«داعش» يستغل اهتمام العالم بغزة ويتوغل بنفوذه في سوريا… سيطر على دير الزور ويتجه نحو الأكراد

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي» إعداد : منحت الحرب على غزة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) فرصة لتوسيع مناطق سيطرته في سوريا معتمدا على الآليات العسكرية والغنائم التي غنمها من الجيش العراقي بعد سيطرته على الموصل ومدن عراقية أخرى الشهر الماضي.
ويقول تقرير لباتريك كوكبيرن في صحيفة «إندبندنت» إن داعش سيطر على معظم شرق سوريا تقريبا في الأيام القليلة الماضية في الوقت الذي توجهت فيه أنظار العالم للغارات الإسرائيلية على غزة، واستطاع التنظيم السيطرة على معظم ريف دير الزور في الوقت الذي يحاول فيه سحق مقاومة الأكراد في سوريا.
وفي الوقت نفسه يقوم بزيادة تأثيره على الجماعات التي تقاتل للإطاحة بنظام بشار الأسد، فيما هربت جماعات من المعارضة أمام مقاتلي داعش وانشقت جماعات وقدمت البيعة للخليفة أبو بكر البغدادي الذي أعلن عن ولادة الدولة الإسلامية بعد السيطرة على الموصل في 10 حزيران/ يونيو.
وفي آخر تقدم لداعش سيطر على الجزء في مدينة دير الزور الذي كان خاضعا لسيطرة المقاتلين، وقام مقاتلوه برفع أعلام التنظيم السوداء وأعدموا قياديا في جبهة النصرة التي توالي القاعدة، وهي الجماعة التي كانت تسيطر على المنطقة سابقا.
ويرى كوكبيرن أن الإنجازات الأخيرة لداعش في سوريا بعد انتصاراته في العراق تقوم بحرف ميزان القوة في كل المنطقة، مما حشر المعارضة السورية التي تقاتل النظام السوري وداعش، في زاوية حرجة، وجعل من سياسة الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية وتركيا بدعم هذه الجماعات لا أهمية لها.

المعركة على كوباني

ويحاول تنظيم داعش السيطرة على مناطق الأكراد في كوباني أو عين العرب حيث يعيش حوالي 500.000 كردي، فر الكثيرون منهم من مناطق متعددة في شمال سوريا. وبحسب ناشط كردي اسمه إدريس نعسان تحدث للإندبندنت عبر الهاتف من كوباني «لدى داعش 5.000 مقاتل ويقومون في الأيام الـ 13 الأخيرة بالهجوم مستخدمين المدرعات والصواريخ وعربات الهمفي الأمريكية التي حصلوا عليها من العراق»، قال «كان القتال شديدا وخسرنا ثلاث قرى ونحاول استعادتها».
وقال إن عدد سكان المنطقة في الوضع الطبيعي يصل إلى 200.000 لكن العدد ارتفع بشكل نسبي نتيجة لموجات اللاجئين الذين هربوا من حلب. وما يثير القلق هو مصير 400 رهينة اختطفهم داعش بمن فيهم 133 تلميذ مدرسة تتراوح أعمارهم ما بين 13- 14 سنة.
ويقول إدريس إن المفاوضات مع داعش لمبادلتهم بسجناء من التنظيم جرت قبل ثلاثة أيام ولكنها فشلت نظرا لمحاولة داعش أخذ رهائن جدد. ولم يستطع الهروب من الأسر سوى أربعة تلاميذ فيما لا يزال البقية في يد داعش حسب ماريا كاليفيس، المسؤولة الإقليمية لمنظمة الطفولة العالمية (يونيسيف) في الشرق الأوسط وإفريقيا. وتم اختطاف التلاميذ في طريق العودة بعد جلوسهم للإمتحان في مدرسة للشريعة الإسلامية بمنبج قرب حلب.
وأشار كوكبيرن لتقرير «القدس العربي» الذي قال إن بعض التلاميذ تعرضوا للتعذيب، حيث تم احتجازهم في مدرستين، وقالت العائلات المقيمة قريبا منها إنها لا تستطيع النوم بسبب صراخ التلاميذ من التعذيب.

دعوة للسلاح

وأدى الهجوم على كوباني الى تحوله لمسألة قومية خاصة أن كوباني هي واحدة من التجمعات الكردية التي يعيش فيها 2.5 مليون كردي سوري. ودعا حزب الإتحاد الديمقراطي الذي يقوم الجناح العسكري، «قوات الحماية الشعبية» بكل الجهود القتالية «على كل الأكراد التوجه لكوباني والمشاركة الدفاع عنها والمشاركة في المقاومة».
ويتهم إدريس تركيا بتقديم الدعم اللوجيستي والإستخباراتي لداعش، لكن مصادر كردية قالت إن هذا ليس محتملا.
ويظل التقدم باتجاه دير الزور هو أهم ما حققه داعش حيث هزم جبهة النصرة وأحرار الشام الذين قالوا إن التنظيم تفوق عليهم عدة وعتادا، ويقدر عدد مقاتليه في سوريا بحوالي 10.000 مقاتل يتميزون بمعنويات عالية ولديه ما يكفيه من المال الذي جاء بعد نهبه مصارف في الموصل وبشكل رئيسي من صفقات النفط. ونجح داعش بالحصول على ولاء القبائل السورية القوية في دير الزور والرقة حيث منحها آبار نفط يمكن أن تبيع منتجاتها في السوق السوداء. ويقود داعش حربا أهلية داخل الحرب الأهلية، ويتهم من بقية الفصائل بعدم استهداف النظام، والتركيز على المناطق المحررة. ويعتقد أن 7.000 مقاتل سقطوا جراء هذه الحرب بين المقاتلين أنفسهم. وكان داعش قد أجبر على الإنسحاب من إدلب وحلب المدينة وريفها بعد هجوم تحالف من الجماعات الإسلامية وغير الجهادية على مواقعها.
وفسر الإنسحاب أنه علامة ضعف، ويبدو أنه كان انسحابا تكتيكيا لتجميع قواته حيث سيطر التنظيم فيما بعد على الرقة. وبعد انتصاراته في العراق وسيطرته على دير
الزور، قد يحاول التنظيم العودة لحلب من خلال قاعدته في الباب- شرق المدينة.
في الوقت نفسه تقوم قوات النظام بعزل ومحاصرة قوات المعارضة المعتدلة التي أضعفتها قلة السلاح والدعم الخارجي، وفي حالة أجبر المقاتلون على الخروج من أحياء حلب فعندها ربما واجه داعش قوات النظام السوري. وطالما أكدت المعارضة السورية وجود علاقة بين النظام وداعش. ويرى الكاتب أن هذه مجرد دعاية صنعت في واشنطن ولندن وباريس. صحيح أن داعش بعد مساعدته في السيطرة على القاعدة العسكرية منغ، شمال حلب في الصيف الماضي ركز كل جهوده على قتال فصائل المعارضة الأخرى. ولكن عندما تحدث المواجهة بين الأسد والبغدادي فعلى الغرب اتخاذ قراره، هل يريد مواصلة إضعاف الحكومة السورية؟ يتساءل كوكبيرن.

دعاية «داعش»

ووجه السؤال هنا متعلق بطبيعة التهديد الذي يمثله داعش على المصالح الغربية وسط مخاوف من تحول مناطقه لقاعدة انطلاق للجهاديين منه لتنفيذ عمليات إرهابية. كما ويخشى المسؤولون الأمنيون في هذه الدول من عودة الشباب الذين تطوعوا للقتال هناك، وظهر عدد منهم في أشرطة فيديو وضعت على الإنترنت تحث الشباب في الغرب على السفر لسوريا، ويستخدم داعش هذه الأفلام كوسيلة للدعاية وآخر هذه الأفلام ذلك الذي ظهر فيه الكندي أندريه بولين.
وكانت رسالته واضحة للشباب في كندا: لا يجب أن تكون راديكاليا حتى تنضم للجهاد. مؤكدا على أنه كان قبل سفره لسوريا مجرد مراهق عادي، يذهب للصيد ويراقب لعب الهوكي قبل قراره التطوع.
مؤكدا أنه لم «يكن منبوذا من المجتمع» «ولم أكن فوضويا، شخص يريد تدمير العالم ويقتل كل شخص». «لا كنت شخصا سويا والمجاهدون أشخاص أسوياء أيضا». والصورة التي يقدم من خلالها بولين نفسه تختلف عن تلك التي اكتشفتها السلطات الأمنية في كندا، ففي بداية العشرين من عمره تعلم كيفية صناعة المتفجرات، وفكر اعتناق الفوضوية والشيوعية قبل ان يعتنق الإسلام».
وبعد رسالته التي قدمها بولين ـ أبو مسلم- شوهد وهو يجري في الحقول أثناء حصار مطار منغ قرب حلب وقتل في المعركة.
وتم تبادل صور لجثته على مواقع التواصل الإجتماعي باعتباره شهيدا، وكان عمره في وقت وفاته 24 عاما. وتم توزيع شريط الفيديو الذي حث فيه بولين الشباب من قبل داعش ضمن حملته الدعائية القوية التي تعتمد على متحدثين باللغة الإنكليزية من أبنائها.
واستطاع التنظيم تحقيق حضورعلى التويتر بعد سيطرته على مناطق جديدة في العراق وسوريا واستخدم «فيسبوك» لإطلاق التهديدات. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن ليث الخوري العامل في «فلاشبوينت غلوبال بارتنرز» التي تقوم بمتابعة المتشددين وحضورهم على مواقع الإنترنت» عندما توسع داعش في سوريا فقد أجبر على التنافس مع جماعات جهادية متعددة، مما أدى بها لتطويرانتاجها الإعلامي لمستوى لم تقم جماعة جهادية من قبل تحقيقه».
وتحدث عن الطريقة التي قام بها داعش «بتثوير» عملية انتاج وتوزيع وترجمة رسالتها بسرعة وبجودة عالية.
وتقول الصحيفة إن قوات الأمن في أوروبا وكندا والولايات المتحدة عثرت على ادلة عن تأثر الشبان بالمواد المتوفرة على الإنترنت قبل سفرهم لسوريا، فمن خلال غرف الحوار والبريد الإلكتروني والرسائل الهاتفية قام التنظيم بترتيب عمليات سفرهم لسوريا كي يبدأوا تدريباتهم هناك.
وفي شريط التجنيد الذي عرض لبولين «الغرباء الذين اختارهم الله من شتى البلدان» ويظهر فيه أبو مسلم في كندا حيث المناظر الطبيعية الخلابة والبنايات العالية. ويتحدث أبو مسلم عن طفولته العادية.
وقال «قبل أن آتي هنا للشام، كان لي المال والعائلة والمعارف»، «وكنت أعمل عامل نظافة في البلدية وكان راتبي الشهري أكثر من 2.000 دولار، كانت وظيفة جيدة جدا»، و»رغم انني لم أكن غنيا فوق الخيال إلا أنني كنت أعيش الحياة، وكان لي اهلي وأصدقاء يساندوني».
لكن الحياة في كندا لم تكن تساعد على الدين «فهي في النهاية دار كفر، لا تستطيع طاعة الله بشكل كامل، كما في بلد إسلامي، دولة إسلامية» وهنا قال لإخوانه المسلمين «كيف ستتجيبون الله سبحانه وتعالى وأنتم تعيشون في نفس أحيائهم، وترون نفس أنوارهم وتدفعون الضرائب التي يستعملونها في حربهم على الإسلام».
ومن هنا دعا أبو مسلم إخوانه «عليك أن تعيش مسلما، عليك أن تعيش مسلما كاملا».
وناشد كل من لديه مهنة السفر لسوريا «فهذا الامر أعظم من مجرد قتال، نحتاج لمهندسين وأطباء ومهنيين، ونحتاج لمتطوعين ومتصدقين وكل شيء». ويقول «هناك دور لكل الناس، يستطيع كل شخص أن يقدم شيئا للدولة الإسلامية»، «فإن لم تستطع القتال، تستطع تقديم المال»، و»إن لم تستطع النفقة فتستطع المساعدة في التقنيات.. حتى يمكن أن تأتي هنا وتساعد في بناء المكان».
وأكد انه سيتم الإعتناء به وبعائلته وستعيش عائلته في آمان كما في بلده الأصلي. وبعد ذلك يتحدث شخص يصف كيف سجن بولين في بلده كندا لكن هذا لم يمنعه من القدوم لسوريا حيث تزوج وأنجب ولدا وانطلق للمعركة.

حياة مضطربة

وتشير سجلات المدعي العام في بلدة تيمس، أونتاريو فقد اعتقل بولين مرتين قبل اعتناقه الإسلام عام 2008.
وتنقل الصحيفة عن غيريت فيربيك قوله إن بولين انتقل للعيش في عام 2009 مع عائلة مسلمة، حيث أقام علاقة مع الزوجة وبدأ يهدد الزوج أنه ليس متدينا بما فيه الكفاية. واعتقل مرتين في عام 2009 لتهديده الزوجة بآلات حادة. واعترف بالقيام بالتهديدات وأنه حاول صناعة متفجرات. ويقول فيربيك» قال إنه لا يهتم لو سجن، وأن كل شخص يريد الإنتقام منه ولا احد سيساعد، وتحدث عن التضحية بنفسه»، واعتقل بولين مرة أخرى في عام 2010 وقضى إسبوعين في السجن. وبعدها لم أسمع عنه مرة أخرى»يقول فيربيك.

إبراهيم درويش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية