الناصرة ـ”القدس العربي”: على شرف اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، كشفت معطيات جديدة عن استشراء الاعتداءات الجنسية داخل إسرائيل. وتكشف معلومات مراكز مساعدة ضحايا الاعتداءات الجنسية، عن تلقي نحو 47 ألف شكوى في العام الماضي، بينها 11788 جديدة، والباقي متكررة، أي ما يشكل زيادة في عدد التوجهات الجديدة بنسبة 11 في المئة مقارنة بعام 2013. وأشار التقرير إلى أنه في 89 في المئة من التوجهات عام 2017 كان الحديث عن اعتداء على نساء، والباقي رجال، وفي 71 في المئة من الاعتداءات الجنسية على طفلات كان المعتدي من داخل الأسرة. كما تبين أن 48 في المئة من الرجال الذين توجهوا لطلب المساعدة كانوا قد تعرضوا لاعتداءات جنسية قبل بلوغهم سن 12 عاما، مقابل 23 في المئة من النساء. وفي 87 في المئة من الاعتداءات كان المعتدي شخصا معروفا للضحية، وفي 71 في المئة من الشكاوى بشأن الاعتداء الجنسي على طفلات كان المعتدي من داخل الأسرة.
وبيّنت معطيات اتحاد مراكز مساعدة ضحايا الاعتداءات الجنسية أنه تم إغلاق 84 في المئة من ملفات المخالفات والتحرش الجنسي التي عالجتها النيابة الإسرائيلية العامة في عام 2017، ولم تقدم لوائح اتهام إلا في 16 في المئة منها فقط. كما سجل ارتفاع ملموس في عدد شكاوى الفتيان والفتيات ضحايا نشر صور حميمة.
ومن اللافت، حسب التقرير، أن نحو نصف النساء اللواتي قتلن خلال 2016 – 2017 بيد أزواجهن، كن قد قدمن شكاوى للشرطة، بيد أن ذلك لم ينقذ حياتهن. وحسب التقرير، ففي عام 2017 فتح 4089 ملف مخالفة جنسية في النيابة العامة، تم إغلاق 3218 ملفا منها بسبب عدم كفاية الأدلة، وأغلق 17 في المئة منها بسبب عدم وجود تهمة أو مخالفة جنائية. كما فتح 727 ملف تحرش جنسي، وأغلق منها 585 ملفا دون تقديم لوائح اتهام، بينها 63 في المئة بسبب عدم كفاية الأدلة، و15 في المئة منها بسبب عدم وجود تهمة أو غياب مخالفة جنائية، وفي 19 في المئة منها بسبب “عدم الملاءمة للتقديم للمحاكمة”. وتبين أيضا أنه تم التوقيع على صفقات في 76 في المئة من ملفات المخالفات الجنسية التي انتهت بالإدانة أو بعدم الإدانة.
وتشير معطيات الشرطة الإسرائيلية التي نشرت في التقرير إلى أنه في العام الماضي تم فتح 6587 ملف مخالفة جنسية وتحرش جنسي، أي ما يشكل ارتفاعا بنسبة 9 في المئة مقارنة بعام 2016. وتبين أن الارتفاع الحاد كان في الشكاوى حول التحرش الجنسي، حيث وصلت إلى 1353 شكوى في العام الماضي، مقارنة بـ197 شكوى في عام 1998، أي بعد أن أصبح قانون منع التحرش الجنسي ساري المفعول. وأظهرت المعطيات أنه في 48 في المئة من الملفات كانت ضحية الاعتداء الجنسي قاصرا، وفي 1.4 في المئة كانت ضحية الاعتداء فوق جيل 65 عاما. وتبين أنه في 81 في المئة من الملفات كان ضحايا الاعتداءات الجنسية نساء وفتيات وطفلات، مقابل 19 في المئة كان الضحايا فيها رجالا وفتية وأطفالا.
وأظهرت المعطيات أيضا أنه حصل ارتفاع في التوجهات ذات الصلة بالتحرش الجنسي في صفوف جيش الاحتلال، حيث وصل إلى “مستشارة رئيس الأركان لشؤون الجندر 1482 شكوى ذات صلة بالمس الجنسي، أي ما يشكل ارتفاعا بنسبة 91 في المئة مقارنة بعام 2012. وتبين أنه ضمن التوجهات ذات الصلة بالجيش كان 839 منها ذات صلة بالإطار العسكري، مقابل 589 حصلت في الإطار المدني. وفي 84 في المئة كان الضحايا من المجندات، كما تبين أنه في 4 في المئة كان المعتدي فيها امرأة.
