بلومبيرغ: مع دعم الملك سلمان وترامب.. أسئلة متزايدة بشأن مستقبل الأمير محمد

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: لماذا لا يزال مستقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان غير واضح، رغم دعم أقوى رئيس دولة في العالم له، وملك أكبر دولة منتجة للنفط -أي والده- فمصيره وما سيجري له هو حديث المدينة (الرياض) خاصة بعد جريمة مقتل جمال خاشقجي، الصحافي السعودي الذي كان مقيما في الولايات المتحدة  وناقدا لسياساته.

ولاحظ تقرير أعده غلين كيري ودونا أبو ناصر في موقع “بلومبيرغ” أن ولي العهد بات يقضي وبشكل مثير للانتباه وقتا كبيرا مع والده منذ الشجب الدولي في أعقاب مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول الشهر الماضي.

جريمة قتل خاشقجي “قلبت حياته رأسا على عقب”

فقد قاما معا بزيارة داخلية لقلب المملكة المحافظ، وافتتحا الأسبوع الماضي متنزها ضخما. وفي الوقت نفسه عمل ترامب كل ما يستطيع لحماية الأمير. ورفض مرارا وتكرارا تحميل ولي العهد مسؤولية القتل، وأثنى على السعودية لدورها في تخفيض أسعار النفط.

ويعلق الكاتبان أن ملك أكبر دولة منتجة للنفط ورئيس أكبر وأقوى دولة في العالم يقفان مع الأمير، وهذا يعني أن وضعه، حسب المنطق، آمن جدا وسينجو من تداعيات جريمة القتل الشنيعة. وهو ما حفزه بالتالي للمغامرة والخروج في أول زيارة له إلى الإمارات يوم الخميس وإجراء محادثات مع ولي العهد في أبو ظبي وصديقه محمد بن زايد. وهناك احتمالات قوية عن مشاركة الأمير نهاية الشهر في قمة العشرين بالأرجنتين. ولكن مصير محمد بن سلمان لا يزال مجهولا وما ينتظره غير معروف.

ويهيمن على الأحاديث بين الدبلوماسيين السعوديين والأجانب الذين يعملون في المملكة منذ سنين، سؤالان: هل سيظل الأمير محمد الخيار الأول لوراثة العهد بعد والده؟ وإن كان الجواب بـ”لا”، فماذا سيحدث للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي بدأها؟

من الصعب الكشف عن مواقف الأمراء البارزين ومشائخ القبابل وقادة الأجهزة الأمنية من الأمير، وما هي نظرتهم إليه بعد جريمة القتل. وربما كانت هناك تداعيات سلبية  لتهميشه للأمراء البارزين في محاولاته للسيطرة على السلطة في البلاد، كما أن إعدام خمسة من 11 شخصا أدانهم النائب العام قد يؤثر على ثقة قادة الأجهزة الأمنية التي تعتبر الحاجز المهم والحامي له من المعارضين.

وربما كان لدى تركيا أدلة قوية تورطه في الجريمة بشكل سيزيد من إشعال غضب المعارضين له في الولايات المتحدة وأوروبا.

ويقول الكاتبان إن قتل خاشقجي، سواء تورط الأمير به أم لا غيّر قواعد اللعبة. ويرى كامران بخاري، الباحث المقيم في واشنطن ويعمل في “معهد التنمية المهنية” التابع لجامعة أوتاوا، إن الجريمة “قلبت حياته (بن سلمان) رأسا على عقب” و”تحول من رجل يحمل وعدا بحكم طويل، إلى رجل لا يعرف ماذا يتربص له في المستقبل وعدم معرفة ما إن كان سيحكم أم لا، فهي لطخة سترافقه وستمنعه من عمل الكثير”.

وقدّم محمد بن سلمان المعروف في الغرب بـ “م  ب س” كشابٍ جريء يريد تغيير البلاد في مواجهة التشدد الإسلامي. وجعلته خطط بيع حصص من شركة النفط العملاقة (أرامكو) محبوب المصرفيين العالميين. ونظرا لصغر عمره بين صف طويل من الأمراء الكبار في العمر، فقد كان يتوقع حكمه لسنوات طويلة، أما اليوم فهو لا يعرف مستقبله. وكدليل على مدى المناورة الضيق لديه هو انخفاض أسعار النفط، فبعد إعلان ترامب يوم الثلاثاء أنه لن يعرض العلاقات الأمريكية- السعودية للخطر بسبب مقتل خاشقجي، انخفض سعر برميل النفط إلى 50 دولارا.

وربما كان هذا التطور جيدا لإعادة تأهيل الأمير، لكنه ليس جيدا للاقتصاد السعودي الذي ينمو بشكل بطيء. وشكر ترامب السعودية وحثها على المضي في تخفيض السعر أكثر. وكان ترامب واضحا في دعمه للأمير ضد الأصوات المتزايدة في الكونغرس ومخابراته التي توصلت لدرجة عالية من الثقة أن الأمر بالجريمة صدر من محمد بن سلمان.

وفي بيانه يوم الثلاثاء “أمريكا أولا” أكد فيه على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وذكر  السعوديين أنهم وافقوا على إنقاق واستثمار 450 مليار دولار في الولايات المتحدة.

وفي الداخل قام الملك سلمان بأول جولة له في البلاد منذ توليه السلطة عام 2015 وكان الهدف منها هو محاولة إصلاح العلاقات مع القادة الدينيين والقبليين التي خربها ابنه. وبدأ أول زيارة إلى قلب المملكة المحافظ، القصيم، ورافقه ابنه محمد في الجولة، حيث افتتحا في كل محطة  من الجولة مشروع تطوير. ومن هنا يبدو مشروع مدينة المستقبل “نيوم” التي كانت ستنافس دبي حلما مؤجلا.

وفي العادة ما يستخدم ملوك السعودية المال لشراء ولاء المواطنين وتقوية وضعهم، فبعد اندلاع الربيع العربي وعد الملك عبدالله مواطنيه بمليارات الدولارات على شكل هبات ومشاريع ومنح لامتصاص الغضب ومنع وصول انتفاضات العالم العربي إلى المملكة. وربما راهن الملك سلمان على ولاء السعوديين لكي يحمي ابنه قبل أن يسلمه السلطة.

وفي خطابه أمام مجلس الشورى لم يذكر الجريمة، فيما جلس ابنه عابسا إلى جانب مفتي السعودية. ويرى أيهم كامل من مجموعة  البحث “يوريشيا” الملك كيف يرتب الجبهة الداخلية ويتأكد من عدم التحول ضد ابنه”.

وقال إن زيارة الملك إلى المناطق وطبيعة الناس الذين يلتقيهم فيها والأموال التي يوزعها هي جزء من رزمة شاملة تؤكد على حماية القيادة كما هي اليوم، والغرض من كل هذا هو “حماية خط الوراثة”. وكان عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، قد اعتبر التقارير عن تغيير الخلافة في السعودية “سخيفة”. وقال لشبكة أنباء “سي إن بي سي” إن الملك وولي عهده خط أحمر. فيما شكك مدير المخابرات السابق الأمير تركي الفيصل في تقييم المخابرات الأمريكية، وقال إن “سي آي إيه أخطأت في السابق” وذلك في إشارة لقضية أسلحة الدمار الشامل التي قادت إلى حرب العراق عام 2003 والإطاحة بنظام صدام حسين. ولكن هل يكفي الولاء لحماية ولي العهد؟ يقول الموقع إنه ربما ليس كافيا خاصة أن هناك موجة غضب ونقاد كثر للأمير في الكونغرس وفي أوروبا بسبب حرب اليمن وانتهاكات حقوق الإنسان.

وفي داخل السعودية هناك ثرثرات عن تذمر داخل العائلة المالكة وحديث عن دور لشقيق الملك الأمير أحمد بن عبد العزيز والذي عاد إلى السعودية من لندن قبل عدة أسابيع. وعامل محمد بن سلمان أفراد العائلة بقسوة عندما سجن عددا منهم في الريتز كارلتون، وقضى على نظام التوافق في داخل العائلة مما أدى لسخط الكثيرين منهم.

ويعلق بخاري: “يجب أن يظل قلقا وبشكل مستمر على مستقبله”. وأضاف: “حتى لو سجن المعارضين المحتملين وأكره  بقية أفراد العائلة فكيف سيكون متأكدا من عدم وجود من يتآمرون ضده في السر”. وكإشارة عن ثقته بنفسه، هي حضوره قمة العشرين في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) فالقادة الذين يشعرون بالقلق لا يتركون بلادهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية