إسطنبول-“القدس العربي”: تقترب التسجيلات والأدلة التي تكشف عنها التسريبات التركية والأمريكية من إطباق الحصار على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وإثبات اتهامه بالمسؤولية وإعطاء الأوامر بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول، وسط حراك أمريكي تركي رسمي غير مسبوق.
وبعد يوم واحد من الكشف عن امتلاك السلطات التركية لتسجيل صوتي آخر من داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، يثبت أن فريق الاغتيال خطط بنية مسبقة وتامة لقتل خاشقجي دون أي تفاوض، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن أن تقرير الاستخبارات المركزية الأمريكية خلص إلى أن محمد بن سلمان، هو من أمر بقتل خاشقجي.
الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، المقرب جداً من دوائر صنع القرار في الدولة، كشف في مقال له في صحيفة “حرييت” عن أن أنقرة تملك أدلة، وبشكل خاص التسجيل الصوتي الثاني، الذي يثبت أن الرواية السعودية الأخيرة ما زالت ناقصة ومتناقضة وضعيفة.
وحسب سيلفي، فإن التسجيل يثبت أنه لم تحصل أي محاولة تفاوض مع خاشقجي لإقناعه بالعودة إلى السعودية وإنه تعرض للخنق أو الشنق بواسطة “حبل أو كيس بلاستيكي” وذلك خلافاً للرواية السعودية الأخيرة التي قالت إنه تعرض للحقن.
ويشير سيلفي إلى وجود تسجيل آخر مدته 15 دقيقة يكشف عنه لأول مرة ويكشف ما دار داخل القنصلية قبيل دخول خاشقجي وبثبت النية المسبقة للقتل وتوزيع الأدوار بين أعضاء الفريق، إلى جانب امتلاك السلطات التركية تسجيلات لاتصالات هاتفية تعتقد جهات تركية أنها ربما تحتوي على ما يمكن أن يثبت بشكل قطعي مسؤولية مسؤولين كبار عن إعطاء أوامر القتل ربما يكون من بينهم محمد بن سلمان.
وعلى الرغم من أن المسؤولين الأتراك لم يتهم أي منهم حتى الآن محمد بن سلمان بالاسم، إلا أن تصريحاتهم الأخيرة أظهرت ثقة كبيرة بامتلاك أنقرة ما يمكنها من نسف الرواية السعودية الأخيرة، لكن دون تأكيدات ما إن كان ما تمتله أنقرة كافياً لإدانة بن سلمان.
وفي تطور آخر، نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مصادر مطّلعة لم تُسمّها، أنّ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه” خلُصت إلى أنّ محمد بن سلمان، هو من أمر بقتل خاشقجي، موضحةً أن من أبرز الأدلة المتوفرة على ذلك اتّصال هاتفي جرى بين خاشقجي وخالد بن سلمان شقيق وليّ العهد السعودي الذي يشغل منصب سفير المملكة في واشنطن.
وحسب “واشنطن بوست”، فقد نصح خالد بن سلمان الصحافيّ الراحل بالتوجّه إلى القنصليّة السعوديّة في اسطنبول للحصول على المستندات التي كان في حاجة إليها، مؤكدًا له أنّه لن يتعرّض لأذى، لافتةً إلى أن هذا الاتصال جاء بناء على طلب من محمد بن سلمان.
وبالتزامن مع هذه التطورات يجري حراك أمريكي تركي غير مسبوق، لا يعرف ما إن كان يهدف إلى اتخاذ موقف مشترك ومعاقبة المسؤولين السعوديين المسؤولين عن إصدار الأوامر لقتل خاشقجي، أو محاولة أمريكية للضغط على تركيا واسترضائها في ملفات أخرى من أجل إغلاق ملف خاشقجي مقابل دفع ثمن ما في ملفات أخرى.
ومساء الجمعة، جرى اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب اردوغان اتفقا فيه – حسب الإعلان الرسمي- على “الكشف عن ملابسات جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بكافة أبعادها، وعدم السماح بالتستر عليها”، كما تطرقا إلى “التحقيقات الأمريكية المتواصلة بشأن منظمة غولن، الإرهابية، وأنشطة مكافحة الإرهاب في سوريا، والعلاقات الاقتصادية الثنائية”.
والسبت، أعلنت وزارة الخارجية التركية أن الوزير مولود جاووش اوغلو سوف يزور الولايات المتحدة يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين لإجراء مباحثات مع المسؤولين الأمريكيين، من المتوقع أن تتركز حول ملف خاشقجي.
وسبق أن كشفت وسائل إعلام أمريكية عن أن ترامب طلب من وزارة العدل البحث في الطريق القانونية لإمكانية تسليم تركيا زعيم تنظيم غولن فتح الله غولن، أو إبعاده لدولة جنوب افريقيا، وهو المطلب الأبرز لتركيا من الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.
كما غيرت واشنطن لهجتها بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة اتجاه تنظيم “بي كا كا” في تركيا وأذرعه في سوريا المتمثلة في وحدات حماية الشعب الكردية، فبعد تخصيص ملايين الدولارات للوصول إلى قادة التنظيم في تركيا، قال مسؤولون أمريكيون إن واشنطن تعترف بالارتباطات العسكرية بين المسلحين الأكراد في تركيا وسوريا.
وفي لهجة مفاجئة، قال ترامب، السبت، إن بلاده تقيم علاقات مميزة مع تركيا في الوقت الحالي، مشيداً باردوغان بشكل لافت، فيما نقلت وسائل إعلام أمريكية عن ترامب قوله إنه سيتحدث مع وزير خارجيته بومبيو ومسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية حول قضية خاشقجي.