معركة «كسر عظم» بين اللوبي الصهيوني ونجوم هوليوود

حجم الخط
6

هوليوود ـ «القدس العربي»: عندما بدأت الشعوب العربية تثور ضد طغاتها قبل ثلاثة أعوام، تسارع نجوم هوليوود ومسؤولوها لاعلان تعاطفهم ودعمهم لمساعي العرب لنيل الحرية والتخلص من ظلم حكامهم.
ولكن هؤلاء المناصرين للحرية لم يجرأوا على اعلان استنكارهم للعدوان الاسرائيلي الأخير على غزة، الذي أدى الى مقتل وتشريد الآلاف من الابرياء او ان يعبرا عن دعمهم لحق الشعب الفلسطيني بالحرية كغيره من الشعوب.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، حاولت انتزاع تعليقات من بعض النجوم على الوضع في غزة ولكنهم راوغوا في كلامهم واكتفوا بتعليق عام.
كان من بينهم ميك جاغر، المغني الرئيسي لفريق الروك «رولينغ ستونس» الذين أقاموا أول حفل موسيقي لهم في تل أبيب الشهر الماضي. ورد جاغر منفعلا عندما طلبت منه التعليق على استنكار زملائه من الفنانين لظهوره في اسرائيل، قائلا «هذا غير صحيح. لم ينتقدني أحد». وأضاف انه يجب على الفنانين أن لا يتدخلوا في أمور لا يفهمونها.
عدم فهم الواقع هو الاتهام الذي يوجهه مؤيدو اسرائيل الى المشاهير، الذين يصرحون عن دعمهم لحقوق الشعب الفلسطيني. فقد قال رئيس قناة «التينس» الاسرائيلي- الاصل، كين سولومون: «من حق المشاهير أن يشاركوا في قضايا اجتماعية وبيئية، ولكن تدخلهم في قضايا سياسة خارجية غير منطقي».
وعلق على تغريدة نجمة موسيقى البوب ريهانا «الحرية لفلسطين» على شبكة تويتر قائلا: «مع احترامي لريهانا، هي لا تفهم في هذه الامور، ولهذا يجب عليها أن لا تتكلم عنها».
يذكر أن ريهانا قامت بحذف تغريدتها خلال دقائق بعد أن هوجمت بشراسة من قبل مؤيدي اسرائيل، كما فعل نجم كرة السلة دوين هاوارد، بعد أن تعرض ايضا للاستنكار والتهديد بسبب نشر تغريدة مؤيدة مشابهة.
وقام وكلاء اعلام النجوم بتحذير زبائنهم من التدخل في أمور سياسية تتعلق باسرائيل والا فان مصيرهم في هوليوود سيكون كمصير النجم الاسترالي- الاصل ميل غيبسون الذي اتهم اليهود بأنهم كانوا مسؤولين عن كل حروب العالم عام 2006 عندما كانت اسرائيل تقصف لبنان بدون رحمة خلال حربها مع حزب الله. وحتى هذا اليوم ما زال غيبسون معزولا في هوليوود.
طبعا مؤيدو اسرائيل ومن ضمنهم رؤساء الاستوديوهات وممولو الافلام يقومون بالترويج لاسرائيل ودعمها في عدوانها ضد غزة ماديا واعلاميا، وهم كما اسرائيل يتهمون حماس بمسؤولية الحرب الراهنة ويدّعون أن اسرائيل تدافع عن نفسها من الصواريخ الفلسطينية.
ومؤخرا ظهرت لافتات في لوس انجليس تقول «ماذا ستفعل اذا اطلقت الصواريخ من المكسيك على المدن الامريكية؟» ولكن هذه اللافتات حققت عكس غايتها، مثيرة اشمئزاز المكسيكيين، وهم الأغلبية في ولاية كاليفورنيا، بدلا من جذب التعاطف مع اسرائيل.
هذا الخوف من النفوذ الصهيوني لا يقتصر على نجوم هوليوود فقط، وإنما يتشعب في كل مراكز القوة في امريكا وخاصة الكونغرس، حيث صف كل أعضائه بجانب اسرائيل ضد غزة، رغم كشف استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة عن أن 41 ٪ من الشعب الامريكي يناهض سياسة اسرائيل. هذه الاستطلاعات تدل على ان سيطرة اللوبي الصهيوني التامة على الرأي العام في امريكا بدأت تتضعضع، وذلك لان الشعب الامريكي ادرك مؤخرا ان الاعلام الرسمي لا يبث اخبارا وانما ترويجا لاسرائيل ومصالحها وتعتيما عن جرائمها في غزة، وبالتالي سعوا الى شباك التواصل الاجتماعي والاعلام الاجنبي لاستسقاء الحقائق التي يحاول الصهاينة ان يخفوها عنهم.
بلا شك أن التكنولوجيا الحديثة كانت عاملا مهما في فضح الاعلام الامريكي الرسمي. فعندما قامت شركة NBC بفصل مراسلها في غزة، أيمن محيي الدين، اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي بنار الاستنكار والاحتجاج، مما اجبر NBC على التراجع في قرارها، وذلك حطم حاجز الخوف عند مراسلي المحطات الامريكية الاخرى في غزة الذين شرعوا ببث مشاهد الدمار وصور أشلاء الاطفال التي مزقتها القنابل الاسرائيلية امريكية – الصنع. هذه المناظر هزت الضمير الامريكي الذي كان لا يرى هذا النوع من البشاعة الاسرائيلية والعناء الفلسطيني من قبل.
وبدأت تظهر مقالات في ابرز الصحف الامريكية، مثل «نيويوك تايمز»، و»واشنطن بوست»، تستنكر سياسة اسرائيل، ولأول مرة تتهمها بجرائم حرب. بعض نجوم هوليوود أيضا كسروا صمتهم مثل جون كوزاك الذي نشر تغريدة على شبكة تويتر قال فيها منتقدا أنصار اسرائيل: «قتل الاطفال ليس دفاعا عن النفس»!
كما فشل الصهاينة في إجبار المغنية الشابة، سيلينا غوميز، على حذف تغريدتها على تويتر، حيث نادت معجبيها بالدعاء لاهل غزة. تغريدتها حققت أكثر من 700 الف «معجب» من الجيل الصاعد.
وهذا يؤكد ما تبين في استطلاعات الرأي العام أن الاغلبية الساحقة للشباب في امريكا هم متعاطفون مع الشعب الفلسطيني. وذلك أيضا بفضل برامج تلفزيونية اخرى رائجة بين الشباب مثل «ذي ديلي شو» الذي يقدمه جون ستيوارت، وهو معروف بانتقاداته اللاذعة لسياسة اسرائيل وتعاطفه مع الشعب الفلسطيني، رغم أنه يهودي فخور.
هذا التغيير االتدريجي في النظرة الامريكية تجاه الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني بدأ يدحر النفوذ الصهيوني الذي صار يتخبط امام القوى الجماهيرية الهائلة التي اصبحت لا تصغ لادعاءته الكاذبة ولا تخشى تهديداته. السؤال هو: هل ستؤثر هذه الجماهير على رأي صانعي القرار في واشنطن؟
من الجلي أن حرب غزة الأخيرة قد غيرت قواعد اللعبة في الاعلام الامريكي وضعضعت التأثير الصهيوني فيه، ولكن اللوبي الاسرائيلي ما زال اكثر قوة ونفوذا من الحكومة الامريكية نفسها في واشنطن، مسيطرا بشكل تام على الكونغرس ومتحكما بسياسة امريكا الخارجية. حتى الرئيس أوباما الذي كان من مؤيدي القضية الفلسطينية قبل استلامه للحكم، يتصرف الآن وكأنه كان عميلا لاسرائيل، مما يدل على أن الطريق لتغيير سياسة واشنطن تجاه الشرق الاوسط ما زالت طويلة وشائكة.

حسام عاصي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول وليد جبرين - فلسطين:

    اعتقد ان كثيرا من الزعماء الامريكيين لم يكونوا يكنون العداء للشعب الفلسطيني وهم في مرحلة ما في حياتهم ولكن لزوم ما لا يلزم على قول ابي العلاء المعري يدفعهم الى تغيير نهجهم للوصول الى مأربهم الرئاسي . على ان هذا الرئيس الحالي قد اختلف حاله عمن سبقه فهو كان مؤيدا لحقوق الانسان حول العالم وفي الداخل الامريكي ان كان على صعيد الامريكيين السود او حركات حقوق المرأة بل انه كان معروفا عنه تأييده لحقوق الشعب الفلسطيني وكان صديقا مقربا من الفلسطيني الناشط وليد الخالدي ولكنه ما لبث ان ابتعد عنه بمجرد ان فكر بخوض انتخابات الحزب الديمقراطي كمرشح عنه لانتخابات الرئاسة الامريكية ضد الحزب الجمهوري بل انه حسب بعض التقارير قد طلب صراحة من الخالدي ان لا يتصل به بعد الان ؟؟!! اما جيمي كارتر فهو قد صار من الناشطين في حقل الدفاع عن المظلومين في هذا العالم ومنهم الشعب الفلسطيني بعد خروجه من البيت الابيض ولكنه قد صم أذنيه عن الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني خلال فترة رئاسته من عام 76 الى عام 80 وهو عام هزيمته في انتخابات فترته الرئاسية الثانية امام الجمهوري رونالد ريغن . اعتقد ان اي شخص يريد الدخول الى هذه المؤسسة الامريكية فلا بد له ان يترك ضميره في البيت الصغير قبل ان ينتقل للعيش في البيت الكبير ( الابيض ) والا فان مجرد الحلم خلال النوم بدخول البيت الابيض امر لا يجوز وغير مقبول بل وربما يؤدي بصاحبه الى تهمة ما من التهم المكارثية التي سادت في خمسينيات القرن الماضي .

  2. يقول ابن بطوطة -فلسطيني:

    لا مراهنة على الرأي العام الامريكي حتى لو كانت نسبة التأييد لفلسطين 70% هذا لن يغير شيئا … لا يوجد ديمقراطية فعلية في امريكا .. الرئيس يصعد و لا ينتخب .. اصحاب راس المال يصعدون الرئيس الذي يصب في مصالحهم طبقا للمرحلة .. على سبيل المثال اوباما الداعم الاعمى للاسرائيل اليوم بعد انتهاء ولايته سيصبح فلسطينيا مئة في المئة – هكذا كل الرؤساء الامريكين محكمون للوبي مشترك امريكي محافظ و صهيوني .. حيث يرتبطون في مصلحة عضوية في ما بينهم

  3. يقول م. حسن هولندا:

    الإسرائيليين يفرضون أنفسهم خبراء في كل مايتعلق بالعرب والمنطقة العربية . ويتهمون أى غربي , ممن هم من القمة علي وجه الخصوص , يتواصل ويتفاعل مع العرب مباشرة بأنة لا يعرف شيئ عنهم , من الفن الي الإعلام الي السياحة والسياسة والتجارة خاصة من هم في القمة , . ينصبون أنفسهم خبراء وأوصياء علي كل الشرق الأوسط كنز الإسرائيليين . هوايتهم الأولي دق الأسافين بين الغرب والعرب وتشوية سمعتهم . والعرب فريسة سهلة علي مايبدوا . ريهانا = ريحانة .

  4. يقول نابلسي كنعاني وليس عربي:

    ما اريد ان افهم كذلك موقف هذا الممثل “كلوني” من مشكله فلسطين الذي صدعنا بجنوب السودان وغيرها. وماذا عن خطيبته العربيه “علم الدين ” التي تدافع عن حقوق المظلومين،الم تثقفه في نزاهه الحق الفلسطيني؟.

  5. يقول طاهر الفلسطيني المانيا:

    بسم الله الرحمان الرحيم.
    عندما تكون مساندآ للحق وبعد استلامك منصبآ حساسآ كرئيس او وزير الخ… وفجأة تساند الباطل , هذا كله يرجع الى الذين وضعوك في هذا المنصب , ووضعوا لك خطوطآ حمراء لايجوز لك ان
    تتخطاها مهما كان السبب . لتأكد من ذلك راجع في كتب ( بروتوكولات حكماء صهيون ) والقسم الماسوني.

  6. يقول سلمى:

    الجيل الأمريكي الجديد مختلف لكن في البداية الامريكيون بحاجة إلى ديمقراطية حقيقية و ليس ” زائفة” حتى يستطيعوا التأثير على قرارات الحكومة. ربما عندهم حريات و حقوق مدنية تفوق ما عند العرب آلاف المرات و نظام قضائي ذا استقلالية لدرجة كبيرة لكن بالنسبة للقرار السياسي فتأثير الفرد محدود. المضحك حقا هو تلك اللافتات الموضوعة في لوس أنجلوس التي ترى فيها مكسيكيين في كل مكان. قمة الغباء من واضعيها.

إشترك في قائمتنا البريدية