الديمقراطية لا تتوقف عند فرز صناديق الاقتراع: علي فتح ان تتعاون مع حماس ضد الضغوط الامريكية والاسرائيلية
نبيل الرملاويالديمقراطية لا تتوقف عند فرز صناديق الاقتراع: علي فتح ان تتعاون مع حماس ضد الضغوط الامريكية والاسرائيلية أدت نتائج الانتخابات التشريعية في 25 يناير 2006 إلي أزمات لدي الأطراف السياسية المختلفة فلسطينية ودولية كل وفقا للدور الذي يضطلع به في المسألة الفلسطينية. ويبدو أن حركة فتح التي تتولي السلطة الفلسطينية منذ أكثر من عشر سنوات في البلاد تواجه اليوم أزمة ليس علي مستوي الحكم فحسب بل علي الصعيد الداخلي بشكل أكثر عمقا وتعقيدا. هي أزمة مركبة ومتشابكة بين الحركة والسلطة، فواقع الحركة التنظيمي المهمل والمتخبط منذ سنوات انعكس علي الساحة السياسية والمالية والإدارية خلال سنوات حكم الحركة، وغياب دور منظمة التحرير الفلسطينية أو تهميشها كمرجعية للسلطة ، كل ذلك انعكس سلبا علي الساحة الفلسطينية وجعل الحركة اليوم عند تسليمها السلطة إلي حماس أمام وضع دقيق وحساس لا يسعفها الوقت لحل مشاكلها مع نفسها أو مع السلطة قبل أن تقوم بواجباتها القانونية بتسليم مقاليد الحكم إلي حماس في الوقت المناسب. لذلك سترث حماس تركة ثقيلة ومعقدة علي المستويين الداخلي والخارجي بعد أن أرست حركة فتح منهجا سياسيا معينا يختلف كليا عن منهج حماس، من ناحية ونظاما يعج بالفوضي الإدارية والمالية والأمنية من ناحية أخري، ومن هنا تتشكل أزمة حماس المقبلة إلي جانب أزمتها السياسية مع إسرائيل والولايات المتحدة وعدد من دول أوروبا التي كانت تصنف حركة حماس ضمن المنظمات الإرهابية في العالم وهي الآن في وضع يفرض عليها التعامل معها كسلطة شرعية منتخبة باعتبارها جاءت إلي مركز الحكم عن طريق انتخابات ديمقراطية نظيفة وشفافة وبمراقبة جماهيرية ودولية واسعة ودقيقة. حركة فتح الآن في أزمة أيضا بعد إخفاقها في الانتخابات التشريعية وطبيعي أن تمتد هذه الأزمة إلي السلطة والحكم في البلاد، ومن هنا تبلغ الأزمة خطورتها. حركة فتح والأزمةمن الطبيعي أن تمر الحركة بأزمات كهذه، وقد واجهت الحركة أزمات عديدة في الماضي، وفي مثل هذه الظروف لا تكون العبرة بتجاهل الأزمة أو الهروب منها لأن العمل السياسي عمل متحرك ومحفوف بالمخاطر ما دام يتحرك ضمن أجواء سياسية يكثر فيها اللاعبون ذوي الانتماءات والمشارب المختلفة والمتناقضة أحيانا، ولكن العبرة تكون في كيفية التعامل مع الأزمة لتجاوز أخطارها أو علي الأقل بحصر تلك الأخطار أو الخروج منها بأقل الخسائر ولن يتأتي ذلك إلا بعملية تقييم موضوعي وجريء للتعرف علي أسبابها والقضاء عليها.الحركة لم ترس هذا المبدأ رغم الأزمات العديدة التي واجهتها في الماضي، مما يتطلب الآن الوقوف عند الأزمة الراهنة وقفة تقييم علمي وموضوعي لتحديد الأسباب الحقيقية للأزمة والتعرف عليها بدقة، ولا يجوز في هذه الحالة أن تُبسط الأسباب أو تجعل منها أحداثا عابرة وتلجأ في التعامل معها إلي العنتريات الفارغة والتبرير الممل، والقاء التبعة علي جهات أخري، والزهو بأمجاد الماضي بعيدا عن الواقع المؤلم ودون الإدراك الواعي للمتغيرات الحاسمة التي صنعتها الحركة بنفسها فأتت بالتغيير الطبيعي. الحركة مدعوة الآن إلي الوقفة الموضوعية للتعمق في أسباب الإخفاق الذي وقع، وأستطيع الجزم هنا بأن ما وقع ما كان ليحدث لو لم تصنعه الحركة من ممارسات خاطئة لم تحاول إيجاد الحلول الطبيعية لها أمام الشعب في الوقت المناسب بل تركتها تتعاظم وتتفاقم، والتي كانت سمتها الواضحة والخطيرة انعدام الشعور بالمسئولية الوطنية، وانعدام الشعور بالمسئولية المجتمعية، والممارسات الخاطئة في مختلف المواقع بما في ذلك المواقع العليا ، فحل مكانها العمل الذاتي والمصلحة الذاتية علي حساب المصلحة الوطنية ومصالح الشعب الذي أولاها