بدء المشاورات في المغرب لاعداد صيغة لمنح الصحراويين حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية
كحل سلمي للنزاع المتفجر منذ اكثر من ثلاثة عقودبدء المشاورات في المغرب لاعداد صيغة لمنح الصحراويين حكما ذاتيا تحت السيادة المغربيةالرباط ـ القدس العربي من محمود معروف:بدأت المشاورات الرسمية بين القصر الملكي والاحزاب والمؤسسات المغربية المعنية بقضية الصحراء الغربية لاعداد صيغة مغربية لحكم ذاتي يمنح للصحراويين تحت السيادة المغربية كحل سلمي للنزاع المتفجر منذ اكثر من ثلاثة عقود.والتقي محمد معتصم المستشار الملكي يوم الجمعة الماضي ممثلي احزاب الاغلبية البرلمانية المكونة من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية والحركات الشعبية والتجمع الوطني للاحرار وحزب العهد واستمع الي رؤي كل منهم حول الحكم الذاتي للصحراويين وذلك بحضور رئيس الحكومة ادريس جطو ورئيس مجلس النواب عبد الواحد الراضي ورئيس مجلس المستشارين مصطفي عكاشة. ولم تتحدث المصادر او وسائل الاعلام الرسمية عن هذه المشاورات فيما اكتفت صحف حزبية بنشر الخبر دون تفاصيل بالتذكير بمواقف الحزب الناطقة باسمه من تطورات النزاع الصحراوي. واعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس في تشرين الثاني (نوفمبر) عن نيته اجراء مشاورات مع قادة الاحزاب المغربية والمجلس الاستشاري الصحراوي وشيوخ واعيان قبائل الصحراء الغربية لصياغة مبادرة مغربية بمنح المناطق الصحراوية حكما ذاتيا تتمتع فيها سلطاتها وهيئاتها بصلاحيات واسعة تحت السيادة المغربية.وحسب مصادر حزبية فإن محمد معتصم استعرض في لقائه مع احزاب الاغلبية مرامي وأهداف الملك محمد السادس من هذه المشاورات، وتم الاتفاق علي أن تقدم الأحزاب السياسية مقترحاتها نهاية مارس الجاري.ونفت اوساط شاركت في الاجتماع ان يكون محمد معتصم قد قدم مشروع صيغة لمبادرة العاهل المغربي وقالت ان معتصم قد اكتفي بوضع قادة الاحزاب الذين اجتمع بهم بصورة آخر تطورات النزاع والتأكيد علي ان اية افكار تطرح يجب ان تؤكد علي الوحدة الترابية للبلاد علي ان تقدم هذه الافكار المقترحات قبل نهاية اذار (مارس) الجاري. وشكلت الاحزاب المغربية منذ اعلان الملك محمد السادس مبادرته لجانا حزبية لبلورة رؤية كل منها للمبادرة وتحدثت اوساط حزبية ان احزابا سعت لتقديم رؤي مشتركة.وتصدر خلال الايام القادمة قرارات ملكية باعادة هيكلة المجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحراء والذي يتكون من شيوخ القبائل والاعيان وفعاليات وشخصيات صحراوية بارزة.واسس المجلس الاستشاري الصحراوي منتصف الثمانينات لكنه بقي دون حضور في المشهد السياسي والاجتماعي او الحقوقي وفقد الكثير من مصداقية كان يؤمل ان تلعب دورا في نيل ثقة الصحراويين به للمساهمة في تسوية النزاع او تقليص استقطابات جبهة البوليزاريو للشباب الصحراوي.ومن المقرر ان يقدم المغرب مبادرته بعد بلورتها الي مجلس الامن الدولي الذي من المقرر ان يبدأ سلسلة اجتماعات لمناقشة تقرير لكوفي عنان الامين العام للامم المتحدة يتضمن تطورات النزاع الصحراوي وتوصيات بتمديد ولاية قوات المينورسو المنتشرة في المنطقة لمراقبة وقف اطلاق النار.ويسعي المغرب من خلال مبادرة الحكم الذاتي تجاوز مأزق عملية التسوية لنزاعه مع جبهة البوليزاريو المدعومة من الجزائر التي تطالب بإقامة دولة مستقلة بالمناطق التي كانت حتي 1976 تحت الاستعمار الاسباني ويعتمد المغرب علي تأييد الصحراويين في المناطق الصحراوية لمبادرته ليتمكن من تسويقها دوليا واقليميا كتسوية نهائية للنزاع.وتخلص التسوية التي تشرف عليها المنظمة الدولية منذ 1991 الي اجراء استفتاء يقرر من خلاله الصحراويون مصيرهم في دولة مستقلة او الاندماج بالمغرب. الا ان عملية التسوية تعرف جمودا منذ منتصف التسعينات لخلاف بين اطراف النزاع حول الصحراويين الذين تحق لهم المشاركة في عملية الاستفتاء.وتبني مجلس الامن الدولي صيف 2003 افكاراً لوزير الخارجية الامريكي الاسبق جيمس بيكر المبعوث الخاص للامم المتحدة تقترح منح الصحراويين حكما ذاتيا مؤقتا تحت السيادة المغربية علي ان يتبع ذلك استفتاء تقرير المصير وهي الافكار التي رفضها المغرب لكونها تكليف الامم المتحدة للمغرب لاعداد البنية التحتية للدولة الصحراوية المستقلة دون ان يرفض فكرة الحكم الذاتي شرط ان يكون دائما.وتتباين رؤي الاحزاب المغربية حول تفاصيل الحكم الذاتي، وتري بعض هذه الاحزاب ان ما يجب ان يمنح للصحراويين هو صلاحيات واسعة لهيئات منتخبة في اطار الجهوية او اللامركزية الموسعة التي يتضمنها الدستور المغربي، فيما لا تمانع احزاب اخري منح الحكم الذاتي للصحراء الغربية في اطار المغرب مع ضمانات بأن يكون الحل النهائي كما تشترط احزاب الا يقتصر أي وضع متميز علي المناطق الصحراوية المتنازع عليها وان يشمل هذا التميز مختلف الاقاليم المغربية.وتخشي اوساط مغربية من ذهاب مسألة الحكم الذاتي للصحراء الي ابعد من تسوية النزاع مع جبهة البوليزاريو وخلق توترات في جهات واقاليم مغربية اخري تحفزها الفكرة للمطالبة بمثلها.وترفض جبهة البوليزاريو اقتراح الحكم الذاتي وتعتبره محاولة التفاف علي قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والتي تؤكد علي استفتاء تقرير المصير.وعرف النزاع الصحراوي خلال الاسبــــوع الماضي تصعيدا دبلوماسيا واعلاميا علي اثر تنظيم جبهة البوليزاريو احتفالات حاشدة في منطقة تيفاريتي بمناسبة الذكري الثلاثين لاعلان جمهوريتها.واعتبر المغرب اختيار تيفاريتي الواقعة خارج الجدار الامني انتهاكا لقرار مجلس الامن الدولي لوقف اطلاق النار وبعث برسائل احتجاجية الي الامين العام للامم المتحدة طالبه فيها بالتدخل لمنع هذه الاحتفالات، الا ان الامم المتحدة اعربت عن املها بأن لا يقوم أي طرف في النزاع الصحراوي بخطوات تؤثر علي استقرار وامن المنطقة. وتعرف مدن الصحراء الغربية منذ عدة اسابيع توترات ومواجهات بين السكان ورجال الشرطة ادت الي خلق فجوة واسعة بين الصحراويين والسلطة تستفيد منها جبهة البوليزاريو في اثارة قضايا حقوق الانسان والحريات في المنطقة. واتهمت اوساط مغربية سلطة القرار في بلادها بالعجز والضعف في تدبير ملف النزاع الصحراوي. وقالت اسبوعية الجريدة الاخري هناك ارتجالية واضحة في تدبير الملف وهناك ضعف شديد في التواصل الاعلامي مع الرأي العام وهناك احزاب شاخ معظمها ولم يعد قادرا علي فرض حقه في صناعة القرار الاستراتيجي .واضافت الاسبوعية ان هناك عجزا شديدا في وضع طرق جديدة لتفكير استراتيجي عميق وليس هناك اية مؤسسة سياسية او استراتيجية او بحثية او امنية حكومية او غير حكومية لبلورة نواة للتخطيط الاستراتيجي ووضع سيناريوهات محتملة امام صاحب القرار تشارك فيها عقول سياسية وبحثية وامنية وعسكرية واوضحت ان كل ذلك تم تلخيصه في محيط محدود وحلقة حديثة العهد بالحكم ووسط لا يفرق بين الامن القومي للوطن والامن الشخصي للافراد .