تونس-“القدس العربي”:تعددت حكايات الخيانة الزوجية في مجتمعاتنا العربية داخل العائلة سواء من قبل المرأة أو الرجل. وفي الآونة الأخيرة ازدادت الحالات مع اكتساح وسائل التواصل الاجتماعي عالمنا بشكل سريع، فأصبحت الخيانة “الالكترونية” سهلة، إذ يكفي ان يبادر أحد الشريكين إلى فتح باب الدردشة مع أشخاص غرباء من وراء الشاشة الرمادية لتتحول إلى سم قاتل يهدم العش الزوجي شيئا فشيئا، فبناء عائلة يحتاج إلى سنوات وإلى كفاح متواصل ولكن تهديمها يكفي بكبسة زر.
وتعد الخيانة أحد أهم أسباب حالات الطلاق في تونس، التي تصنف الرابعة دوليا في حالات الانفصال القانونية. وحسب دراسة صادرة عن وزارة المرأة والأسرة والطفولة والمعهد الوطني للإحصاء، فإنه يتم تسجيل حوالي 12 ألف حالة طلاق سنويا، وتمثل الخيانة الزوجية وانعدام الثقة والغيرة 15 في المئة من أسبابها. ويلاحظ المختصون ان حالات الخيانة ارتفعت بسبب ازدياد معدل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وغيره. وتؤكد الأرقام ارتفاع معدلات الطلاق خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 60 في المئة بسبب العنف الزوجي أو الخيانة.
تروي حياة.غ لـ “القدس العربي” قصة خيانة زوجها لها قائلة: “تدمرت ثقتي بزوجي بعد ان اكتشفت ان هاتفه مليء بقصص الدردشة مع نساء من جنسيات عديدة” وإنها بعد ثماني سنوات من الزواج أثمرا ابنا وطفلة، لم تعد تنظر إلى شريك حياتها باعتباره الحضن الآمن، بل بات شخصا غريبا عنها أو عدوا يهدد أمنها. وأضافت: “في مجتمعاتنا العربية تطغى العقلية الذكورية التي تبيح للرجل الدخول في مغامرات من هذا النوع وتعتبرها من باب النزوة، ورغم ان المرأة هي الضحية، فان عليها مسؤولية مضاعفة بان تحاول الدفاع عن أسرتها من خلال الصفح عن شريكها رغم غدره لها ورغم الصفعة المرة التي وجهها لشريكة حياته”. وأضافت: “نظرت إلى العشرة وإلى أولادي ولم أرغب في ان يترعرعوا بعيدا عن والدهم ولكنهم تضرروا كثيرا من خلافاتنا الزوجية التي لا تزال متواصلة بسبب هذا الجرح الغائر”.
أما سارة.ن فأكدت لـ”القدس العربي” انها لم تكن تتوقع ان تواجه هكذا نوع من الأزمات، وكانت تثق ثقة عمياء بشريك حياتها الذي تزوجته بعد قصة حب كبيرة. وقالت ان “لدى المرأة حاسة خاصة تستطيع من خلالها ان تكتشف خيانة الزوج” وأنها شعرت بتغير في سلوك زوجها المفاجئ وهروبه الدائم من المنزل متعللا بانه يسهر مع أصدقائه، ولكنها اكتشفت فيما بعد انه كان يسهر مع إحدى صديقاته التي كان يعرفها قبل الزواج. واعترف لها بأنه بحث عن اسمها على فيسبوك وعندما حاول التواصل معها مجددا وجد منها التشجيع رغم انها متزوجة ولها ثلاثة أولاد.
أما ايمان.ب فتلك قصة أخرى مؤلمة ورغم الظروف الأليمة التي عاشتها بسبب خيانة زوجها مع صديقته القديمة إلا انها واصلت حياتها بكل ثقة وتضيف بالقول: “بعد عشرة وزواج استمر سنوات وأثمر عن ابنين، جاءني زوجي بقرار مفاجئ وأعلمني صراحة أنه سيتزوج من عشيقته. وبعد ان طلقني بأشهر أصابني مرض السرطان بسبب الضغوط النفسية الصعبة التي مررت بها ولكن إلى الآن أقاوم الموت وأواجه جلسات العلاج الكيميائي وكل الصعوبات من أجل أبنائي وما زلت متفائلة بالحياة وأرى انها لا تقف عند زواج فاشل أو زوج خائن أو غيره من الأسباب”.
وتؤكد نسرين بن سالم، الطبيبة النفسية في مستشفى الأمراض العقلية والنفسية في تونس “الرازي” ان حالات الخيانة كثرت في الآونة الأخيرة وباتت أقرب إلى الظاهرة لأسباب عديدة منها تبدل ظروف الحياة واكتساح وسائل التواصل الاجتماعي وسوء استخدامها من قبل البعض. مؤكدة انه يجب التفريق بين الخيانة العابرة أو النزوة، والتي يرتكبها أحد الشريكين بسبب ظروف معينة مر بها، وبين الخيانة المتكررة والتي هي أقرب إلى “نمط حياة ” وهي مرتبطة بشخصية الرجل تحديدا وتسمى في علم النفس “الدونجوانية” وفيها يحاول الرجل إثبات رجولته من خلال تعدد الشريكات وعدم الاكتفاء بواحدة. وقالت ان هذه الحالة مستعصية على الشفاء وان نسبة ضئيلة من المرضى فقط يستطيعون التغلب والسيطرة على هذه الشخصية المركبة. وأكدت ان “أغلبية هذه الخيانات تؤدي إلى تفكك الأسرة والطلاق، فالمرأة تستطيع ان تسامح مرة أو مرتين ولكن عندما تتحول إلى نمط حياة لدى شريك حياتها حينها يصبح النسيان أمرا صعبا”.
وتنصح اخصائية علم النفس بأن تركز الشريكة على الاهتمام بنفسها وصحتها من خلال ممارسة الرياضة أو إحدى الهوايات المفضلة لها، وان تغيير نمط الحياة يعطي فرصة للمرأة للخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار. وتوصي بالتريث قبل اتخاذ القرارات الحاسمة المتعلقة بمصير الأسرة، خاصة عندما تقع الخيانة بشكل متكرر. مؤكدة ان “الطلاق لا يكون دائما هو الحل، بل ربما يدخل الأسرة في متاهات أخرى يكون الخاسر الأكبر فيها هم الأطفال” وحذرت من العنف الأسري الذي يكون وقعه سيئا على الأولاد وان كل هذه المشاهد الأليمة تبقى من أكبر المؤثرات في نمو شخصية الطفل. ويظهر ذلك جليا مع صعوبات الأهل في التعامل مع أبنائهم خاصة في مرحلة المراهقة.