مخاوف تشوب حريات جديدة اكتسبها الشيعة في السعودية بعد محاولة تفجير أكبر مجمع نفطي في العالم في ابقيق
المملكة تواصل دون ضجيج عملية تغيير في العمقمخاوف تشوب حريات جديدة اكتسبها الشيعة في السعودية بعد محاولة تفجير أكبر مجمع نفطي في العالم في ابقيقالقطيف ـ الرياض (السعودية) من اندرو هاموند وكريستيان شيز:الحرية بالنسبة للشيعة المقيمين علي الساحل الشرقي للسعودية خط غير مرئي علي الرمال. ويقول حسين وهو يقود سيارته علي الطريق الذي يفصل بين مدينتي الدمام والقطيف بالمنطقة الشرقية ان من ينظم تجمعا شيعيا في الدمام يعتقل علي الفور بينما يمكن عمل اي شيء في القطيف.وتختبر الاقلية الشيعية في السعودية بخطي بطيئة تعهدات الحكومة بالسماح بممارستهم شعائرهم الدينية بحرية أكبر وهو التغيير الذي ادخله الملك عبد الله الذي نصب عاهلا للسعودية في العام الماضي. ولكن الحريات الجديدة تجريبية وتشوبها مخاوف جديدة تكشفت بقوة في محاولة تفجير أكبر مجمع نفطي في العالم في ابقيق بالمنطقة الشرقية حيث توجد ثروة المملكة النفطية.والمحاولة الفاشلة التي دبرها مهاجمون من القاعدة أول هجوم مباشر يستهدف قطاع الطاقة في المملكة منذ بدء هجمات للقاعدة في عام 2003. وليس هناك اي تلميح لاي علاقة للشيعة بالهجوم وهم أقلية في المملكة شديدة المحافظة التي يتبع اغلبية سكانها تعاليم المذهب الوهابي. ولكنه عزز مخاوف الشيعة من التعرض للعنف الطائفي الذي يجتاح العراق المجاور حتي وان نعموا بقدر جديد من التسامح.وشجعت الحريات الجديدة الشيعة ويقول كثيرون ان اقرانهم يفكرون في العودة من المنفي الذي اختاروه لانفسهم الي الدولة التي اعتبرتهم منذ تأسيسها في عام 1932 خارجين عن الدين أو حتي عملاء لايران المجاورة.ويقول علي الجاسم المسؤول العسكري المتقاعد الذي اكتشف أن مذهبه الشيعي يحد من فرص ترقيه ان الجميع سعداء مضيفا انه كانت هناك محاولات لقمع الشيعة منذ ان بدأت ذاكرته تعي الامور ولكن يبدو ان اليأس اصاب المحاولات اخيرا. وأضاف ان هذا غير كاف لانه مجرد البداية وطالب بأن يشغل الشيعة مناصب كمعلمين وفي الشرطة والحكومة.وفي الشهر الماضي اختبر آلاف من الشيعة حدود التسامح الديني ونزلوا لشوارع القطيف للاحتفال بعاشوراء أهم مناسبة شيعية. كما عكس الاحتفال رغبة في حرية أكبر اثر تنامي دور الشيعة في العراق بعد عقود من القمع في ظل نظام حكم صدام حسين في اعقاب الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في عام 2003.وينعكس النموذج العراقي علي مستوي اخر أكثر اثارة للقلق في المنطقة الشرقية التي يقول سكانها انهم يخشون أن يصبحوا هدفا للمتطرفين السنة المتحالفين مع القاعدة التي وجه اليها اتهام بتفجير مزار شيعي في سامراء في الاسبوع الماضي مما دفع العراق لحافة حرب أهلية. وقال أحد سكان المنطقة انهم يدركون الامر ولكن لا يناقشونه علنا علي الاطلاق. وعزز الهجوم علي ابقيق هذه المخاوف.وقال المحلل السياسي منصور النجيدان ان الحرب بين السنة والشيعة في العراق يمكن ان تمتد لبقية دول الخليج وذكر ان عددا كبيرا من السعوديين ذهب الي العراق حيث يهاجمون الشيعة وسيواصلون العمل ضد الشيعة حين يعودون. ويعتقد أن أكثر من مليوني شيعي يقيم في المنطقة الشرقية من اجمالي تعداد سكان المملكة البالغ حوالي 24 مليونا من بينهم نحو ستة ملايين عامل أجنبي.ويقول حسين واصدقاؤه ان جماعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تسمح حاليا بممارستهم شعائرهم في بلدات وقري القطيف ولكن حين يغادرون مناطقهم الي مدن جديدة مثل الدمام والخبر يدخلون مناطق هيمنة المذهب الوهابي. وفي تجمعات مسائية في القطيف يستعرض مثقفون ورجال دين سوء معاملة جماعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر للشيعة.ويحكون قصة القاء القبض علي زوجين في المدينة بعد ان كشفت الزوجة وجهها واضافوا انه طلب من الزوج التوقيع علي وثيقة انكار للمذهب الشيعي حتي يطلق سراح زوجته.وأكد الشيخ فوزي السيف ان الملك جاد في السماح بالتنوع الطائفي ولكن المشكلة في رواسب سلوك وثقافة سابقة. واضاف ان التغيير يحتاج وقتا.وفي العام الماضي ذكر تقرير لمجموعة ادارة الازمات الدولية أن السعودية تخاطر بتقويض العلاقات الطائفية التي نعمت بالسلام في أغلب الاحوال في العقد الماضي ما لم تمنح الشيعة دورا أكبر في الحكومة وتحد من التفرقة.وقال حسين وهو يقود سيارته قرب بعض أكبر حقول النفط التي جعلت السعودية أكبر منتج للخام في العالم ان السلطات تريد عزلهم عن العالم والا يعرف أحد شيئا عنهم وان تقيدهم كي لا يتجاوزوا حدودا معينة ويحتلون مكانه أرفع في المجتمع.وذكرت المحللة السياسية السعودية مي اليماني أن قضية الشيعة تعكس مشكلة أكبر للطوائف المحرومة من حقوقها في السعودية.وأضافت المحللة المقيمة في لندن في اشارة للشيعة والقبائل المقيمة في أقصي الشمال والجنوب ان كثيرين مهمشون سياسيا واقتصاديا وان الاوضاع لم تتحسن. وتابعت ان تهميش المناطق مازال مستمرا من خلال سياسة التفرقة. كما تواصل المملكة العربية السعودية بعد سبعة اشهر من تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز السلطة، عملية تطوير في العمق، دون ضجيج، تحت قيادة العاهل السعودي الذي اختار القيام باصلاحات تدريجية بهدف الحفاظ علي استقرار المجتمع السعودي المحافظ.ولا تزال المملكة التي سيقوم الرئيس الفرنسي جاك شيراك بزيارتها من 4 الي 6 اذار (مارس) الحالي، تحت تهديد الفرع السعودي لتنظيم القاعدة الذي حاول الاسبوع الماضي، بلا جدوي، مهاجمة مجمع ابقيق والذي يمثل رئة الاقتصاد السعودي.وتشهد المملكة السعودية بفضل ارتفاع اسعار النفط اكبر ازدهار اقتصادي لها منذ السبعينات.والمملكة التي تنتج 9.5 مليون برميل نفط يوميا، تملك ربع الاحتياطي العالمي من النفط وهي اول مصدر لهذه المادة الحيوية في العالم.وترجمت هذه الطفرة التي تعكسها مليارات الدولارات من عائدات النفط، في الاقبال الكبير علي سوق المال من قبل قسم كبير من السعوديين من رجال الاعمال الي سائقي سيارات الاجرة دون تجاهل العديد من النساء.ويترجم التوجه الي تطوير المملكة ايضا من خلال انضمامها في كانون الاول (ديسمبر) 2005 الي منظمة التجارة العالمية والذي شكل حدثا كبيرا سيكون من شأنه تسريع عملية التحول في المجتمع السعودي من خلال وضعه امام العولمة.وتزايدت وتيرة الاصلاحات في المملكة عقب اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة والتي كان 15 من منفذيها الـ 19 سعوديون. ولم يكن ذلك بسبب الضغوط الامريكية فقط بل ايضا لان النظام السعودي ادرك ان التيار الجهادي يمثل خطرا عليه.وقال دبلوماسي غربي طلب عدم كشف هويته متحدثا عن الملك عبد الله بن عبد العزيز (82 عاما) انه يدرك انه يجب القيام بشيء (..) ويحاول التقدم بتؤدة من خلال الاشارات التي يرسلها .واضاف انه يحرك الامور رويدا رويدا مع اعطاء انطباع انه يريد الذهاب ابعد ، مشيرا الي انه يتوجب عليه اخذ التوازنات داخل العائلة المالكة في الاعتبار. وكانت احدي الاشارات التي وجهها النظام مؤخرا علي علاقة بحقوق المرأة وهي قضية بالغة الحساسية في المملكة التي يهيمن فيها الفكر الديني وتؤوي الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة.والمرأة في السعودية التي هي ضحية تمييز في كثير من المجالات، لا تزال ممنوعة من قيادة السيارة.واكد وزير الاعلام السعودي اياد مدني الشهر الماضي انه لا يوجد في القانون ما يمنع السعوديات من طلب رخصة قيادة، وحثهن ضمنا علي القيام بذلك.ومنذ توليه الحكم في السعودية عقب وفاة الملك فهد في الاول من آب (اغسطس) 2005، ارسل العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي كان يتولي تصريف الشؤون اليومية للمملكة منذ 1995، اشارات قوية تدل علي رغبته في مواصلة سياسة الانفتاح.ففي 8 آب (اغسطس) الماضي، اصدر عفوا عن ثلاثة من المعارضين كان حكم عليهم في ايار (مايو) بالسجن ما بين 6 و9 سنوات لمطالبتهم باقامة مملكة دستورية.ووصف احد هؤلاء، وهو الكاتب والشاعر علي الدميني، بعض هذه الاجراءات بأنها مشجعة ، غير انه رأي ان التغييرات هي اجتماعية وثقافية اكثر منها سياسية . وقال لوكالة فرانس برس علي المستوي السياسي لم يحدث شيء .لكن السعودية شهدت العام الماضي تنظيم اول انتخابات بلدية في تاريخها بيد ان النساء منعن من المشاركة فيها. وشاركت السعوديات بعد ذلك في انتخابات الغرف التجارية والصناعية في جدة والمنطقة الشرقية. حتي ان سيدتين تمكنتا من الفوز في انتخابات جدة.وفي معرض تلخيص المنهج الذي يعتمده الملك، قال مثقف سعودي قريب من الاوساط الحكومية ان اي زعيم لا يمكنه ان يكون متقدما الا بامتار قليلة عن شعبه. ولا يمكنه ان يكون متقدما عنه بمئات الامتار لانه حينها سيفقد صلته بشعبه .واضاف ان الاصلاحات لا تسير وفق الوتيرة التي يريدها الامريكيون لكن بوتيرة تتلاءم مع مجتمعنا . (رويترز ـ ا ف ب)