مع دخول قوات داعش وحلفائه من الفصائل السنية المسلحة مدينة الموصل، في العاشر من شهر حزيران/يونيو، دخلت قوات البيشمركة مدينة كركوك وسيطرت عليها بلا قتال. سواء في محادثاته مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري، أو في تصريحاته أثناء «زيارة الفاتحين» لكركوك، عزز مسعود بارزاني التوقعات حول قرب استقلال إقليم كردستان وانفصاله النهائي عن الدولة العراقية. هذه الدولة التي ولدت مصطنعة قبل أقل من قرن، ولم تبق متماسكة إلا بعامل القوة المتمثل في أنظمة الحكم الدكتاتورية المتعاقبة، انهارت للمرة الأولى حين دخلت القوات الامريكية العاصمة بغداد في ربيع العام 2003، وها هي تنهار تماماً أمام زحف مقاتلي داعش وحلفائه. فشلت محاولة الامريكيين الابقاء على وحدة العراق بعد الغزو، لأنهم سلموها لقيادة شيعية مرتبطة بالطموحات الامبراطورية لإيران، فعلت كل ما من شأنه نبذ السنة والكرد خارج المشاركة الوطنية. وها هي النتائج: انفصال الثلث السني تحت قيادة داعش، و»حل» مشكلة كركوك التي كانت متنازعاً عليها، كما عبر القائد الكردستاني.
في الوقت نفسه، قدمت حكومة أردوغان رزمة تشريعية إلى البرلمان تتعلق بوضع إطار قانوني لإجراءات الحكومة المتعلقة بحل المشكلة الكردية. جاءت هذه «الهدية» الجديدة لكرد تركيا عشية الانتخابات الرئاسية التي من المفترض أن تجري جولتها الأولى في العاشر من شهر آب القادم. ويقضي النظام الانتخابي الجديد بوجوب فوز المرشح بالنصف زائد واحد من أصوات المقترعين، وإلا تعين عليه خوض جولة ثانية مع المرشح التالي في عدد الأصوات. يفصل بين الجولتين أسبوعان، من المحتمل أن يشهدا بازاراً لعقد الصفقات بين الأحزاب السياسية للفوز بالمقعد الرئاسي بعدما تزود بصلاحيات أكبر مما كان في السابق.
بهذا المعنى لا يمكن قراءة الرزمة التشريعية المتعلقة بالمشكلة الكردية إلا بوصفها رشوة يقدمها أردوغان للفوز بأصوات الناخب الكردي الذي ارتفعت قيمته كثيراً في هذه الانتخابات بسبب المعارك التي يخوضها رئيس الوزراء ضد مجموعة من الخصوم على جبهات عدة. فإضافة إلى المعارضة التقليدية من حزبي الشعب الجمهوري (العلماني) والحركة القومية، يخوض أردوغان صراعاً مريراً ضد حليفه الإسلامي السابق فتح الله غولن الذي لديه جيش من المريدين من حملة الشهادات الجامعية ومن الموظفين في مختلف دوائر بيروقراطية الدولة. أضف إلى ذلك الجيل الشاب غير المؤطر سياسياً الذي انتفض ضده في حزيران 2013، وفيه علمانيون ومتدينون، وعلويون وكرد، وطلاب جامعات وأصحاب ياقات بيضاء، ومشجعو أندية كرة القدم وأبناء الطبقات الثرية وفنانون ومثقفون.. ومن خصومه أيضاً العلويون وبقايا الحركات اليسارية والوطنية الكمالية المتشددة.
كأننا بأردوغان، في اختياره خطب ود الكرد لتحييدهم عن بقية الخصوم، يكرر سيرة سلفه مصطفى كمال أتاتورك لحظة تأسيس جمهوريته الوليدة. فقد اتبع «أب الأتراك» تكتيك استمالة الكرد، بوعدهم بالحكم الذاتي، ليتفرغ لتهجير اليونانيين من إزمير والقضاء على المعارضة الداخلية التي برزت من بين رفاق سلاحه في حرب الإنقاذ. وقد بنى الرجل على تهجير الأرمن والسريان الذي قامت به حكومة الاتحاد والترقي قبله، فأكمل تطهير تركة الرجل المريض من العناصر غير المسلمة، وقضى على الخطر الإسلامي المحتمل بتبني مفهوم متشدد للعلمانية لا يكتفي بتحييد الدولة عن شؤون الدين، بل يسعى لـ«عصرنة» المجتمع التركي بقطع روابطه مع ماضيه ومحيطه الإسلاميين.
وما أن استتب له الأمر وتفرد بالحكم بعد التخلص من يونانيي إزمير ومنافسيه على السلطة من رفاقه القدامى، حتى انقض على الكرد الذين راهن على تذويبهم في وعاء القومية والثقافة التركيتين، فقمع بوحشية تمرداتهم في الأعوام 1925 و1930.
أردوغان الذي أمضى سنوات حكوماته الثلاث في وعود معسولة لحل المشكلة الكردية، ظل يماطل ويخادع ويتهرب من الاستحقاقات. ها هو اليوم يلجأ مرةً أخرى إلى الحيلة ليرشو الناخب الكردي بمشروع قانون أطلق عليه اسم «إنهاء الإرهاب وتعزيز وحدة المجتمع» فقط كتكتيك انتخابي للفوز بمقعد الرئاسة الأولى. لا اسم مشروع القانون (وهو سيء بما يكفي) ولا مضمونه يتضمنان كلمة «كردية» أو «الكرد». بل إن هذا المشروع لا يتضمن أي شيء يتعلق بحل المشكلة الكردية، مكتفياً بوضع إطار قانوني تتحرك فيه الحكومة باتجاه الحل المنشود. بكلمات أخرى، يسعى مشروع القانون إلى إضفاء الشرعية على مفاوضات الحكومة السرية مع حزب العمال الكردستاني وزعيمه الأسير عبد الله أوجلان، ليخرجها من السرية التي يمكن أن تطالها المحاسبة إلى العلنية ومنح الحصانة القضائية للمفاوضين من طرف الحكومة.
لذلك، وعلى رغم التقييم الأولي الإيجابي الذي صدر عن أوجلان عبر زيارته الأسبوعية، لم يفاجأ أحد بترشيح رئيس حزب السلام والديموقراطية الكردي صلاح الدين دمرتاش إلى الانتخابات الرئاسية، وهو ما يعبر عن التوجس الكردي المشروع من نوايا أردوغان. فعلى أهمية ترشيح أول ممثل للحركة السياسية الكردية إلى منصب الرئاسة الأولى في تطبيع صورة الكردي في الرأي العام التركي بعد قرن من سياسات الإنكار والقمع، ليس لهذا المرشح أي حظوظ للفوز، بما أن من سيصوتون له هم الكرد فقط، بل جزء منهم. لكن صوت الناخب الكردي سيمتلك قيمة ترجيحية إذا اضطر أردوغان إلى خوض جولة ثانية، في حال حصوله على أقل من خمسين بالمئة من الأصوات في الجولة الأولى. وهو الاحتمال المرجح بوجود ثلاثة مرشحين أقوياء سوف تتشتت الأصوات فيما بينهم.
ما بين الجولتين سينعقد بازار المساومة بين أردوغان والحزب الكردي، ومن المحتمل أن يطالب هذا الأخير بإطلاق سراح زعيمه أوجلان ثمناً لتصويت الكرد لرئيس الوزراء.
٭ كاتب سوري
بكر صدقي
مسعود البرزاني يستغل الظروف الحالية اسوا استغلال يرسل جيشة البشمركة
الى الكركوك ويحتلها بالقوة المسلحة والاغرب ما في الموضوع هو حماس
رئيس وزراء العدو لاستقلال كردستان وكان نتيناهو حريص على شعور الاكراد
ويمانع ويقاتل كي لا يعطي الشعب الفلسطيني حقة في انشاء دولة مستقلة ازدواجية
المعايير السياسية ولكن ايران بكل تاكيد ستمنع استقلال كرستان حتى ولو بالقوة
او بتحريك عملائها في داخل كردستان لكي تخلق جوا مشجونا بالاضطراب وكذلك لن ترضى عنة تركيا لان استقلال كردستان سيحرك الاكراد في تركيا
للمطالبة بالاستقلال هذا عدا عن مشكلة اكراد سوريا القنبلة الموقوتة