خلق ما

حجم الخط
0

«الحلول» في الصورة الشعرية أعني ولادة التعبير في صورة وان بناءها من مفردات تختفي وتحضر ليس شرطا أن يكون متصلا تماما، او منفصلا تماما عن يوميات الذات الشاعرة وعالمها الصوري.
هذه المسألة تحتاج منا تأملا عميقا في تجربتنا ولغتنا، هل تتناسخ الصور، هل تتناسل لما يرتطم بعضها ببعض، هل تفنى وتبعث، وهل إن الذاكرة الابداعية تختزن كل الصور التي تتشكل في الطبيعة وتنزه الابصار، وتتركها تنسل الى مساحات جديدة منها، وهناك في غامض النفس، وفي عميق الشعور، وفي المركب من المشاعر تتحول، وتولد في عمل المخيلة، وتمثلاتها التي تحتاج الى كشف. الصورة الشعرية مرتبطة بفكرة الجدة، وما لم تكن الصورة تنطوي على ما يفاجئ، فإنها تبقى بلا قدرة على الادهاش، الصورة مرتبطة، باستمرار، بالكشف والفتح.
ويخيل إليّ أن خلق الصورة الشعرية «المبتكرة» ليس نتيجة لعملية استعادة تجربة سابقة مجردة، أعني ليست تسجيلا لصور رأيناها، وها نحن نسوقها الى القصيدة ونصوغها من مفردات نختار أن تكون شعرية. الصورة أثر من شيء داهم مفاجئ من انزياح خطر وغير مكشوف للمرئيات المختزنة في الذاكرة، ومن ثم فإن الصورة الشعرية الوليدة حركية في التشكيل، وصادرة عن حفر في اللغة، وفي باطن الشعور، إنها ضوء تجربة ما، .
في ا لفن. الصورة الفوتوغرافية لها حيزها الجمالي والتاريخي ووقعها الخاص، كما هو الحال بالنسبة إلى المنظر الطبيعي الذي أطل عليه من شرفة بيتي، كالفيلم السينمائي، كما عيني وحياتي اللتين تتبعان المشاهد اليومية، وكما هو الحال بالنسبة إلى حركتي الشخصية كتفصيل في مشهد بين مشاهد وتفاصيل تنشىء لوحة المكان والزمان لكل من هذه العناصر الصورية حيزها المستقل وإمكان تداخلها في بعضها وصولا الى صور الحلم، والتي هي أقرب العوامل الصورية من الشعر.
أخيرا، لا بد لي ان اعتقد ان الصورة تحتاج الى وعي خاص، وقدرة استثنائية على أمتلاك الأدوات الفنية والفكرية للنفاذ إلى هذه المنطقة: الصورة، بسيطة ومركبة، في درجتها الخام البسيطة، أو في حالتها المشتبكة المعقدة. وفي كل الحالات، فإن الصورة الشعرية تنتمي الى عالم يفترض انه أشبه بالبرق المفاجئ والمدهش.
(صورة)
انتقيها لكم أيها القراء من ديوان (عقيق مصري) للشاعر العراقي شاكر لعيبي..
أنفاسك عابرة القارات/هبطت في باحة لادار/أقلقت الأصيصة، وأبكت القشة المستسلمة للنور/ أملاك يرفرف على رمش/ وورق الغار يخفق في ضلوك/والجار يغار/ من رفيف فراشات ثوبتك على الحبل/ وأنا عشيقك وأخوك.
إعلامية وشاعرة من البحرين

بروين حبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية