“كان الماسونيون – جمهوريين وملكيين – يقاتلون تحت لواء قادتهم في الجبهتين، ولم يخن أي منهم حزبه، لكن بعد انتهاء الحرب، كان يكفي أن يصدر ماسوني ما، إشارة متعارفا عليها بينهم، يهرع إليه بها، فريق إنقاذ ماسوني من الطرف المعادي، ليسعف جرحاه”. هذا ما ورد على لسان فيكتور بيلافسكي، نائب الأستاذ الأعظم للمحفل الماسوني الروسي في برنامج “رحلة في الذاكرة” على قناة “روسيا اليوم”، وهكذا هو الأمر تماما بالنسبة لنتنياهو وليبرمان، بعد حرب التسريبات الأخيرة لاجتماع مجلس الوزراء، التي اعتبرها ليبرمان في مؤتمره الصحافي بعد الاستقالة، أمرا خطيرا يستدعي إخضاع الجميع لجهاز كشف الكذب، فهل تفهم من هذا أنه استقال بسبب الاختراق الأمني للمجلس أم التسريب المعلوماتي للاجتماع؟ ولكن هل هناك فرق؟ طالما أن الحرب الانتخابية بين المتنافسين ستنتهي برفع “مقلاع داود” كشارة خلاص متفق عليها، توحد المطامع بعد الانتهاء من معارك عضعضة الأصابع!
شلل إعلامي وبعث فضائي
يا الله لو رأيت عينيه، وهما تبحلقان في الهزيمة، وتختبئان من الحقيقة، لم يكن خائفا من الكاميرا، ولكنه كان خاضعا لها، المعركة ليست ساحته، فشعبيته قائمة على التحريض والعنصرية، وهذه لا تؤهله لقيادة المعارك على الأرض، تأثيره ينحصر على النوازع المتوحشة، لأنه بطل الكراهية، تلك هي أدواته المحدودة، التي أعانته على الهروب من حربه الفاشلة ليعود إلى مقعده البرلماني، بخطاب إعلامي رخيص: التحريض على الحرب!
هذا هو الفارق بين زعماء المقاومة الفلسطينية وشيخ المقاومة اللبنانية، وبين لقطاء الوكالة الصهيونية، فالحق لا يحرض إنما يشحذ، لا يفرّ كشريد، إنما يراوغ كطريد، إعلامه جبهة كشف لا تعتيم، وساحة تحد لا تعد، والإعلام المهزوم يشله النفس النضالي الطويل على قنوات “الأقصى” و”المنار” و”الميادين” و”فلسطين اليوم” و”القدس”، فيقفز فوق منصة صواريخه، مدججا الكاميرات والشاشات، ليس خوفا من المشاهد العربي، بل خزيا من مشاهديه!
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها قصف فضائية الأقصى، فقد فعلها الاحتلال عام 2008، فما كان من القناة إلا العودة للبث بعد دقائق قليلة بسبق إخباري في شريطها العاجل: (قام الاحتلال بقصف فضائية الأقصى، وها نحن نواصل البث من جديد، تدمير المقر لا يمنع وصول الخبر، والجريمة لا تخيف الحقيقة)!
عام 2016 أنشا العدوان غرفة تحكم الكترونية للتشويش على القناة للحد من تأثيرها، وفي محاولة لقراءة ذهنية العمليات الإعلامية، فهل لك أن تتخيل إلى أي مدى يصل الإفلاس الأمني والإعلامي – لشلة التبشير التنويرية التي قادها موسى مينديلسون منذ القرن الثامن عشر – عداك عن محاولات اعتقالات طالت كوادر الأقصى وإغلاق لمكاتبها والتضييق عليها في أوروبا ونواح أخرى من العالم، فماذا بعد؟
هروب هزيل وانسحاب مدو
الانسحاب كان مزدوجا، على صعيدين: إعلامي وسياسي، ما برهن على حالة الشلل، التي وصل إليها المحتل، ولكن الهروب وحده لم يكن كافيا، كان لا بد من عدم ترك أثر إعلامي للهزيمة وراء المهزوم، فكيف تنال من هزيمتك حين يصبح التعتيم مدويا أكثر من تدمير فضائية حماس… يا للهول!
لن يحتاج الإعلام الصهيوني سوى لإحياء اللغة اليديشية “اليهودية في العصور الوسطى في ألمانيا”، للبث على موجة تجار العبيد والأسلحة، وأكلة لحوم “الكشروت” الحلال في الأكاديميات التلمودية، طالما أن دفع دية البرلماني الصهيوني لم تعد تفوق دية الفارس المسيحي، كما كانت عليه الحال في العصور الذهبية لأبناء نجمة الفداء في “جمهورية فايمر”!
الهروب إذن حقق معادلة توازن الرعب في عقيدة المقاومة، والانسحاب من المعركة يؤكد بطلان تذرع ليبرمان بالحرب الشاملة للتغطية على إخفاق الحرب بالتقسيط، وبين فعاليته الهزيلة وشعبيته التي تحولت إلى دجاجة منزوعة العظم، لا بد أنك ستشتاق لتامر المسحال وهو يتجول بين السماء والأرض، لالتقاط صورة حصرية للشهداء وهم يعودون إلى السماء في عربة الملائكة!
لا يكتمل الحدث أبدا بدون إعلاميين يساهمون بتشكيل المشهد، مثل المسحال ومعتز مطر على قناة “الشرق”، الذي يتصدر قائمة المشاهدة، ثم صالح الأزرق على قناة “الحوار” اللندنية، وكمال خلف على “الميادين”، وخديجة بن قنة على “الجزيرة”، وخذ مقدمة مطر النارية: “يستشهد الشهداء في رحلة المجد إلى الجنة… المقاومون ليسوا نياما كحال أشقائهم في الليل العربي البهيم… سبعون سنة أو تزيد، وغزة غير، غزة استثناء من مساحات الهوان العربي المهولة، لغزة أسلوب فريد في استقبال الصهاينة، فهي لا تأخذهم بالأحضان الدافئة، بل بالبرتقال الملغوم، وغزة ليست أجمل المدن، كما قال درويش، ولكنها مدينة لأطفالٍ بلا طفولة وشيوخ بلا شيخوخة ونساء بلا رغبات”، ولا أعرف لماذا ربط معتز النساء بالرغبات؟
كيف تقع الطيور؟
عموما، ليس هذا وقت مناسب للمحاججة يا معتز مطر، بينما يعرض الإعلام الصهيوني مقطعا لعادل إمام، يستهين به في قدرات المقاومة الفلسطينية، ويدين حقها في الدفاع عن الحق، وبدك الصراحة أيها المشاهد، لقد بدا الزعيم ضئيلا إلى درجة لم تعد تراه فيها، ولكن لماذا يبث إعلام الصهاينة هذا المقطع والآن بالذات؟!
المهزوم دائما ما يلجأ إلى الخائن، أو الجبان، ليشد أزره به، ولذلك كان من الطبيعي جدا أن يطبع المطبعون الآن مع اسرائيل، وهي في قمة سقوطها، فهذا التطبيع إثبات عملي على اندماج الأشباه في بوتقة إعلامية واحدة: العار، ولو لم يحصل هذا، لكان هناك خلل في قوانين الطبيعة، والأخلاق، والعلاقات الإنسانية، مادامت الطيور لا تقع إلا على أشكالها!
يصرح المحلل العسكري رون يشاي: فشلت القبة الحديدية في ردع صاروخ “رعد”، الذي يحمل رؤوسا ثقيلة بين 150 و200 كيلو غرام، من المواد المتفجرة، بينما يتساءل عمرو أديب عن الغاز القطري والإغراءات الاقتصادية مقابل التدخل المصري؟
وتشيد “العربية” بالقبة الحديدية، وهي تضمر غيظها في كاميرا المذيع: “كنت فين يا لحمة لما كنا جزارين”!
تصريحات رجال المقاومة لقناة “الميادين”، تؤكد أن المقاومة لا تفرط برجالاتها ولا دم شهدائها، وبينما يغطي مراسلٌ ما، الحدث في غزة، يمر أحد المتظاهرين من أمامه، فيلطشه: “يطعم الشاب فلقة”!
أرى هل تضحك على الحرب، التي لم تعد تكفي للبكاء على التقارير الشهيدة في ساحة الدم! بيني وبينك أيها المشاهد، والمراسل يسمع، فلقة الصحافي فشة خلق، أو ربما هي تعبير تلقائي عن عدم اكتراث الفلسطينيين للكاميرات، فلديهم ما هو أهم من الصورة، وأعظم من التقرير، أما المراسل سامحه الله، المسألة بالنسبة إليه ساعات عمل إضافية تلهيه عن الانضمام لركب الشهداء… فلا تحزن أيها المشاهد، لما تفرفط روح المراسل، من فرط الحنين إلى الجنة!
أجمل مشاهد النصر
“الميادين” تؤكد تعتيم الإعلام الصهيوني على اسم الضابط الذي تم قتله في السيارة المدنية، التي خرقت الهدنة، وخذ هذه لحمزة أبو شنب على شاشة “العربي”: “الصمت الاسرائيلي لم ينجح أمام يقظة المقاومة، العملية السرية فشلت، لأن المقاومة أفشت السر حين نجحت بتصفية ضابط برتبة عقيد، تعرفه جيدا، فلقد تولى مهام تدريب العملاء في القطاع، أما الحرب الالكترونية التي خاضتها اسرائيل سرا، فضحتها المقاومة حين أفشلت قبل خمسة شهور زراعة شبكة اتصالات سرية للتجسس على شبكة اتصالات المقاومة).
قد تكون أجمل مشاهد النصر، هي تلك التي بثتها قناة “الميادين” للعلم، الذي انضم إلى صفوف المقاومين، برتبة حزام ناسف أو كفن شهيد، لتضعك أمام مشهدين لم تكن تتصور أن تراهما حتى في كوابيس المطبعين: مظاهرات المنتصرين في غزة والضفة، واحتجاجات المهزومين في المستوطنات، ووجوه العار في إعلام أولاد الحرام!
هناء المحاميد، كانت تغطي الأحداث من فضائية “الأقصى” عبر “الميادين”، وهي تخاطب المشاهد بالنفس الجهادي نفسه، تتحدث عن ذهول فلسطيني عارم أمام انتفاضة الصواريخ، التي تتوالى بالسقوط على جمهورية السفاحين، الذين انهاروا عصبيا وإعلاميا وسياسيا وعسكريا، عن العلم الشهيد، والإعلام المقاوم، لا الإعلام الذي يثبط العزائم، عن مراسلين يحلمون بمشهد تكفين العلم بالشهيد، عن فضائيات تنتظر دخول الفردوس بلا تصاريح، عن تامر المسحال، الذي لم يزل بطل التغطيات الميدانية في الجنة، بلا منازع… وسلم لي أيها العلم على المسحال!
كاتبة فلسطينية تقيم في لندن
من اجمل و اقوى ما قرأت في أحداث غزة المجيدة
شكرا دكتورة على احساس المقاومة
القبة الحديدية الصهيونية عجزت عن وقف الإرادة الحديدية لصواريخ مجاهدي غزة العزة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
الإشكالية كل الإشكالية لتأخير إيجاد حلول يا لينا أبو بكر
من وجهة نظري هو التشخيص الخطأ لمشكلتنا في فلسطين مع اليهود، فاليهودي شيء والماسوني أو الصهيوني شيء آخر، خلط الحابل بالنابل، هو أساس المشكلة.
المشكلة هي بيان حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لا حقوق للإنسان بدون أوراق صادرة من جهة تعترف بها الأمم المتحدة (البدون، واللاجئ)
المشكلة هي إصدار شهادة ميلاد مزورة للكيان الصهيوني كدولة عضو في الأمم المتحدة عام 1947 رغم عدم وجود دستور لها تحدد به حدود دولتها.
المشكلة هي رفض أو منع إصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين، كي لا تنفضح شهادة زور ميلاد دولة الكيان الصهيوني.
والله يا أستاذة اشتقنا لصاحب برنامج “ما خفي أعظم” لتامر المسحال على قناة الجزيرة بمناسبة حرب غزة الأخيرة مع تحياتي لوائل الدحدوح وكل مراسلي وطاقم الجزيرة بفلسطين المحتلة.
ليه يا لينا ذكر قناتي المنار والميادين المحابيتين لما يسمى محور (الممانعة) بسوريا وإيران وحزب الله قتلة الشعوب العربية وخونة الصهيونية وعملائهم.
ذهب الوقت الذي تشعل فيه إسرائيل الحروب ولا توقفها إلا بشروط.المقاومة الفلسطينية الآن شبت على الطوق وحروبها مع العدو لا تقصم ظهرها ولكن تقويها.هي هزيمة إسرائيلية بكل معنى الكلمة وجدها ليبرمان فرصة للإستقالة احتجاجا على إيقاف الحرب من طرف ناتنياهو لكي يصل لكرسي الحكومة الصهيونية ليثبت أنه شارون آخر
احتجاجا على إيقاف الحرب من طرف ناتنياهو لكي يصل لكرسي الحكومة الصهيونية ليثبت أنه شارون آخر