100يوم: السعودية تقطّع قضيّة خاشقجي بأمل اختفائها!

حجم الخط
12

استعيدت أمس الخميس ذكرى اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي بمناسبة مرور 100 يوم على الحادثة، وقد جرت في نهر القضيّة الغريبة، منذ ذلك الحين، مياه كثيرة بحيث كشفت الكثير من تفاصيلها وأدّت، بعد إعلان عدة روايات متناقضة، إلى اعتراف المملكة بمسؤوليتها عنها، ولكنّها، في الوقت نفسه، حرفتها من كونها جريمة سياسية أشرف عليها رأس النظام، ممثلا بولي العهد محمد بن سلمان، إلى جريمة موظّفين خططوا لإعادة صحافي صريح صار صوته مزعجا لأولي الأمر الكبار وحين فشلوا لجأوا إلى قتله، كما أنها تركت العديد من الألغاز المفتوحة دون حل.
شهدت الاستعادة عالميا إدراكا لأهمّية الحدث وضرورة اعتباره رافعة مناسبة لمحاولة تخفيف ثقل الاستبداد الجاثم على صدر السعوديين، وكان مهما، في هذا السياق، مطالبة منظمة العفو الدولية بفتح تحقيق دولي حول ملابسات القتل، في ردّ على تجنب السلطات في الرياض كشف معلومات ذات مصداقية.
كما كان مؤثرا نشر مجلة «نيويوركر» الأمريكية تقريرا للورنس رايت، أحد أصدقاء خاشقجي، والصحافي الذي عمل معه وتابع مسيرته الإعلامية عبر السنين. يردّ المقال الذي يجمع بين المشاعر الإنسانية الدافقة خلال استذكار علاقة طويلة بين صديقين، والمعلومات الضرورية المهمّة التي تشكّل ردّاً على بعض كارهي خاشقجي والمتململين من عدم انطفاء نار قصته في الصحافتين العربية والعالمية.
منذ الساعات الأولى لانكشاف الحادثة ساهم طابور طويل من الكتاب والإعلاميين والناشطين العرب في الدفاع عن مرتكبي الجريمة بطرق خبيثة وغير مباشرة، مردّدين روايات عن أن الرجل كان «جهاديا» مقرباً من تنظيم «القاعدة» كما كان عضوا في جماعة الإخوان، وهي حجج خرقاء وغير إنسانية.
الرجل كان فعلاً عضواً في جماعة الإخوان وانسحب منها لاحقا، وهو أمر يشاركه فيه طيف سياسي عربيّ واسع، فالعديد من قادة حركة الضباط الأحرار المصريين كانوا أعضاء أو مقربين أو متحالفين مع الإخوان (قبل الاشتباك الدموي بين الطرفين)، كما كان أغلب قادة حركة «فتح» (بمن فيهم أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد) من خلفية إخوانية (باستثناء فاروق القدومي الذي كان بعثيا) قبل أن يؤسسوا الحركة العلمانية الطابع.
يبين رايت أن خاشقجي كان دائما مسلما ملتزما ولكنه رفض توجه الحركة الإسلامية نحو العنف، وهذا أمر قام خصوم خاشقجي بتجاهله عمدا والتلاعب فيه، مشيرا إلى صفاته الأخرى كصراحته وجرأته مقدما أمثلة كثيرة عليها ومنها المقال الذي كتبه خاشقجي بعد هجمات نيويورك عام 2003 في جريدة «أراب نيوز» والذي حمّل فيه مسؤولية الفشل الثقافي في السعودية للوهابية التي تعتبر العقيدة السائدة للمملكة، ورفض فيه «ثقافة الإنكار»، وهذه المواقف وشبيهاتها كانت من أسباب عزله من منصبه كرئيس لتحرير صحيفة «الوطن» مرتين، وإيقاف فضائية «العرب» التي كان سيديرها بعد 12 ساعة من انطلاقتها.
من الحجج الأخرى التي دافعت ضمناً عن اغتيال خاشقجي أيضاً هي التذكير بعمله مع الأمير تركي الفيصل في لندن وواشنطن، وهو ما يعني أن عمل صحافيّ مع أحد مسؤولي بلاده أمر يبرّر قتله وتقطيعه وتذويبه بالمواد الكيميائية!
مدعومة من أمثال هؤلاء المثقفين والصحافيين والناشطين، وبتغطية من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحلفاء إقليميين وعرب، تتعامل السلطات السعودية مع قضية خاشقجي كما تعاملت مع الصحافي نفسه، فهي تقوم بتقطيعها إلى أجزاء بين الإعلام والمحققين والنيابة العامّة والدبلوماسية واللوبيات، على أمل أن تصل لاحقاً إلى تذويبها واختفائها كما فعلت مع الجثة بالضبط!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    لولا الإعلام العالمي لانتهت قضية خاشقجي بأقل من 100 ساعة! ومع هذا فهذا الإعلام لا يقف مع الحق الفلسطيني!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه (100يوم: السعودية تقطّع قضيّة خاشقجي بأمل اختفائها)
    جريمة قتل خاشقجي اكبر من الطبطبة الوقحة التي تحاول تقطيعها-بأمل اختفائها- جهات داخلية سعودية على رأسها ابن سلمان وخارجيةمعادية للحق والحقيقة وعلى رأسها نتنياهو وترامب .أما ابن سلمان فقد دلت القرائن الدامغة على كونه (الآمر الناهي) في الجريمة ومحاولة طمس دوره مستحيلة.وامانتنياهو فيرى بأن ابن سلمان هو ذخر استراتيجي لاسرائيل من الصعوبة أن يتكرر. وأما ترامب – وبالرغم من الإعلام الأمريكي والمخابرات والكونغرس-فكرمال عين نتنياهو (يدعس) على الجميع لأن إسرائيل ولوبياتها في امريكا هي القادرة على إعادة تثبيته في البيت الأبيض لاربع سنوات اخرى.
    حجة مسوقي ابن سلمان هي أن خاشقجي كان اخوانيا ويستحق القتل كونه خطرا على التوجه الصهيوصليبي الماسوني العالمي للقضاء على الإخوان وفكرهم الذي لا يتعايش مع الوجود الاسرائيلي على أرض العرب والمسلمين في فلسطين.
    وما الضير في كون خاشقجي إسلاميا اخوانيا(فالعديد من قادة حركة الضباط الأحرار المصريين كانوا أعضاء أو مقربين أو متحالفين مع الإخوان…. كما كان أغلب قادة حركة «فتح» بمن فيهم أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد من خلفية إخوانية).