أزمة ثقة
جاء الكشف عن المعطيات خلال اجتماع اللجنة البرلمانيّة لمكانة المرأة والمساواة الجندريّة في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) وقد خصصت الجلسة الأولى لموضوع التّحرش الجنسي، وافتتحتها رئيسة اللجنة النائبة عايدة توما سليمان (المشتركة) التي قالت إنه “في عالم مثالي، كنا سنجتمع اليوم بعد مرور 20 عاما على تشريع قانون منع التّحرشات الجنسيّة كي نحتفل بالثورة وبما حققناه ولكن اليوم وبعد مرور كل هذه الوقت ما زالت النساء تعاني من تحرشات واعتداءات”.
وتابعت توما سليمان “بعد مرور 20 سنة، المعطيّات تشير إلى أن 10 في المئة فقط من الشكاوى التي تم تقديمها في الشرطة من نساء عربيّات في إسرائيل، وغالبًا هذه الشكاوى تكون بعد اعتداءات صعبة كالاغتصاب. وأضافت “المؤلم أننا جميعًا نعلم أن النسبّة الضئيلة من الشكاوى لا تدل أبدًا على نسبة وعدد الاعتداءات داخل المجتمع العربي”.
وشارك في الجلسة عدد كبير من أعضاء الكنيست ومندوبات عن مؤسسات مختلفة، وعُرضت خلالها معطيّات تعرض للمرة الأولى، حيث تم بحث موضوع الاعتداءات الجنسيّة في بحث خاص أجراه مركز الأبحاث في الكنيست بناءً على طلب النائبة توما سليمان التي عقبت على المعطيّات قائلة “مقلق ما سمعناه اليوم، ولكنه غير مفاجئ، فنحن نعلم أنه توجد أزمة ثقة بين الجمهور وبين الشّرطة، لذلك لم يكن غريبًا أن نسمع أن عدد المتوجهين للشرطة في العام الماضي لم يتعد الـ 3 في المئة”، موضحة أن المعطى المقلق حقًا هو نسبة القاصرات اللواتي تعرضن لتحرش 45 في المئة، مؤكدة على كونه معطى خطيرا، لكنها اعتبرت التوجهات للشرطة رغم قلتها مؤشرا على زيادة في الوعي حول أهميّة محاسبة المعتدي وتقديم شكوى.
مناقشة العنف العائلي
أما الجلسة الثّانية فقد خصصت لمتابعة تنفيذ الخطة الخمسيّة لمناهضة العنف في العائلة، تم خلالها بحث تطبيق توصيات اللجنة الوزاريّة المسؤولة عن علاج الظاهرة، بحضور ممثلين عن الوزارات وجهاز الشرطة. في ختامها قالت النائبة توما سليمان “كانت جلسة صعبة، وليس فقط لأن موضوع العنف ضد النساء بحد ذاته مؤلم. فتعامل الحكومة الإسرائيلية مع هذا الموضوع واستهتار الوزارات وطرح خطط وأرقام غير موجودة يدل على أن هذه الحكومة لا تستحق أن تكون مسؤولة عن أمن وأمان المواطنين والمواطنات.”
كما استذكرت أن وزارة المالية وعدت بتخصيص 30 مليون شيكل (نحو 8 ملايين دولار) للموضوع، “لنكتشف اليوم خلال هذه الجلسة أنهم حاولوا الالتفاف على ما اتفقنا عليه، وأن الحديث يدور عن 9 ملايين شيكل، بحيث يكون المجموع في 3 سنوات 30 مليون شيكل”. معتبرة أن “هذه ألاعيب غير غريبة على حكومة كهذه”. وتابعت “لكننا لن نصمت ولن نسمح أن يستمر هذا التعامل مع قضايا النساء، لذلك سأطالب بإقامة لجنة تحقيق برلمانية لبحث فشل الحكومة وتقصيرها في حماية النساء”.