تقرير: الحوار اللبناني تقاطعات تنذر بالفشل وليس الحرب.. وتاريخ من الرعاية الخارجية

حجم الخط
0

تقرير: الحوار اللبناني تقاطعات تنذر بالفشل وليس الحرب.. وتاريخ من الرعاية الخارجية

صحف لبنانية تشكك في احتمالات نجاحه حول المسائل الخلافيةتقرير: الحوار اللبناني تقاطعات تنذر بالفشل وليس الحرب.. وتاريخ من الرعاية الخارجيةبيروت ـ من رشيد سنو:يتخلي رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم الخميس عن منصبه الرسمي ويجلس كغيره من الافرقاء علي طاولة حوار ملتبس يجري لاول مرة في لبنان، من دون راع خارجي عربي او حتي اجنبي، بين زعماء متباعدين داخل الندوة النيابية.والسؤال هل سيستطيع زعماء لبنان التوصل الي تفاهم لحل ازماتهم بدون رعاية خارجية اخوية ؟.وبري، حليف سورية، وزعيم حركة امل الشيعية الذي يترأس مجلس النواب منذ 14 عاما، استطاع تثبيت موقعه البرلماني بعد تحالف استراتيجي مع حزب الله اغلق الابواب امام امكانية ايجاد أي بديل عنه في رئاسة المجلس رغم البرودة التي واجهت انتخابه وامتناع نواب الاكثرية المسيحية عن التصويت له.لكن بري والذي كانت له جولات وصولات في اجتماعات حوارية جرت خلال الحرب اللبنانية في لبنان وخارجه بصفته ممثلا لحركة امل، وهي واحدة من اطراف الحرب السابقة في لبنان، رأي مع التطور المتسارع للاوضاع السياسية المتوترة انه لا بد من الدعوة الي حوار جديد بين الزعماء اللبنانيين علي كل الامور التي استجدت بعد اتفاق الطائف.وفيما لا يزال الاحتقان السياسي في لبنان يزداد يوما بعد يوم منذ إنسحاب القوات السورية في نيسان (ابريل) من العام الماضي، إلا أن الراجح الوحيد هو ان البلد فقد سمة إتسم بها عبر التاريخ. فلم يعد قنبلة سياسية موقوتة، يمكن أن تنفجر في أي وقت كما انفجرت في عام 1860 وعام 1975 ـ وما بينها من تواريخ أهلية مضطربة وقلقة ـ بسبب التركيب السياسي والطائفي، الذي عاش فترات متقطعة بسلام واستقرار، ونتيجة للجنوح إلي التوافق الطائفي، أو التحالف الطائفي في بعض الأحيان.والحوار الذي تحوطه خشيةً من فشل لا يبدو ان عدم نجاحه يشكل إعلاناً لحرب أهلية، إذ أن الانقسام بين الطوائف هو إنقسام أفقي أكثر منه عمودي.والتعارض السياسي القائم ليس بين المسلمين والمسيحيين كما كان في الغابر من الايام، بل علي العكس من ذلك، حيث يتركز داخل الطوائف نفسها والتي تتحالف أجزاؤها مع بعضها البعض.والحوار الذي دعا اليه بري علي أساس ثلاثة ملفات، الاول معرفة الحقيقة في إغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، والآخر القرار 1559الذي دعا الي نزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية، والثالث العلاقات اللبنانية ـ السورية، ما لبث أن أُدخل علي أجندته موضوع تنحية رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، والذي زادإنقسام القوي السياسية تشظياً وفرقةً حول الآلية والخلف.لكن اللافت في الأمر ان لبنان الذي لم يألف في الأعم الأغلب من أزماته الحوار الداخلي من دون رعاية خارجية ـ عربية أو أجنبية ـ ينطلق زعماؤه اليوم الخميس في حوار في ظل إشكاليتين: الاولي ان الفريقين الاساسيين منهم يتبادلون التهم حول الولاءات وتنفيذ أجندة الخارج، والثانية: الحديث المستمر عن مسعي عربي لرأب الصدع الداخلي، لكن من دون أن يتحول الي مبادرة واضحة البنود وبقائه في إطار الافكار، علي ما قال رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة.وكان الحوار بين اللبنانيين، في مجلس النواب ومجلس الوزراء وفي صناديق الانتخابات التي تلت اغتيال الحريري وجاءت بغالبية إلي مجلس النواب، يدعو إلي كشف حقيقة اغتيال الحريري، وكان له الدور الرئيس والبارز قبل ذلك في عملية خروج القوات السورية من لبنان، وعودة المنفيين وخروج المعارضين من السجون.ولكنه سقط في أول امتحان له من داخل الحكومة عندما قاطع الوزراء الشيعة المحسوبون علي حركة أمل وحزب الله أعمال مجلس الوزراء، وتركوا البلد في حالة شلل تام أكثر من شهر، علي خلفية التباين في وجهات النظر حول تشكيل محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتوسيع التحقيق الدولي ليطال جميع الاغتيالات ومحاولات الاغتيال التي وقعت في لبنان منذ الاول من تشرين الاول (أكتوبر) عام 2004.وما يثير الخشية الضمنية لدي بعض الاطراف من الحوار المزمع هو ان يتم استبدال اتفاق الطائف الذي أنهي الحرب الاهلية وأدخل إصلاحات علي النظام السياسي بوثائق سياسية تسمح بإختلالات بين قوة الطوائف مستقبلاً، أو بتفوق طائفة علي طائفة أخري مرحلياً.لكن بري بدد هذه الخشية باعلانه ان الحوار يدور فقط علي كل الامور التي استجدت بعد الطائف كما ان أي طرف بما في ذلك النائب المسيحي القوي ميشال عون المشارك في الحوار والذي كان معارضا لاصلاحات الطائف لم يعلن ان هذا الاتفاق موضع نقاش.وكان اتفاق النواب اللبنانيين الذي تم خارج لبنان عام 1989 وفي مصيف الطائف السعودي بمباركة عربية ودولية وموافقة سورية الذي كان جيشها في لبنان توصل الي إقرار اصلاحات سياسية علي النظام السياسي اللبناني، والي انهاء الحرب التي استمرت 15 عاما.ومن مفارقات حوار البرلمان الذي سيحاط بتدابير امنية غير مسبوقة في وسط بيروت التجاري الذي ستشل حركة مطاعمه ومقاهيه طيلة الايام السبعة التي سيستغرقها،حيث سيبيت القادة ـ لاسباب أمنية ـ بفندق في محيط المجلس، ان بعض المتحاورين سبق لهم ان شاركوا كرئيس مجلس النواب في حوارات سابقة لم تؤد الي نتائج.فالزعيم الدرزي وليد جنبلاط شارك في حوارات جنيف ولوزان في سويسرا في عامي 1983 و1984 ولم يكن وقتها علي قناعة بأن الظررف كانت ناضحة لانهاء الحرب.ورئيس الجمهورية الاسبق امين الجميل شارك ايضا بحوارات سويسرا عندما كان رئيسا للجمهورية لكنه جلس ضمن طاولة مستديرة مع افرقاء الحرب متخليا عن منصبه الرسمي كما يفعل اليوم رئيس مجلس النواب.وما كان للرئيس الجميل لم يتوفر للرئيس لحود،الامر الذي يفقد الاخير صفتين أساسيتين من صفات الحكم: الاولي دستورية وهو انه رمز وحدة البلاد.. أما الثانية، فهي سياسية وتتمثل في أنه لم يدع حتي كطرف.وسيغيب عن حوار اليوم زعماء شاركوا في حوارات جنيف ولوزان وبعضهم في الطائف، اما بسبب الوفاة كرئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية كما سيغيب حفيده المؤيد لسورية عن الحوار المزمع.ومن ابرز الغائبين ايضا رئيس الحكومة الراحل صائب سلام والذي لم يتسن لابنه تمام ان يخلف زعامة والده للمشاركة في حوار قيادات من المرحلة الحالية.ولعل ابرز الغائبين رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، الذي لعب قبل وصوله الي سدة الحكم دورا بارزا وبدعم من العائلة المالكة السعودية في تقريب وجهات النظر بين زعماء لبنان في مؤتمري جنيف ولوزان وفي الطائف، وكان له دور مفصلي من وراء الكواليس. لكن نجله سعد الذي يتزعم اكبر كتلة برلمانية سيحل محل والده.ومن الغائبين ايضا رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي والذي انكفأ ايضا شقيقه عمر عن العمل البرلماني بعد اغتيال الحريري.وفي حوار اليوم ستجلس حول الطاولة قيادات سياسية جديدة ابرزها الامين العام لحزب الله حسن نصر الله والعماد ميشال عون الذي يتزعم كتلة نيابية بارزة.وكان عون قائدا للجيش ورئيسا لحكومة انتقالية قبيل اتفاق الطائف الذي عارضه قبل ان يقبل به كأمر واقع دستوري.لكن حوار الطائف الذي اعاد الحياة السياسية المدنية الي لبنان وانهي الحرب، كان قادة الميليشيات خارجه لانهم لم يكونوا نوابا.وجلسات الحوار الاساسية كانت دائما خارج لبنان بسبب الحرب وكانت تحت رعاية سورية اساسية بحضور نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام وبوجود وزير سعودي. وكانت سورية تتمتع بنفوذ سياسي وعسكري كبير في لبنان.اما الاتفاق الذي انهي الحرب في لبنان فقد رعته عدة دول عربية ابرزها السعودية التي استضافت نواب لبنان علي امتداد نحو شهر.. لكن اتفاق الطائف ما كان ليري طريقه الي التنفيذ لولا موافقة سورية.اما حوار اليوم والذي قال بري انه سيناقش كل الامور المطروحة ما بعد الطائف فسيجري مع انعدام نفوذ سورية في لبنان بعد خروج جيشها من لبنان في نيسان (ابريل) الماضي ومن دون وجود رعاية عربية او دولية معلنة له.وقال بري ان الحوار سيشمل القرار الدولي 1559 الذي يدعو الي بسط سلطة الدولة علي اراضيها ونزع سلاح الميليشات والمخيمات الفلسطينية. كما سيناقش الوصول الي الحقيقة في اغتيال الحريري والعلاقات اللبنانية ـ السورية المتوترة منذ اغتيال الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان.لكن زعماء في الاكثرية النيابية المناوئة لسورية والمعارضة لاستمرار لحود في سدة الرئاسة الاولي لانه وديعة سورية اعلنوا مسبقا ان الموضوع الاول علي جدول اعمال الحوار يجب ان يكون انهاء عهد رئيس الجمهورية.فهل يستطيع رئيس المجلس النيابي ان يوفق بين جدول اعماله الحواري وبين مطلب الاكثرية او بعضها، خصوصا لجهة استعجال استقالة لحود وهو ما يتحفظ عليه بري وحزب الله وعون.وكاد السودان قبيل اعلان بري عن مبادرته الوفاقية ان يدعو بدعم عربي الي لقاء لقادة لبنان في مكان ما خارجه كما حصل في جنيف ولوزان والطائف وايضا في دمشق عندما توصلت ميليشيات متصارعة الي اتفاق ثلاثي لانهاء الحرب عام 1986. لكن هذا الاتفاق لم ير النور وتخلي السودان عن مبادرته بعد الاعلان عن حوار مجلس النواب اليوم.والسؤال الملح: هل ينجح الحوار داخل لبنان أم ان القادة تعودوا علي الحوار خارج بلدهم ليصلوا الي ما يريدونه من نتائج؟وشككت صحف لبنانية في احتمالات نجاحه وسط اجواء الانقسام السياسي الحاد ورأت في الجلسة التي تعقدها الحكومة امس الاربعاء اختبارا اوليا لها.ورأت صحيفة النهار ان المناخ لا يبدو ملائما لحوار مضمون النتائج. ففريق اساسي يشترط ان يكون هذا العنوان (اسقاط الرئيس اميل لحود) محسوما ولا يقبل المساومة وخارج اي نقاش .ونقلت الصحيفة عن مرجع سياسي لم تكشف هويته خشيته من ان يكون الحوار في ظل هذه الاجواء عقيما .وكتبت النهار ان التفاهم ما زال محصورا بمبدأ الحوار لا بمضمونه وسط اصرار الغالبية علي عنوان التغيير في الرئاسة الاولي (…) الذي يطغي علي كل العناوين حاليا .وعنونت السفير ان الجلسة التي تعقدها الحكومة عشية انطلاق الحوار تشكل اختبارا لمؤتمر النوايا المبطنة الخميس .وكتبت ان جلسة الحكومة هي اول مواجهة بين لحود ووزراء الغالبية منذ انطلاق الحملة الواسعة لاسقاط لحود.ونقلت السفير عن وزير لم تكشف هويته قوله ان اكبر لغم يعترض مؤتمر الحوار هو قطوع (انعقاد) جلسة مجلس الوزراء .وفي اشارة الي انعدام الثقة بين الاطراف التي ستشارك في الحوار، اشارت السفير الي وجود ترحيب مبدئي من الاطراف وعدم ممانعة. لكن كل طرف يريد من الحوار ما يناسبه وكل طرف يفترض ان الاخر يضمر له مكيدة .ونقلت صحيفة المستقبل عن مصادر دبلوماسية عربية تخوفها من عدم تحقيق الحوار النتائج المرجوة منه في ظل الشروط المتبادلة . اما صحيفة اللواء فقد رأت توازنا بين احتمالات النجاح او الفشل لا سيما بالنسبة الي مسألتي حسم الملف الرئاسي والخروج بحلول نهائية للمسائل المختلف عليها . يو بي آي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية