سلام أيها الشريك

حجم الخط
3

كان قتل اسحق رابين ردا على التقدم في مسار سياسي كان يفترض أن يفضي الى تقسيم البلاد واعادة المناطق. وبرأ المجتمع الاسرائيلي نفسه زاعما أن الحديث عن نبتة ضارة، وانتخب صدورا عن المصالحة أكبر خصم عقائدي لرابين كي يرأسه. لكن من مثل بنيامين نتنياهو الذي كان يُشرف على الجموع الغاضبة التي تظاهرت في الميادين اعتراضا على رابين، من مثله يعلم مبلغ عمق الانقسام بيننا، وما هي الاخطار الداخلية التي تنتظر كل من يقود مسار اعادة المناطق واخلاء المستوطنات.
أوضح بيل كلينتون في حينه أن مشكلة الاسرائيليين والفلسطينيين ليست الموافقة على اطار الاتفاق بل القدرة على بت القرار. ومنذ ذلك الحين الى اليوم ومع كل مسار سياسي حُرك وخمد، يقوى الشعور بأن الحوار بين الشعبين لن يفضي الى اتفاق. ويبدو أن مسار التفاوض عالق بسبب خوف الطرفين من المعارضة الداخلية أكثر من كل شيء آخر.
ليس من العجيب أن شعر جون كيري بأن طلب الاعتراف الفلسطيني بالدولة اليهودية يرمي الى افشال التفاوض. فالطرف الاسرائيلي خائف منذ سنوات من الصهيونية الدينية وكل مطلوبه أن يحرز البرهان على أن الطرف الآخر يرفض التوقيع، وهو برهان يمكنه أن يلوح به في وجه العالم ومؤيدي السلام في الداخل ليعود فيغطي نفسه بلحاف الوضع الراهن الدافيء.
أدرك محمود عباس الخبير بالصهيونية كما أدرك دافيد بن غوريون الذي فهم أن الحوار المباشر والتعاون الامني مع بريطانيا في الحرب العالمية الثانية غير كافيين لجعلها تغير سياستها نحو الاستيطان اليهودي، أدرك عباس في المحادثات الاخيرة أن مفتاح تغيير السياسة في حال الفلسطينيين موجود في يد امريكا، وينبغي التوجه الى مسار يلتف على اسرائيل. ويرى من وجهة نظره أن تطلب الامم المتحدة الى اسرائيل أن تنسحب من المناطق أو تعرض نفسها لخطر عقوبات وإقصاء. وكانت المصالحة الفلسطينية خطوة مطلوبة للتقدم في المسار الدولي ومنحت عباس قوة أكبر باعتباره يمثل الشعب الفلسطيني كله.
ليكن من كان ذاك الذي اختطف الفتيان المستوطنين، فانه لا يؤمن بنضال غير عنيف لتحرر وطني، وهو غير مستعد لمصالحة سياسية وقد فعل ذلك في لحظة حرجة للشعب الفلسطيني. ولهذا فان الاختطاف عمل يُضاد زعامة عباس وثقة العالم به، وهو إضرار شديد بالنضال الفلسطيني.
عند الفلسطينيين ايضا لا في اسرائيل فقط تدخل المعارضة في العمل حينما يوجد احتمال لمسيرة سياسية. فما زال المعارضون العقائديون لتقسيم البلاد في اسرائيل وعند الفلسطينيين يتعاونون بينهم على هدفهم المشترك. ولهذا فان الساذج فقط يتوقع أن تُظهر حكومة نتنياهو وبينيت وليبرمان مسؤولية اقليمية في هذا الوقت العصيب بدل أن تجهد لتعميق الانقسام في المجتمع الفلسطيني وإذلال زعيمه. يبرهن رد عباس على أنه لا يخشى المعارضة هذه المرة، وعلى أنه مستمر على السير قدما. وهو لا يقلب الطاولة ولا يوقف التنسيق الامني مع اسرائيل. ولا يستسلم لمشاعر الألم وشعور شعبه بالاذلال الذي يقوى كلما طال وجود الجيش الاسرائيلي. إنه يقف ثابتا مستمرا على محاولته أن يقود مجتمعا فلسطينيا موحدا في مسار دولي يعترف بنضجه القومي. فينبغي أن نأمل أن يستطيع المجتمع الفلسطيني أن يحمي زعيمه الشجاع من قوى المعارضة أكثر مما فعل في حينه المجتمع الاسرائيلي حينما كان زعيمه الشجاع رابين محتاجا الى حمايته. ومن جهة اخرى قد يقنع قتل يغئال عمير فلسطيني لعباس، قد يقنع الاسرائيليين بأنه كان شريكا صالحا في السلام.

كارولينا لينتسمان
هآرتس 25/6/2014

صحف عبرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد عبد الكريم الحيح’’ بن بيلا صوريفستان الفوقا:

    يبقى السؤال:؟؟؟
    ما الذي سيجري خلال الأيام المقبلة؟
    يرجح مراقبون استمرار هذه العمليات الميدانية، وكذلك عمليات تفتيش المنازل، وتكثيف العمل الاستخباراتي الإسرائيلي، خصوصا في محافظة الخليل.وقنص الفلسطينيين بالطائرات والمدفعية في قطاع غزة الفلسطيني .

    اللواء الركن المتقاعد واصف عريقات
    يقول” إنّ ما يجري حاليا هو جزء من خطة إسرائيلية متواصلة معدة سلفا لتحقيق غايات بعيدة المدى وأخرى قريبة المدى.
    أما البعيدة المدى،
    والتي كررها أكثر من مسؤول إسرائيلي في تصريحات مختلفة، فتهدف إلى
    “ضم الأغوار الفلسطينية،
    وضم الضفة الغربية التي تسميها إسرائيل مناطق يهودا والسامرة،
    وكذلك تقوية الجبهة الداخلية
    وزيادة الحراسات الأمنية”،
    وفي ما يخص الأهداف الآنية للعمليات العسكرية، فإنّ أبرزها يتمحور،
    إلى جانب إيجاد المستوطنين الثلاثة،
    “تقويض السلطة الفلسطينية،
    وإفشال المصالحة الفلسطينية
    وضرب الجبهة الفلسطينية الداخلية
    وإثارة الفتن بين الفلسطينيين
    وتقويض السلم الأهلي”.
    وفي التحليل فلسطينيا :

    ” إنّ العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية “ليست رد فعل على موضوع اختفاء المستوطنين،
    بل هي خطط موضوعة سلفا لها أهداف كثيرة أبرزها،
    تدمير البنية التحتية للشعب الفلسطيني،
    وكسر إرادته وشوكته،
    وتمويت الوعي الوطني لديه
    “أما الأخطر في هذه العمليات
    فهو قطع الطريق على أي مبادرات أو حلول دولية بعد فشل مفاوضات السلام،
    وتطبيق حل إسرائيلي أحادي بحكم الأمر الواقع في الضفة،
    يهدف إلى ضم اكبر مساحات من الضفة،
    وتعزيز السيطرة الإسرائيلية على المناطق الحيوية فيها تحديدا في القدس،
    على قاعدة أكبر كم من الأراضي مع أقل عدد من السكان”.

  2. يقول احمد عبد الكريم الحيح’’ بن بيلا صوريفستان الفوقا:

    وجهة نظر
    ===
    الدرس الوحيد الذي ينبغي أن يكون واضحاً لجميع الأطراف، وإن لم يتعلمه أحد أبداً، هو
    أن مزيدا من المقاومة العنيفة لن ينهي الاحتلال،
    كما أن تصعيد القمع العنيف لن يقضي أيضاً على المقاومة.
    والسبيل الوحيد للمضي قدماً والخروج من هذا المأزق
    هو مزيج من المفاوضات والمقاومة غير العنيفة
    . لكن في الوقت الراهن، وفي خضم هذه المأساة المتفجرة، لا يبدو أن أحداً سينصت

  3. يقول احمد عبد الكريم الحيح’’ بن بيلا صوريفستان الفوقا:

    مقولة للشاعر الراحل توفيق زياد، الذي قال ذات مرة
    «ربما أن لديك الحق، ولكن عندما تستخدمه بشكل سيئ، فإنك تؤدي إلى مصادرته».

    ومنذ عملية الاختطاف، بدلاً من التصرف كشركاء مسؤولين في حكومة الوحدة،
    تعاملت «حماس» بحذر. ولم تشجب «عملية الاختطاف»، وبدلاً من ذلك،
    صرح مسؤول رفيع المستوى في الحركة، «بأنهم يعرفون حقيقة من يقف وراء عملية الاختطاف، ولكن هناك فصلاً في المهام بين الجناحين السياسي والعسكري للحركة،
    وأمر السياسيون العسكريين بإيجاد حل لملف الأسرى، وللرجال على الأرض الحرية في اختيار التوقيت والمكان وتفاصيل العملية».

    وجاءت عملية الاختطاف على طبق من ذهب لنتنياهو،
    الذي كان يتعرض لضغوط دولية متزايدة بسبب توسعه الاستيطاني المستمر بشكل غير قانوني ومسؤوليته عن انهيار محادثات السلام.
    كما نبذت الولايات المتحدة وأوروبا موقفه الرافض للوحدة الفلسطينية،
    بينما كان يتعرض لانتقادات في الداخل بسبب عادات إنفاقه المثيرة للجدل،
    والهزيمة المحرجة لمرشحه المفضل في المنافسة الرئاسية الأخيرة.

    غير أن عملية الاختطاف كانت له بمثابة طوق نجاة.
    وعاد يلعب بورقة الضحية ومواجهة الأعداء التي يحبها ويجيدها.
    وقد منح الخاطفون رئيس الوزراء فرصة ثانية لا يستحقها.
    ولم يعد «عقبة في طريق السلام»، وإنما «مدافع عن ضحايا شعبه».

إشترك في قائمتنا البريدية