بغداد ـ «القدس العربي»: رحج برلمانيون عراقيون، عن قرب التصويت على مشروع قانون الموازنة المالية الاتحادية لعام 2019، في نهاية الأسبوع الجاري، تزامناً مع تعديل بعض فقرات القانون وإجراء مناقلات في أبوابه، بهدف التركيز على الجانب الخدمي في الموازنة.
عضو اللجنة المالية البرلمانية، النائب عن حركة «التغيير» الكردستانية، هوشيار عبد الله، قال في بيان: «اليومان المقبلان سيشهدان حسم المواد الخلافية في الموازنة العامة داخل اللجنة المالية، خاصة فيما تتعلق بمحافظة البصرة والمدن المدمرة جراء الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى الالتزامات المترتبة على إقليم كردستان العراق وحقوق موظفيه».
وأضاف أن «النسخة الحكومية من الموازنة العامة لم تتطرق لمستحقات الفلاحين، لكن اللجنة أضافت فقرة خاصة بإنصاف هذه الطبقة وسد مستحقات محاصيلهم الزراعية المسلمة للحكومة».
ورجح عضو المالية النيابية «الانتهاء من إعداد المسودة النهائية للموازنة والتي تعرض للتصويت بحلول يوم الأربعاء المقبل، أو قبله بيوم في أقل تقدير». ويأتي ذلك بالتزامن مع عقد اللجنة المالية البرلمانية، أمس الاثنين، اجتماعاً لمناقشة النقاط الخلافية في مشروع قانون الموازنة الاتحادية للعام 2019.
وقال عضو اللجنة، النائب عن حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، شيروان ميرزا، في تصريح أورده إعلام الحزب، إن «اللجنة المالية (ناقشت) في اجتماع اليوم (أمس) النقاط الخلافية وملاحظات الكتل النيابية حول مشروع قانون الموازنة الاتحادية للعام 2019».
وأضاف: «النقاط الخلافية هي زيادة تخصيصات المناطق المحررة، وحصة المحافظات المنتجة للنفط، إضافة إلى حصة إقليم كردستان، وتخصيصات الرواتب وإجراء بعض المناقلات في أبواب الموازنة».
ورجح، حصول «اتفاق حول جميع تلك النقاط في اجتماع اللجنة المالية»، مؤكدا أن «أغلب الكتل النيابية تريد الانتهاء من إعداد الموازنة والتصويت عليها من قبل مجلس النواب في أقرب وقت».
في الأثناء، أقرّ الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، بأن مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2019، لا يعبّر عن المنهاج الحكومي، لافتاً إلى عزم اللجنة المالية في مجلس النواب الاتحادي التركيز على الجانب الخدمي وتقليل عجز الموازنة.
عضو اللجنة المالية، النائب عن كتلة الحزب «الديمقراطي الكردستاني» أحمد الصفار، قال لـ«القدس العربي»: «من المفترض أن تعبّر الموازنة عن المنهاج الحكومي، لكن المشروع الذي ورد من الحكومة إلى البرلمان لم يكن معبراً عن ذلك».
وأكد أن لجنته، «تحاول تخفيض العجز الموجود في الموازنة، وإجراء مناقلة بين الأبواب التي ترى اللجنة المالية البرلمانية بأنها فائضة عن الحاجة ونقلها إلى أبواب أخرى تكون فيها الحاجة أكثر لتخصيصات مالية».
وزاد: «ركزنا على تحسين الخدمات وتقليل الفقر وتوفير فرص العمل وتقليل البطالة، خاصة بالنسبة للمتعاقدين ومن يعمل بأجر يومي. حاولنا تثبيتهم على الملاك الدائم».
الاعتراضات على عدم تركيز الموازنة على الجانب الخدمي، لم تشمل الحزب الكردي وحسب، بل امتدت إلى ائتلاف «دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي.
