هل المشروع الصهيوني آيل للسقوط؟
د. سعادة خليل هل المشروع الصهيوني آيل للسقوط؟ان كون الكيان الصهيوني يتشدق بـ الديموقراطية في كل زمان ومكان مقارنة مع العالم العربي لا معني له عندما يصر علي استمرار الاحتلال وانتهاك حقوق الانسان. واية انتقادات توجه لهذا الكيان هي غالبا عرضة للاتهام بمعاداة السامية. وعلي الرغم من ان معظم الدول العربية دول غير ديموقراطية، لا يعطي ذلك، في القرن الحادي والعشرين، مبررا للكيان الصهيوني المتشدق بالديموقراطية ان يحتل وان ينتهك حقوق الانسان الفلسطيني ويعتدي متي يشاء علي شعوب المنطقة وابقاء الوضع علي ما هو عليه من عدم الاستقرار والتوتر والعدوان.لقد كان احد الآباء المؤسسين للكيان الصهيوني، ابا ايبان، الذي كرس حياته لخدمة المشروع الصهيوني، يعاني، علي حد قوله، من كابوس سيؤدي، في نظره، الي انهيار اسرائيل الا وهو ما يطلق عليه الليفاتانيزم Levatinism. انه يعني بذلك ان اسرائيل سوف تكتسب (او تتلوث بـ البيئة الاقليمية وبالامراض المتوطنة) الفيروسات في المنطقة المحيطة بها اي المنطقة العربية وهي حسب راي ابا ايبان: الكسل والفساد وغياب المشاركة الشعبية في الحكم والحكم الاستبدادي غير الديمقراطي! ولاحظ ايضا، ابا ايبان، ان المنطقة المحيطة تملك آليات قوية غريزية دائمة للدفاع عن النفس، وخاصة الشعوب، ضد الاجانب الفيروسات (بالمقارنة مع توصيف ابا ايبان) التي عادة ما تطلق بسبب التحديات الكبيرة في وقت الازمات الكبري حيث تمكن المنطقة من مواجهة وتذليل كسلها التاريخي وتمكنها من الوقوف بنجاح ضد التحدي الخارجي ومواجهته ودحره. وهذا ما حصل ويحصل في حالة المقاومة الفلسطينية والمقاومة الاسلامية في لبنان. وبناء علي ذلك ارجع ابا ايبان انهيار الغزو الصليبي الي حقيقة اكتساب الغزاة الصليبيين امراض المنطقة دون الحصول علي الحصانة الملازمة والخاصة بسكانها الاصليين. وبمجرد وجود تلك الحصانة لدي السكان الاصليين، كان من المحتم ان تسقط هذه الهجمة الصليبية تحت وطأة الهجمات المتكررة من آلية الدفاع في المنطقة ضد الوجود الاجنبي. وهذا هو كابوس ابا ايبان اي خشيته من ان اسرائيل قد تستسلم لهذا الليفاتانيزم ورفض متلازمة الاجانب. ولكن الواقع في الكيان الصهيوني الآن يشير الي اصابته باعراض الليفاتانيزم + (الليفاتانيزم+) وهي اليوم اكثر واضخم حجما ونطاقا وثروة ونفوذا متمثلة في الجريمة المنظمة والفساد السياسي والمالي والاخلاقي. وحسب وسائل الاعلام الاسرائيلية، يبدو ان الجريمة المنظمة في اغلب الاحيان في موقع التوسط بين الخلافات اي تعمل كوسيط بين بعض المجرمين والاجهزة الامنية. وهكذا فان الجريمة المنظمة قد اصبحت علي قدم المساواة مع الاجهزه الامنية! ولها اليد الطولي في تسيير الكثير من الامور الادارية والسياسية في الكيان. لقد اوردت هآرتس مؤخرا مقابلة شيقه للغاية مع قاض اسرائيلي رفيع تطرق بشكل رئيس الي هذا الجانب من الحياة الاسرائيلية. ومن ناحية اخري، ان اعراض ظهور آلية الدفاع عن النفس في المنطقة هي هناك لكل فرد يريد ان يلاحظها. ليس اقل من قدرة حزب الله علي التصدي وردع ودحر آلة حرب جيش الحرب الاسرائيلي الاقوي في المنطقة في الصيف الماضي، كما سبق القول. هذا يمكن ان يشكل المرحلة الاولي في تحقيق كابوس ابا يبان. بدليل تصريحات الافعي العجوز، شيمون بيريز، ابان الحرب علي ان هذه الحرب سوف تقرر مصير الدولة العبرية، اي انها معركة حياة او موت. اضف الي ذلك التحليل الذي اورده (درور وورمان) Dror Wahrman في مقالته بعنوان هل اسرائيل في طريقها الي التفكك؟ . يقول: ان العديد من المراقبين الاجانب في اسرائيل يميلون الي التركيز باهتمام شديد علي الاخطار التي تواجهها اسرائيل من جيرانها العرب وتناسوا ما يحدث في الداخل في الاشهر القليلة الماضية اي احتمال انهيار الدولة العبرية من الداخل. ان هذا ليس مبالغة، علي حد قول الكاتب. يكفي ان نرصد تطورات ما بعد حرب تموز (يوليو) وماذا حدث في داخل الكيان الصهيوني.. لقد استقال قائد الشرطة الاسرائيلية بعد تحقيق تبين ان عددا من ضباط الشرطة، من اعلي الرتب، ادينوا بتهمة الفساد والاهمال والتقصير. لقد اتي ذلك بعد اسبوع من الاستقالة الاجبارية لرئيس اركان الجيش بسبب الفشل في لبنان في الحرب الثانية. وبعد استقالة رئيس الاركان بعشرة ايام معدودة واجه وزير العدل حاييم رامون تهمة الاعتداء الجنسي اثناء العمل، وبعد اسبوعين من ذلك الوقت استقال رئيس الدولة بصورة مؤقتة، وهو الذي يشغل منصبا رمزيا الي حد كبير، بعد توجيه اتهامات اليه بالاغتصاب والتحرش الجنسي. وذكر ايضا في نفس اليوم احتمال استقالة رئيس مصلحة الضرائب بسبب تهمة الفساد المنسوبة اليه. وفي الوقت نفسه، لا يزال العديد من التحقيقات معلقة، تحقيقان او ثلاثة علي الاقل منها موجهة ضد رئيس الوزراء نفسه، ايهود اولمرت، عن الفساد والمحسوبية. و(اليوم) فقط 10 نيسان (ابريل) 2006 اعلن عن استجوابه علي خلفية فساد احد مساعديه. وهناك طعن امام المحكمة العليا كان قد رفع ضد وزير الشرطة لاختياره قائدا جديدا للشرطة بسبب اتهامات قديمة بالفساد.فهل هذه الاحداث حقا نذير انهيار في نظام الحكم الاسرائيلي وديموقراطيته؟ لم يكن هناك بالتاكيد ازمة قيادة في البلد الذي يري نفسه الديموقراطي الوحيد في الشرق الاوسط. ان زعيم حزب الائتلاف البرلماني، افيغدور اسحاقي، قال ذلك علنا. وقد اقترح وزير التربيه ان تخصص جميع المدارس دروسا خاصة عن ازمة الحكومة ، ذلك ليتمكن الاطفال ان يتحدثوا عما قد يبدو لهم اشبه بالانهيار لجميع الانظمة التي تسيطر علي حياتهم. وطغت الفوضي الداخلية علي المشاكل الخارجية حيث تراجعت قضايا الفلسطينيين وحزب الله، وحتي اسلحة ايران النووية واصبحت آخر هموم النظام. اذن اسرائيل فعلا في خطر من الداخل، علي الاقل، من حيث تطبيق ديموقراطيتها المزعومة. هناك ما لا يقل عن حدثين تاريخيين يمكن ان يساعدا علي تحديد لماذا يجد الكيان الصهيوني نفسه في مثل هذا الوضع القلق عشية عيد ميلاده الستين؟ ولكي نفهم ذلك يمكننا ربطه باكثر اللحظات حسما في تكوين الكيان الصهيوني: النكبة عام 1948 ونكسة عام 1967. من الناحية الصهيونية كان عام 1948 حدث تأسيس كيان علي اشلاء الضحايا والمذابح والتشريد واللجوء وتم اعلان دولة احضرها العالم قسرا وعنوة الي المنطقة. وعلي الفور تدفقت موجات الهجرة بعدة اضعاف عن سكان اليهود عام 1948، واستطاع الكيان ان يحقق في وقت قصير ازدهارا اقتصاديا وعلميا وقوة عسكرية بدعم خارجي وخاصة الدعم البريطاني والفرنسي والالماني والامريكي مؤخرا. وهذه الطفرة غير المسبوقة لا يمكن تحقيقها باتباع القواعد والقوانين والاخلاق. الا ان هناك العديد من القواعد الواجب اتباعها ـ حتي تلك التي لم تنشأ بعد. لكن اهم اخلاقيات الآباء المؤسسين لهذا الكيان هي الموجودة في ميدان العمل، فالرجل يتعهد باتمام مهمة ما فيجوز له كل شيء في سبيل بناء الكيان اي عملا بالمبدأ الميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة . لا يوجد شيء ممنوع او محرم في سبيل خدمة الكيان الصهيوني ولكن دون تجاوز القواعد والانظمة الصهيونية في سبيل تحقيق مصالح شخصية. واستمر الامر،كما هو، اي ان الآباء المؤسسين لم يسيئوا اسخدام هذا التصريح ابدا الي تجاوز القواعد والانظمه لتحقيق مصالحهم الخاصة. وتم تاكيد ذلك الادعاء باستقالة اسحق رابين من ولايته الاولي كرئيس للوزراء في عام 1976، عندما تبين ان زوجة رابين كانت تحتفظ بحساب مصرفي في الخارج الذي تمنعه قوانين النقد الاجنبي في ذلك الوقت. انها مخالفة صغيرة ومع ذلك ادت الي اعلان رابين استسلامه. ومع تجاهل القيود او تراخيها، وعدم وجود آليات رقابة فعالة نتيجة الثقة المفرطة في ما يسمي بـ الآباء المؤسسين ، بدات اخطر اشكال الفساد في الظهور. عندما اظهر موشي دايان، الجندي الاسطورة في اسرائيل ، ميله الي الآثار ولم يكتف بان يسمح لنفسه ان ياخذ الاثار الاثيرة الي قلبه الي بيته فقط، بل وعندما كانت هذه الآثار تخص قلعة مسعدة الحفر الاثري الذي يمثل رمز نجاح اسرائيل ـ ولم يشعر باي ندم عندما سخر طائرة هليكوبتر للمساعدة في رفع ذلك الاثر من المنحدر الي بيته. لقد ظلت هذه الحقائق سرية، وبعد وفاة دايان دفعت الدولة ملايين الدولارات لأرملته لنقل مجموعة الآثار من بيته الي المتحف الاسرائيلي حيث كان ينبغي ان تكون علي الدوام. ولم يتسبب ذلك في غضب العامة من الاسرائيليين .اما حرب 1967 فهي اشد ظلاما وقسوة. فهي قصة احتلال اراض لجميع دول الطوق: مصر وسورية ولبنان والاردن. ولكي نري العلاقة، فلننظر الي خبرين رغم انهما لم يردا في الصفحات الاولي في الصحف. اولهما، ان المحاكم الاسرائيلية تحاول، بحذر، ان تطرد مجموعة من المستوطنين استخدموا عقارا تلاعبوا في ملكيته من اجل غزو قرية فلسطينية جنوب مدينة القدس القديمة، وبنوا من دون ترخيص بناء من سبعة طوابق (داخل القري التقليديه!) لأسر المستوطنين. وثانيهما بالتلازم مع الاول، داخل المدينة المقدسة القديمة، كشف ان الحكومة الاسرائيلية تمتنع عن الاعتراف الرسمي بالبطريرك الجديد للكنيسة الارثوذكسية اليونانية في الارض المقدسة، البطريرك ثيوفيلوس، لانها تريد منه بيع العقار القريب من بوابة يافا للمستوطنين كشرط للاعتراف به رسميا. وكلا العملين يتجاهلان بوقاحه القانون الاسرائيلي نفسه. واستنادا الي التجربة السابقة، من المرجح ان ينجح كل منهما. ومثل هذه الاحداث مألوفة، علي مدي الاربعين عاما من الاحتلال غير المشروع للضفة الغربية وقطاع غزة. ناهيك عن الانتهاكات اليومية والحواجز والاغتيالات والاختطافات وجدار الفصل العنصري الذي يشكل جريمة الفصل العنصري بحد ذاته.وكثيرا ما تتغاضي قوات الاحتلال بوقاحة ما بعدها وقاحة علي كسر القواعد في حملتها لمصادرة الاراضي الفلسطينية المحتلة بما يتعارض مع القانون الاسرائيلي نفسه ومع القانون الدولي ايضا. وقد تم توثيق ذلك ليس فقط من قبل الصحافيين والمثقفين والعلماء والمراقبين اليساريين بل كان ايضا موضوع وثيقة الحكومة القضائيه الضخمة المعروفة بـ تقرير ساسون الذي خلق نوعا من الغضب عندما سلم الي رئيس الوزراء ارييل شارون في اذار (مارس) 2005. ولكن خلال اشهر، لحق تقرير ساسون بكومة من الوثائق القانونية التي جري تحييدها بشكل سهل من جانب المستوطنين ومؤيديهم المنتشرين في عدة فروع من الحكومة. اذن المسألة لا تعدو كونها مسالة وقت حتما امام الفوضي في الاراضي المحتلة الا ويبدأ في النيل من اسرائيل ذاتها.وكلتا القصتين اللتين تجاهلتا القوانين والاعراف الدولية، حملة تشريد الشعب الفلسطيني ونكبته في عام 1948، والاستيلاء علي الارض في عدوان 1967 قد حصلا معا في شخص واحد: آرييل شارون. شارون كان البلدوزر ـ اور. اسمه مرادف عملي للاصرار علي العمل المصحوب بعدم احترام القانون والسلطة في آن. لقد اكتسب سمعته بين الجمهور من مهنته كجندي وكمدني علي تكرار تصرفاته واعماله المتسمة بالعصيان وبخلق الحقائق علي الارض. وما الحرب الاولي علي لبنان في عام 1982 الاّ مثال شهير علي وحشية الكيان الصهيوني ممثلا بشارون. وفي الاراضي المحتلة، لم يفعل احد لحركة الاستيطان اكثر من شارون. وهوالذي علم قادتها طرق ووسائل حركة المعارضة والاستيلاء علي الاراضي. ثم فعل الشيء نفسه لهم، بدوره، عندما حول فجأة ولاءاته، وعكف علي خطة فك الارتباط في عام 2004. ولذلك ليس من المصادفة ان صعود شارون الي اعلي منصب في الدولة يشكل لحظة حاسمة في عملية الانهيار: اي اللحظة التي بدأ فيها الفساد وعدم التقيد بالاعراف والقوانين يسيطران علي النظام في جميع الزوايا والشقوق. لقد كان شارون في هذا المنصب اكثر من اي مستبد راته اسرائيل في السابق. بل هو تجاوز حكومته ووزراءه من خلال عصابة صغيرة من الاصدقاء والاسرة، التي اصبحت تعرف باسم منتدي المزرعة الذي يحمل اسم مزرعة شارون الخاصة في النقب، التي هي في حد ذاتها مظهر من مظاهر الفساد بامتياز. كما اتضح ان دافعية شارون غير القابلة للتوقف هي التي اندفعت باتجاه الخدمة الذاتية بارسال الملايين الي اسرته في حسابات مصرفية. ومع ذلك، ورغم تعدد فضائح الفساد التي وقعت علي راسه، بقي شارون نفسه سالما الي حد ما، تم انقاذه جزئيا لوضعه الاسطوري، وفي جزء آخر بسبب اعتناقه خطة فك الارتباط التي اعطت فجأة العديد من معارضيه من اليسار مصلحة مفاجئة في بقائه. كما انه انقذ ايضا، بمعني ما، بوقوعه في غيبوبة في كانون الثاني (يناير) 2006 وهذه الكارثه الشخصية فقط منعته من رؤية ابنه بعد بضعة اسابيع، عمري شارون، وهو يساق الي السجن بتهمة الفساد. فاذا كان عهد شارون قمة النجاح لنشاط كل من عامي 1948 و1967، فعهد خلفائه هو وقت الانهيار والحساب. ومع رحيل شارون، تكون اسرائيل قد تركت لكادر ضعيف من السياسيين من الدرجة الثانية، يبدو انهم اكثر ضآلة في ظل سياسة شارون. ان الممارسات الفاسده كلها هناك لا يمكن ان تؤمن لمرتكبيها حماية من الجمهور. انها بكل بساطة صورة قبيحة تثير الشفقة. حتي عندما استقال دان حالوتس، رئيس اركان الجيش، لاسباب ارتبطت بالحرب الفاشلة علي لبنان، فعمله ذلك الذي سوف يتذكره شعبه بالاشمئراز حتي وان امر بقصف جنوب لبنان في 12 تموز (يوليو) 2006، وتوقف ليعطي تعليماته الي وسيط لبيع محفظة اسهمه. انه خطأ قاس جشع لم يكن لشارون ان يرتكبه. تميزت الفترة بعدم القدرة علي الحفاظ علي قدر معقول من الاستقرار السياسي في ظل كثرة التغييرات في الوزراء والادارات. وفي ظل هذه الاخفاقات وحالات الفساد وانعدام الثقة في النظام بدأت تظهر علامات عمق الأزمة واصبحت اعمق من ذي قبل. ووفقا لكل استطلاع ومسح، لم تكن مستويات الثقة الشعبية في هذا النظام ادني من ذلك في يوم من الايام، ففي آخر استطلاع عن شعبية رئيس الوزراء، ايهود اولمرت، بلغت 2% فقط، مما يعني ان الشعب ادار ظهره للسياسة في سابقة لم يكن لها مثيل من قبل. وفي الواقع، ان انقضاض الجمهور بعنف علي الشخصيات العامة لهو دليل علي مدي عمق الغضب المختزن ومدي وعمق الأزمة. وهذا الفراغ شجع افرادا هم علي يمين النظام بدخول المعترك السياسي وتقديم نوع مختلف من النظام السياسي الذي اصبح ضربا من الخيال. ودليل علي افلاس المؤسسة الصهيونية، انبري شخصان مهاجران من روسيا لاصلاح قد لا ياتي ابدا وليس لهما اي تقاليد ديموقراطية ولا معرفة بالمجتمع الذي يعيشون فيه. الاول، افيغدور ليبرمان، الوزير الحالي في الحكومة، المعروف بكراهيته الالتزام بالقانون ومعروف بعنصريته ضد العرب ويدعو الي ترحيلهم بل وقتلهم ان امكن. ومن اقتراحاته تحويل الكيان الصهيوني الي نظام رئاسي مع بعض القيود علي الرئيس. ولكنه يتضاءل امام الشخص الثاني الذي اعلن عن ولوجه الي الساحة السياسية الا وهو البليونير اركادي غايداماك. غايداماك هو روسي ولد بليونيرا جاءته الثروة جزئيا من صفقات الاسلحة المشبوهة التي ادت بالفرنسيين في انغولا الي اصدار اوامر اعتقال لصفقات الاسلحة غير المشروعة وغسيل الاموال. وعندما لم يتم نجاح تسليمه الي فرنسا، تحول اهتمام هذا البليونير في السنوات الاخيرة الي الاعمال الخيريه في الكيان الصهيوني مع الاهتمام الشديد علي استخدامها لتحسين صورته. وعندما اتضح اثناء الحرب علي لبنان عام 2006 ان الحكومة غير مهتمة برعاية وحماية السكان المدنيين من الهجمات الصاروخية التي انهمرت علي شمال فلسطين المحتلة، استغل غايداماك الفرصة وملأ الفراغ واقام مخيما علي شاطئ البحر الابيض المتوسط للهاربين من القصف الصاروخي. وهكذا اصبح الشخصية الاكثر شعبية في الكيان الصهيوني بالضبط في اللحظة التي تعاني فيها الطبقة السياسية من اكبر فشل. وعندما كانت سديروت، المستعمرة الواقعة بالقرب من الحدود مع غزة والتي يقطنها وزير الحرب عمير بيرتس، تتعرض لوابل من صواريخ القسام في خريف 2006 ووقف بيرتس وبقية الحكومة حائرين في امرهم، ارسل غايداماك حافلات لعدة آلاف من سكان المستعمرة لقضاء عطلة علي ساحل البحر الاحمر. وكان رد فعل بيرتس الغاضب علي هذه البادره اظهرت للجمهور فقط مدي عجز المؤسسة الحاكمة بالمقارنة مع هذا المحسن الذي لا نهاية لامواله. اعلن غايداماك، منذ ايام قليلة، وبشكل تبذيري في تنظيمه الحدث، عن تأسيس حزب سياسي جديد اطلق عليه العدالة الاجتماعية . لقد اغتنم لحظة اعتبر فيها سائر السياسيين مذنبين، علي الاقل بالربط بسبب فسادهم واحسان مؤسس العدالة الاجتماعية المستمر في العطاء. لا يريد غايداماك ان يدخل السياسة بنفسه. وفي الواقع انه لا يستطيع حتي التحدث باللغه العبرية. خطبه تترجم الي العبرية. وما يريده غايداماك، ويقوله صراحة تقريبا هو استخدام امواله ليصبح الملك صانع السياسة الاسرائيلية: يريد اختيار رئيس الوزراء الاسرائيلي المقبل منفردا. واستنادا الي استطلاعات الراي الحالية، لا يمكن ان تنحي طموحاته جانبا. لكن اذا كان غايداماك مقتنعا بان الناخب هو للبيع واذا كان الناخبون يرغبون في اثبات انه علي حق، واذا كانت هذه الصفقة هي ما يحدث الآن في نظر الجمهور، واستقبله بالتصفيق اكثر مما يتوقع، اذن المشكلة ليست في الطبقة السياسية وحدها. اي ان الديمقراطية الاسرائيلية هي في ازمة حادة. واذا كانت هذه الديموقراطية المزعومة هي التي يتكئون عليها ويتغنون بها في كل زمان ومكان، فاذن تكون هي القشة التي قصمت ظهر البعير .اذن يبدو السؤال: هل المشروع الصهيوني آيل للسقوط؟ منطقيا اذا ما امعنا النظر في تاريخ هذا الكيان وبناء علي ما تمخضت عنه الاحداث الاخيرة وكيف انعكست علي داخل المؤسسة الصهيونية ومدي انتشار الفساد لرموزه. لقد صدق سماحة السيد حسن نصرالله عندما اطلق عبارته المشهورة عن هذا الكيان: انه اوهي من بيت العنكبوت . ويبدو ان كابوس (ابا ايبان) قد اصبح واقعا ملموسا ومعكوسا اي ان الفساد في صلب الكيان ومؤسساته ورموزه وليس من محيطه. وعلي رأي المثل القائل: الخلّ دوده منه وفيه .8