مراوغة أبو مازن

حجم الخط
0

إن الحركة العصبية للسيسموغراف الامني الاسرائيلي بعد عشرة ايام مخيبة للرجاء مرت دون عثور على المخطوفين، توجب تقديرا مجددا لميزان الفوائد والاضرار الذي يشمل تلك التي في الجانب الفلسطيني ايضا. تعلمون أن التأليف الوظيفي الحتمي بين قضايا سياسية (داخلية وخارجية) وحاجات عملياتية في عمليات مثل «عودوا أيها الاخوة»، يملي أكثر من مرة خطوات قد تناقض الاهداف العملياتية المطلوبة.
لم يتضح الى الآن هل استمرار وجود الجيش الاسرائيلي الكثيف في الميدان يزيد بالضرورة احتمال العثور على المخطوفين. ومع ذلك يتضح أن العملية لحل بنى حماس التحتية في يهودا والسامرة تخدم بيقين اسرائيل وتقوي قدرة السلطة الفلسطينية على البقاء وهي التي كان من المفروض أن تمنح اسرائيل عوض ذلك مكاسب سياسية. بيد أن أبو مازن يتردد الى الآن في حل حكومة الاحتيال التكنوقراطية التي يرأسها.
إن الذين يزعمون أنه لا هدف للمس ببنى حماس التحتية لأن المنظمة ستنبت رؤوسا جديدة يشبهون المرضى الذين لا يتناولون الادوية لأن الجراثيم ستهاجم مرة اخرى.
وفي مقابل ذلك يُطرح سؤال متى ستصبح الحواجز والحصارات واعمال التمشيط التي تمنع العمال من الخروج للعمل وتحدث ضغطا ومصابين، الى عصا مرتدة تزيد في شدة المواجهة وتثقل على استمرار الجهود الاستخبارية للعثور على الثلاثة.
أظهر أبو مازن منذ كان الاختطاف قدرة بهلوانية على الحيلة، فقد امتنع في البداية عن التنديد بالمنفذين وألقى المسؤولية على اسرائيل بسبب «اختفاء» الشباب في داخل ارضها. وندد في اجتماع المؤتمر الاسلامي في السعودية بمنفذي الاختطاف الذين أرادوا كما قال تحطيم السلطة الفلسطينية وهدد باتخاذ خطوات عليهم.
ويصر أبو مازن منذ كان ذلك التنديد الذي لا عنوان له على ألا يشير بصراحة الى حماس باعتبارها تقف وراء العملية. وهو لا يفكك حكومة الوحدة برغم الأدلة الموجودة عنده.
يدرك كل ذي عقل أن الاختطاف احتاج الى اعداد لوجستي سابق ينبع من تصريحات معلنة ومن قيادة وايحاء سابق من قيادة حماس العليا. ولم يفض تسلل المخرب المسلح والصواريخ التي أطلقت في الايام الاخيرة من غزة بأبو مازن الى الآن الى تفكيك حكومة الخبراء والى البراءة من حماس. فما زال «الرئيس» ابن الثمانين من عمره يرقص سريعا على الحبل أمام جمهور فلسطيني منقسم، لكنه سيضطر آخر الامر الى ترك شريكه القاتل.
يرى «الرئيس» أن الصراع السياسي في اسرائيل في ذروته. وهو بتمسكه بحكومة «الوحدة» ما زال يسعى الى شرعية دولية بنية أن يحظى باعتراف من طرف واحد بدولة «فلسطين» من غير التفاوض مع اسرائيل. ويستغل أبو مازن بسياسته هذه موقف الغرب الذي يرى ميزة حكومة الكذب الموحدة برغم اختطاف حماس وارهابها وبرغم الفوضى في الشرق الاوسط.
يعمل أبو مازن وتحته شبكة أمن فلسطينية داخلية مثقوبة لكنه يعتمد بلا شك على الشبكة الاسرائيلية. وبعد أن ندد بالاختطاف، وهو تنديد تلاه قتلى فلسطينيون، فقد الشعبية وكاد يسقط عن الحبل، وقد أخذ الوضع الميداني يزداد شدة بالتدريج، فقد هاجمت جموع مركز شرطة فلسطيني، ووصفته ممثلة الفلسطينيين في الكنيست، عضو الكنيست الزعبي، بأنه خائن. ولهذا السبب بدأ أبو مازن الذي وصفته حماس بأنه «متحدث الجيش الاسرائيلي» يعود الى الوراء مثل بهلوان.
يتهم «الرئيس» المتعوج اسرائيل الآن التي أخرجت حبات كستناء حماس من النار من اجله، يتهمها بقتل فلسطينيين وبقضاء متعمد على حكومة الوحدة التي عارضتها من البداية. ويطلب الرئيس الى نتنياهو اعتذارا «متبادلا» بسبب المصابين ويهدد بالتوجه الى مجلس الامن بسبب «جرائم اسرائيل».
اخطأت حماس في تخطيطها مرة اخرى. وفشلت محاولتها الخروج من عزلتها وأن تنتقل مثل حصان طروادة في ممر الشرعية الى يهودا والسامرة وتشارك في الانتخابات في المناطق. وإن مؤامرتها لعزل أبو مازن مع اضافة انجاز اطلاق سراح سجناء «دون توقيع رسمي» كلفتها نقض بنيتها التحتية في الضفة.
يجب على اسرائيل في الوضع الذي نشأ أن تحدث تحولا في العمليات واستعدادا استخباريا مختلفا يُمكن السكان من التحرك والعمل ويُحسن القدرة على اعادة الابناء الى بيوتهم.

اسرائيل اليوم 23/6/2014

رؤوبين باركو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية