سورية واحتمالات التغيير

حجم الخط
0

سورية واحتمالات التغيير

حمود الشوفيسورية واحتمالات التغيير تجتاج سورية اليوم صحوة حائرة. فالنظام الذي ظل متماسكا لاربعة عقود طويلة، يبدو وكأنه قد فقد اتجاهه، واخذ يتخبط في سيره، ويقدم علي خطوات لا يمكن تفسيرها الا بعدم الاهلية: وتكشف عمق المأزق الذي وضع النظام نفسه فيه من موقفه العلني المستهتر بمســــلسل الاغتيالات التي يتهم النظام بارتكابها الي تردده ازاء قرارات مجلس الامن المتعــــلقة بلبــــنان الي هذا التخبط غير المعقول سواء في معالجة الوضع الاقتصادي المتأزم، ومشكلة الفساد السرطاني المزمن في الادارة واجهزة الامن، او في سياسته العربية المتذبذبة ومواقفه الدولية الخائفة.ويبدو ـ في المقابل ـ ان القوي السياسية السورية ـ بدأت تلمح بريق امل في امكانية التغيير، ولكن كثرتها حتي الان حائرة بين ان تتغلب علي شكوكها تجاه امريكا وتصديق ما تدعيه من رغبتها في تغيير النظام لاقامة نظام ديمقراطي بديل، وبين ان تبحث عن طريق وطني خاص بسورية يبتعد ما امكن عن التهويش السياسي ليقترب ما امكن من ايجاد الصيغة العملية البديلة لهذا النظام باعتبار ان التغيير قد اصبح امرا محتملا. وان المأزق الحالي الذي يجد النظام نفسه فيه لا يمثل الا جزئيا فقط، المشكلة العويصة التي تواجهها سورية كمجتمع مدني، وكيان سياسي وجزء حي من الامة العربية.ولا بد لأي تحليل يستهدف اخراج سورية من محنتها ان يبدأ بتفهم المشكلة السورية التي يصمم النظام منذ بداية هذا القرن علي تجاهلها عمدا مما اوقعه في مأزقه العويص الراهن وجعل التغيير، تبعا لذلك، امرا ليس له بديل.ان الطائفية السياسية هي اصل المشكلة السورية، وان اي حل حقيقي ليس امامه الا ان يبدأ من الاعتراف بهذا الواقع، لا من اجل القبول به، ولكن من اجل تغييره بشكل يحفظ وحدة الوطن والشعب، ويجنبنا اراقة دماء غزيرة كما حدث في ثمانينات القرن الماضي، وكما يمكن ان يحدث اذا انقلبت الصحوة الحائرة الراهنة الي صحوة يائسة لا تستطيع في الاجواء الدولية الحالية الا ان تنقلب الي انفجار شعبي شامل.ونعني بالطائفية السياسية ان بعض السياسيين، مدنيين وعسكريين، قد استغلوا الطائفية المذهبية لاغراض انتهازية فخلقوا لنظامهم عصبية طائفية هددت ولا تزال تهدد وحدة الشعب كله، وادت الي ضرب المصالح الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لسورية، والي شل دورها القومي الطليعي الذي لا تزال سورية قادرة عليه اذا تمكنت من ان تتجاوز هذه الازمة بوعي ناضج، وبعقلانية منفتحة قد تؤدي الي نوع من العقد الاجتماعي الجديد الذي دعت، ولا تزال تدعو اليه معظم القوي الحية لشعبنا والتي حاول النظام منذ ان تسلم الدكتور بشار الاسد رئاسة الجمهورية ان يبشر به بين حين وآخر، انه كذلك يدرك استحالة الابقاء علي الوضع الراهن المتأزم، وانه يريد التهيئة للوصول الي نفس هذا العقد الاجتماعي الذي دعت له معظم فصائل المعارضة السورية في الداخل والخارج. وقد تتابعت وعود السلطة بالتقليل من سيطرتها المطلقة ومن احتكارها لحق العمل السياسي، والغاء حقوق المواطنين جملة وتفصيلا علي مدي اربعين عاما. وقد ايدت التصريحات الشجاعة للاستاذ عبد الحليم خدام النائب السابق لرئيس الجمهورية وجود مثل هذه التطلعات الاصلاحية عند النظام، عندما روي كيف انه قدم للرئيس بشار الاسد، بناء علي طلبه، مذكرة للاصلاح السياسي تنوسيت ثم ماتت، وعاد فقدم له مذكرة ثانية لاصلاح اقتصادي تعرضت لنفس المصير، ومذكرة ثالثة لاصلاح اداري لم يكن حظها بأحسن من حظ اختيها السابقتين، ولا يستطيع الانسان، ازاء ذلك الا ان يستنتج بأن النظام لم يكن جادا في اية عملية اصلاحية، سياسية كانت او اقتصادية او حتي ادارية.اننا نعلم تماما، كما يعلم كل مواطن وكل متتبع لاوضاع سورية، ان النظام انما يستند وجوده كله الي قوته الطائفية في الجيش، وان الادعاء بالانتماء البعثي او القومي او التقدمي ليس سوي ادعاءات، لان النظام في اساسه نظام عائلي ديكتاتوري متفرد، يستغل انتهازيا ابناء الطائفة العلوية ليحتمي بها، ويسمح لبعض البارزين المتنفذين فيها، ان يعيثوا في الارض فسادا، وان يجمعوا الثروات والمنافع التي تجرها لهم سلطة غير مقيدة، وبدون رقابة او حساب او مسؤولية.وعندما اختارت اجهزة النظام الدكتور بشار الاسد ليخلف اباه، فان غالبية القوي السياسية الحية في المجتمع، من داخل النظام ومن خارجه، اي ان غالبية فصائل المعارضة العلنية والمعارضة الخفية، قبلت صعود الابن مكان ابيه، لان الامل كان يحدوها بان يتمكن الدكتور الشاب، والجيل الذي ينتمي اليه من اصحاب النظام، من تطوير نظامهم باتجاه انفتاح حقيقي علي الشعب، ذلك لان بشار الاسد وامثاله قد حصلوا ثقافة حديثة معقولة، وعرفوا كيف يعيش العالم وتعيش الشعوب خارج الحدود، وتنتفي في حياتهم الشخصية اية شبهة بأنهم سبق ان تعرضوا لأي تمييز او اضطهاد او استعلاء، هذا ان لم نقل ان العكس هو الصحيح.وتمر ايام الانتظار علي شعبنا طويلة، ثقيلة وقاسية. والنظام جامد في مكانه. وبدلا من اعتبار مأزقه الدولي في لبنان فرصة له ليعيد النظر في جموده، ويبدأ سعيا حثيثا يقربه من الشعب حتي يبرر لشعبنا وللعالم بأن مأزقه الخانق يهم سورية كلها بدلا من ذلك فان النظام، وباعلانه عن اسماء وزرائه الجدد، وعن التغييرات الشكلية في واجهته السياسية فانه انما يعلن في واقع الامر، اصراره علي نهجه العائلي الدكتاتوري المتفرد، واضعا من جديد ابناء الطائفة العلوية وكافة ابناء شعبنا امام تحد جديد وكبير، الا وهو كيف الخروج بسورية من ازمتها الراهنة باقل ما يمكن من الخسائر، واكثر ما يمكن من ضمانات النجاح.وحتي نتوصل الي نتيجة منطقية معقولة، لا بد ان نتذكر الحقائق التالية، بوصفها حقائق واقعية لا يستطيع اي تفكير جاد ان يقفز فوقها او يتجاهلها.الحقيقة الاولي: ان النظام السوري قد وضع نفسه في مأزقه الراهن نتيجة لنوع من العجز والقصور ومحدودية الادراك يصعب علي الانسان تصديقه. فما هو الداعي الي سياسة الاغتيالات البشعة هذه؟ واذا كان المسؤولون عنها عناصر من النظام، وليس النظام كله، فلماذا هذا التردد في الكشف عنهم؟ وعدم الترحيب بالتحقيق الدولي لمعاقبة المتورطين والمنفذين لجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وكل القادة الذين تم اغتيالهم من معارضي السياسة السورية في لبنان وآخرهم الشهيد جبران تويني؟ واذا كان النظام او بعض مفكريه يتطلعون الي الاغتيالات التي تمارسها علنا السلطات الاسرائيلية كهاد ومعلم لهم، فانهم يقعون في وهم قاتل، وهم الظن بأنهم يستطيعون خرق القانون الدولي، وارتكاب ابشع الجرائم دون حساب كما تستطيع اسرائيل. لأن الفارق واضح جدا بينهم وبينها. فاسرائيل تتحكم بالسياسة الامريكية في الشرق الاوسط. اما هم فانهم جزء ممن تتحكم بهم هذه السياسة الامريكية ـ الاسرائيلية. واذا تمكن النظام السوري بالخروج من مأزقه الحالي بشكل ما (مثلا يجعل الخدمات التي يقدمها للاحتلال الامريكي في العراق علنية واكثر فعالية، او بتنازله عن الجولان المحتل رسميا لاسرائيل، او بما يشبه ذلك) فان هذا الخروج من المأزق لا يقدم ولا يؤخر شيئا في توصيف الأزمة السورية، ولا يريح اي وطني من عبء البحث عن ايجاد مخرج حقيقي لها.الحقيقة الثانية: ان امريكا لن تغزو سورية عسكريا، كما غزت العراق، واسباب ذلك واضحة جدا، فأمريكا قد غزت العراق لان نظام البعث فيه بقيادة الرئيس صدام حسين كان قد هيأ كادرا متقدما من علماء عراقيين وعرب، وطور الجامعات ومراكز الابحاث لتزداد كفاءة هذا الكادر العلمي وتتوسع قاعدته، وكان قد وضع هدفا واضحا له هو استقلال القوة العسكرية العربية بجعلها نتيجة جهد وطني محض. وكان العراق في الوقت ذاته، وبالاستفادة من خبراته العلمية المتنامية يقوم بعملية تحديث شاملة لبناه الاقتصادية التحتية وتطوير كل مصادره الهائلة، الصناعية والبترولية والزراعية مما جعل من العراق تهديدا مستقبليا محتملا لاسرائيل. وادي ذلك الي تكاتف قدرات حزب الليكود الثقافية والاستخبارية مع القدرات السياسية للانجيليين المسيحيين المتطرفين فتمكن حلفهما من الاستفادة السريعة من حدث 11 ايلول (سبتمبر) سنة 2001 ودفعا بامريكا الي غزو العراق واحتلاله، ومع اقتراب السنة الثالثة للاحتلال علي نهايتها يلمس كل متتبع للسياسة الامريكية وعيا شعبيا بهذه الورطة، وتصميما علي عدم تكرارها وحتي لو اتي بعد بوش رئيس جمهوري، فان تغيير السياسة الحالية سيكون امرا مؤكدا. وهذا لا يعني بطبيعة الحال ان الحكومة الامريكية ستوقف حملاتها الاعلامية ضد النظام السوري او انها ستبدي انزعاجها اذا تغير بطريقة ما. ولكنه يعني بالتأكيد ان امريكا لن تقوم بدور ايجابي حقيقي لاسقاط النظام.الحقيقة الثالثة: ان سورية محظوظة بان امريكا لا تستطيع القيام بمغامرة عسكرية جديدة لا ضد سورية ولا غيرها، وقد يكون ما يجري في العراق درس مفيد لسورية وذلك بان تتجنب وبأي شكل كان تكرار المأساة الدامية التي تسبب بها الاحتلال الامريكي للعراق. فبالرغم من كل النشاط الاعلامي، وبالرغم من كل الادعاءات التي تبرر غزو العراق بالرغبة في تحويله الي واحة ديمقراطية في منطقتنا، فان ما يجري واقعيا علي ارض الرافدين هو التحضير الواعي لنكبة قد تصبح ـ اذا نجحت فيها امريكا ـ من اقسي ما عرفناه في تاريخنا الطويل، وذلك باشعالها حربا اهلية علي اساس طائفي صريح. فالجيش العراقي الذي تدربه وتموله وتبنيه امريكا هو جيش يقتصر الانتساب اليه بشكل عام علي الشيعة فقط، كما ان قوات الشرطة، وقوات الأمن الداخلية التي تمولها وتدربها امريكا تقتصر كذلك علي منتسبين من الشيعة، وبينما كان الشعب العراقي بكل اتجاهاته السياسية المختلفة يعرف هذه الحقيقة طوال الوقت، ومنذ ان حلت امريكا الجيش العراقي واخذت ببناء جيشها الجديد هناك فان العالم الخارجي لم يطلع علي هذه الحقيقة الا مؤخرا بعد ان اضطرت امريكا وتبعتها الحكومة العراقية للاعلان عن وجود جهاز خاص ضمن الشرطة العراقية، وضمن اجهزة الامن العراقية، له مهمة واحدة فقط وهي تقتيل العرب السنة لاشعال فتيل الحرب الطائفية.الحقيقة الرابعة: ان التجارب والمنطق السليم، والوضع العربي المهترئ تقطع كلها بأنه لن تتحرك قوة عربية او دولية لنجدة شعب سورية، وعندما نأخذ بالاعتبار الحقيقة الثانية المتقدمة، فان التدخل الدولي يغدو مستحيلا، ويحسن بنا في هذا الصدد ان نتذكر احداث لبنان وكيف ومتي طلبت امريكا من سورية ان تتدخل سنة 1976 بعد ان كانت المأساة قد اصابت كل اسرة تقريبا في لبنان. ونسأل الذين يأملون ان يأتي حل الأزمة السورية من واشنطن، او حتي من نيويورك هل انهم يودون ان تجري اولا انهار الدماء السورية لكي يتحرك ضمير الانسان فيدفع الامم المتحدة للتدخل؟ وهل ان القوي السياسية الحية في سورية مضطرة للتخلي عن مسؤولياتها الوطنية علي امل ان ينهض غيرها بها؟الحقيقة الخامسة والاخيرة هي ان النظام العائلي المتفرد لم يعد قادرا علي البقاء في تركيبته الراهنة، ولسنا بحاجة لان نكرر هنا ما يعرفه كل المواطنين والمراقبين من تردي الاوضاع الداخلية، وخسارة النظام لاحترام الناس وعجزه عن تخويفهم باللجوء الي المزيد من القمع والبطش والارهاب كما حدث بين 1966 والي 2000 لان الاوضاع الدولية قد تغيرت، ولانه لم يعد هناك من هو مستعد للتغطية علي النظام الاسدي، ولان شبكة الاتصالات العالمية الانترنت تجعل ارتكاب المجازر والتغطية عليها في الوقت ذاته امرا مستحيلا او يكاد، ولان هذا النظام فوق كل ذلك يكشف عن عجز واضح في ادارته للمأزق الذي يحاصره بخروجه من لبنان فيتصرف وكأنه يخطط ليعيد التاريخ الي الوراء، ويعود جيشه الي لبنان.والنتيجة الحاسمة التي نتوصل اليها هي ان النظام الطائفي القائم في سورية لا بد له ان يتغير وليس مهما من وجهة نظر وطنية، ان يبقي او لا يبقي بشار الاسد فهذه قضية ثانوية ووقتية قد يعالجها او لا يعالجها مجلس الامن الدولي عندما تنتهي لجنة التحقيق باغتيال الرئيس الحريري من اعمالها. وليس مهما ابدا لسورية ومستقبلها وتجنيبها كارثة محتملة مصير شخص او مجموعة من الاشخاص. واعتقد ان الاكثرية الكبيرة من شعبنا العظيم لا تحمل لبشار الاسد شخصيا حقدا او ضغينة. والسؤال الكبير المطروح علي كل العاملين في الحقل العام وعلي كل الوطنيين والغياري علي الارض والعرض، علي الحاضر والمستقبل، السؤال هو كيف يمكن ان يتم التغيير بأقل ما يمكن من الخسائر واكثر ما يمكن من امكانات النجاح؟ويبدو ان التغيير يمكن ان يتم باحدي طريقتين لا اري ثالثة لهما:الطريقة الاولي هي ان يتآكل شيئا فشيئا الامل الشعبي الذي انتعش مع اهتمام مجلس الامن الدولي بلبنان واخراج القوات السورية منه وما رافق ذلك من تصاعد مفاجئ وعارم لمد شعبي هائل في لبنان. وعندما يتحول الامل في القلوب الي يأس وقنوط فلن يكون مستغربا او غريبا ان ينفجر الاحتقان دفعة واحدة مثلما حدث في رومانيا مثلا، او ان يتدخل مجلس الامن من جديد مثلما حدث في لبنان.. ان تغييرا كهذا قد يكون باهظ التكاليف، ويصعب ان يقتصر علي تغيير بعض الاسماء وانما قد يصيب وحدة شعبنا ذاتها في الصميم بكل ما يمثله ذلك من مخاطر تطال سورية كما تطال العرب والاسلام معا.والطريقة الثانية لتغيير محتمل هي الطريقة العقلانية التي ندعو اليها، والتي تبدأ بحوار حقيقي بين اصحاب النظام وبين كل القوي السياسية الموجودة والمعروفة بما فيها حزب البعث الحاكم نظريا والاخوان المسلمون، ويهدف الحوار الي ايجاد صيغ عملية للانتهاء من التفرد واحتكار العمل السياسي والاتفاق علي اقامة وضع سياسي منفتح للجميع دون استثناء ولا يثير مخاوف احد من ان يصبح كبش الفداء لعملية التغيير المطلوبة واري انه بين كل القضايا المعروفة والتي اشبعت درسا وتحليلا من مختلف الجهات والتي لا تشكل في الحقيقة عقبات جدية تبرز قضيتان محددتان لا بد من الحوار الجاد والمسؤول والعلني حولهما باعتبارهما المدخل المقبول ليكون الحوار جادا وليصل الي وضع جديد بالفعل. والقضيتان هما: الجيش والديمقراطية.فالجيش الذي يشكل الدعم الحقيقي للنظام الطائفي القائم لا بد من اعادته الي وضعه الطبيعي ليصبح جيشا وطنيا مهمته الوحيدة هي الدفاع عن الوطن. ولكن عندما نأخذ بالاعتبار حرص كل القوي السياسية علي وحدة البلاد ووحدة الشعب فانه يمكن ان تأخذ عودة الجيش الي وضعه الطبيعي فترة زمنية معقولة تتجنب الهزات ما امكن وذلك بأن يتوازن التقدم بهذه العملية مع بناء نظام ديمقراطي دستوري سيشكل الضمان الحقيقي لحفظ وحدة الشعب ولقبول الجميع بالجميع.اما قضية الديمقراطية فانها كذلك يجب ان تعالج من منظور حرصنا علي وحدة الشعب وعلي ممارسة الحرية بمسؤولية دون خوف او تخويف، ولعل المطلوب منا ان نبتعد ما امكن عن الصيغ الشكلية التي سبق ان جربت فيما مضي، ولانها كانت مجرد تقليد لنظم اجنبية فلم تستطع ان تترسخ وتضرب بجذورها في حياتنا الاجتماعية وان تحمي نفسها بالتالي من مخاطر الانقلابات التي عانينا منها ولا نزال. واعتقد ان اوضاعنا الاجتماعية والثقافية تملي علينا ان نقترب من مبدأ الشوري وان نبتعد عن التمسك الحرفي بمبدأ حكم الاغلبية العددية. ذلك لان الشوري تعني انه بعد التشاور يتم التوصل الي اتفاق يحظي بما يقترب من الاجماع، ويصعب ان يأتي اتفاق قائم علي الشوري ممثلا لرأي جهة واحدة، بل سيكون علي الاغلب ممثلا وسطا معقولا لكل الجهات. وليس عسيرا علي الاخصائيين في القانون والدستور وفي فقه القوانين، التوصل الي صيغة او صيغ تلبي حاجتنا للاخذ بمبدأ الشوري بدلا من مبدأ حكم الاغلبية العددية، وقد يكون ذلك باحداث مجلسين تشريعيين مثلا كما هو الحال في بلاد كثيرة، وقد يكون بخلق هيئة عليا تمثل كل القوي السياسية والعسكرية والمهنية فيها تتم الشوري المؤدية الي اتفاق.ودون الدخول في مزيد من التفاصيل فان الامر الحاسم باعتقادي هو الاستجابة الصادقة المخلصة من كل العاملين في الحقل العام لهذا الامل الذي يلوح في الافق والعمل الجاد السريع لحماية الامل من التلاشي، والتوصل ببلدنا الحبيب الي الانتقال من هذا النظام العائلي الطائفي المتفرد الي نظام يعيد للمواطن الفرد كرامته وحقوقه، ويعيد لشعبنا حرياته الطبيعية، ويعيد سورية الي مكانها الطبيعي والطليعي علي الصعيد القومي وعلي كل صعيد انساني آخر.ہ كاتب من سورية8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية