مصر بلا ظهير إعلامي أو سياسي والأوطان تُبنى بالحريات أولاً لا بكتم الأنفاس

حسنين كروم
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: ركزت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 14 يناير/كانون الثاني على الزيارة السريعة التي قام بها الرئيس السيسي للأردن ومحادثاته مع الملك عبد الله الثاني، التي تأتي بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكية للبلدين ولبدان أخرى في المنطقة، وموافقة مجلس النواب على تجديد العمل بقانون الطوارئ لمدة ثلاث سنوات أخرى، بدون أن يثير أي اهتمام حتى لدى من يهتمون بالسياسة أو بالعمل الأهلي، وكأنه إجراء روتيني.

زيادة أسعار الخدمات وتسديد فواتيرها بسعرها العالمي في يونيو المقبل وأبو تريكة يحرز هدفا لمصر

واستمرار حملات الهجوم على أمريكا بعد محاضرة وزير خارجيتها في الجامعة الأمريكية واتهامها بمحاولة إشعال الفتنة بين السنة والشيعة، ودفع العرب للصدام مع إيران لمصلحة إسرائيل، وتجاهل القضية الفلسطينية وسخرية من قوله إن امريكا قوة خير. وقوات الأمن تبدأ بشن حملات في الصعيد للبحث عن عناصر إرهابية تابعة لخلية ولاية الصعيد التي يقودها الداعشي عمرو سعد عباس. وإشادة بموقف محمد أبو تريكة لدوره في حصول مصر على تنظيم مباريات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، والمطالبة بعودته إلى مصر. ومصدر في النيابة العامة يصرح لـ«القدس العربي» بأنه لا توجد أي موانع قانونية لعودته. والحكومة تسمح لدور النشر المملوكة لإخوان مسلمين المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب. وتحذيرات من لجوء الحكومة لزيادة أسعار الخدمات في يونيو/حزيران المقبل. والبرم والعواصف الترابية تغلق حديقة الحيوان.
ولا تزال الاهتمام الشعبية موجهة إلى موضوعين الأول موجة البرد القارس والعاصفة الترابية التي الزمت معظم المصريين الاختباء داخل بيوتهم. والثاني امتحانات نصف السنة. وإلى ما عندنا من أخبار متنوعة..

حكومة ووزراء

ونبدأ بالحكومة والوزراء والمقلب الذي تدبره للمواطنين لتزيد الحياة صعوبة أمامهم أكثر مما هي صعبة، ونبهنا لهذا المقلب مشكورا في «الوفد» علاء عريبي بقوله: «هل دخل المواطن المصري يمكن أن يساعده في شراء المرافق، كهرباء غاز مياه وقود بسعرها العالمي؟ هل العامل والموظف والمتقاعد سيقدر على تسديد فواتير الخدمات بسعرها العالمي؟ الاقتصاديون سبق وعرفوا الفقير بالمحتاج، أو الشخص الذي لا يكفي دخله احتياجاته الأساسية. وأتذكر أن الجهاز المركزي للإحصاء في مصر أصدر تقريراً عن نسبة الفقراء، وكانت 28٪ من السكان، حوالي 30 مليون نسمة، قيل يومها أن 6٪، 5 ملايين نسمة منها تعيش في فقر مدقع. وفي تقرير تالٍ صدر قبل شهور أو أسابيع، عرّف الفقراء بمن يقل دخلهم عن 8 آلاف جنيه في الشهر، ومبررات التقرير، تعويم الجنية، ارتفاع الأسعار، ثبات الدخل، ارتفاع نسبة التضخم، ارتفاع نسبة البطالة. الحكومة بادرت إلى مساعدة الشريحة التي تعيش تحت خط الفقر فقدمت معاشا شهريا تحت مسمى «تكافل وكرامة»، المعاش نقل أبناء هذه الشريحة من تحت خط الفقر إلى شريحة المدقع، حيث تقوم الوزارة بصرف حوالي 500 جنيه أقل من المبلغ الذي حدده البنك الدولي، إذا أضفنا لهذه النسب من يتقاضون راتباً 1200 جنيه في الشهر، وهي نسبة كبيرة من العمال والموظفين، وأيضاً من يتقاضون 8 آلاف جنيه، حسب تقرير وتعريف المركزي يتضح أن حوالي 80٪ من العمالة المصرية في القطاع الخاص والحكومة، تدرج ضمن شريحة الفقراء وهم: الأشخاص الذين لا يكفي دخلهم احتياجاتهم الأساسية، السؤال: هل هذه الشرائح يمكن أن تتحمل زيادة أسعار الخدمات: الكهرباء المياه الغاز الوقود، ابتداء من يونيو المقبل؟ هل بمقدرة أغلب المصريين التعايش مع خدمات تباع بأسعارها العالمية؟ هل زيادة دخل الموظف والعامل والمتقاعد 10 و15٪ سيساعده على تسديد قيمة الخدمات بسعرها العالمي؟».

كاريكاتير

لكن في «الأخبار» علمنا من رسامها عمرو فهمي معلومة مهمة، رغم أنها صادرة عن مواطن بسيط حشاش يدخن الجوزة ويقول لصديقه: وبيقول الحكومة هي اللي مطلعة على نفسها إشاعة أنها مديونة علشان تهرب من الديانة.

ترشيد الاستهلاك

لكن زميله محمد الهواري في «الأخبار» دافع عن الحكومة وقال عنها: «ارتفاع الأسعار ليس مقصوراً على مصر فقط، بل أصبح ظاهرة في كل دول العالم.. ولكننا نتعامل معه في مصر ببذخ شديد، بينما يتعامل العالم معه بترشيد الاستهلاك والشراء على قدر الاحتياجات فقط، بل في أوروبا يشترون الفاكهة والخضراوات بالثمرة الواحدة، ويقتصدون في شراء الملابس، خاصة أن الضرائب لديهم تصل 50٪ من الدخل. رغم ارتفاع الأسعار إلا أن مصر هي الأرخص في أسعارها عن دول العالم وأقل الدول في فرض الضرائب، رغم أن الدولة في مرحلة بناء وإعداد قاعدة واسعة من البنية الأساسية يرتكز عليها تقدم مصر.. ورغم أبواب العمل المفتوحة إلا أن الشباب يسعى لاختيار الوظيفة، التي قد لا تناسبه ويسعى للعمل في الحكومة، مع عدم توافر الفرص لذلك، ويهاجر الآلاف سنوياً من الريف إلى المدن ليزيدوا التكدس فيها، حتى أصبحت القاهرة عاصمة مكتظة بالناس والسيارات والزحام المستمر طوال أيام الاسبوع بما فيها الإجازات.. كل هذا رغم ارتفاع أجور العمال في الزراعة، وفي العديد من مجالات العمل في الريف.. ولكن ارتفاع تطلعات المواطنين وراء الهجرة المستمرة من الريف إلى المدن. اعتقد أن نشر التنمية في كل المحافظات سوف يساهم في مزيد من الاستقرار لابناء الريف في محافظاتهم، بعد فتح أبواب العمل والرزق في المشروعات الجديدة، ونشر المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لتحويل الأسرة الريفية إلى أسرة منتجة، مع إقامة شركات لتجميع هذه الصناعات وتسويقها والتوسع في إقامة المعارض لعرض هذه المنتجات. مصر بخير.. وتتقدم باستمرار مع نجاح سياسات الإصلاح الاقتصادي وتوفير البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات الخارجية وتشجيع المبادرات المحلية».

تنظيم ولاية الصعيد

لكن هناك إنجازا آخر تقوم به وزارة الداخلية وانفرد بنشره في «الشروق» مصطفى عطية وهو§ تنظيمها حملات موسعة في الصعيد للقبض على الإرهابيين في تنظيم ولاية الصعيد التابع لتنظيم «داعش» وقال: «أطلقت الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية حملات استباقية موسعة في محافظات الصعيد ومنطقة الواحات لتطهيرها من العناصر الإرهابية، والبحث عن العناصر التكفيرية الموالية لخلية «ولاية الصعيد» التابعة لتنظيم «داعش» التي يقودها الإرهابي الهارب عمرو سعد عباس، المتورط في عمليات استهداف الكنائس والأقباط على مدى السنوات الماضية، والتي كانت تخطط لعمليات إرهابية قبل ذكرى ثورة يناير/كانون الثاني، وقال مصدر أمني، إن العناصر الإرهابية تتنقل من مكان لآخر نتيجة للضربات الاستباقية الموجعة التي توجهها وزارة الداخلية بالتنسيق مع القوات المسلحة، كما تحاول الهروب بعيدا عن الرصد الأمني. وأوضح المصدر في تصريحات لـ«الشروق» أن أفراد الخلية يسعون لاتخاذ بعض المدقات والكهوف والأخوار الجبلية في محافظات الوجه القبلي مكانا آمنا للاختباء عن الأعين، ومن ثم الانطلاق لتنفيذ مخططاتهم العدائية، مؤكدا رصد الأعين الأمنية لكل التحركات والمخططات التي يسعون إلى تنفيذها. وأشار إلى أنه تمت الاستعانة بقصاصي الأثر لتحديد عدد من المسارات التي يمكن أن تتخذها عناصر الإرهاب للهرب إلى ليبيا، كما تم تحديد عدد من المدقات الصحراوية في جميع الاتجاهات التي يمكن أن تسلكها العناصر الإرهابية والإجرامية، مؤكدا على أن الحملات مستمرة على مدى 24 ساعة لتعقبهم؛ حيث تم التركيز على مخارج ومداخل تلك المحافظات والمدقات الجبلية المؤدية إلى الطرق الصحراوية تجاه المنطقة الغربية».

أين ثوار يناير؟

«أين ثوار 25 يناير/كانون الثاني الآن؟ لماذا اختفوا؟ يتساءل محمد أمين في «المصري اليوم» ويواصل، أين ثوار 30 يونيو/حزيران؟ ماذا بقى من الثورة في عامها الثامن؟ ما علينا من 25 يناير، لأن البعض يصفها بأنها انتفاضة ويتحدث عن مساوئها وتكلفتها، فأين رموز ثورة 30 يونيو، مع ملاحظة أن رموز يناير هم رموز 30 يونيو، ولكن «رموز يونيو» ليسوا بالضرورة «رموز يناير»؟ وبوضوح شديد، هل يمكن استضافة المستشارة تهاني الجبالي في التلفزيون المصري، مع أنها واجهت الإخوان؟ هل يمكن استضافتها في أي فضائية الآن؟ الإجابة لا. هل يمكن استضافة خالد يوسف، المخرج الذي تم اتهامه بأنه عمل فوتوشوب لثورة 30 يونيو؟ وقس على هذا الدكتور نور فرحات، المحامي الوطني القدير، والدكتور محمد أبوالغار الطبيب العالمي. هل هؤلاء ممنوعون من دخول ماسبيرو؟ هل يستطيع أحد استضافة وزراء سابقين معروفين بالاسم؟ هل كل هؤلاء ممنوعون بلا قرار مكتوب. هذه الأسماء حين تُعرض يطلبون منك أن تعتذر لهم، هل يعقل هذا بالذمة؟ هل تعرف أن طارق فهمي وخالد رفعت ومصطفى حجازي ممنوعون؟ هل تعرف أن نواباً خارج 25/30 «ممنوعون»؟ فمن الذين يظهرون في التلفزيون بالضبط؟ ومن الذين يظهرون في الفضائيات؟ لا تعرف، ليست هناك قائمة بالأسماء الممنوعة، ليست هناك أيضاً قائمة بالأسماء المسموحة، لكنني يمكن أن أخمن، إنهم نجوم الكرة ونجوم الفن الذين ليست لهم أي مواقف سياسية الأسماء التي ثبت أن لها مواقف لا تظهر، كل من كتب «بوست» سياسيا معارضاً لا يُسمح له أبداً. وللأسف أصبحت الفضائيات برامج منوعات وستات فقط. ولا أود أن أشير إليها لأنها ليست الهدف بالنسبة لي على أي حال. ثم يتحدثون عن فشل الإعلام ببساطة الدولة هي التي أفسدته، ثم راحت تبحث عنه وبراءة الأطفال في عينيها، وحرقت كل رموز الإعلام، وهم يعانون الآن من حالة اكتئاب يكتبون على «فيسبوك» وينتقدون كل شيء أو «يصمتون كمداً». المشهد الإعلامي تغير جداً والمشهد السياسي تغير أيضاً، وأصبح نجوم الفضائيات من فريق «كورال الأطفال» ضيوف الفضائيات من فرقة «خمسة مواه» مع احترامى لهم. هذه السياسة لا تصنع إعلاماً له رسالة، لم يسأل أحد نفسه: لماذا أنفقنا المليارات؟ ما هي الرسالة؟ إذا أردت أن تعرف الإجابة، إسأل أولاً من هو المرسل؟ من هو رجل الإعلام المؤثر؟ لا يصح أبداً أن تكون مصر بلا ظهير إعلامي أو سياسي فالأوطان تُبنى بالحريات أولاً والمجتمعات لا تبنى بكتم الأنفاس، فلا اقتصاد ناجح بلا حريات سياسية وإعلامية. منع الناس من الكلام عملية قتل معنوي، الأسماء التي ذكرتها مجرد نماذج فقط وبناء الإنسان يبدأ بعودة الحريات أولاً».

الرئيس والملك

وإلى الرئيس السيسي وزيارته المفاجئة للأردن ومحادثاته مع الملك عبد الله الثاني، التي أعقبت زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمصر والأردن ومحاضرته في الجامعة الأمريكية، التي كشف فيها عن سياسة بلاده في المنطقة. وبحث الاثنان القضية الفلسطينية وإعلانهما التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على الأراضي في حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لكن «الأهرام» في تعليقها أشارت إلى قضية أخرى خاصة بالعلاقات المصرية الأردنية وتعرضها لمشاكل لم تفصح عنها قالت: «القمة تدحض التقارير غير الدقيقة التي تحدثت عن حصول «خلل كبير» في الآونة الأخيرة في مستوى التنسيق الأمني والسياسي بين الأردن ومصر، وأن عمان ليست على معرفة دقيقة باتجاهات الإدارة المصرية بخصوص آخر تطورات القضية الفلسطينية، إلا أن الواقع يؤكد حرص القاهرة على ملء الفراغ في المعلومات عند الأردن، بخصوص تطورات القضية الفلسطينية، وفضلا عن ذلك فإن زيارة السيسي عمان بلا شك ترتبط برغبة القاهرة في التشاور مع القيادة الأردنية بخصوص الأفكار التي حملها معه إلى المنطقة وزير الخارجية الأمريكى مؤخرا، خصوصا في ما يخص شروحات واشنطن لأسباب وخلفيات الانسحاب العسكري الأمريكى من سوريا».

جولة وزير الخارجية الأمريكي

لا تزال جولة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في الدول العربية ومحاضرته التي ألقاها في الجامعة الأمريكية عن سياسة بلاده الجديدة تثير عاصفة من الاستنكار، وتتهم أمريكا بأنها تريد توريط الدول العربية في صراع مع إيران وتزيد من حدة الخلاف السني ـ الشيعي لحساب إسرائيل ومصلحتها، بدون أن تقدم أي عمل إيجابي للقضية الأهم للعرب وهي قضية فلسطين، وهو ما دفع الإعلامي ياسر عبد العزيز إلى أن يلمح في «المصري اليوم» إلى ميل مصر للطرح الأمريكي بقوله: «يبدو أن حرباً ضد إيران لم تعد خياراً مستبعداً في عهد ترامب، ويبدو أيضاً أن السيناريو الثالث «تطوير حالة حشد وتهديد صارمة ضد إيران قد تقود إلى حرب» هو السيناريو الذي تم اختياره لمواجهة التحديات الاستراتيجية التي يخلقها السلوك الإيراني. سيستلزم ذلك كما قال بومبيو، الأسبوع الماضي في القاهرة، «التصدي لإيران بدلاً من إقامة العلاقات معها» وستنشأ عن ذلك «مسؤوليات جديدة على الحلفاء» ستكون مصر والسعودية والإمارات والأردن ودول أخرى في المنطقة ضمن هذا التحالف الذي سيواجه إيران، وهو تحالف ربما يذهب إلى الحرب. لا ترى مصر أن الحرب يمكن أن تكون حلاً ناجعاً لكثير من المشكلات لكن علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والتزاماتها تجاه حلفائها في الخليج قد تأخذها إلى هذا التحالف».

رؤية مصر للقضية الفلسطينية

وفي «الأهرام» قال مكرم محمد أحمد: «في ظل الخلاف القائم بين رؤية مصر الواضحة لمستقبل القضية الفلسطينية، التي تؤكد حل الدولتين وضرورة أن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، ورؤية الولايات المتحدة المبهمة التي تقتطع القدس من التفاوض، باعتبارها عاصمة الدولة الإسرائيلية بقرار أحادي منفرد. يصعب الحديث عن تطابق المواقف الأمريكية والمواقف المصرية، بعد زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو الأخيرة، التي أعلن فيها انتهاء ما وصفه بعهد التقاعس الأمريكي، وأن الولايات المتحدة تعمل في الشرق الأوسط كقوة خير وتحرير، وليست قوة احتلال، وأن ما يقلقها بالفعل هو تدخل إيران الخبيث في المنطقة، لكن ما من شك أن اتساع مساحات التوافق الإستراتيجي بين القاهرة وواشنطن حول العديد من القضايا المهمة يُعد مكسباً مهماً للسياسة المصرية».

الناتو العربي

أما زميله الدكتور عمرو عبد السميع في «الأهرام» فكان أشد عنفا في هجومه على أمريكا التي ألحقت الضرر بمصر وقال: «المطالع لنص خطاب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ـ الذي ألقاه في الجامعة الأمريكية خلال زيارته القاهرة ـ لابد سيتوقف أمام اعترافه العلني الذي أدان السياسات الأمريكية تجاه مصر والمنطقة في عصر أوباما، حيث ذكر أن القيادات الأمريكية أخطأت في قراءة التاريخ، ما أثر سلبا على صورة أمريكا الخارجية وأضر بالمصالح المصرية، وأثر على حياة الملايين من الشعب المصري، وجميع شعوب المنطقة وأن بلاده أخطأت في تقدير قوة وشراسة الإسلام السياسي المتطرف، فإن تلك الكلمات تدعو إلى التساؤل حول السبب الذي دفع أمريكا لاختيار هذا الوقت بالذات لتقديم ذلك الاعتراف، ثم هل يمكن أن يتبدل الشعور بعدم الثقة تجاه الولايات المتحدة الذي استقر في الضمير العام المصري من النقيض إلى النقيض؟ طبعا الملف تكتنفه تعقيدات شديدة مثل ضرورة الإجابة على الأسئلة التالية، هل قدمت أمريكا اعترافها على لسان وزير الخارجية وهي تحاول دفع مصر إلى قبول دخول حلفها الذي تزمع إقامته في المنطقة «الناتو العربي» ضد إيران بحيث يتكون من دول الخليج والأردن ومصر؟».

صورة أمريكا الملائكية!

وإلى «الوفد» وسخرية الدكتور مصطفى عبد الرازق من قول بومبيو إن أمريكا قوة خير وقال:
«من الغريب أن بومبيو الذي يمثل الخير، ويحرص على تسويق صورة ملائكية لبلاده في الخطاب، تغافل عن قوى الشر الإسرائيلي التي تعيث في المنطقة فساداً على صعيد التهام الحقوق العربية، سواء في فلسطين أو على صعيد دورها المشبوه في القضاء على سوريا. قد لا يكون مطلوباً من بومبيو أن يناقض نفسه ويعلن إدانته لسياسات تل أبيب، غير أنه ربما كان من ضرورات الصراحة التي أشار إليها، ألا يبالغ في مقولاته بشأن الخير الأمريكي الذي يلوح في خياله في ما الشر الأمريكي يحيط بالمنطقة من كل جانب، لكن الإنصاف يقتضي الإشارة إلى أن بومبيو لم يحاول أن يقدم لنا صورة خادعة بشأن ما يجري في العراق، فلأن الأوضاع بالغة السوء، ولأنها تدين المواقف والسياسات الأمريكية بدون مواربة بفعل الخراب الذي وقع بسبب الاحتلال الأمريكي لها، فإن الرجل عرّج على الأمر سريعاً موحياً بأن بلاده تخرج من هناك بعد أن استتبت الأمور هناك بدون التطرق لذلك الأمر بصراحة».

