الرباط –« القدس العربي»:يتسارع تفكيك لغز جريمة القتل البشعة لفتاتين أوروبيتين في منطقة الحوز القريبة من مراكش، وتمكنت الأجهزة الأمنية المغربية من إلقاء القبض على المجرمين الأربعة الذين ارتكبوا الجريمة التي أطلق عليها «جريمة شمهروش» نسبة إلى المنطقة التي تمت فيها، دون أن تستبعد فرضية العمل الإرهابي.
وقال بيان للمكتب المركزي للأبحاث القضائية أرسل لـ»القدس العربي» أنه في إطار الأبحاث والتحريات المنجزة على خلفية مقتل السائحتين الأجنبيتين تمكن، وبتنسيق مع عناصر الشرطة بولاية أمن مراكش، أمس الخميس، من توقيف الأشخاص الثلاثة الذين يشتبه في مساهمتهم في تنفيذ هذا الفعل الإجرامي.
وأوضح بلاغ للمكتب التابع إلى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني أنه «تم توقيف المشتبه بهم في مدينة مراكش، ويجري حالياً إخضاعهم لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، من أجل تحديد ملابسات ارتكاب هذا الفعل الإجرامي، والكشف عن الخلفيات والدوافع الحقيقية التي كانت وراء ارتكابه، فضلاً عن التحقق من فرضية الدافع الإرهابي لهذه الجريمة والذي تدعمه قرائن ومعطيات أفرزتها إجراءات البحث».
قتل بالسلاح الأبيض
وأوقفت الأجهزة الأمنية، يوم الثلاثاء الماضي، اليوم الثاني لارتكاب الجريمة، المشتبه فيه الأول في مدينة مراكش، وذلك مباشرة بعد العثور على جثتي السائحتين النرويجية والدانماركية بعدما تعرضتا لجريمة القتل العمد بواسطة السلاح الأبيض في منطقة جبلية بجماعة إمليل.
وقالت مصادر التحقيقات بأن المشتبه بهم الثلاثة الموقوفين في مراكش، اليوم (امس) الخميس، قد ضبطوا لدى محاولتهم مغادرة المدينة، وأن جهود المكتب المركزي للأبحاث القضائية، بمعية معطيات المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والتنسيق مع الشرطة في مراكش، قد ساهمت بنجاعة في هذه العملية.
وقال بوبكر سابيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني، بأن فرضية الطابع الإرهابي لجريمة قتل السائحتين الأجنبيتين في منطقة إمليل بإقليم الحوز تبقى قائمة وغير مستبعدة، وبأن التحقيق متواصل لتكوين القناعات النهائية والوقوف على الدوافع الحقيقية لما حصل، وكشف أن الأبحاث تشير إلى أن عدد المشتبه فيهم الضالعين مباشرة في ارتكاب هذه الجريمة الشنيعة هم أربعة، واحد جرى توقيفه بعد ساعات قليلة من وقوع الجريمة، وثلاثة آخرون تم تحديد هوياتهم وجارٍ البحث لتوقيفهم.
وداهمت الأجهزة الأمنية المغربية، صباح أمس الخميس، عند الساعة السادسة والنصف صباحاً، حافلة نقل المسافرين القادمة من بني ملال في اتجاه أغادير، بعدما أوقفتها بعد انطلاقها بدقائق، حيث تم إخضاع المسافرين للتفتيش والتدقيق، قبل العثور على المشتبه بهم وبحوزتهم سلاح الجريمة.
وحسب المصادر، إن ثلاثة من المشتبه بهم الأربعة في الجريمة الشنعاء بإمليل، تتراوح أعمارهم ما بين 25 و33 سنة، ويمتهنون الرعي بالمنطقة، وهم كل من: عبد الصمد ايجود وهو من مواليد 1993 ويقطن بدرب زروال بالمدينة العتيقة لمراكش، ويونس اوزياد من مواليد 1991 والذي يقطن في منطقة العزوزية بتراب مقاطعة المنارة، ورشيد أفتاتي من المواليد 1986 ويعمل في التجارة ويقطن بجماعة حربيل في مراكش، ألقي القبض عليهم على الساعة السادسة والنصف صباحاً، أما المشتبه به الرابع الذي كان أول الموقوفين، يوم الثلاثاء الماضي، فيدعى عبد الرحمن خيالي، وهو من مواليد 1985، يسكن بحي العزوزية في مراكش، ويشتغل رصاص «بلومبي».
وعثر المحققون على عدد من الأشياء ضمن المحجوزات التي كانت في حوزة الثلاثة الذين تم توقيفهم ونشرت صورة تظهر عدداً من السكاكين مختلفة الأحجام و»جباد»، وهواتف نقالة، ومبلغاً مالياً صغيراً، بالإضافة إلى كتيب صغير «حصن الحصين»، وساعة، وبعض الحجارة التي تستعمل مع «الجباد»، بالإضافة إلى محفظة جيب.
القوى السياسية تدين
أدانت جميع القوى والتيارات السياسية المغربية الجريمة الإرهابية التي ارتكبت بحق الفتاتين، والتي ستنعكس سلباً على السياحة في المنطقة، خاصة وأنها سبقت بأيام احتفالات رأس السنة التي تشهد توافداً سياحياً أوروبياً مكثفاً.
وقالت سفيرة النرويج في الرباط، ميرثي نيرغارد، إنها لن تقدم أي تقرير يحذر السياح النرويجيين من السفر إلى المغرب، مؤكدة أنها لم تحس بغياب الأمن في المغرب بعد مرور سنة ونصف على قدومها للمغرب، وأن جريمة الحوز لن تغير من لغة تقارير السفارة في الرباط، وأن نصائح وزارة خارجية بلادها للسياح النرويجيين باتخاذ الحذر، رغم أن أغلب الرحلات للمغرب تمر بسلام». ونفت قدوم محققين نرويجيين للمشاركة في التحقيق في جريمة مقتل السائحتين.
ووصفت رئيسة وزراء النرويج، إرنا سولبرغ، جريمة قتل السائحتين بأنها «عمل وحشي وهجوم بلا معنى على أشخاص أبرياء»، وأضافت أن القضية تؤكد على أهمية مكافحة التطرف العنيف.
وأكدت المسؤولة النرويجية في ندوة صحافية، أمس الخميس، أنها تثق في تحقيقات السلطات المغربية التي تبذل قصارى جهدها لإلقاء القبض على المسؤولين عن مقتل السائحتين، مشيرة إلى أن خارجية بلادها على اتصال وثيق مع السلطات المغربية.
وقالت وكالة الأمن الداخلي الدنماركية إن التحقيق المبدئي «يشير، وفقاً للسلطات المغربية، إلى أن عملية القتل قد تكون مرتبطة بتنظيم ارهابي». وقال رئيس الوزراء الدنماركي، لارس لوكه راسموسن، إن حادثة القتل يمكن اعتبارها ذات «دوافع سياسية، وبالتالي فهي عمل إرهابي»، وأضاف أنه «لا تزال هناك قوى ظلام تريد محاربة قيمنا، ويجب علينا عدم الاستسلام».
وقال راسموسن للصحافيين في الدنمارك إنه «ما كان يجب للضحيتين الدنماركية لويزا فيستراغر غسبرسن والنرويجية مارن يولاند أن تقوما بـ»رحلة لقضاء عطلة تحولت إلى كابوس».
وحذرت السلطات في الدنمارك والنرويج مواطنيها، الأربعاء، من التنزه دون مرشدين محليين في المغرب بعد حادثة القتل. وعم غضب كبير مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار شريط فيديو «يشتبه» في كونه يوثق للجريمة البشعة، وتكثفت مطالب بتطبيق عقوبة الإعدام في حق مرتكبي الجريمة بسبب الصورة الوحشية التي ارتكبوا فيها جريمتهم، عبر قطع رأسي الفتاتين بدون رحمة ولا شفقة، حيث تظهر إحداهما وهي تصرخ قبل أن يتم قطع رأسها من طرف أحد الجناة، في حين يقوم آخر بتوثيق الجريمة بهاتفه النقال.