قلب في البصرة
النائب عن الائتلاف صفاء مسلم، قال لـ«القدس العربي»، إن «واقع حال موازنة 2019 لم يتطرق إلى الخدمات التي تمس حياة المواطن العراقي».
وأضاف النائب عن محافظة البصرة، إن «الشارع البصري قلق ويطلب الكثير من الخدمات، من البلديات والصحة والتعلم. المبالغ المالية المخصصة للخدمات لا توازي الاحتياجات الفعلية سواء في المحافظات الجنوبية أو المحافظات المحررة».
وطبقاً للنائب عن ائتلاف المالكي، فإن «الموازنة تحتاج إلى كثير من النقاش، إضافة إلى تعديل بعض الفقرات، خصوصا تخصيصات محافظة البصرة».
من جانبها، شككت كتلة «النهج الوطني»، بحجم الإيرادات المتحقق من الإيرادات غير النفطية في الموازنة المالية، معلنة رصدها هدرا ماليا بملايين الدولارات.
مطالبات بزيادة نسبة العاصمة والبصرة والمحافظات المحررة
وقال النائب عن كتلة النهج الوطني، حسين العقابي في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، ان «الموازنة العامة للدولة العراقية للعام الحالي 2019 تضمنت عدة نقاطاً عدة تثير الشكوك وعلامات الاستفهام وتستلزم التنبيه عليها ومعالجتها».
وأضاف: «بلغ حجم الإيرادات غير النفطية نحو 12 تريليون دينار فقط (10 مليارات دولار)، وهو مبلغ غير دقيق وبعيد جدا عن حجم الإيرادات الواقعية للدولة، وهو ما يعني وجود حيتان فساد تبتلع مقدرات الدولة»، مطالباً الهيئات الرقابية بـ«تشديد إجراءات التدقيق والرقابة على تلك الإيرادات لأنها ملك الشعب وفقرائه».
وأكد على أهمية «الاعتماد على الآليات والوسائل الرقابية الحديثة والمتطورة كاستخدام آليات الحوكمة الإلكترونية في الجباية، كما نطالب بايجاد منافذ جديدة وسبل واقعية لتعزيز الإيرادات غير النفطية».
وكشف أيضاً، وفقاً للبيان، عن «غموض وغياب الشفافية» في جولات التراخيص لعقود الاتصالات وعوائدها، مشيراً إلى أنها «لا تتناسب مع الواقع الفعلي والحد الأدنى للمعايير الدولية لجودة خدمات الاتصال وسعتها، خاصة مع ما تقدمه بعض الشركات من خدمات رديئة للمواطنين».
وعلى إثر ذلك، دعا العقابي إلى «إعادة النظر بتلك العقود وتشكيل لجان فنية نزيهة وشفافة لدراستها وإعادة صياغتها بما يضمن ثروات الشعب ويصون مقدراته». كما دعا أيضاً إلى «تبني رؤية وطنية رافضة لتكبيل العراق بقيود القروض الخارجية، واللجوء إلى حلول بديلة لسد العجز في الموازنة كالاعتماد على آلية الادخار الاختياري واستثمار الأموال الموفرة لدى المواطنين بدلاً من الارتهان لإرادة البنك الدولي وشروطه المجحفة».
وأكد أهمية «التغلب على النمطية في طريقة إعداد الموازنة لأنها لا تلبي الطموح، بصورتها الحالية، ولا تسهم في معالجة الأزمات الخانقة التي يعاني منها الشعب، إذ يفترض أن تكون الموازنة موازنة برامج وأولويات، ونعتقد بضرورة أن تكون الأولوية لقطاعات التربية والصحة والاستثمار للنهوض بها وتوفير فرص عمل وتخفيض نسب البطالة المهولة».
تخصيصات ضئيلة
وفي شأن متصل، اعتبر وزير الصحة، علاء العلوان، أمس الاثنين، تخصيصات وزارته في الموازنة المالية لعام 2019 «ضئيلة جداً»، مؤكداً أن «المواطن العراقي لن يرى ما يطالب به من تطوير نوعي لصحته وبيئته ما لم يتم إعطاء القطاع الصحي والبيئي الأولوية التي يستحقها، فيما بين أن متوسط الانفاق الصحي على الفرد العراقي أقل من 10٪ من متوسط الانفاق على الصحة في بعض الدول العربية».
وقال، في بيان، «تأمل وزارة الصحة والبيئة من مجلس النواب الموقر أن يكون تطوير القطاع الصحي والبيئي أحد الاولويات الاساسية للموازنة الحكومية لعام 2019»، مضيفاً أن «المبالغ المقترحة في مشروع الموازنة حالياً ضئيلة جداً ولا تصل إلى الحد الادنى من متطلبات التغيير المنشود، إذ أن متوسط الانفاق الصحي على الفرد العراقي حسب الأرقام الحالية للموازنة أقل بكثير من دول المنطقة بما في ذلك الدول المجاورة، وهي أقل من 10٪ من متوسط الانفاق على الصحة في بعض الدول العربية».
وتابع: «لقد آن الأوان للمواطن العراقي أن ينعمَ بابسط حقوقه ألا وهي الخدمات الصحية اللائقة وخاصةً بعد الضرر الجسيم الذي تعرضت له البنى التحتية للقطاع الصحي فضلا عن الشحة الكبيرة في توفر الأدوية حيث لم تتجاوز نسبة التجهيز الكامل للمؤسسات الصحية في عام 2018 نسبة 12٪ من الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة، كما لا تخفى أخطار التلوث البيئي بمختلف انواعه الذي يتعرض له العراق والأهمية القصوى لتمويل برامج وطنية فعّالة لرصد هذه التحديات المقلقة والتصدي لها».
الاستجابة للاحتياجات
ودعا، مجلس النواب إلى «الاستجابة للاحتياجات التي أوردتها الوزارة في خطابها إلى اللجنة المالية الأسبوع الماضي»، ماضياً إلى القول «لن يرى المواطن العراقي ما يطالب به من تطوير نوعي لصحته وبيئته ما لم يبادر صُنّاع القرار العراقي لأعطاء القطاّع الصحي والبيئي الأولوية التي يستحقها».
وإضافة إلى سلسلة العقبات التي تعترض طريق تمرير الموازنة، يحاول عدد من النواب رفع تخصيصات العاصمة بغداد من الموازنة.
بيان لمكتب نائب رئيس البرلمان، حسن الكعبي، أفاد بأن الأخير ترأس، أمس الاثنين، اجتماع اللجنة المالية النيابية لـ«بحث قانون الموازنة والإسراع بإقرارها، مثمنا جهود اللجنة بتكثيف اجتماعاتها صباحا ومساء لإنجاز الموازنة خلال وقت قريب».
وأكد، حسب البيان على «ضرورة زيادة التخصيصات والمناقلات المالية اللازمة إلى العاصمة بغداد، كونها تضم أكثر من 8 ملايين نسمة وتستضيف عددا كبيرا من العراقيين الذين يعملون ويقيمون فيها من المحافظات مما يشكل عبئا كبيرا على العاصمة من ناحية تقديم الخدمات، فضلا عن وجود مشاريع كثيرة لأمانة بغداد بحاجة إلى إنجاز سريع ولابد من ادراج تخصيصات ضمن موازنة 2019 لتنفيذها، وليتسنى للأمانة تقديم الخدمات بشكل افضل لأبناء بغداد».
وشدد على «زيادة تخصيصات أمانة بغداد، للقيام بواجبها التنفيذي المتمثل باستكمال انجاز المشاريع المتلكئة وإكساء وتأهيل الطرق وصيانة وإنشاء المجسرات والانفاق داخل العاصمة»، مؤكدا على «دعم السلطة التشريعية إلى محافظة بغداد وأهمية تعاونها الدائم مع الامانة بما يخدم احتياجات المواطن ويتناسب وخصوصية ومكانة العاصمة».