ارقام دولية مرعبة عن العراق
ارقام دولية مرعبة عن العراقجاء تقرير الامم المتحدة حول الاوضاع الراهنة في العراق قاتما بكل معني الكلمة، ويرسم صورة مرعبة، خاصة فيما يتعلق بالتهجير الطائفي، والتطهير العرقي وتدهور الاوضاع الامنية.فالتقرير الذي يصدر بصورة دورية وكل ثلاثة اشهر اتهم الحكومة العراقية برفض تقديم ارقام عن ضحايا العنف الطائفي من القتلي والجرحي، وقدر عدد هؤلاء بحوالي 34400 شخص في مواجهات طائفية خلال العام الماضي فقط.ولعل من النقاط المهمة الاخري التي تطرق اليها مدي تدهور حرية التعبير عن الرأي مما يؤثر علي الاعلام والعاملين فيه والاقليات العرقية والدينية وذوي الاختصاصات المهنية والاكاديميين الذين يتم استهدافهم من قبل المتطرفين الدينيين والجماعات المسلحة في العراق، ووجود اكثر من 37 الف معتقل في المعتقلات الامريكية والعراقية بعضهم منذ العام 2003. ومعظم هؤلاء اعتقلوا دون مذكرات توقيف وعمليات استجواب من دون تحديد مهلة زمنية لمدة الاعتقال قبل المحاكمة.ومن الطبيعي ان ترفض الحكومة العراقية هذا التقرير وتشكك في محتوياته، لانه ادان ممارساتها، وانتهاكاتها لحقوق الانسان، ولكنها لم تقدم في الوقت نفسه أي رد موثق يرد علي ما ورد فيه من ارقام ومعلومات، واكتفت بالتعميم فقط.اهمية هذا التقرير لا تكمن فقط في دقته والمعلومات التي تضمنها حول انتهاكات حقوق الانسان، وانما ايضا في كونه صدر عن جهة محايدة مثل الامم المتحدة، ومكتبها في العراق، وفي ظل حالة من التعتيم غير مسبوقة، سواء من قبل حكومة السيد نوري المالكي او قوات الاحتلال الامريكي.فعندما فشلت الادارة الامريكية والمتعاونون مع احتلالها في العراق، في العثور علي اسلحة الدمار الشامل التي استخدمت كذريعة اساسية لتبرير الغزو ومن ثم الاحتلال، قالوا ان الانجاز الاكبر الذي تحقق هو الديمقراطية والحريات، واحترام حقوق الانسان، وحماية ارواح العراقيين، ولكن الوقائع علي الارض، ومن خلال تقرير الامم المتحدة، تثبت ان هذه الذريعة ايضاً مردود عليها. فقد استشهد اكثر من مليون عراقي منذ بدء الاحتلال الامريكي، بينما غادر البلاد هرباً الي دول الجوار ما يفوق المليونين، وارقام القتلي والفارين في تزايد مضطرد مع كل يوم جديد.ومن المفارقة ان تقرير الامم المتحدة هذا يصدر قبل يومين من اتخاذ مجلس النواب الامريكي قرارا ببدء سحب القوات الامريكية من العراق ابتداء من شهر آب (اغسطس) المقبل، مما يعكس اعترافاً صريحاً بفشل الغزو الامريكي، وعدم امكانية تحسن الاوضاع في هذا البلد المنكوب.الامم المتحدة قالت كلمتها بكل شجاعة ووضوح، وبقي ان يعترف المكابرون من الذين ايدوا الغزو ومهدوا له، وانخرطوا في مشاريعه بدورهم فيما وصل اليه بلدهم من انهيار وتمزق ومقابر جماعية، وان يكفوا عن الحديث عن الماضي، ومحاولة تحميله كل الآثام لان مثل هذا الهروب لم يعد يقنع احداً.9