نواكشوط- «القدس العربي»، استبقت المعارضة الموريتانية في ندوة صحافية أمس تنصيب الرئيس محمد ولد عبد العزيز المقرر غدا السبت لمأمورية ثانية، بنشر ثلاث وثائق بعنوان « فساد نظام عزيز»، «انتخابات بلا مصداقية»، «قضايا مخلة بالقسم».
وأعلنت المعارضة أنها ستنظم اعتصاما احتجاجيا يوم غد السبت بالتوازي مع حفلة التنصيب، واصفة «تنصيب الرئيس ولد عبد العزيز أنه «إجراء عبثي غير دستوري ومضر بمستقبل العباد والبلاد»، عدا كونه يشكل «انتكاسة للديمقراطية».
وعرضت وثيقة الإخلال بالقسم لسبع قضايا اعتبرتها المعارضة حنثا من الرئيس ولد عبد العزيز في اليمين التي أقسم عليها، وسببا كافيا لتجريده من صفة الرئاسة؛ ومن بين هذه القضايا «رفضه تطبيق القانون المتعلق بالشفافية المالية رغم إصداره لقانون الشفاقية عام 2009»، و»التلاعب بالدستور من خلال الإبقاء على برلمان منتهي المأمورية»، و»صرفه خارج النظام لهبة قدرها 50 مليون دولار مقدمة من المملكة العربية السعودية»، إضافة «لتقييده مجرى العدالة فيما يتعلق بفضيحة حادثة 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 التي تعرض فيها هو نفسه لإطلاق نار»، و»طمس الحقيقة بشأن علاقاته المشبوهة بالقضية المعروفة بـ «غانا-غيت» المتعلقة بتبييض مبالغ من الدولارات الأمريكية المزورة، وبإمكانية التعاون في مجال تمرير المخدرات».
وتحدثت المعارضة الموريتانية ضمن هجومها الحالي على الرئيس في وثيقة ثانية بعنوان «انتخابات بلا مصداقية: سلطة بلا شرعية»، عن جذور الازمة السياسية التي تشهدها موريتانيا، محملة الرئيس ولد عبد العزيز «المسؤولية في إجهاض الحوار بين النظام والمعارضة، وعارضة ما أكدت أنه «واكب الحملة الإنتخابية من خروقات وعدم شفافية».
وأكدت في وثيقتها «أن الستار أسدل على المهزلة الانتخابية لكن بقيت الأزمة ماثلة بكل تجلياتها وأسبابها».
وأوضحت المعارضة «أن مقاطعة الغالبية العظمى من الشعب الموريتاني لما أسمته «المهزلة الإنتخابية»، واجماع القوى الديمقراطية على رفضها، قد سلبها كل مصداقية وكل شرعية، وهو ما يحاول النظام جاهدا تعويضه اليوم بحضور أكبر عدد من ممثلي الدول لحفل تنصيبه، الا أننا لا نحتاج للتذكير، تضيف المعارضة، أن «الشرعية الانتخابية تنال من الداخل وليس من الخارج».
وتحدثت الوثيقة الثالثة عما أطلقت عليه المعارضة مسمى «فساد النظام» المتمثل في أمور بينها منح الصفقات ورخص التنقيب بطرق مشبوهة، وتسيير المؤسسات خارج النظام، وصرف المساعدات الدولية خارج القواعد القانونية.
وأكدت أن «السنوات الست التي أمضاها ولد عبد العزيز في الحكم كانت كفيلة بإظهار وجهه الحقيقي، والكشف عن طبيعة نظامه أمام الموريتانيين والمراقبين الموضوعيين الذين أصبحوا اليوم مجمعين على تحلي هذا النظام بثلاث سمات جوهرية هي الغياب الكلي للضوابط الأخلاقية المتمثل في انغماسه في سلسلة من الفضائح الشخصية العلنية الغريبة، والاستبداد غير المحدود المجسد في تركيز السلطات، وتحويل مؤسسات الجمهورية إلى هياكل فاقدة للمعنى، والاكتفاء بمهازل انتخابية متكررة»، إضافى للشراهة التي تجسدت في الاستنزاف الممنهج لخيرات البلد من قبل ولد عبد العزيز استجابة لشهيته المفرطة للكسب الخاص أو لحساب مجموعته الأسرية».
وتحدثت الوثيقة ضمن تعدادها لمظاهر الفساد عن التعاقد مع شركتي «ذهب تازيازت» و»مناجم النحاس في موريتانيا مبرزة أنه كان من اللازم مراجعة الشروط التعاقدية مع هاتين الشركتين اللتين تمثلان 40 في المئة من رقم أعمال القطاع المعدني، وذلك لضمان حصول المجموعة الوطنية على أكبر استفادة ممكنة، بعد أن اتضح أن المعادن موجودة فعلا، حسبما جرى به العمل في الدول المنجمية».
«لكن الذي حصل، تضيف الوثيقة، هو أن رجال ثقة وضعوا في الهيئات القيادية لهذه الشركات، ليضمنوا للوسط العائلي المقرب من الرئيس وشركائهم في الأعمال وضعية احتكار شبه مطلق على جميع الخدمات التي ينجزها الموريتانيون لحساب هذه الشركات، كما يضمن هؤلاء الرجال الثقاة وصول الفوائد المتأتية من هذه النشاطات إلى حيث ينبغي أن تصل، ولضمان ذلك تم إنشاء شركات مملوكة للوسط العائلي المقرب من الرئيس».
وركزت الوثيقة على صفقة إنجاز مطار نواكشوط الدولي مؤكدة «اتفاق أغلب الخبراء على اعتبار تشييد مطار جديد بطاقة مليوني مسافر غير ضروري في هذه المرحلة من حجم حركة المسافرين الذين لا يصل عددهم حاليا لمائتي ألف مسافر».
وتناولت وثيقة الفساد كذلك قضية الـ 50 مليون دولار المقدمة من المملكة العربية السعودية لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فأكدت «أن المبلغ وجدته السلطات المنبثقة عن انقلاب 2008 في حسابات الخزينة العامة، فتصرفت فيه دون اعتبار للقواعد والترتيبات القانونية المرعية حيث صرف خارج علم البرلمان الذي هو السلطة الوحيدة المخولة بتقديم الإذن في صرف النفقات العمومية».
كما عرضت الوثيقة لمبلغ الـ 200 مليون دولار المقدم في إطار صفقة عبد الله السنوسي مدير الاستخابارات الليبية السابق فوصفت هذه الصفقة «أنها عملية لا يمكن أن يقام بها إلا في دولة همجية، حيث عرض نظام ولد عبد العزيز على المدير العام السابق لأمن القذافي الإقامة مع أسرته بأمان في موريتانيا، مقابل تعويض مالي، قبل أن يتم بيعه للسلطات الليبية الجديدة مقابل مبلغ 200 مليون دولار».
وبعد عرض هذه الوثائق أكدت المعارضة الموريتانية «أن نظاما يضرب عرض الحائط بأبسط القواعد الديمقراطية، ويسد الباب أمام كل الطرق المؤدية الى التناوب السلمي على السلطة، يشكل خطرا حقيقيا على السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي، ويعرض البلاد الى كل المخاطر والانزلاقات، في محيط دولي يطبعه الاضطراب والحروب وعدم الاستقرار».
وخلصت إلى «أن نظام ولد عبد العزيز «يتحمل وحده المسؤولية كاملة عن كل العواقب أمام الشعب وأمام التاريخ، بإصراره على التمادي في منطقه الانقلابي».
عبد الله مولود