الشرعية الدولية، الأمن القومي، حقوق الإنسان، حرية التدين، محاربة الإرهاب، مفاهيم مركزية ترفعها الدول المسماة ديمقراطية، برئاسة أمريكا، سيفا مسلطا على رقاب الدول العربية ـ الإسلامية، بصورة أخص، حسب رغباتها، وفي الزمان الذي تختار، وبناء على مصالحها.
كان التلويح، في كل الحروب ضد الأمة العربية، منذ المرحلة الاستعمارية الجديدة، بين الفينة والأخرى، بأحد تلك المفاهيم مبررا لتسويغ الحروب ضدها، أو فرض بعض القرارات عليها، وإن كانت تتعارض مع طبيعة المجتمع وتاريخه.
وفي الوقت الذي تخاض فيه، الآن، حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، يخرج علينا تقرير الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم، منتقدا ما أسماه «تفضيل» المذهب المالكي في المغرب، شاجبا إياه، وداعيا إلى تمكين النصرانية ومختلف المذاهب من ممارسة معتقداتها على قدم المساواة مع المذهب المالكي.
فما معنى حرية التدين إذا كان شعب ما أختار دينه ومذهبه منذ أكثر من ثلاث عشرة سنة؟ أليس من حق الشعب البقاء على دينه؟ أليس هذا حقا من حقوق الإنسان؟ وما معنى أن تبعث أمريكا بمخبريها «المبشرين» بالنصرانية في المغرب؟ أليس هذا تدخلا في الحرية الدينية التي يتبناها المغاربة؟ لماذا تريد أمريكا فرض التنصير على المغاربة، وهم الذين ظلوا عرضة للهجوم النصراني الإسباني ـ البرتغالي منذ أن طرد المسلمون من الأندلس ومحاكم التفتيش الرهيبة، إلى فترة الإستعمار الفرنسي الذي استمر ضد المغرب قرابة نصف قرن من الزمان؟ ألم يمارس الفرنسيون التنصير في جبال الأطلس، وباءت محاولاتهم بالفشل، وقبلهم الرومان الذين احتلوا المغرب عدة قرون؟
هل الدفاع عن حرية التدين والإنسان هي التي خولت لأمريكا التدخل في حياة الشعوب، لتسلبها حرية تدينها باسم حرية التدين؟ لماذا تستمع أمريكا إلى «شكاوى» المحميين الجدد، وهم لا يتجاوزون بضع عشرات من الأفراد، من تنامي التدخل في حريتهم الدينية، في الوقت الذي لا تنصت فيه إلى ممارسة الشعب بكامله إلى دينه ومذهبه الذي اختاره بوعي ومسؤولية خلال قرون. خلال الحرب على الإرهاب، اعتبرت أمريكا «المالكية» في المغرب، دين التسامح، وها هي الآن تعتبره «المذهب» المهيمن الذي تفضله الدولة على غيره، وتطلب من المغرب ترك المسافة نفسها للنصرانية وللوثائق الإسلامية غير المالكية. ما الذي يجعل أمريكا تدافع عن «الوثائق الإسلامي»» غير المالكية، وهي لا تقصد بها غير التشيع؟
إذا كانت الديمقراطية الأمريكية تقضي بفوز الأغلبية ولو بصوت واحد، وبذلك تفرض الأغلبية سياستها الداخلية والخارجية على الجميع، ماذا يقال عن عدد المغاربة المسلمين، بالقياس إلى عدد المسيحيين وأصحاب الوثائق الأخرى، ولو بالعدد المبالغ فيه، والذي يقدمه التقرير؟ أليست هذه هي «دكتاتورية الديمقراطية»؟
ماذا قدمت هذه الديمقراطية التي فرضتها أمريكا على العراق بإسقاط حزب البعث؟ ألم تستبدل «ديكتاتورية الحزب» بـ»ديكتاتورية الطائفة» علما أن الحزب كان يضم أطرا وكوادر ومناضلين من كل الطوائف والأطياف التي كانت متصلة بالنظام؟ ألم تترك الديمقراطية الأمريكية منذ خروجها من العراق بلدا مخربا ومنخورا ومفتتا وضعيفا، وها آثار «دكتاتورية الديمقراطية» التي زرعتها أمريكا في العراق شوكا، تحصد العاصفة؟
يتحدثون عن «حرية التدين» ويمارسون حربا لا هوادة فيها على المسلمين في أوروبا، ويتم فرض منع الحجاب باسم «الجمهورية». أليست الجمهورية هنا نقيضا للتدين وحرية الإعتقاد؟ ممارسات «دكتاتورية الديمقراطية» لا تعد ولا تحصى، وهي تستجيب للمحميين الجدد الذين يرفعون إليها «شكاويهم» ضد أوطانهم باسم حرية الإنسان والتدين، ويدعون عندما تخضع الدولة للقرارات الأمريكية المفروضة عليها، أنهم مناضلون وقدموا تضحيات جعلت الدولة ترضخ لمطالبهم.
لكن ما يجري اليوم في غزة لخير دليل على ديكتاتورية الديمقراطية الأمريكية والإسرائيلية. أليس باسم «الأمن القومي» الصهيوني تفُرض حرب غير متكافئة، وعلى كل المستويات، على شعب محاصر من كل الجهات منذ ثماني سنوات؟ أليس باسم «الدفاع عن النفس» تزهق مئات النفوس بدم بارد، وبأسلحة تزود بها أمريكا إسرائيل في خضم الحرب لقتل المزيد من الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير البنيات التحتية المفتقرة أصلا إلى أبسط ظروف عيش الإنسان في القرن الحادي والعشرين؟ من يتحدث عن «الأمن القومي» الفلسطيني؟ ومن يتكلم عن «دفاع الفلسطيني» عن نفسه ودولته ووجوده، وهو يتعرض للإبادة التي تعرض لها الهنود الحمر في أمريكا؟ تتباكى ديكتاتورية الديمقراطية على تدمير مدارس الأونروا، وتستنكر، ولكنها ترى تدمير المنازل والمدارس والمساجد دفاعا عن النفس. ما الفرق بين بضعة صواريخ تقذف من غزة، وآلاف الأطنان من الذخيرة التي ترسل بلا توقف من كل الجهات على المدنيين؟ كم عدد ضحايا الفلسطينيين وجرحاهم بالقياس إلى ضحايا إسرائيل؟ كم عدد الدول التي تدعم إسرائيل وتساندها في دفاعها عن أمنها القومي ونفسها، وعدد من يقدم للفلسطينيين مساعدات غذائية لن تصل؟ لا داعي للمقارنة. فالحق أبين والجرائم ضد غزة عوار. وتلك هي آثار همجية دكتاتورية الديمقراطية في دفاعها عن الشرعية والأمن والتدين وحقوق الإنسان والأقليات والطوائف.
ناقد مغربي
سعيد يقطين
مع الاسف الشديد صارت المجتمعات العربية مجتمعات غير سوية و غير متزنة مصابة بامراض و عقد نفسية مزمنة و يستحيل ان تجد بشر عادي رزين و غير متحمس او غير انفعالي بل ما يغلب هو غياب الثقافة العلمية الصحيحة و هيمنة اخلاقويات بئيسة مدمرة او كابحة لاية حركة فكرية و جسدية..انها شعوب حقا مقهورة مقموعة محرومة محدودة سطحاوية لا عمق فكري او روحي حقيقي بل الكل يبحث عن التسلط و الكل ينافق الكل و يداهنه و يراقب اذنى كلمة او حرف او حركة اتى بها الخ- ثمة هيمنة للغيبيات و البكائيات و الخرافات و تشبت بكل ما هو بالي و رفض للحداثة و للحضارة و للتقدم و للجمال و السمو الفني الرفيع- و قد عاينت استحالة حتى الحوار لسيطرة اللاعقلانية و غياب ضوابط لغوية محددة بالقاموس و غياب للثقافة القانونية و الانسانية و للحب و التسامح و العيش المشترك- و افضع ما اثار انتباهي هو قلبهم للحقائق البسيطة من عدل و ارادة و تاريخ و زمن و دولة و تفكير و علم و حرية الخ- انهم قدريون ميتافيزيقيون لا رابطة لهم بالواقع المعيش و لا بالارض او الطبيعة من حيوان و نبات الخ و لهذا يرجعون مثل الانسان البدائي كل ما يقع لهم على الاخر- مثلا على الاستعمار: الاستعمار لكن دزن قلب السؤال الى الذات: اه الاستعمار، طيب كيف اتى الاستعمار، اليس لان الذات مترهلة متجاوزة مكبلة متحجرة متبلدة متكلسة جامدة خاملة متخلفة الخ؟ اذن وجب قلب التفكير على سكته الحقيقية و الابتعاد عن اللاهوتيات و القيم القديمة و الفكر الخرافي؟
لن نصل الى حل عملي اذا بحثنا عن جذر الاساس في العمل الاصلاحي وبناء المسار الديمقراطي اذا سبقنا اولوية الوعي على الوعاء الانتخابي لان الاصلاح والديمقراطية يكونا ن على نفس الخط
السبب هو الجهل ومايترتب علية من فقر وتخلف , كل الظواهر الشاذة هي نتيجة لعدم الوعي وهناك من يصطاد في الماء العكر لإثارة الخلافات , النار تبدأ من عود كبريت . المغاربة أذكي من المصريين الفلاحين الطيبين , ولكن لكليهما عدوا واحد .