واشنطن – أ ف ب: أثارت التوقعات المفاجئة التي نشرتها آبل بتراجع عائداتها وانخفاض مبيعات هواتفها الذكية «آيفون» تساؤلات بشأن مستقبل المجموعة العملاقة التي صنفت حتى وقت قريب رائدة الإبداع في قطاع التكنولوجيا بلا منازع. وأرجعت «آبل» الإعلان النادر عن توقعها تراجع عائداتها إلى «التباطؤ الاقتصادي» في الصين والأسواق الناشئة لدرجة فاقت التوقعات وأشارت إلى أن التوترات التجارية بين واشنطن وبكين تؤثر على مبيعات هواتفها الذكية.
لكن هذه الأنباء أثارت أسئلة بشأن إن كانت «آبل» أول شركة أمريكية تصل قيمتها السوقية إلى تريليون دولار وأغلى شركة في العالم حتى وقت قريب تواجه عقبات مؤقتة أم أنها بدأت بالتراجع عن موقعها الريادي. ويشير بعض المحللين إلى اعتماد «آبل» على مبيعات «آيفون» لدفع عجلة عائدتها وأرباحها، رغم محاولتها تنويع قاعدة منتجاتها وتقديم خدمات أكثر على غرار الموسيقى وعمليات الدفع الرقمية. وقال المحلل لدى «إيندبوينت تكنولوجيز أسوشياتس» روجر كاي إن «آيفون يدعم الشركة منذ أكثر من عقد».
وأضاف أن «العالم لا يشارف على نهايته بالنسبة لآبل، لكنه منعطف رئيسي. حتى الآن، تحدت آبل الجاذبية عبر النمو بشكل أسرع من أي شركة أخرى في السوق. لكن حسابيا، كان من المستحيل هزيمة السوق إلى ما لانهاية».
وتراجعت أسهم آبل بنحو 10 في المئة إثر أنباء الخميس حيث خسرت الشركة نحو 38 في المئة منذ بلغت قيمتها تريليون دولار العام الماضي. واعتبر كاي أن تحديد قيمتها السوقية بتريليون دولار «غير منطقي» ومبني على توقعات نمو الشركة التي يستبعد أن تحققها آبل بدون محفّز جديد. وتتعرض آبل، التي سجلت نمواً في الصين رغم عدم هيمنتها، إلى ضغوط ناجمة عن الرسوم الجمركية وغيرها من المسائل التجارية، والتي ازدادت حدتها جراء توقيف المديرة المالية لشركة «هواوي» الصينية في كندا بطلب من الولايات المتحدة. وتفوّقت هواوي على آبل كثالث أكبر مصنع للهواتف الذكية رغم تواجدها المحدود في الولايات المتحدة.
وورد في إعلان آبل رقم مخيب للآمال بشأن مبيعات آيفون، الدافع الرئيسي للعائدات والأرباح في عملاق التكنولوجيا في كاليفورنيا. وأفادت آبل أنها تتوقع تراجع مبيعات آيفون في أسواق ناشئة أخرى، ما يؤدي إلى تراجع العائدات رغم وجود بعض المؤشرات الإيجابية في الأسواق المتقدمة وفي منتجات وخدمات الشركة الأخرى. وخفضت الشركة التوقعات لعائداتها للربع الأول من العام المالي في 2019، الذي انتهى في 29 كانون الأول/ديسمبر، إلى 84 مليار دولار، وهو رقم أقل بكثير من توقعات المحللين التي بلغ معدلها نحو 91 مليار دولار.
وحذر بحث أصدره جين مانستر وويل ثومبسن من شركة «لوب فينتشرز» للاستثمارات من أن «سهم آبل بات عند مفترق طرق».
وأشارا إلى أن «بعض المستثمرين سيعتبرون أن السهم تعرض للكسر (…) لكننا تابعنا الشركة لمدة طويلة بما يكفي لنعرف أن هناك تقلبات دورية في علاقة السوق بآبل».
وأكد مانستر وثومبسن أن آبل ستحتاج إلى «منتج من فئة جديدة» أو عملية استحواذ كبيرة لتتمكن من استعادة زخمها.
ويرى بعض المحللين أن آبل أخطأت في رفع سعر هواتفها (آيفون) الجديدة إلى أكثر بكثير من ألف دولار في سوق الهواتف الذكية المغرق بدرجة كبيرة وحيث تزداد حدة المنافسة.
وقال المحلل في مجال التكنولوجيا الذي يساهم في مقالات في مدونة «راديو فري موبايل» ريتشارد ويندزر «أعتقد أن المذنب الرئيسي هو الأسعار المرتفعة للغاية التي حددتها آبل لأجهزة آيفون الجديدة». وأضاف «هذه ليست كارثة ولا مؤشراً على أن آبل تفقد قبضتها على سوق الهواتف الذكية لكنه مجرد سوء تقدير من قبل آبل بشأن كم سيدفع الناس لامتلاك جهاز آيفون».
وأثارت الأنباء الأخيرة الحديث عن «لحظة نوكيا» بانتظار آبل، في إشارة إلى الشركة الفنلندية التي كانت تقود سوق الهواتف المحمولة مطلع الألفية. لكن ويندزر قال «لا أعتقد بأي شكل من الأشكال أن ذلك يمثل لحظة نوكيا بالنسبة لآبل وذلك بكل بساطة بسبب عدم وجود أي شيء بعد يشكل تحديا جديا لآيفون» في قطاع السلع الراقية. بدورها، رأت كارولينا ميلانيسي من «كرييتف ستراتيجيز» أن آبل متميزة بين صانعي الهواتف الذكية نظرا لامتلاكها مجموعة من التطبيقات والخدمات التي تدر العائدات.
وأفادت ميلانيسي في مدونة «رغم أنه من الصحيح أنه لا يوجد منتج واحد حقق لآبل ما حققه آيفون» إلا أن لدى الشركة أفضلية على «جميع البائعين الآخرين الذين قد يبيعون كميات أكبر (من الهواتف) لكنهم لا يمتلكون طريقة مباشرة للاستفادة ماليا من مستخدميهم بعد إتمام عملية البيع». وأما باتريك مورهيد من شركة «مور انسايتس اند ستراتيجي» فقال إن «آبل» قد تكون غير قادرة على تحقيق النمو بمعدلات عشرية توقعها كثيرون في «وول ستريت» نظرا لحال سوق الهواتف الذكية الراهن. وصرح مورهيد «لست قلقا بشأن الشركة» لكنه أشار إلى أن المستثمرين سينتظرون ريثما تتمكن من إيجاد طريقة لتحقيق نمو في عائداتها «بمعدل عشري».