المرصد الأورومتوسطي يطالب السعودية بالكشف عن مصير 3 ليبيين إعتقلوا في مطار جدة منذ منذ عام ونصف

عبد الحميد صيام
حجم الخط
0

 نيويورك – “القدس العربي”:

 كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان رسمي وصل “القدس العربي” نسخة منه، عن عدة وثائق وشهادات تثبت قيام السلطات السعودية بممارسة الإخفاء القسري المستمر بحق ثلاثة ليبيين منذ ما يزيد على 500 يوم، وقال البيان إن آثار هؤلاء اختفت منذ وصلوا إلى مطار جدة لمغادرة السعودية  بعد أداء مناسك “العمرة” في يونيو/حزيران من العام الفائت، محملاً السلطات السعودية المسؤولية عن جريمة إخفائهم قسرياً وداعياً إلى الكشف عن مصيرهم بشكل فوري.
ولفت الأورومتوسطي إلى أنه وبالرغم من أن السلطات في السعودية اعترفت في وقت لاحق بأن الأشخاص المذكورين كانوا محتجزين لديها، إلا أنها ادعت بأنها “قامت بإعادتهم من حيث أتوا”، فيما لم تظهر آثارهم في الأراضي الليبية أو في السجون السعودية، وتقول عائلاتهم إنها لا تعلم شيئاً عن أبنائها منذ اختفت آثارهم في السعودية، كما تنفي الحكومة الليبية الرسمية وصولهم إلى أي من المنافذ التي تسيطر عليها.
وفي تفاصيل البيان يبين المرصد الحقوقي الدولي أن الأشخاص الثلاثة الذين يجري إخفاؤهم قسرياً هم “محمد حسين علي الخذراوي” (34 عاماً)، و “محمود علي بشير رجب” (34 عاماً)، و “حسن محمد سالم زعيط” (28 عاماً)، وثلاثتهم من سكان منطقة الزاوية بليبيا.
وبحسب إفادة عائلاتهم لفريق الأورومتوسطي، كان ثلاثتهم عائدين في الساعة  15:30 على متن الرحلة رقم (609) التابعة لخطوط الأجنحة الليبية يوم 25 يونيو/حزيران 2017، والمتوجهة من مطار “الملك عبدالعزيز الدولي” بجدة إلى مطار “معيتيقة الدولي” بطرابلس الليبية، غير أن السلطات الأمنية السعودية أوقفتهم بحجة الاشتباه بأنهم مطلوبون  للسلطات الليبية، الأمر الذي تنفيه حكومة الوفاق الوطني المعترف بها رسمياً من قبل الأمم المتحدة.
وفي شهادته لفريق المرصد، قال حسين الخضراوي، والد أحد الثلاثة الذي جرى إخفاؤهم، إن ابنه توجه بتاريخ 31/5/2017 برفقة اثنين من أصدقائه  لأداء مناسك العمرة في السعودية، وفيما كان المخطط أنهم سيعودون يوم 25/06/2017 ألقي القبض عليهم بمطار الملك عبدالعزيز الدولي  دون معرفة الأسباب ودون توجيه أية تهم لهم.

وأضاف المرصد قي بيانه مقتبسا الخضراوي: “تقدمنا بطلب للنائب العام في ليبيا بهدف التواصل مع الخارجية الليبية للاستعلام عن واقعة الاعتقال، وبعد جهود كبيرة تواصل معنا ولَدي عبر الهاتف بتاريخ 17/07/2017 وأبلغنا أنه لا يزال موقوفا بالمنطقة الأمنية بجدة، وأن ضابط التحقيق أبلغه بشكل واضح بعدم وجود أية تهمة موجهة له وأنه موقوف بناء على طلب السلطات الليبية”.
ولفت الأورومتوسطي إلى أنه حين مراسلة حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وهي الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، نفى كل من وزيري الخارجية والداخلية تقديمهم أي طلب أو مذكرة قبض بحق المذكورين نفياً قاطعاً.
وقالت الخارجية الليبية إنها قامت عبر قنصليتها بجدة بمراسلة الخارجية السعودية، وقام القنصل الليبي بزيارة الموقوفين، والذين تبين أنهم موقوفون بحبس انفرادي منعزل وضيق، فيما أبلغته إدارة السجن بعدم وجود ما يستوجب حبسهم وأن “إخلاء سبيلهم مرهون بقرار السلطات العليا في الرياض”.  وتم نقلهم بعد ذلك إلى مكان أفضل وسُمح لهم بالتواصل مع الجهات الرسمية.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن وزارة الخارجية السعودية وبعد مضي شهر ونصف على احتجاز المذكورين الثلاثة، قامت بإبلاغ القنصلية الليبية في رسالة وجهتها لها  – وحصل عليها الأورومتوسطي- بأن الاشخاص الذين كانوا موقوفين للاشتباه بهم “تم إعادتهم من حيث أتوا”، وهو ما فُهم منه أنه تمت إعادتهم إلى ليبيا.

غير أن الحكومة الليبية كانت قد نفت في رسالة  وجهتها القنصلية الليبية بجدة إلى وزارة الخارجية السعودية وحصل عليها الأورومتوسطي وصول الأشخاص الموقوفين إلى ليبيا أو وجود أي تنسيق مع الحكومة الليبية بشأن تسلمهم، وقالت إنها ليست على علم بالإجراءات المتخذة، مطالبة السلطات السعودية  بالكشف عن حقيقة ما حصل والجهة التي سُلم الموقوفون إليها، أو تمكين القنصل الليبي بالسعودية من زيارة الموقوفين وتفقد أحوالهم إن كانوا ما زالوا في قبضة السلطات السعودية.

 وذكر الأورومتوسطي في بيانه أن النائب العام في ليبيا قام بمراسلة مصلحتي الجوزات والجنسية والطيران المدني في ليبيا للاستعلام عن دخول أي من الموقوفين للأراضي الليبية في التاريخ المشار إليه من قبل السعودية أو بعده، وأكدت هذه الجهات جميعها على أن الأشخاص المذكورين لم يعودوا إلى ليبيا عبر أيٍ من المنافذ التي تخضع لسيطرة حكومة الوفاق الوطني.

وقالت سارة بريتشيت، المتحدثة باسم الأورومتوسطي:  “إن القول بأن الموقوفين عادوا من حيث اتوا يحمل تأويلات واسعة ويثيير الشكوك بنوايا المملكة العربية السعودية ومدى مصداقيتها، خصوصا مع تجارب أخرى مشابهة لجأت فيها السعودية إلى تصريحات ضبابية متناقضة، أبرزها ما حصل مع الصحفي جمال خاشقجي”. وأضافت بريتشيت: “ستبقى السعودية مسؤولة عن الإخفاء القسري لهؤلاء إلى أن تكشف مصيرهم وتحدد مكانهم في سجونها أو أن تحدد الجهة التي نسقت معها  في ليبيا وما هي الوجهة التي أعادتهم إليها وعلى أي أساس”.

وتخشى عائلات المفقودين من أن تكون السعودية قد سلمت أبناءها للحكومة الليبية  في الشرق الليبي الخاضع لسيطرة القائد العسكري خليفة حفتر، وهي الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، والتي تتمتع بعلاقات قوية مع الرياض.
وقالت بريتشيت: “إن صح هذا الزعم فإن هذا يجعل مسؤولية الرياض مضاعفة. فهي من جهة لم تذكر أية معلومات عن تسليم هؤلاء والجهة التي استلمتهم، ما يمثل جريمة إخفاء قسري على مدار عام ونصف. وهي من جهة ثانية وعبر تعاملها  مع جهات موزاية لحكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأمم المتحدة تقوم بخرق قرارات مجلس الأمن التي توصي كل الدول الأعضاء بالتعامل فقط مع الحكومة الرسمية في طرابلس، وهي الجهة التي تتبع لها القنصلية الليبية في جدة”. وختمت بريتشيت بالتساؤل: “إن صح الخبر، فما هي الرسالة التي ترسلها الرياض عندما تقوم بتسليم أشخاص لجهة غير حكومتهم الرسمية؟”.

يشار إلى أن الأورومتوسطي حصل على شهادة سجين – يحتفظ المرصد باسمه- كان معتقلا في أحد السجون التابعة للقائد العسكري “خليفة حفتر”،  وأفاد بأنه شاهد “محمد الخضراوي”، أحد الأشخاص الثلاثة الذين جرى إخفاؤهم، يعذب من قبل عناصر تابعة لحفتر.
وقال والد الخضراوي: “منذ اختفاء ولدي قبل عام ونصف أعيش أنا والعائلة في وضع صعب للغاية، حيث لا نعرف حقيقة ما يتعرض له بالسجن ولا التهمة المنسوبة إليه ولم نتمكن من اتخاذ الاجراءات القضائية التي تكفل له الحق في محاكمة عادلة إذا كان مرتكبا لفعل يعد جريمة”. وأضاف: “يتبارد لدينا شعور حزين بالخوف من أن يكون ابننا مقتولا بذات الطريقة التي قتل بها خاشقجي. والدة محمد تدهورت صحتها منذ تاريخ اعتقاله حيث غابت عن الوعي أكثر من ثلاث مرات ومكثت في المستشفى أكثر من أربعة أشهر متواصلة”.

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات السعودية بسرعة الكشف عن حقيقة وجود الموقوفين لديها أو كيف تمت إعادتهم ولمن سلموا، محملا إياها المسؤولية القانونية عن سلامة الموقوفين وعدم تعرضهم للإيذاء. ودعا الأورمتوسطي الأمم المتحدة، ولا سيما الفريق العامل على حالات الإخفاء القسري، إلى التدخل من أجل الضغط على السلطات السعودية حتى يتم الإفراج عن الموقوفين وتعويضهم ومحاسبة المسؤولين عن جريمة إخفائهم قسرياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية