نظام الحكم الاردني أعظم استقرارا مما يعتقد نفيه
كان افضل له لو ترك تناول هذه القضية لمن لهم خبرة أكبرنظام الحكم الاردني أعظم استقرارا مما يعتقد نفيه أثارت كلمات اللواء يئير نفيه في المركز الاسرائيلي للجمهور والسياسة غضبا كبيرا في الاردن. الزائرون الذين عادوا مؤخرا من الاردن أبلغوا عن أن جهات رسمية أسمعتهم اقوالا شديدة لم يُسمع مثلها نحو اسرائيل منذ سنين. ما قامت به القيادة السياسية والأمنية في اسرائيل حسن إذ سارعت الي إبلاغ الاردنيين تحفظها من اقوال نفيه. اليوم يمكن أن نفترض أن المصالح المشتركة للدولتين كما كانت الحال في الماضي ستفضي الي نهاية الازمة. والآن، مع انقشاع الغبار عن القضية، يحسن أن ننتبه ايضا الي عدد من أبعادها الأوسع، وفي ضمنها ايضا الجانب المضموني من اقوال نفيه.لا خلاف في أن النظام الاردني يواجه تحديات خطرة. وبلا ريب، أن ولاية حماس للسلطة الفلسطينية خلقت حياله وضعا صعبا. عدم الاستقرار ايضا في الحلبة والمشكلات الداخلية تهدد الاستقرار في الاردن. لكن في هذا الوضع من انعدام اليقين يمكن أن تطرأ سيناريوهات مختلفة تتعلق بمستقبل المملكة. فحوي السيناريو المتشائم أن الزعزعات في سورية وفي العراق ستضعضع الاردن ايضا. الاسلامية المتزايدة في المنطقة ستغذي أنصارها في الاردن وهؤلاء سيستمدون القوة من الفلسطينيين في الدولة. وتغزو حماس الاردن من الضفة الغربية. في هذه الظروف يدخل الايرانيون الصورة وتنشيء القوس الشيعية جو حصار في الاردن. فشل نظام الحكم في إحلال اصلاحات والقضاء علي الفساد سيزيد من حدة الغليان الداخلي ويضر بشرعيته. وعلي ذلك، يُقضي مصير النظام الهاشمي.بمقابلة ذلك، فحوي السيناريو المتفائل أن نظام الحكم قد ثبت لتحديات أخطر من هذه. حتي عندما تعرض للهجوم العظيم للناصرية في الخمسينيات والستينيات، وعندما حاربه الفلسطينيون في ايلول الاسود وفي 1970 كان هناك في اسرائيل من تنبأوا بسقوط الملك، لكن النظام الهاشمي خرج في الواقع أقوي. في السنين الأخيرة تعرض الاردن لامتحانين صعبين: الحرب في العراق والانتفاضة، وثبت ثباتا جيدا لهما كليهما. الحرب في العراق أثمرت له أرباحا اقتصادية والانتفاضة لم تُحدث اعمال شغب شديدة للفلسطينيين. تكشف السلطة علي وجه عام عن فهم كبير في علاج الحركة الاسلامية. انها تدعم الجهات المعتدلة من الاخوان المسلمين/ جبهة العمل الاسلامية، الذين أيدوا نظام الحكم أكثر من مرة، وتشدد قبضتها علي المتطرفين وأفراد حماس، أي أنها تحظر أو تكشف النقاب عن نشطاء ووعاظهم يتجاوزون الحدود التي حددت لهم. علي هذه الخلفية، لن تكون أية استهانة بقدرة السلطة الهاشمية علي البقاء في محلها. لا يعلم أحد أي سيناريو سيتحقق. يجوز للواء نفيه بالطبع أن يختار السيناريو الذي يلائمه لكنه يجب أن يكون عالما بمعني عرض هذا السيناريو علنا. عندما تعرض شخصية أمنية رفيعة امكانية نهاية العائلة الهاشمية، فان هذا الأمر يُسهم في زعزعة الثقة بقدرة النظام علي البقاء، ويكون بمنزلة نبوءة تساعد في تحقيق نفسها. والي ذلك، تثير هذه الاقوال جميع المخاوف الكامنة في الاردن من استراتيجية اسرائيلية هي وطن بديل أي جعل الاردن فلسطين.من المؤسف أن اللواء نفيه دخل مجالا لم يكن يجب عليه دخوله. فليس فقط أن اقواله نقصتها الحساسية المناسبة بل انها مصابة ايضا بالتبسيط المُغضب. لا يمكن عرض الفلسطينيين جميعا (ونسبتهم تقل عن 80 في المئة بالتأكيد) كعامل يضعضع استقرار النظام: فمئات الآلاف منهم تزوجوا من عائلات اردنية، وكثير منهم في مؤسسات نظام الحكم، ورجال اعمالهم ينمون في القطاع الخاص وهم معنيون بالاستقرار. الحركة الاسلامية ايضا في الاردن ظاهرة أكثر تعقيدا مما عرضها نفيه. كان سيحسن الصنع لو ترك تناول هذه القضية لناطقي وزارة الخارجية وديوان رئيس الحكومة، ممن خبرتهم وحساسيتهم أكبر.البروفيسور شمعون شميركان سفير اسرائيل في الاردن(هآرتس) 28/2/2006