  3. يقول سوري:

    مهما كانت صفة شهيد الكلمة جمال خاشقجي التي يلفقها الإعلام السعودي وزبانيته هل يعقل ان يقتل شخص خنقا ثم تقطع جثته بالمنشار وتذوب بالأسيد؟ هل هي أخلاق الإسلام الحنيف أن نقوم بهذا الفعل الشنيع وخاصة من قبل من سيآخذ لقب خادم الحرمين الشريفين؟ مئة يوم مرت على مقتل الشهيد وسيمر مئة عام وستبقى هذه الجريمة اللاإنسانية ملتصقة ليس فقط بأبي منشار ولكن بكل آل سعود

  4. يقول سامح //الأردن:

    *حتى لو نساها العالم كله ..
    فهل ينساها الجبار (الله رب العالمين)..؟؟؟
    *مصير (ابومنشار ) أسود من قرن الخروب
    والعياذ بالله من كل قاتل وظالم ومستبد.
    سلام

  5. يقول د. اثير الشيخلي - العراق:

    على الرغم من أن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يتعرضون هذه الأيام إلى أكبر حملة إقصاء و مطاردة و تشويه و تنكيل و تعذيب في سجون الطغاة، وعلى الرغم من إقصاء و عزل و سجن و اتهام رئيس منهم جاء بحكم الانتخاب الشعبي و من خلال الصندوق لأكبر دولة عربية و لأول مرة عبر تأريخها، و على الرغم من أنه لم يتمكن أحد من المدلسين و من يتهمهم بالإرهاب و الشيطنة بالإتيان على دليل واحد يثبت اتهامه
    على الرغم من ذلك كله، لا نزال نلجأ إلى إنكار الانتماء إلى الجماعة، بطريقة، و كأن الانتماء تهمة بحد ذاته
    .
    صحيح أن الهدف هو إبراز الحقائق و لكن طريقة النفي تجرنا في معظم الأحيان إلى رد تهمة تعطي انطباعاً و كأن الانتماء إلى هذه الجماعة هو جريرة كبرى!
    إلى درجة أن الكثير من العوام، صاروا يعتقدون أن الإخواني هو ابليس متلبس بشكل بشري.
    .
    فيما يخص الموضوع، أين حماسة و اندفاع الكونغرس الأميركي بالمناسبة؟!
    .
    كأنه انطفئ فجأة وبلا مقدمات!

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله عزيزي الدكتور أثير وحيا الله الجميع, أما بعد:
      لا يوجد أشرف من الإخوان المسلمين بمصر! والدليل هو بعدم وجود تهمة فساد واحدةً ضدهم ولم يظلموا أحداً من الشعب!! ولا حول ولا قوة الا بالله

    2. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

      السلام عليكم
      تحية طيبة مباركة للجميع
      أمّا بعد…
      شكرا للدكتور أثير الشيخلي على رائعته وكذا شيخ المعلقين الكروي داوود
      نقول بصوت مرتفع جدا جدا جدا اللهم أحشرنا مع الإخوان المسلمين في جنّة النعيم -إن شاء الله-ولا تجعلنا بجوار الإنقلابيين
      الإخوان المسلمون تاريخ وحضارة فمن ينكر هذه الأوصاف عليهم إلاّ جاحد أو في قلبه مرض -شفانا وشفاه الله-
      نحبهم في الله
      ولله في خلقه شؤون
      وسبحان الله

  6. يقول بلحرمة محمد:

    لا يجب فقط ان يركز الشرفاء والاحرار في هدا العالم على قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي بل يجب ايضا فضح جرائم محمد بن سلمان في اليمن الدي يشهد اكبر كارثة انسانية ستعد واحدة من اكبر جرائم التاريخ التي نفدها الطغاة في حق الانسانية فمهما حاول النظام اخفاء معالم جريمته النكراء فلن يستطيع دلك لان احداث التاريخ لن تنسى ولن يصيبها التقادم والا من منا لا يعرف ما فعله المستبدون والطغاة والمجرمون مند اول جريمة وقعت على الارض بين قابيل وهابيل ولدا سيدنا ادم عليه السلام.

  7. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    تحية طيبة مباركة للجميع
    قضيتان لا تنسى بفعل التقادم نظرا لأهميتهما في الوجود التاريخي (قضية فلسطين وجمال خاشقجي) والرابط بينهما الأولى اغتصبت أمام أعين الناس وما يسمى بالمجمع الدولي ولم يحركوا ساكنا والثانية(قضية جمال) رغم كل الدلائل والبراهين وكان الصمت المطبق من لدن الهيئات الرسمية وغيرها…ثمّ العامل الثاني الذي تشترك فيه القضيتان هو التخاذل العربي الرسمي وغير الرسمي مع الإعلام المتزلف الذي يدار ب(الكومند) في عدم نصرة القصيتين وكل ذلك استجابة لأمريكا وبني صهيون مقابل الحفاظ على كراسيهم في ظل سياسة رعناء يسيّره مراهقين وسماسرة ومجانين وللأسف ليس جنون العظمة بل جنون المجانين
    اليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

  8. يقول الكروي داود النرويج:

    جماعة الوهابية متشددة, وجماعة الإخوان متساهلة! أنا في الوسط بينهما !! أنا على مذهب الوسطية التابع لمجدد هذه الأمة الشيخ القرضاوي أطال الله بعمره ونفعنا بعلمه ولا حول ولا قوة الا بالله

  9. يقول Ali:

    والله لو أنفقوا ما في الأرض جميعا ما استطاع آل سعود أن يطمسوا هذه الجريمة حتى يزول ملكهم

  10. يقول AL NASHASHIBI:

    NO WEALTH CAN DELETE SANGUINARY CRIMINAL ACTION

إشترك في قائمتنا البريدية