خبراء لـ «القدس العربي»: هكذا تستثمر موسكو القصف الإسرائيلي على مواقع إيرانية في سوريا

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي» : يبدو ان الانسحاب الأمريكي من شمال شرقي سوريا او ما بات يعرف بمنطقة شرقي الفرات أربك الموقف الإسرائيلي وجعله محط توجيه رسائل في اتجاهات عدة توحي بأن تل ابيب مستمرة في ضرب أي خطر يشكل تهديداً لأمنها، وفي المقابل وبالرغم من استياء القيادة الروسية وتعاملها بازدراء مع صديقها الإسرائيلي، اذ اتهمته بارتكاب انتهاك «صارخ لسيادة» سوريا من خلال عمليات القصف، وتصريح المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف بأن «التصرفات الاستفزازية لقوات الجو الإسرائيلية… هددت بشكل مباشر طائرتين مدنيتين» الا ان خبراء ومراقبين معارضين للنظام السوري رجحوا ان يكون القصف الإسرائيلي في محيط العاصمة دمشق اتى في اعقاب تنسيق مكثف بين مركز القيادة والسيطرة في حميميم ومركز القيادة في تل ابيب لتحديد اتجاهات الطيران وخطوطه وتحديد توقيت بدء وانتهاء العملية.
وأكدت موسكو أن إسرائيل انتهكت سيادة سوريا عبر الضربات الجوية التي نفذتها الثلاثاء، بعد تبادل الاتهامات بين سوريا وإسرائيل، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان «نحن قلقون جداً جراء الضربات وطريقة تنفيذها. هذا انتهاك صارخ لسيادة سوريا»، اما الدفاع الروسية فقد قالت على لسان وزيرها بأن الضربات الإسرائيلية شكلت خطراً على طائرتين مدنيتين، وقال المتحدث باسم الوزارة إيغور كوناشنكوف بأن «الهجوم جاء من الأجواء اللبنانية» فيما كانت «طائرتان، غير روسيتين، تستعدان للهبوط في مطاري بيروت ودمشق» مشيراً إلى القيود التي فرضت على استخدام الدفاعات الجوية السورية «لتفادي كارثة» فيما اعيد توجيه إحدى الطائرتين إلى قاعدة جوية روسية في سوريا.

موسكو: انتهاك صارخ للسيادة السورية… نتنياهو: لن نترك إيران تتموضع

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» أن «دفاعات الجو السورية تصدت لأهداف معادية في سماء ريف دمشق الغربي، وتمكنت من إسقاط معظم الصواريخ قبل الوصول إلى أهدافها»، موضحة أن «أضرار العدوان اقتصرت على مخزن ذخيرة وإصابة ثلاثة جنود بجراح» فيما قالت إسرائيل إنها تصدت «لصاروخ مضاد للطائرات أطلق من سوريا». ووفقاً لوزارة الدفاع الروسية، فقد «جرح ثلاثة أفراد من قوات النظام السوري في الهجوم الذي أسقطت فيه إسرائيل 16 قنبلة، دمرت منها الدفاعات السورية 14».

تنسيق روسي – إسرائيلي؟

واعتبر خبراء عسكريون وسياسيون معارضون للنظام السوري، أن التنسيق الروسي – الإسرائيلي في اعلى مستوياته، وتوقعوا في الوقت نفسه، أن تستثمر روسيا التطورات الأخيرة بين إسرائيل وسوريا لصالح أجندتها على الأراضي السورية، واكد مراقبون ان الضربات الإسرائيلية على ريف العاصمة السورية دمشق جاءت لإظهار القوة الإسرائيلية أمام ما تعتقده تل أبيب تمدداً ايرانياً، لاسيما بعد اعلان واشنطن الانسحاب من سوريا، مؤكدين أن الكيان الإسرائيلي حريص على الحفاظ على توازن القوى لصالحه.
الخبير السياسي والعسكري محمد العطار يرى حسب رؤيته وجود تنسيق إسرائيلي – روسي، مدللاً على ذلك لـ «القدس العربي» بـ «عدم تشغيل منظومة الدفاع الجوي إس 400 لصد الهجمات الإسرائيلية والا – في حال عدم وجود تنسيق – كانت القيادة الروسية أمرت بتشغيلها وأعطت نتيجة واضحة». وأعرب العطار عن اعتقاده بأن موسكو لا تستغني عن التفاهم الأمريكي في سوريا، معتبراً ان بوابة هذا التفاهم تبدأ بالتفاهم مع إسرائيل، مضيفاً ان «روسيا لا ترغب بإيجاد مشكلة مع إسرائيل طالما انها تنوي البقاء في سوريا في ظل الاستثمارات الطويلة المدى لها في البلاد، لذلك لا بد لموسكو من تأمين انسجام وتفاهم كي لا تكون هناك منغصات مستمرة بينها وبين الكيان الإسرائيلي».
واعتبر العطار الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله، اشعاراً من إسرائيل لايران بقدرتها على حماية ما تدعيه أمنها القومي وتأكديها على قدرتها على زعزعه استقرار القوات الإيرانية في سوريا ولبنان، وعدم تأثرها بالانسحاب الأمريكي.
ومن الواضح ان العلاقة الاستراتيجية الروسية الإسرائيلية، أقوى من أن يتم التضحية بها من أجل سوريا وإيران، لا سيما في ظل عدم الارتياح الروسي لتعاظم النفوذ الإيراني، ورفضها انشاء أي قواعد عسكرية إيرانية داخل سوريا، ومن هنا يرى مراقبون ان موسكو تستثمر التطورات الأخيرة بين إسرائيل وطهران في سبيل تقليم اظافر الأخيرة والضغط عليها.

نتنياهو: لا لتموضع إيران

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إن إسرائيل ستواصل عملياتها ضد التموضع الإيراني في سوريا، وأكد بنيامين نتنياهو في تغريدة على «تويتر» ان «القرار حول إخراج ألفي جندي أمريكي من سوريا لن يغير سياستنا المتواصلة: سنواصل العمل ضد المحاولة الإيرانية للتموضع عسكرياً في سوريا وعند الحاجة سنوسع رقعة عملياتنا هناك» مضيفاً في تصريحات صحافية ان الهدف من توسيع العمل «لمنع إيران من إقامة قواعد عسكرية ضدنا هناك، ولن نخفف من جهودنا بل نزيدها».
وفي هذا الاطار قال الخبير العسكري والاستراتيجي فايز الدويري ان التنسيق الروسي – الإسرائيلي واضح بشكل مؤكد وذلك على غرار التنسيق السابق ما قبل اسقاط طائرة اليوشن الروسية، وأضاف «يوم اسقاط الطائرة الروسية كان هناك تنسيق والخلاف دار حول وقت الانذار، روسيا قالت انذرنا قبل دقيقة وإسرائيل قالت قبل 10 دقائق». وأضاف الدويري لـ «القدس العربي»، «هناك تواصل مكثف وبالتالي المياه عادت لمجاريها وعاد التنسيق الروسي – الإسرائيلي لان هناك خشية من الوقوع بخطأ ما وضرب طائرات هنا وهناك وانا ارى ان التنسيق الروسي – الإسرائيلي عاد إلى ما قبل اسقاط طائرة اليوشن الروسية». ولفت إلى ان إسرائيل تترجم اقوال رئيس الوزراء بتوسيع دائرة عملها للتأكيد على انها لم تخسر نتيجة القرار الأمريكي بالخروج من شرق الفرات.
وحول استثمار روسيا لهذه الضربات قال الدويري موسكو لا تستثمر هذه الضربات آنياً بل تستثمرها استراتيجياً، «روسيا لا تستطيع حالياً اخراج إيران من سوريا بالمطلق، ولكن عندما تكون ورقة الضغط إسرائيلية وتقلم اظافر إيران إلى حد ما فيمكن للضغوط الروسية ان تنجح». وأضاف: لا بد من وجود تنسيق متكامل ما بين مراكز القيادة في حميميم وفي إسرائيل، بغض النظر عن طبيعة الأهداف، لكن «إسرائيل لا تعطي روسيا الاهداف بل تحدد خطوط الطيران ووقت الغارة والمناطق التي ستهاجم هي محطا دمشق الجنوبي الغربي اما تفصيلات الاهداف فتبقى قيد الكتمان».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية