسئلوا: هل تؤيدون أم تعارضون وجود اسرائيل؟ لشجعت النتائج رئيس الوزراء لكن اسرائيل في مقابل ذلك دولة مستنيرة وذات قيم، ولو أجري هنا استفتاء لليهود يفحص عن استعدادهم لقبول مواطني اسرائيل العرب – الذين سكنوا فلسطين قبل أن يحلم افيغدور ليبرمان بالهجرة الى الارض المقدسة بحقب طويلة – وأن يعيشوا معهم، فانه يخيل إلي أنه من الواضح ماذا ستكون النتيجة.
لكن نتنياهو مع كل ذلك حينما ضاق الامر عليه سحب ورقة اللعب المغبرة. فلا تهم خطبة بار ايلان ولتذهب الحاجة الى تسوية الى الجحيم، فاننا نعود الى ما بدأنا منه وهو أنهم لا يريدوننا هنا.
ماذا سيكون الآن؟ سيقول الساخرون ومؤيدو مقولة «الصدّيقون يقوم الآخرون بعملهم» إنه أتيحت لنا ساعة طيبة. ولن يكون بعد الآن غموض صيغ. هل يريد اوري اريئيل أن يبني؟ فليبن؛ وهل يريد بينيت أن يضم الارض؟ فليضم. فبهذا فقط تستطيع اسرائيل أن تواجه اليمين المصفى – إن اريئيل وبينيت سيقويان احتمال تغيير مواقف الجمهور.
لم تأت كل فكرة التسوية من مدرسة يسار معتدل أو متطرف بل نبعت من نظرة واعية الى الداخل والخارج من اكثر زعماء اسرائيل. أما الداخل فاننا اذا لم ندفع قدما باتفاق سلام مع من لا يريدوننا هنا فاننا سنقدم اسرائيل خطوة اخرى في طريقها الى أن تصبح دولة كل مواطنيها.
وأما الخارج فاننا اذا حددنا من المساواة الديمقراطية فسنصبح منبوذين مُحقرين في العالم.
حينما اقترح نتنياهو أن يعترف الفلسطينيون باسرائيل دولة للشعب اليهودي، ادركت فورا ان التفاوض فشل قبل ان يبدأ.
وهتف له المصفقون للحيلة الخلاقة التي تقيم للفلسطينيين سقفا لا يُتجاوز ايديولوجيا وذهنيا. وأثار بيبي الذي وعد كل ساسة العالم بأن يدفع بفكرة الدولتين قدما، أثار مطلبا عرف أنه لن يُقبل. فماذا يكون؟ يستطيع نتنياهو أن يعانق اريئيل لأن البناء في المستوطنات رد يهودي مناسب على الرفض الوقح للاعتراف بنا دولة للشعب اليهودي.
ليس نتنياهو أهلا لاستغلال حقيقة انشاء الحكومة الفلسطينية الجديدة كي يفحص على رؤوس الاشهاد استعدادها لاجراء تفاوض فعال.
وسيستغل ذلك الامر بدل ذلك كي يوحد بين بينيت وزئيف الكين ليؤيداه ويؤيدا استمرار بقائه.
ليس لاسرائيل أية مصلحة استراتيجية في المدى البعيد سوى صنع السلام، فهذا هو الحلم الاساسي لاكثر المواطنين وهو حلم تشوش عليه تخويفات لا تنقطع تتجاهل حقيقة ان مصلحتنا الوجودية ليست هي بقاء بنيامين نتنياهو.

هآرتس 11/6/2014

عوزي برعام

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د. حسين السلع - فيلدلفيا:

    أرجو أن يكون للعقلاء في دولة اسرائيل جولة في تحقيق السلام في المنطقة: فمثلا عوزي برعام يقول بمليء فمه: “ولو أجري استفتاء لليهود يفحص مدى استعداد أغلبية اليهود في الدولة بقبول مواطني اسرائيل العرب – الذين سكنوا فلسطين قبل أن يحلم افيغدور ليبرمان بالهجرة الى الارض المقدسة بحقب طويلة – وأن يعيشوا معهم، فانه يخيل إلي أنه من الواضح ماذا ستكون النتيجة؟؟ فما النتيجة يا ترى؟
    عرف عوزي بأنه محتل لارض غير أرضه كما يقول عن ليبرمان القادم بأموال المافيا الروسية (بلطجي حارس في بار يقدم الخمر والجنس) ليصبح وزير خارجية دولة لا يعرف عنها الا الاسم لانه يهودي….
    فكلاهما كما الستة ملايين يهودي في فلسطين التاريخية أو ما يسمونها اسرائيل قادمون من الخارج وعابرون لفلسطين ارضي وارض اجدادي من أيام كنعان وقبل عبورهم من العراق الى مصر… والان يستوطنون بلادنا ويرفضون وجودنا أو حتى حياتنا؟ ومع هذا قبلناهم ورحبنا بهم وقلنا لهم دعونا نعيش سويا فأبوا…. يريدونها دولة يهودية صافية لا تحوي أي فلسطيني مسيحي أو مسلم: يريدونها صهونية كما بريطانيا بروتستنيتية وروسيا والفاتيكان كاثوليكية.
    دعهم في غيهم يعمهون وسيلاقون وعدهم الذي وعدهم الله بالمرصاد… فالوعد آت وثقتنا بالله لا تتزعزع.
    وأعود وأكر ما قاله عوزي: “ليس لاسرائيل أية مصلحة استراتيجية في المدى البعيد سوى صنع السلام وقبول الطرف الاخر (الفلسطينيين)، فهذا هو الحلم الاساسي لاكثر المواطنين وهو حلم تشوش عليه تخويفات لا تنقطع تتجاهل حقيقة ان مصلحتنا الوجودية ليست هي بقاء بنيامين نتنياهو.” نريدها دولة ديموقراطية لكل سكانها عرب ويهود: اصليين وعابرين… نريد العيش بسلام ليعيش ابناؤنا وأبناؤهم بسلام… فهل هذا غريب يا النتن ويا ليبرمان ويا عوزي؟ رئيس دولتكم الجديد أيضا يريدها صهيونية من البحر الى النهر وليذهب العرب الى الصحراء….فأين العدالة يا نازيو الصهيونية ؟

إشترك في قائمتنا البريدية