سياسة ترامب

ولو ذهبنا إلى «الشروق» سنجد رئيس تحريرها عماد الدين حسين يفسر قول بومبيو بان أمريكا قوة خير بقوله: «كان يمكن تقبل هذا القول على مضض في أي وقت غير هذا الوقت الذي يدير فيه الولايات المتحدة الرئيس الحالي دونالد ترامب. من سوء حظ بومبيو أن غالبية كلمات وتعبيرات وتويتات وتصريحات رئيسه ترامب تصطدم تماما مع ما قاله بأن بلاده هي قوة للخير في الشرق الأوسط. قوة الخير الأمريكية موجودة وحاضرة في مجالات كثيرة ومنها الجامعة الأمريكية في القاهرة، التي مرّ على تأسيسها مئة عام. وقوتها الخيِّرة موجودة في الجامعات ومراكز الأبحاث الكثيرة التي تقدم للإنسانية أفكارا واختراعات متعددة، لكن سياسات وتصريحات ترامب وإدارته مختلفة ومتصادمة مع غالبية القيم والأفكار والاتجاهات السابقة، ومن سوء حظ بومبيو أن ترامب، وقبل أقل من أسبوع أعلن في تبرير قراره بالانسحاب من سوريا أنها «أرض الرمل والموت وليست أرض الثروات الضخمة». ومنذ بداية حملته الانتخابية فإن إحدى صفات ترامب أنه صريح حد الصدمة، والرجل لا يخفي أفكاره، وخلال عامين كاملين، أو ربما أكثر رفع ترامب شعار: نحن موجودون في أي مكان في العالم لمن يدفع لنا، لدرجة أن البعض اعتبر هذا الأمر يحول القوات الأمريكية إلى مرتزقة. قبل شهور أعلن ترامب أنه سوف ينسحب من سوريا، وحينما أعلنت السعودية معارضتها لهذه الخطوة قال لهم: «إذن عليكم أن تدفعوا مقابل بقائنا في سوريا»، وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان ترامب في غاية السفور وهو يطلب من السعودية أن تدفع مقابل حمايتها، وقال وقتها تعبيرا صدم كثيرين: «قلت صراحة للملك سلمان إنه لن يظل في الحكم لأسبوعين من دون دعم الجيش الأمريكي، لذلك عليك أن تدفع». ما فعله ترامب مع السعودية لم يكن خاصا بها فقط، بل كرره مع كثيرين، هو هدد حلف الأطلنطى بأن عليه أن يتحمل عبئا ماليا أكبر. هو أيضا طالب اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا بأن تدفع أكثر مقابل الحماية العسكرية الأمريكية. نقل ترامب سفارته للقدس العربية المحتلة ودعم الكيان الصهيوني من دون حدود، ويريدنا أن نتقاتل مع إيران على أسس طائفية فقط، بما لا يفيد إلا تل أبيب. مرة أخرى أمريكا قوة للخير في العديد من المجالات العلمية والطبية والفنية والتكنولوجية، لكن في ما يتعلق بسياسات ترامب في منطقتنا فهي موجهة لخدمة إسرائيل أولا ولمن يدفع مقابل الخدمة ثانيا».

الخداع الأمريكي

وأخيرا إلى عماد آخر هو عماد الدين أديب وقوله في «الوطن» محذرا من خداع الأمريكيين للعرب والاتفاق مع إيران في النهاية على حسابهم: «كل شيء مؤجل لحين الانتهاء من موافقة الطرفين على تسوية إقليمية مقبولة تُرضي كلاً منهما، وأزمة هذه التسوية أنها صراع بين عقلين تاجرين: العقل الإيراني وهو عقل تاجر السجاد في البازار الإيراني، الذي يتصف تقليدياً بالصبر اللانهائي في كل شيء بيعاً وشراء. والعقل التجاري لمقاول تشييد وبناء ينتمي إلى مدرسة الرأسمالية المتوحشة في «مانهاتن»، التي تبيع أي شيء وتشتري أي شىء، ما دام السعر مناسباً صراع تاجر السجاد والمقاول هو صراع شرس وطويل، لكنه في النهاية سوف يؤدي إلى صفقة ما بينهما، قد تطول أو تقصر، لكنها آتية لا ريب فيها. الأمر المؤكد أن الذي سيدفع ثمن هذه الصفقة لن يكون في إيران أو في واشنطن ولكن في عدة عواصم عربية».

أبوتريكة

وسط الأفراح بحصول مصر على حق تنظيم بطولة الأمم الإفريقية لكرة القدم هذا العام، ذكرنا الدكتور عمرو الشوبكي في «المصري اليوم» بالدور الذي قام به لاعب كرة القدم السابق محمد أبوتريكة في حصول مصر على هذا الحق وطالب بالسماح له بالعودة لبلده ونسيان تأييده السابق لمرشح الإخوان للرئاسة الدكتور محمد مرسي وقال: «كأي مصري طبيعي محب لبلده وقف النجم المصري العالمي «أمير القلوب» محمد أبوتريكة يدعم الملف المصري في الاتحاد الإفريقي، حتى فازت بتنظيم بطولة الأمم الإفريقية، ليؤكد للمرة الألف أنه صاحب وطنية صادقة وخلق رفيع وموهبة استثنائية، وأنه في النهاية صاحب رأي يختلف معه، ولكن لا يختلف عليه. قدم أبوتريكة دعما كبيرا لملف الاتحاد المصري وحضر الاجتماعات «الماراثونية» التي جرت مع الاتحاد الإفريقي في السنغال، حتى حصلت مصر على حق تنظيم البطولة. بالطبع لا يوجد إرهابي واحد في تاريخ البشرية «أو محرض أو داعم للإرهاب» يمكن أن يتصرف مثل أبوتريكة، فقد أثبت وطنية صادقة في مواجهه حملة المباخر والشعارات وتعفف عن الرد على كل الاتهامات التي وجهت إليه. أبوتريكة حمل آراء وتقديرات سياسية مختلفا عليها، فهو ضمن ملايين من المصريين أيدوا محمد مرسي، بدون أن ينتموا لتنظيم الإخوان، وجزء كبير من هؤلاء تراجع عن هذا التأييد. أثق في توصيات محكمة النقض وأرى أن التلكؤ في عودة أبوتريكة هو لأسباب سياسية لا علاقة لها بجرائم ارتكبها أو حرّض عليها ولن تنجح محاولات البعض في حشر أبوتريكة مع القتلة والإرهابيين، وهو نموذج للخير والمحبة حتى لو اختلفنا مع كل آرائه السياسية، فمرحبا بعودة قريبة لأبوتريكة لوطنه».

أمير القلوب

وتلقى أبو تريكة إشادة أخرى من حازم الحديدي في «الأخبار» جاء فيها: «لا أستطيع أن أكتم في صدري شيئا أرى أهمية إطلاق سراحه، لذلك لا أستطيع أن أقف متفرجا بدون أن أصرخ بأعلى صوتي، مطلقا صيحة إعجاب وتقدير لأمير القلوب النجم المصري الأصيل محمد أبو تريكة الذي يواصل إحراز أهدافه لصالح بلده، حتى وهو بعيد عنها محروما من العودة إليها وليس هناك أجمل من هذا الهدف الذي أحرزه تريكة بمساندة مصر ودعمها حتى فازت بتنظيم بطولة كأس إفريقيا مما يؤكد غيرته على بلده وحبه الشديد لها».

الإخوان في المعرض

سمحت الحكومة لدور النشر الإخوانية بالمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي سيقام في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، والعهدة في ذلك على رئيس الهيئة العامة للكتاب الذي صرح لجمال عاشور في «الدستور» بالآتي: «قال الدكتور هيثم الحاج علي رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب والجهة المنظمة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب إن الهيئة لم تمنع دور النشر الإخوانية من المشاركة في فعاليات الدورة الـ50 لمعرض القاهرة، مؤكدا على أن دور النشر التي ترفض الهيئة مشاركتها في المعرض هي الصادرة ضدها أحكام قضائية فقط».

حرب حامية الوطيس

«حرب حامية الوطيس أو قل معركة تكسير عظام تدور رحاها الآن داخل أروقة البرلمان، كما شهد ذلك عصام العبيدي في «الوفد»، الطرف الأول في المعركة ملاك المساكن القديمة، ودول عايزين يعوضوا كل الذل اللي شافوه من مستأجريهم طوال السنوات الماضية، ونفسهم يمصوا دمهم أو يرموهم في الشارع. أما الطرف الثاني فهم طائفة المستأجرين، وهؤلاء أيضاً استمرأوا العيشة البلوشي.. فتجد الواحد يدفع عشرة جنيهات إيجار شقته في الزمالك للمالك، في حين يدفع للبواب مئة جنيه، وكل طرف يحاول الآن..تكوين «لوبي» يناصره على عدوه، وحول هذه القضية الخطيرة دار حوار بيني وبين أحد الأصدقاء فقال لي: تثبيت الإيجار وتقليصه بقوانين ملكت المستأجر في ملك المالك مخالف للشريعة الإسلامية والقوانين العالمية أولاً؛ وثانيًا مخالفًا لقاعدة العرض والطلب الاقتصادية والتسويقية العالمية؛ والخطأ حكومي من الأساس وبالتالي على الحكومة تصويب أخطائها بتوفير السكن البديل لكل مستأجر، وستنتهي أزمة أسعار الإيجارات الفلكية نهائيًا في مصر؛ وقبل تأبيد الإيجار كان المواطن المصري يستطيع التنقل من سكن لآخر بحرية وأريحية من الإسكندرية وحتى أسوان، لأن القواعد والأصول والمحبة كانت مستقرة بين المواطنين ملاكًا ومستأجرين؛ ولم يكره الشعب المصري بعضه بعضا إلا بسبب قوانين خفض وتثبيت الإيجارات في الخمسينيات والستينيات؛ والشواهد في العقارات القديمة في القاهرة والمحافظات تؤكد تعرضها للإهمال لانعدام الصيانة التي تطيل عمر البناء العمراني؛ حيث كان المالك يعمل صيانة دورية لمواسير الصرف الصحي بشكل سنوي وإصلاح ما يتلف أو يتحلل من مواد البناء بفعل المياه وعوامل التعرية؛ عندما كانت الأجرة وفقًا لقوانين العرض والطلب الطبيعية في السوق العقاري المصري؛ الذي انتقل لسوق التمليك الآمن بدلاً من الإيجار غير الآمن للمالك والمستأجر على حدٍ سواء، وربنا يصلح أحوال الإيجار التي لا تحقق أمنًا ولا استقرارًا سواء بالإيجار الجديد المحدد بالسنة، أو المحدد بـ59 سنة؛ ويارب يحنن الحكومة على الشعب بتوفير سكن بالإيجار القديم الميسر لوحداتها السكنية وحمايتهم من جشع القطاع الخاص؛ وستدخل بذلك التاريخ. طب إيه الحل يا جماعة في قانون العلاقة بين الطرفين؟ الحل في قانون يحقق التوازن بين الطرفين، فلا يظلم المالك ويجعله يتسول علاجه وطعام أسرته، وفي الوقت نفسه يحمي المستأجرين، فلا يلقي بهم في عرض الشارع. في ظل الأزمة المالية الطاحنة التي نعيش فيها يعني باختصار عايزين قانون يرضي ربنا.. بدون أن ينصر طرفا على حساب طرف آخر».

مهنة الرأي

«البعض يكره الصحافة يبحثون عن كل سبل الإيقاع بها، ويتبعون أسلوب المكايدة للتخلص من أثرها بدعوى أنها نشر للشائعات، وترويج للأكاذيب، وتقطيع في أوصال المجتمع. هؤلاء حسب رأي حسين الزناتي في «الأهرام» يسعون بكل ما يملكون لخنق مسام مهنة الرأي بإضعاف قدرتها على مواجهة أزماتها الموضوعية، التي تعانيها المهنة في كل العالم، حتى يتحقق حلمهم في وصولها إلى الرمق الأخير من حياتها، باعتبارها دخلت غرفة الإنعاش، في انتظار الموت المحقق. هؤلاء عاشوا وسيموتون، وفي داخلهم جُرح عميق بأنهم لم يقدروا على حمل قلم، أو كتابة سطور يقولون فيها لا لظلم أو لفساد، لا لإهمال أو تخريب، هم لا يملكون ضميرا يسعى لبناء مجتمع عبر كشف الحقيقة، ولا تتملكهم القدرة على الإبداع وصياغة الأفكار وتنوع الأسلوب، أو البحث عن قارئ ينتظرك ويبحث عنك في وقت بعينه. هؤلاء عاشوا ولم يعرفوا معنى ضمير الكلمة، والتذوق للمعنى، وفهم ما وراء السطور وما عليها. معنى أن تبني عقلا، وتُغذي روحا وتُشبع نفسا وتلتقطها من براثن التغييب إلى محاولة الوعي والفهم لما حولك. هؤلاء يعرفون أن وعكات ألمت بالصحافة وأصحابها، وأنه قد جاء الآن وقت أخذهم بالثأر منها، وكأنها سبب عُقدهم النفسية منها، وكأنها هي التي قتلت أحلامهم المُزيفة بأن يصبحوا أصحاب كلمة يجري ملايين القراء للبحث عنها فخاب رجاؤهم وأصبحت حربهم ضد الصحافة غاية وثأراً. نعرف أن أزمات كبيرة تواجه الصحافة، وفي مقدمتها هؤلاء الذين يكرهونها، ونعلم أن أصحاب المهنة مسؤولون بدرجة يعتد بها في ما جرى لها، وأن عليهم مواجهة ذلك، لكن ما نعرفه أيضا أن المهنة لن تموت، لأنها بدأت مع بداية الخلق وستنتهى بها، وأما من يكرهونها الآن فلن يرحمهم التاريخ».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Riad Osman:

    وموافقة مجلس النواب على تجديد العمل بقانون الطوارئ لمدة ثلاث سنوات أخرى، بدون أن يثير أي اهتمام حتى لدى من يهتمون بالسياسة أو بالعمل الأهلي، وكأنه إجراء روتيني.
    تعليق قوي من سيد علي تمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة 3 أشهر AlHadath Alyoum – الحدث

إشترك في قائمتنا البريدية