من السادات الي مبارك
من السادات الي مبارك في تمام السابعة والنصف من صباح 23 يوليو 1952، لا قبل ذلك كما يتصور البعض، أفطر الذين يستيقظون مبكراً ـ مع طبق الفول بالزيت الحار ـ علي صوت السادات، وهو يشدو علي الهواء مباشرة، بالبيان الأول الصادر عن حركة الجيش المباركة. وقد جاء في مطلعه بالنص ما يلي: اجتازت مصر فترة عصيبة من الرشوة والفساد.لو افترضنا ـ علي سبيل الجدل، لا أكثر ـ أن شيئاً من هذا النوع يمكن أن يحدث في الوقت الحاضر، فإن أهم المشكلات العويصة التي لا بد أن تواجهها الحركة المباركة (القادمة بالطبع) ستكون لغوية قبل أي شيء آخر. إذ كيف ستصف ما هو قائم حالياً؟ ما هي الألفاظ التي من شأنها أن ترسم صورة حـقـيقـية لواقع كهذا؟ مع مراعاة أن سائر حركات الجيش المباركة تحرص ـخاصة في بداياتهاـ علي ألا يتهمهـا أحـد بالبذاءة أو طولة اللسان.بماذا سوف تستهل ـ إذن ـ بيانها الأول؟اجتازت مصر فترة عصيبة من الإيه؟ الـرشوة والفساد برضه؟ لو استخدموا كلمات من هذه النوعية، فمعني ذلك أن الوضع سوف يبقي علي ما هو عليه. وعلي المتضرر ـللمرة المائةـ أن يمسح دموعه قائلاً: خيرها في غيرها!وقد علمني طول التسكع علي أرصفة العـالم أن مصطلحات كانتهاك حقوق الإنسان أو الفقر أو الدكتاتورية أو الفسادـ لهـا دلالات لا تختلف من منطقةٍ إلي أخري فقط، بل أيضاً من عـصـر إلي آخر. مراجعة دقيقة لمخـتلف الكتب التي تحدثت عن مؤشرات الفساد في مصر، سياسياً كان أو اجتماعياً أو مالياً أو إدارياً أو علي أي صعيد آخر، خلال العهود الماضية، تكفي لندرك أن مجموع تلك الوقائع ليس أكثر من دعابات طفولية بريئة، إذا ما قورنت بما ترتكبه العصابة الحالية مع كـل طلعة شمس.البيان القادم، لكي يكـون صادقاً، أرجو أن يتضمن في مطلعه: اجتازت مصر فترة عصيبةً ـ لابد لوصفها ـ من استحداث ألفاظ نابيةٍ غـير كـل ما ابتدعه اللسان العربي علي امتداد تاريخه الزاخر بأبذأ قصائد الهجاء. ألفاظ تنحط إلي مستوي الواقع. ويا حبذا ليتسق مع مقتضي الحال لو ألقته ـبدلاً من السادات أو من يعادله من ضباط الحركة المباركة المفترضة ـ إحدي تلميذات مدرسة الــــعالمة الذائعة السيط في ثلاثينيات القرن الفائت الحاجة خدوجة سبعة (…). الدكتور أحمد يونس رسالة علي البريد الالكتروني6