ثقته علي مدي سنين طويلة، وقد طغت أبشع مظاهر الفساد علي المستويات الإدارية والمالية والوطنية مما تعارض تعارضا كليا مع طبيعة حركة فتح وأهدافها الأساسية، فانفض الشعب من حول الحركة بعد أن التف حولها قبل أن تغير الحركة من طبيعتها السياسية والاجتماعية عندما كانت في ذلك الوقت حركة جذب واستقطاب بينما تحولت بعد استلام السلطة إلي أسلوب حكم بشع، إلي سلطة نفور واستعداء، إلي غياب كامل للحركة الموحدة، إلي غياب كامل للقرار الحركي الحاسم، إلي غياب المؤسسات الحركية الفاعلة، مما أوجد المناخ الملائم لنمو النزعة الفردية وطغيانها، وانتشار ظاهرة الشللية الانتهازية المنتفعة وتكتل المجموعات المسلحة وانتشارها في أجواء لا شرطة فيها ولا أمن، فشعر المواطن في كل مكان بأنه يعيش في عراء اجتماعي وأمني وسياسي، وفقد كل مرجع رسمي لحمايته ، فجاء الإخفاق اليوم نتيجة طبيعية لكل ذلك. كما أن ما حدث جاء إضافة جديدة لتراكم إخفاق الحركة أيضا في معالجة الأزمات السابقة بالطرق الموضوعية الصحيحة. نحن عندما نذكر الفساد مثلا في هذا السياق أو نقول شيئا عنه فيما يتعلق بفلسطين والسلطة لا نعني أن شخصا معينا قد اختلس أموالا عامة هنا، أو أن شخصا مارس المحسوبية أو الرشوة علي حساب الحق هناك، أو حتي شخصا في موقع المسئولية لا يعمل للمصلحة العامة وهي المصلحة الوطنية بقدر ما يعمل لمصالحه الشخصية مستغلا مكانته وموقعه الرسمي لتحقيق ذلك، بل إن الفساد هو مجموع هذه المخالفات الأخلاقية وغيرها من مظاهر الفساد الأخري ، وتبلغ هذه المظاهر أعلي درجات الخطورة عندما تستشري وتتغلغل في المِؤسسات والمجتمع وتصل إلي أعلي مستوي في المؤسسات الرسمية، الأمر الذي من شأنه تعطيل القوانين وتغييب الحساب والعقاب والثواب مما يسمح بانتشار الفوضي الإدارية والمالية ويجعل السلطة أو الدولة في شلل وعجز عن إصلاح الأمر، يقول أحد علماء الاجتماع (عندما يستشري الفساد في الدولة يصبح أقوي من الدولة، وإذا أرادت الدولة في هذه الحالة أن تقضي عليه فإنه يقضي هو علي الدولة). ففي الماضي مثلا سلك المسئولون منهجا خاطئا ومدمرا في التعامل مع رموز الفساد علي مختلف انواعهم وأبقوا علي الفاعلين في مواقعهم دون حساب أو عقاب لأسباب لا علاقة لها بالمسألة الوطنية بقدر ما كانت تتعلق بالأسلوب الفردي السائد في النظام وصراع مراكز القوي فيه، مما أوجد التربة الخصبة لهذا النوع من الفساد كي ينمو وينتشر ليصل إلي ما وصل إليه اليوم، وبنفس الطريقة والأسلوب والمنهج المدمر كانت تعالج بقية مظاهر الفساد المختلفة ، وفي مجال آخر كانت تسمي الهزيمة انتصارا والفشل نجاحا، وكان كل من يدعو إلي التقييم لما حدث من نكسات للحركة أو فشل يتعرض للنقد والإهانة أحيانا،ثم إلي العزل والتهديد وحتي إلي الضرب أحيانا أخري كما حدث مع الأخ ناجي علوش عضو المجلس الثوري عام 1975 عندما كان يعلن وجهة نظره بجهود كبيرة ومتواصلة ويطالب بإجراء التقييم الدقيق والموضوعي بشأن أحداث أيلول وخروجنا من الأردن، أو حتي إلي إطلاق النار علي الشخص المعني بقصد إرهابه في حالات أخري، كما حدث مع الأخ منير شفيق عندما كان يتحدث في اجتماع عام في قاعة جامعة بيروت العربية بأسلوبه الناقد عام 1975 أيضا، وإن ما حدث اليوم هو نتيجة طبيعية لكل تراكمات الماضي من ممارسات خاطئة، مما لا يجوز معه أن يتكرر اليوم ما حدث في الماضي. فالوضع اليوم خطير للغاية ويفرض واجب الحركة الوطني عليها أن تحدد أسباب ما وقع بدقة ووضوح وجرأة وشجاعة حتي لو أدي ذلك إلي اتباع أقسي الأساليب والوسائل للقضاء علي تلك الأسباب لكي تكون الحركة أمام نفسها وأمام شعبها جديرة بالدفاع عن شعبها وبرنامجها الوطني، ولكي تكون جديرة أيضا بقيادة هذا الشعب من جديد.الشعوب تلجأ للتغيير عندما تشعر بأن النظام الحاكم قد أخفق في مواكبة مصالحها سواء كانت تلك المصالح معيشية أو اقتصادية أو سياسية أو أمنية أو غير ذلك من مجالات حياتها أو قضاياها الحيوية، ويكون التوجه للتغيير في نظرها حاسما عندما يتعلق الأمر بانعدام شعورها بالأمن أو انحراف القائمين علي الأمور إلي مواقع الفساد والاستهتار بمصالح الناس، أو عندما يغيب الشعور بالمسئولية المجتمعية لتحل مكانه المصلحة الذاتية ولا سيما إذا ما أصبحت هذه الآفة سمة النظام بأكمله، وتبلغ هذه الحالة أخطر درجاتها عندما يكون النظام والمجتمع والسلطة أمام استحقاقات وطنية أو عندما يكون المجتمع والسلطة في معركة وطنية تتعلق بمستقبل الوطن بأكمله كما تتعلق بمصير الشعب وحقوقه. بمعني آخر، تلجأ الشعوب للتغيير في أنظمة حكمها عندما تصبح هي ومصالحها الحياتية أو الوطنية في غير دائرة اهتمام القائمين علي السلطة في بلادها فتبدأ التفكير بالتغيير حتي لو أدي هذا التغيير إلي استلام السلطة من قبل نوعية أخري غير واضحة أو غير مضمونة التغيير إلي الأفضل، والمهم عند الشعوب في هذه الحالة هو أن تغير نظامها ما دامت قد وصلت الأمور معه إلي واقع اجتماعي وإداري ومالي وأمني وسلوكي يتعذر معه الإصلاح من داخل النظام فتتدخل هي لتغير النظام بأكمله بعملية جراحية تسمي في المفهوم العسكري بالانقلابات العسكرية وفي حالات أخري أو في علم السياسة بالديمقراطية وصناديق الاقتراع، وهذا ما حدث فعلا عندما تمكن الشعب الفلسطيني من استعمال صناديق الاقتراع بتاريخ 25 يناير2006 ليقول كلمته في نظامه القائم فجاءت نتيجة الاقتراع معبرة عن رغبة الشعب في التغيير وهذا أمر طبيعي جدا، ذلك أنه لو كان الحال علي غير ذلك ما كان هناك ضرورة للتغيير، بل علي العكس، كان الشعب قد دفع بكل قوته للمحافظة علي الوضع القائم خوفا ومحافظة علي مصالحه السياسية والاقتصادية والمالية و والأمنية والاجتماعية التي كان من المفروض أن يرعاها النظام ويحافظ علي سلامتها ويطورها إلي الأفضل خلال سنوات كانت كافية لإنجاز هذه الاستحقاقات، فلا يجوز أن تكرر الحركة اليوم ما حدث في الماضي من أخطاء فادحة تدفع اليوم أثمانها الباهظة.حركة فتح اليوم في أزمة وليس أمامها إلا أن تجري التقييم السليم الواضح والجريء والشفاف، وتحديد عناصر الإخفاق وأسبابه بكل وضوح وبشكل مباشر والتقييم هنا ينبغي أن يشمل ضمن ما يشمل منهجية وأساليب قبول الأعضاء والتي اتبعتها الحركة بهدف حشد أكبر عدد من الناس داخلها دون تطبيق صارم للمعايير والضوابط الخلقية والنضالية لاكتساب العضوية، تلك الأساليب التي تسللت إلي جسم الحركة عندما غاب العمل التنظيمي الحقيقي، وغابت وحدة المرجعية، وغابت القيادة وغاب معها عمل مؤسسات الحركة، والحركة مدعوة للعمل علي التخلص من كل هذه الشوائب والسلبيات التي علقت بالحركة علي مدي عشرات السنين والقضاء عليها قضاء تاما، ولذلك هي مدعوة إلي الدخول في أعماق الأزمة حركيا أولا وآخرا، هي مدعوة للنظر فيما أهملته من المبادئ الأساسية التي استندت إليها من الأساس أولا كمبدأ النقد والنقد الذاتي مثلا، وهي مدعوة اليوم للنظر فيما تجاوزته وأهملته من الالتزام بالأسس التنظيمية التي تشكل ضمانة لسلامة الحركة واستمرارها وتطورها ثانيا، كما أنها مدعوه للنظر فيما تراخت بشأنه من المبادئ الأخلاقية التي كونت في الماضي عماد ظهورها عندما كانت ظاهرة بيضاء في تاريخ فلسطين الحديث، وبالتالي هي مدعوة لتكريس وتعزيز مفهوم المقاومة، مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل المشروعة والمتاحة ما دام الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية قائما، وعليها أن تدرك بأن مقاومة الاحتلال لا تتعارض مع التوجه نحو السلام، بل علي العكس تماما، لأن مقاومة الاحتلال الأجنبي هي قاعدة آمرة في القانون الدولي وقد دعت الأمم المتحدة عبر قراراتها الشعوب الخاضعة للاحتلال الأجنبي أو السيطرة الأجنبية أو الهيمنة الخارجية إلي المقاومة من أجل حريتها وحقها في تقرير مصيرها، لأن تلك هي إحدي الطرق والأساليب التي من شأنها أن تفضي إلي حرية واستقلال الشعوب المستعمرة أو الواقعة تحت الاحتلال، وبشكل خاص عندما يتعلق الأمر بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذا ما أكدته قرارات الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة وبالتحديد الجمعية العامة ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عبر العشرات من قراراتها، وبالتالي فإن مقاومة الشعوب في هذا الشأن تشـــــكل رافعة وعملا معززا لمبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق إلي جانب كونها حقا مشــــروعا للشعوب المذكورة، ولذلك أيضا ربطت قرارات الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة ممارسة حق تقرير المصير للشعوب باستتباب السلم والأمن الدوليين في العالم. إن العملية الديمقراطية التي قادتها الحركة وحققتها بطريقة نظيفة ونزيهة وشفافة شهد لها العالم كله هي عملية رائدة في المنطقة تدعو إلي الفخر والاعتزاز، ولكي لا تشوه الحركة هذه العملية الرائدة بأيديها يجب أن تدرك أن العملية الديمقراطية لا تتوقف عند فرز صناديق الاقتراع فحسب ولا عند انتقال السلطة بطريقة سلسة فقط بل إنها تمتد إلي ما هو أبعد من ذلك، إنها تمتد إلي نوعية العمل في المؤسسات الوطنية بما يكفل الاستمرار في المنهج الوطني بعد فرز صناديق الاقتراع بغض النظر عن ما أصبح عليه موقع الحركة سواء كانت في دائرة المسئولية المباشرة أو في دائرة المعارضة، ولذلك لا يجوز أن تتصرف الحركة الآن وكأنها في حرب مع حركة حماس أو تأخذ جانبا سلبيا وتنتظر فشل حماس لكي تبرر إخفاقها أو حتي لا تكون هي وحدها في دائرة الإخفاق كما ظهر من تصريحات بعض الأفراد بمواقف غير مسئولة عبرت عن رفضهم المشاركة مع حماس حتي قبل أن تتخذ الحركة قرارها بهذا الشأن، بل علي العكس تماما يجب علي الحركة أن تتعامل وتعمل مع حماس وفقا للفهم السابق للديمقراطية لأنها بذلك تكون قد تعاملت ليس مع حماس وحدها بل مع شعبنا كله. حركة فتح اليوم في أزمة مزدوجة، أزمة علي مستوي الوطن والحكم بعد الإخفاق في الانتخابات التشريعية، وأزمة داخلية تتعلق بالحركة نفسها، أزمة تتصل بالتنظيم والضبط والربط والإلزام والنقد والنقد الذاتي والحساب والعقاب والإدارة والتطهير من الشوائب التي طغت عليها فغيرت وجهها أمام شعبنا والعالم، لذلك تسمع أصوات تعلو هنا وهناك تدعو إلي عقد المؤتمر العام للحركة باعتبار أن عقد المؤتمر يشكل المخرج للحركة من أزمتها الداخلية، والواقع أن ليس كل من يدعو لعقد المؤتمر العام للحركة يتفق مع الآخرين من أصحاب هذا الرأي علي هدف واحد، فهناك من يفعل ذلك لأنه يري بأن هذه هي الوسيلة للتخلص من القيادة الحالية، وهناك من يرفع هذا الشعار لكي يكرس المنهج السياسي الحالي بديلا للمنهج المبدئي الذي نشأت الحركة علي أساسه من البداية وهناك من يتفق مع الدعوة لعقد المؤتمر للتخلص مما يعتبره انحرافا أصاب الحركة وأبعدها عن منطلقاتها النظرية الأولي وهو يتطلع إلي المؤتمر كفرصة للعودة إلي الأصول الحركية ومنطلقاتها ومبادئها وأهدافها، وهناك مجموعة الدعوة للتجديد في دماء القيادة عن طريق إقصاء الحرس القديم ، وقد يشكل هذا الواقع المتشتت نوعا آخر من الأزمة أيضا، والواقع أمام هذه الصورة من الاتجاهات والكتل المتناقضة يصبح عقد المؤتمر محفوفا بالمخاطر التي تهدد وجود واستمرار الحركة إذا لم يتم الإعداد الجيد له قبل انعقاده، وذلك لسبب بسيط وهو أن أي من الاتجاهات المذكورة لا يحظي بإجماع أي مؤتمر حركي ولو حتي إذا كان مؤتمرا طبيعيا من حيث تكوينه وتوقيته.ونحن عندما نقول ذلك نعني أن تكوين المؤتمر الذي كان في الماضي يرتكز إلي معايير وضوابط حركية ونضالية أساسية تحدد عضويته عندما كانت الحركة في طليعة حركات التحرير في العالم، وكان أعضاؤها يقدمون للحركة ولفلسطين ولا يأخذون منها اللهم إلا إذا أخذوا الشهادة،أما المؤتمر المقصود هنا لا يخضع لتلك المعايير والضوابط لاستحالة ذلك بعد أن امتلأت الحركة بالمرتزقة ممن التحقوا بها عندما أصبحت في سدة الحكم مصدرا للاسترزاق، تماما كما حدث من تدفق اللاهثين وراء الانتصارات بعد معركة الكرامة عام 1968 عندما فتحت الحركة أبواب عضويتها لكل من طلبها مأخوذا ببريق ووهج الانتصار دون إخضاعه للمعايير والضوابط المحددة للعضوية ومنهجية تنسيب الأعضاء المعمول بها نظاميا فامتلأت الحركة بالأعداد الغفيرة من الناس فتساوي المناضلون وغيرهم داخل الحركة من حيث الحقوق والواجبات وكان ذلك بداية الخلل الذي استمر حتي يومنا هذا دون أي تقييم له أو استدراك لأخطاره الجسيمة حتي أصبح العلاج بغير الكي اليوم أمرا عسيرا. حركة حماس والأزمةالنتائج الحاسمة للانتخابات الفلسطينية وفوز حماس بها وضعت جميع الأطراف المهتمة بمسألة فلسطين أمام واقع جديد يتطلب الوقوف والإمعان في كيفية التعامل مع هذا الواقع بما في ذلك حركة حماس نفسها، هذه الأطراف التي حددت مواقفها في الماضي في ضوء برنامج ومنهج حماس آنذاك تكتنفها الحيرة والتردد اليوم فهل تستمر في التعامل مع حماس وفقا لمعطيات الماضي، أم أن الواقع يقتضي الانتظار لما تستقر عليه حركة حماس بعد أن أصبحت مسئولة أمام شعبها والعالم الذي كان غالبا ما يختلف معها في مرحلة ما قبل فوزها في الانتخابات وتحملها المسئولية. المسألة هنا برمتها تتوقف عند وضوح حركة حماس الآن، وهذا يعني أن زمام المبادرة والأمر قد استقر بيد حماس، فهي إما أن تتمسك بثوابتها ومنهجها السابق للانتخابات وتواجه الأبواب المغلقة في كل جانب، وهذا يعني مواجهة تبعاته داخليا وخارجيا علي المدي القريب والبعيد مما يضعف حكمها وقد يقود إلي الانهيار الكامل، أو إنها تتصرف وفق المعايير السياسية التي كانت ترفضها في الماضي وذلك بالقدر الذي يتيح لها التعامل مع الداخل والخارج بما يمكنها من الاستمرار دون الانهيار. من الواضح أن حركة حماس تدرك ذلك، وهي بلا شك تتطلع إلي النجاح والاستمرار و إعطاء صورة للشعب والعالم خلافا لتلك الصورة التي أخذت عنها في الماضي خلال السنوات العشرة الأخيرة، فلذلك وإدراكا منها بصعوبة ما ستواجهه وحدها قدمت حركة حماس إشارات لشراكه فلسطينية وبالتحديد مع فتح، كما بدأت بقبول التعامل مع العالم وفق نظرة جديدة تختلف إلي حد كبير عن ما سبق مرحلة الانتخابات كما جاء علي لسان الناطقين باسمها علي أنها حركة واقعية وتعمل وفق مصالح الشعب الفلسطيني مما جعل العالم وبشكل خاص الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل يفكر كل في محيطه بتكييف موقفه منها وربط ذلك بالوضوح الكامل مما جمد الإعلان عن المواقف النهائية منها بانتظار ما ستسفر عنه التفاعلات السياسية الجارية من تأثير علي الحركة واحتمال جعله في موقع يتيح للعالم التعامل معها، وفي هذا المجال ظهرت بوادر الضغط والابتزاز السياسي من الولايات المتحدة والدول الأوروبية وإسرائيل لحمل حركة حماس علي تقديم المزيد من التنازلات باتجاه ما تجمع عليه هذه الدول من نزع سلاح الحركة والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود والإقرار بالاتفاقات المبرمة معها فلسطينيا كشروط لقبولها والتعامل معها عند استلامها السلطة، هذه الشروط إن تحققت سوف تحدث انقلابا نوعيا لدي حركة حماس مما يضعها في مواجهة أزمة سياسية وعقائدية خطيرة قد تهدد وحدتها وتماسكها وتعرض قوتها الجماهيرية إلي الاهتزاز وربما للانخفاض الحاد. وفي حالة رفض حماس لهذه الشروط والثبات علي ذلك فإنها ستواجه أخطار الجمود والإخفاق وتداعيات ذلك علي المستوي الوطني، ومن هذه المعادلة تتشكل أزمة حماس الآن، وحماس تدرك ذلك تماما فهي تحتاج إلي الوقت لكي تبحث عن مخرج مشرف، ولذلك دخلت في المرحلة الرمادية بإرسال التطمينات إلي أصحاب الشروط المذكورة وإرسال التأكيدات علي ثوابتها لأنصارها في الداخل والخارج في نفس الوقت. هناك أزمتان تواجههما حماس، فبالإضافة إلي الأزمة السياسية كما سبق أن ذكرنا، هناك أزمة تبدأ عند الخروج من الأزمة السياسية، ولنفترض أنها استطاعت أن تخرج من أزمتها السياسية عن طريق التعامل مع الشروط الدولية المطلوبة، إذن هي في هذه الحالة تتساوي مع غيرها من القوي السياسية الفلسطينية التي تعاملت مع تلك الشروط في الماضي وفي مقدمة هذه القوي حركة فتح،وبالتالي تسقط جميع طروحاتها التمييزية عن حركة فتح علي المستوي السياسي، ولن يبقي أمامها في هذه الحالة إلا التميز عن حركة فتح في التعامل مع الواقع الفلسطيني الداخلي، وهي بلا شك تحاول أن تحدد سلبيات التجربة السابقة وتبرز رفضها لها وتعلن أنها ستضع حدا لها، وهذه هي المعركة التي ستركز عليها حماس إن استطاعت لكي تميز نفسها باتجاه الأفضل عن حركة فتح، غير أن حماس ليست وحدها في الساحة، وهي ليست طليقة اليد بشكل كامل لكي تفعل ما تريد بحرية تامة، فهناك عوامل سلبية خارجية عديدة تنتظرها، هناك إسرائيل ومعها عوامل القوة، وهناك الولايات المتحدة وأوروبا ولديها عوامل أخري كما أنه قد يكون هناك عوامل داخلية فلسطينية أيضا لا تسمح لحماس باجتياز أزمتها بيسر وبدون عناء. إذن حركة حماس اليوم في مرحلة دقيقة من تاريخها، فهي الآن في سدة الحكم، وهي مسئولة ليس أمام شعبها فقط، ولكنها تتحمل المسئولية الكاملة أمام العالم كذلك، وحماس تعلم أن العالم ليس كله متعاطف معها كما أنه ليس متعاطفا مع قضية فلسطين أيضا ولا سيما تلك الدول التي تبسط هيمنتها علي باقي الدول عبر المصالح الاقتصادية والقوة العسكرية والإرهاب السياسي والتحكم بالمجتمع الدولي، والمفروض أن حماس علي دراية بمبادئ السياسة وعوامل محركاتها ( المصالح والتحالفات المترتبة علي المصالح )، والسياسة تقضي بالتعامل مع الواقع كما هو في زمن معين والاحتفاظ بما هو خارج نطاق الواقع السياسي إلي أن تسمح بالتعامل معه المتغيرات في العلاقات الدولية، وعلم السياسة يؤكد أن كل شيء متحرك وكل شيء متغير، والسياسي من طبيعته أن يعرف كيف ومتي يتعامل مع كل متحرك وكل متغير إن لم يكن هو فاعل في هذا المتحرك أو ذاك المتغير، وأن القيادة السياسية لا تكون كذلك عندما تتحمل مسئولية الفعل السياسي وهي غارقة فيما هو خارج نطاق الواقع السياسي والوعي غير الدقيق لطبيعة العلاقات الدولية الراهنة. إسرائيل والأزمةيمكن القول بأن إسرائيل هي أكثر الأطراف ارتياحا لفوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية، ليس هذا من قبيل التأييد والدعم الإسرائيلي لحماس ولكنه من واقع آخر يختلف كليا عن ذلك، فحماس التي كانت تقاتل إسرائيل وتعلن أهدافها في تدميرها وترفض فكرة وجودها أصلا هي اليوم وبعد فوزها الكبير في الانتخابات التشريعية الفلسطينية تجد نفسها أمام طريق واحد فقط هو التعامل مع إسرائيل وهذا مطلب دولي وإسرائيلي وقد يكون عربي إلي حد كبير لا تستطيع حماس رفضه أو تجاهله، الأمر الذي يقتضي الاعتراف بإسرائيل وبوجودها، ليس بالضرورة عن طريق الإعلان الرسمي بل إن الاعتراف بالدول يأتي عن طريق التعامل أيضا، وهذا أسلوب من أساليب الاعتراف معمول به في العرف الدبلوماسي، وهذا يعني التوقف عن قتال إسرائيل والدخول معها في اتفاقات سوف تصر إسرائيل عليها بما يؤكد إلزام حماس بها أمام العالم والمجتمع الدولي، وإذا ما تحقق ذلك تكون إسرائيل قد تخلصت من حركة فلسطينية شعبية ومعادية لها بدون قتال وهذا ما كانت تسعي إليه إسرائيل في الماضي ولو بالقتال، وهو يشكل نقلة نوعية لإسرائيل في صراعها مع الشعب الفلسطيني وتحييد أو تشتيت قواه المؤثرة والمعادية لها ممثلة بأكبر حركة فلسطينية مسلحة معادية لها بعد حركة فتح، ولن تتوقف إسرائيل عند هذا الحد بطبيعة الحال، بل سوف تستعمل المصطلح الشهير( هذا غير كاف ) كلما قدمت حركة حماس لها مطلبا أو تنازلا جديدا حتي آخر درجات سلم التنازلات ثم تفتعل معها المشاكل التي تختمها بالقول، ( ليس هناك شريك فلسطيني للسلام مع إسرائيل ) تماما كما فعلت مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكما فعلت بعده مع الرئيس أبو مازن.. فإسرائيل لا تريد سلاما مع الفلسطينيين لسبب بسيط هو أن مفهوم السلام عند الطرفين مختلف تماما، فهي تريد سلاما مع أرض الغير، أرض الشعب الفلسطيني دون الشعب الفلسطيني صاحب الأرض. والفلسطينيون يريدون سلاما عادلا يضمن لهم حقوقهم ووطنهم وتقرير مصيرهم بأنفسهم، وهذان مفهومان مختلفان كليا ومتعارضان لا يتفقان، لذلك تلجأ إسرائيل إلي ما سبق أن ذكرناه لأنها إضافة إلي ذلك كانت وما زالت تعمل علي تحييد القوي الفلسطينية الفاعلة واحدة بعد الأخري بهدف تغيير أساسيات مفاهيمها وأساليبها وبشكل خاص عندما يتعلق الأمر بفلسطين التاريخية أو عندما يتعلق الأمر بالتحرير وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. إسرائيل تدخل مجالات الحوار أو المفاوضات أو الابتزاز السياسي مع الطرف الآخر وتدفع باتجاه الطريق المسدود ثم تلقي بالمسئولية عليه تحت شتي الظروف وتجعله يغوص في متاهات المناورات السياسية وتجزئة الجزيئات والاتفاقات ثم الاتفاقات الفرعية والمد والجذب والضغط بكل الوسائل للحصول علي الأثمان الباهظة لكل اتفاق أو اتفاق جزئي وعادة ما تكون تلك الأثمان مكاسب لها علي الأرض أو في المجالات الأمنية ثم بعد ذلك تصل الأمور إلي نهاية الطريق المسدود لتعلن إسرائيل عندها فقدانها للشريك الفلسطيني في عملية السلام فتؤيدها بذلك الولايات المتحدة وتتبعهما دول أوروبا وغيرها من الدول. وإذا ما وصلت حركة حماس بعد استلام السلطة إلي هذه المرحلة مع إسرائيل تكون إسرائيل قد حققت أهدافها التالية مع حركة حماس، وهذه الأهداف في هذه الحالة هي :ـ تخلي حماس عن أهدافها الأساسية والمعروفة تقليديا.ـ تحييد حماس في صراعها العسكري معها.ـ إحضار حماس إلي طاولة المفاوضات بالشروط التي غالبا ما تكون إسرائيليةـ خلق الاهتزاز داخل الالتفاف الشعبي حول حماس.ـ العمل علي إظهار حماس وقد تخلت عن مسئولياتها التاريخية أمام الشعب الفلسطيني.كل ذلك يبعث الراحة إلي نفس إسرائيل وان كانت وما زالت ترفض وتشترط وتحرض بهدف زيادة الضغط وتصعيده ضد حماس في هذه المرحلة وقبل أن تستلم حماس الحكم، أما ما ترمي إليه إسرائيل من كل ذلك فهو أن لا يكون هناك طرف فلسطيني قوي يتمتع بتأييد الشعب الفلسطيني، ولذلك تسلك هي هذا المنهج مع القوي والمنظمات الفلسطينية لإحراقها أمام شعبها ولكي لا يكون في النهاية هناك من يمثل الشعب الفلسطيني تمثيلا حقيقيا ودفع الشعب إلي مرحلة اليأس والإحباط وانعدام الثقة مع منظماته وقياداته فتخلو الساحة لها لتفعل حينها ما تشاء بالأرض والشعب معا.إسرائيل كما هي لا تريد السلام، هي أيضا لا تبحث عن شريك فلسطيني، بل إنها تبحث عن الطريقة والكيفية للقضاء علي أي شريك فلسطيني حقيقي محتمل. اللهم إلا إذا كان الشريك الفلسطيني المطلوب ممن يجعل الإسرائيليين عندما يتحدثون معه وكأنهم يتحدثون مع أنفسهم كما قال شيمون بيريز في الماضي. إذن إسرائيل تتصرف براحة كبيرة أمام هذا الوضع الجديد، وهي تحاول أن تجعل من جميع الحالات مناخا صالحا لتحقيق أهدافها التكتيكية وبالتالي الإستراتيجية بعيدة المدي في نفس الوقت. عند النظر في هذا الجانب من الأزمة يجب أن لا يغيب عنا بأن إسرائيل باعتبارها لاعبا أساسيا في المنطقة وطرفا أساسيا في الصراع الوجودي إن صح التعبير مع الشعب الفلسطيني لن تسمح بنشوء وضع فلسطيني وطني يتعامل معها، وذلك لضمان ما ترغب به من انفراد بالقرار والتصرف من جانب واحد دون شريك فلسطيني. وإسرائيل تحاول أن تدير الأزمة هي وتوجهها نحو غاياتها ومصالحها في النهاية بينما نجد الآخرين يتعاملون مع الأزمة ولا يديرونها وفق مصالحهم وبالطبع هناك فرق كبير بين من يدير الأزمة وفق تصور واضح لها وتكريس إدارته لها بهدف تحقيق أهدافه عند نهايتها، ومن يتعامل معها بردود الفعل أو بانفعال المفاجأة. في ضوء كل ذلك يمكن القول بأنه في الوقت الذي تطلب فيه إسرائيل من حماس تلبية شروطها بالاعتراف بوجودها ونبذ الإرهاب وتفكيك قواعدها المسلحة والالتزام بالاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية لكي تتعامل معها، هي في نفس الوقت لا ترعب باستجابة حماس لهذه المطالب والشروط لكي تبقي حماس في نظر العالم منظمة إرهابية حيث يسهل علي إسرائيل في هذه الحالة الوصول إلي هدفها المذكور وهو تعزيز مفهوم عدم وجود شريك فلسطيني معها للسلام. إذن أزمة إسرائيل النسبية مع حماس تنشأ عندما تواكب حماس الموقف الدولي وتتعامل مع إسرائيل علي أساسه، بما له من تداعيات ثقيلة علي حماس، أما إذا لم تفعل حماس ذلك فلن تكون إسرائيل في أزمة قط،وقد تتعقد بالمقابل أمور حماس أكثر فأكثر علي مختلف المستويات. الولايات المتحدة وصعود حماس إلي السلطةقد لا يكون فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية مفاجأة للولايات المتحدة الأمريكية أو قد لا يكون مفاجأة كبيرة بالنظر لدراية الولايات المتحدة بالأوضاع ومتابعتها عن كثب، غير أن ما حدث كان بالنسبة لها تغييرا حاسما يحتاج إعادة النظر في علاقاتها ودورها من جديد مع مختلف الأطراف، ولعل أكثر الأطراف إثارة للاهتمام في هذه المرحلة هو حركة حماس نفسها. أشادت الولايات المتحدة الأمريكية بنزاهة الانتخابات الفلسطينية وشفافيتها وأعربت عن احترامها لإرادة الشعب الفلسطيني غير أنها باشرت بإعلان شروطها علي حماس للتعامل معها وهي إلي حد كبير نفس الشروط الإسرائيلية، وأبرزها الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والتوقف عنه وتفكيك البنية العسكرية التابعة لحماس والالتزام بجميع الاتفاقات الموقعة من السلطة الوطنية الفلسطينية مع إسرائيل. الولايات المتحدة لم ترفض في البداية التعامل مع حماس، ولم ترحب به، ولكنها تريثت لكي تعلن موقفها النهائي بانتظار ما تسفر عنه المواقــــف الإسرائيلية لكي تتكامل وتتوزع معها أدوار الضغط والابتزاز وهذا ما يحدث الآن بعد أن بدأت إسرائيل بتصعيد أعمالها العسكرية في القطاع والضفة بشكل ملحوظ ورفع سقف شروطها علي حماس و إعلان تجميد تحويل الاستحقاقات الفلسطينية من أموال الضرائب كوسيلة من وسائل الضغط والعقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني بأكمله. فبعد التصعيد الإسرائيلي هذا بدأت الولايات المتحدة بالتصعيد هي أيضا فأعلنت عن سحب مبلغ خمسين مليون دولار بعد أن كانت قد قدمته كمساعدة للسلطة الفلسطينية قبل الانتخابات التشريعية، ثم أرسلت وزيرة خارجيتها إلي كل من مصر والمملكة العربية السعودية مطالبة إياهما بوقف كل دعم منهما إلي السلطة الوطنية الفلسطينية بعد تكليف الرئيس أبو مازن لحماس رسميا بتشكيل الحكومة الفلسطينية ولكنها لم تجد استجابة لمطالبها في البلدين. تبقي الولايات المتحدة خلف إسرائيل في هذه الأزمة وفي كل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكذلك تفعل العديد من الدول الأوروبية والدول الأخري المتأثرة بالولايات المتحدة الأمريكية خوفا أو اتقاء لشرها أو نفاقا لحماية مصالحها الخاصة معها.ہ دبلوماسي سابق من فلسطين8