محاولة امريكية فاشلة لاحداث فتنة طائفية

حجم الخط
0

محاولة امريكية فاشلة لاحداث فتنة طائفية

عوني القلمجيمحاولة امريكية فاشلة لاحداث فتنة طائفيةدعونا من الاتهامات المبطنة التي وجهها الطالباني والجعفري والحكيم الي السنة حول الاعتداء علي مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، فكل الدلائل تشير الي ان السفير الامريكي زلماي خليل زاد هو الذي صمم هذه الجريمة وترك لمغاوير الداخلية تنفيذ المهمة.فشهود العيان من سكان سامراء اكدوا بان مجموعة من الغرباء قد دخلت الي المرقد بحماية القوات الامريكية التي انتشرت في شوارع المدينة ليلا وخرجت منها في اليوم التالي قبل حدوث الانفجار باقل من ساعة. ومثلما توفرت الادلة هنا فان الهدف من وراء هذه الجريمة بات واضحا وجليا. وهو احداث فتنة طائفية تنتهي الي تقسيم العراق كمخرج من الازمة التي يواجهها مشروع الاحتلال.. مايك وتني ذكر في مقالة مهمة حول الحادث والهدف من ورائه ان مؤسسة راند اوصت بانه يجب استغلال انقسامات السنة والشيعة والعرب وغير العرب لتحقيق الاهداف السياسية الامريكية في العراق والعالم الاسلامي ويضيف الكاتب ان الاعتقاد بأن الهجوم كان من تدبير العمليات السرية الامريكية والاسرائيلية واسع الانتشار في كل انحاء المنطقة، اضافة الي انتشاره بين المحللين السياسيين اليساريين في امريكا . اما الصحافي كورت نيمو فانه يري ان التفجير هو وسيلة لتحقيق خطة موضحة في تقرير عوديد يعنون، حول ستراتيجية اسرائيل لـ بلقنة المجتمعات والحضارة العربية والاسلامية . ويقول نميو ان الخطة قد يكون نفذها اعضاء مخابرات امريكية او بريطانية او اسرائيلية او عملاؤهم العرب المزدوجون او مهاويس مجموعة العمليات الوقائية التابعة لرامسفيلدP2OG والمصممة لـ تحفيز ردود افعال ارهابية . ناهيك عن تقارير مماثلة قدمها ديفيد فيليب للمجلس الامريكي الاعلي للسياسات الخارجية والذي مولته مؤسسة ليند وهاري برادلي كما يقول بيبي اسكوبار. وكل ذلك تؤكد صحة الرأي بأن استراتيجية تقسيم العراق كانت تدور في المستويات العليا من الحكومة من بداية الاحتلال. ليس غريبا اذن ان تقوم القوات الامريكية بتحطيم الدولة العراقية، وحل جيشها ومؤسساتها الامنية، وبناء مؤسسات بديلة علي قاعدة المحاصصة الطائفية والاثنية وتثبيتها في قانون ادارة الدولة ولاحقا في الدستور الدائم. وضمن هذا السياق جدد عبد العزيز الحكيم مطالبته بفدرالية في الجنوب قبل فترة قصيرة من الاعتداء، وكان قبلها قد عقد اتفاقا بين عادل عبد المهدي وجلال الطالباني يقضي بموافقة الكرد علي فدرالية في الجنوب مقابل ضم كركوك الي ما يسمي اقليم كردستان. لكن الاحتلال وجد صعوبة في تحقيق مطلب الحكيم جراء تمسك العراقيين بوحدة العراق وعروبته بل وتحريره من نير الاحتلال. فكان لابد والحالة هذه من القيام بهذا الاعتداء علي امل اشعال فتنة بين الشيعة والسنة، ويعلن بعدها الكرد انفصالهم كما هدد البارزاني، ويعلن الحكيم عن اقامة اقليم الجنوب، ومن اجل تحقيق ذلك اختار الاحتلال واعوانه هدفهم بدقة وعناية. فمرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري يقع في مدينة سامراء ذات الغالبية السنية، في حين استبعد اختيار مراقد الائمة علي والحسين وموسي الكاظم لانها تقع في المدن التي غالبية سكانها من الشيعة، للايحاء بان من قام بهذا الفعل هم السنة لفتح الطريق امام ميليشيات غدر ومغاوير الداخلية لقتل الابرياء وهدم وحرق المساجد في مناطق متفرقة من العراق. لكن بوش وادارته فوجئوا عندما اخلت الفتنة والاعمال الغوغائية مكانها للتظاهرات والصلوات المشتركة بين الشيعة والسنة، ورفع شعارات التآخي والوحدة بين الطائفتين الكبيرتين ومنها الشيعة والسنة اثنين مثل الحسن والحسين ليقولوا للمحتل نحن مصرون علي عدم الانجرار الي اي فتنة ومن اي نوع ،. وهذا الامر ليس غريبا فالتعددية في العراق كانت علي الدوام مصدر قوة وابداع وليس مصدر للفرقة والاقتتال. ومن المفيد في هذا الصدد ان نذكر الادارة الامريكية والصهاينة والنظام الايراني بصفحات من التاريخ. فخلال اربعة قرون من تاريخ العراق وعلي وجه التحديد فترة خضوع العراق للامبراطورية العثمانية، كان السنة يحمون الشيعة من بطش الاتراك والشيعة يحمون السنة من بطش الصفويين اذا غزوا العراق، والاكثر من هذا ان الوحدة بين الطائفتين الكبيرتين تزداد متانة حين يتعرض الوطن للعدوان الخارجي، فبعد هزيمة الامبراطورية العثمانية ووقوع العراق تحت الاحتلال البريطاني عام 1917، توحد الشيعة والسنة في جبهة واحدة لمقاومة القوات الغازية، وتوجوا وحدتهم في ثورة العشرين وتكاتفت معهم عشائر الفرات وبالتنسيق مع سكان مدينة بغداد. ومع كل محاولة قام بها الاحتلال البريطاني لاثارة فتنة طائفية، كان الرد عليها اشتراك السنة والشيعة في الاحتفالات الدينية لكل منهما.هل يجوز لنا ان نعتمد كثيرا علي تاريخ وحدة مجتمعنا العراقي ومن ان التعددية في بلادنا ستظل مصدر قوة وابداع؟ ام ان هذه التعددية قد تنقلب شرا مستطيرا في ظل الاحتلال؟ وهل سيطوي الامريكيون ملف تقسيم العراق وعدم التفكير في القيام بمحاولات اخري من هذا القبيل قد لا ينجح العراقيون في السيطرة عليها هذه المرة؟ من السذاجة الاجابة علي هذه التسؤلات المشروعة وفق قناعات ثابتة او الميل الي أحكام مسبقة، بمعني اخر الاجابة بنعم أو لا، فهذا نوع من الهروب الي الامام وتخلي عن المسؤولية الوطنية، لاننا نخوض حربا مع اقوي قوة عاتية في العالم ومدعومة من جهات عدة بدءا بالصهيونية العالمية ومرورا بدول الجوار وانتهاء بالعملاء المحليين من احزاب وتجمعات سياسية ودينية، ولذلك يتوجب علينا ان نشخص ما حدث ونحتاط للمستقبل المليء بالالغام الموقوتة لكي نجنب عراقنا الجريح تلك المخاطر ونساعد علي تحرير بلدنا من الاحتلال البغيض. وفي هذا الصدد علينا ان لا نضخم ماحدث ولا نستهين به أو نهمله. ما حدث هو ليست حربا طائفية او حتي فتنة طائفية بالمعني الكامل للكلمة، فحرب الطوائف تقوم عادة بين طائفة بمجموعها وطائفة اخري بمجموعها الي ان تنتهي بانتصار احداها علي الاخري او تنتهي لان تأخذ كل طائفة حصة من الوطن، وتقيم نظامها الخاص بها وتكون الدولة مجرد غطاء قانوني لا حول لها ولا قوة. وقد اثبتت الوقائع خلال الايام الماضية صحة ما نقول، فلقد شهدت مناطق واحياء متفرقة من العراق دوريات مشتركة من السنة والشيعة لحماية المساجد والحسينيات تحسبا من هجمات جديدة لقوات بدر ومغاوير الداخلية، في حين جرت حملة تبرعات قام بها الشيعة لمساعدة العوائل السنية التي تضررت من هذه الاحداث المؤلمة، ناهيك عن اشتراك الشباب من الشيعة والسنة في اداء الصلاة في الجوامع والحسينيات، وهذا يعيد الي الاذهان ما قام به اهالي الاعظمية وهم في الغالبية من السنة بمساعدة المنكوبين في حادث جسر الائمة، وبناء علي ذلك يمكن القول بان ما حدث هو وجه اخر من وجوه الحرب الدائرة بين قوات الاحتلال وبين المقاومة الوطنية العراقية. فقوات بدر او مغاوير الداخلية الذين قاموا بهدم وحرق المساجد وقتل الابرياء، انما قاموا به خدمة لاغراض الاحتلال التي اشرنا اليها وليس دفاعا عن مقدسات الشيعة التي هي اصلا مقدسات المسلمين جميعا، هؤلاء لا ينتمون قطعا الي المذهب الشيعي سوي بالاسم، بل ان بعض التقارير تشير الي انهم ليسوا عراقيين اصلا. ولو كان الامر غير ذلك، فلماذا لم تنتقم او حتي تدافع هذه الجهات عن حرمة مرقد الامام علي بن ابي طالب حين هاجمته القوات الامريكية؟ ولماذا لم يفت السيستاني ومحمد سعيد الحكيم واسحق فياض وبشير النجفي بالاحتجاج السلمي ضد القوات الامريكية كما افتوا مجتمعين بالاحتجاج علي تفجير مرقد الامامين في سامراء؟ فهل احفاد الامام علي أعلي مقاما من الامام علي نفسه الذي كرم الله وجهه؟ لا يساورنا ادني شك بان بوش وادارته يواجهون مأزقا خانقا جراء فشل قوات الاحتلال بانهاء المقاومة او حتي الحد من تصاعد عملياتها المسلحة، وان العملية السياسية التي راهنوا عليها كثيرا وعملوا المستحيل من اجل بعث الروح فيها، تواجه الموت ان هي لم تمت اصلا، وان ما قيل بشأن تشكيل حكومة وطنية بعيدة عن المحاصصة الطائفية اصبحت من النكات التي يتندر بها العراقيون بعد ان شاهدوا علي شاشات التلفزة العراك الدائم علي المناصب بين امراء المليشات المسلحة، بل ان السفير العتيد زلماي زاد قد فضح كذبته بنفسه حول رفض الادارة الامريكية نزع الطائفية عن الحكومة المنتظرة حين، زار الحكيم في مقره وابلغه بان ادارته لا تمانع باستلام مرشحيه اي وزارة بما فيها وزارة الداخلية والدفاع والامن القومي، وعلي ضوء حقيقة المأزق الامريكي سيطور السفير أداءه في هذا المجال ويبتكر اساليب اخري، قد تجبر الطائفة السنية هذه المرة علي الدفاع عن نفسها وعن ممتلكاتها وحرماتها، الامر الذي سيشجع القادة الاكراد علي الانفصال كما وعد مسعود البارزاني ويشجع بالمقابل عبد العزيز الحكيم علي اعلان اقليم الجنوب. اذ لم يبق امام بوش وادارته لتجنب الهزيمة سوي استخدام هذا السلاح، ومن دونه حسب رأي الادارة الامريكية سينتهي مشروع الاحتلال الي هزيمة منكرة. في الوقت الذي يبدو فيه الصراع بين المقاومة الوطنية العراقية وقوات الاحتلال معقدا بما فيه الكفاية، يبدو واضحا وجليا ايضا الطريق الذي تسير عليه المقاومة لتحرير العراق، فعلي الرغم من كل ما حدث فان هذه المقاومة الباسلة مستمرة في عملها وعلي جميع الجبهات العسكرية والسياسية والتنظيمية، وهذا ما شاهدناه علي ارض الواقع. فمن جهة نزلت قوات المقاومة الي الشوارع ولقنت مغاوير الداخلية وقوات بدر درسا لن ينسوه ومن جهة ثانية صعدت المقاومة الوطنية المسلحة من عملياتها العسكرية وكبدت قوات الاحتلال وفي يوم واحد تسعة قتلي واكثر من 15 جريحا وتدمير عدد من الاليات العسكرية. ومن جهة ثالثة فان المقاومة قد اعدت العدة لمواجهة اي عمل او فعل من هذا النوع. ان المعركة التي تدور علي ارض العراق بلغت مراحلها المتقدمة حيث بدأت علامات هزيمة قوات الاحتلال تلوح في الافق جراء الخسائر الكبيرة في صفوفها وفقدان الادارة الامريكية لاسلحتها السياسية وعدم قدرتها علي تبرير احتلالها للعراق امام الرأي العام العالمي وحتي امام الرأي العام الامريكي بالمقابل عجزت الادارة الامريكية عن بناء قوة عسكرية من المليشيات المسلحة تحت مسمي جيش وطني لمساعدتها علي تقليل خسائرها البشرية والمادية. الامر الذي دعاها الي طلب النجدة من الانظمة العربية والحكومات الاسلامية لارسال قوات عسكرية الي العراق. سينتهي هذا الصراع الدموي حتما الي طرد المحتل وتحرير العراق واقامة النظام الديمقراطي الذي يكفل لجميع المواطنين حقوقهم كاملة ويعيشون كما كانوا في ظل اجواء التآخي والتسامح المعهودة بين العراقيين في مختلف العصور. 9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية