تونس ـ «القدس العربي» : قررت الحكومة التونسية تعليق نشاط الجمعيات المتورطة بالإرهاب، فيما أشارت مصادر صحافية إلى أن الإرهابي الجزائري مختار بلمختار هو العقل المدبر لهجوم الشعانبي الذي أودى بحياة 15 جنديا تونسيا.
وأصدرت خلية الأزمة التي تضم رئاسة الحكومة وبعض الوزارات المكلفة بمتابعة الأوضاع الأمنية، بيانا أعلنت فيه عن إحداث لجنة تتولى التدقيق في التمويل الداخلي والخارجي للجمعيات، والتعليق الفوري لنشاط الجمعيات التي يثبت تورطها بالإرهاب.
كما تضمن البيان الذي تلقت «القدس العربي» نسخة منه، تعزيز القدرة الميدانية للجيش والحرس الوطني عبر ضم حوالي 4 آلاف عنصر جديد بشكل عاجل إليهما، إضافة إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحق من يثبت تورطهم بخطاب تحريض أو تكفير.
وكانت السلطات التونسية بدأت في أيار/ مايو الماضي حملة واسعة لملاحقة جمعيات خيرية يشتبه بتورطها في دعم الإرهاب، فيما أشارت بعض المصادر إلى تورط حوالي 150 جمعية في تمويل جماعات مرتبطة بالقاعدة كتنظيم انصار الشريعة المحظور.
من جانب آخر، أثار قرار الحكومة إغلاق المساجد ووسائل الإعلام التي تروج لخطاب تكفيري انتقادات كبيرة من قبل بعض السياسيين، حيث اعتبر البعض أنه «غير قانوني» فيما أشار آخرون إلى أنه قد يعطي نتائج عكسية على وضع الإرهاب المتفاقم في البلاد.
واعتبر المقرر العام للدستور النائب الحبيب خضر أن قرار الحكومة إغلاق المساجد الخارجة عن سيطرة وزارة الشؤون الدينية يعتبر «قرارا غير دستوري»، مشيرا إلى أن الدستور يؤكد أن الدولة راعية للدين وكافلة لحرية ممارسة الشعائر الدينية، مطالبا الحكومة بمعاقبة الأئمة الذين يثبت تورطهم بالخطاب التكفيري، والتراجع عن العقوبة «الجماعية» المتمثلة بحرمان المصلين من ارتياد المساجد.
وأضاف في رسالة توجه بها إلى رئيس الحكومة مهدي جمعة «أدعوكم إلى الرجوع عن قرار إغلاق المساجد لأنه لن يكون إلا وقودا مؤججا لحواضن الإرهاب، في حين يكون من الأسلم تطبيق القانون دون تمييز (…) وأذكركم ختاما أن الفصل 21 من الدستور ينص على أن «المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز».
وفي تعليقه على قرار إغلاق وسائل الإعلام المتهمة بالترويج لخطاب تكفيري، قال رئيس نقابة الصحافيين ناجي البغوري إن الحرب على الارهاب لا يجب أن تكون ذريعة للمس من حرية الصحافة وتنوع المشهد الاعلامي كأهم مكسبين بعد الثورة رافضا وضع خطوط حمراء أمام الاعلاميين.
وأكد أن النقابة ترحب بالتصدي لهذه الوسائل، على أن يتم ذلك عبر الهيئة المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) وليس عبر السلطة التنفيذية، داعيا الحكومة الى التنسيق مع الهيئة باعتبارها هيئة دستورية.
بدورها، ردت الحكومة ببيان جديد أكدت فيه أن «إغلاق إذاعتي النور والإنسان (المتهمتين ببث خطاب متطرف) تم بالتنسيق مع الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري باعتبارها هيئة دستورية بعد إجراء استشارة معها في الغرض»، مبدية حرصها على «عدم المس بحرية الاعلام وتحييد كل خطاب تكفيري باعتبار انخراط الجميع في الحرب ضد الارهاب».
كما أكد البيان أن قرار إغلاق المساجد الخارجة عن إشراف وزارة الشؤون الدينية «لا يعد معاداة لممارسة الشعائر الدينية باعتبار أن الدولة راعية للدين كافلة لحرية المعتقد والدين حسب دستور البلاد»، مشيرا إلى أنه سيتم إعادة فتح هذه المساجد بمجرد تحييدها وخضوعها لإشراف الوزارة.
ويشيد المحلل العسكري مختار بن نصر بقرار إغلاق المساجد والإذاعات التي تبث خطابا متطرفا، مشيرا إلى وجود «حوالي 90 مسجدا بنيت بشكل مخالف ونصب بها أئمة لا علاقة لهم بالدين ساهموا بتأليب الرأي العام وبث خطاب متميز بالعنف والكراهية والتطرف».
وحول تعارض هذا القرار مع الحرية الدينية، أضاف بن نصر لـ «القدس العربي»: «مواضيع الحرية والديقراطية نحترمها ما لم تتعارض مع الحق الأعلى وهو الحق بالحياة والأمن، لأن الحرية بلا أمن تفقد مقوماتها وتصبح مهددة للأمن العام، ما معنى أن أكون حرا وأنا مهدد في حياتي، ونحن اليوم في معركة حقيقية مع الإرهاب وكل إجراءات تدفع نحو الأمن والاستقرار هي مطلوبة».
من جانب آخر، أشارت صحيفة «البلاد» الجزائرية إلى أن الإرهابي المنشق عن القاعدة مختار بلمختار (زعيم جماعة «الموقعون بالدم») هو العقل المدبر لهجوم الشعانبي الأخير الذي أودى بحياة 15 جنديا تونسيا، مشيرة إلى أن منفذي الهجوم تلقوا تدريبا بمعسكرات يشرف عليها بلمختار في مدينة الزنتان الليبية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر استخباراتية جزائرية وتونسية قولها إن «المجموعة التي قامت بالاعتداء دخلت من ليبيا قبل نحو شهرين فقط والتحقت بخلية جبل الشعانبي»، مشيرة إلى أنها استعانت لاحقا بشحنة أسلحة مهربة من ليبيا عبر مركبتين رباعيتي الدفع لاستخدامها في تنفيذ العملية الإرهابية.
ويرى بعض المراقبين أن منطقة الزنتان الليبية تحولت إلى معسكر تدريب للعديد من الجهاديين التونسيين والجزائريين يضم حوالي 5 آلاف مقاتل، يشرف على تدريبهم زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» سيف الله بن حسين (أبو عياض) بالتعاون مع حليفه مختار بلمختار.
وتؤكد بعض المصادر أن الرجلين يخططان للقيام بسلسلة من الهجمات على الجنوب التونسي بهدف احتلاله وجعله مركزا لعدة هجمات إرهابية على عدد من المدن التونسية.
ويقول بن نصر إن التنسيق بين الجماعات الإرهابية في المنطقة هو أمر بديهي، مشيرا إلى أن هذه الجماعات تتعاون فيما بيننا على صعيد التمويل أو السلاح أو المقاتلين.
ويتوقع قيام هذه الجماعات بالهجوم على بعض المراكز الأمنية في الجنوب التونسي، لكنه يستبعد كليا فرضية «احتلاله»، على اعتبار أن هذا الأمر يحتاج لبيئة حاضنة وظروف مواتية «كانهيار الدولة والجيش والنظام، ونحن لدينا دولة وأمن قويين ويقومان بمهامهما بشكل جيد جدا».
وكانت السلطات التونسية أعلنت في 2012 حدودها الجنوبية (المثلث الصحراوي) مع ليبيا والجزائر «منطقة عسكرية مغلقة»، في خطوة تهدف للحد من عمليات تسلل المسلحين والمهربين من دول الجوار.
حسن سلمان
تهويل وتشاؤم لامبرر لها.وعندما تتحول الحرية إلى فلاتان وفوضى من بعض الجهات والأطراف،فلا بد من مواجهة الوضع بحزم ،وهو ما قامت به الحكومة والذي جاء متأخرا.لذلك فهي مدعوة إلى مزيد من الحزم،لمواجهة الإنحرافات وتصحيح المسار.
ارى ان الشعب التونسي الشقبق له كل المؤهلات لتجاوز هده المحنة لانه شعب واعي وفوت كل المؤامرات التي تحاك ضده ودلك بالتسامح ووسطية المدهب المالكي الله ارح بلداننا من كل بلاء واصلح بالنا في هدا الشهر الكريم يالله -امين- وعيد مبارك وسعيد