إسرائيل وسوريا: الإشباع الصاروخي والنقص الدفاعي

كامل صقر
حجم الخط
0

دمشق-“القدس العربي”: في ليلة الصواريخ الأخيرة وما حملته من مستوى جديد في الاشتباك السوري الإسرائيلي، تُدرك دمشق أن تل أبيب تسعى جاهدة لكسر وتغيير الحسابات والتكتيكات التي قيّدت هجماتها العسكرية على الجغرافيا السورية سابقاً منذ إسقاط الطائرة الروسية إلـ 20. وما تُدركه دمشق أيضاً أن تل أبيب تتحرك في الفترة الحالية عسكرياً بحريّة أكثر ضمن هوامش طارئة ومستجدة تبدو خارجة ومنفلتة عن إيقاع الضبط الروسي المنشغل بتطورات وحسابات فرضها مشهد شرقي الفرات المستجد من جهة، وتعقُّد ملف إدلب من جهة أخرى.

ولا تبدو مشكلة دمشق في توقع موعد الهجوم الإسرائيلي، فالأمر متوقع في كل لحظة والتأهب العسكري قائم دائماً. الخطورة في نطاق الهجوم وغزارته الصاروخية. الإعلان الواضح والصريح عن مسؤولية الجيش الإسرائيلي في هجوم ليلة الصواريخ له بالنسبة لدمشق دلالات تقرأها المؤسسة العسكرية السورية وتأخذ بها في المرحلة المقبلة.

والهجوم الإسرائيلي الأخير يطرح أسئلة جديدة عن حاجة دمشق لمزيد من وسائط الدفاع الجوي على المستوى الكمي، لا سيما وأن دمشق خسرت العشرات من قواعدها الدفاعية الجوية طوال سنوات الحرب الماضية بدون أن تتمكن من إعادة ترميمها وتأهيلها جميعها حتى الآن.

وفق معلومات “القدس العربي” فإن المؤسسة العسكرية السورية نقلت منذ أشهر جزءاً من وسائطها الدفاعية في عدد من المناطق الداخلية إلى مناطق متاخمة لحزام المجابهة النارية في الجزء الجنوبي من الأراضي السورية، ربما يكون هذا إجراء إسعافياً في إطار المواجهة مع تل أبيب التي يبدو أنها تعمل لعدم إعطاء دمشق ترف الزمن المطلوب للاستعداد الدفاعي.

في المعلومات التي تقصتها “القدس العربي” أيضاً أنه في صباح الأحد الفائت حصل هجوم صاروخي إسرائيلي على مواقع عسكرية سورية في أكثر من منطقة لكن الدفاعات الجوية السورية استطاعت احتواء الهجوم بسبب محدوديته وعدم غزارته.

لكن وبعد منتصف ليل الأحد انطلق الهجوم الإسرائيلي الصاروخي الواسع الساعة الواحدة وعشر دقائق وكان عنيفاً لثلاث نواح: الأولى لجهة عدد الصواريخ الحقيقية والوهمية (النبضات الوهمية) ولجهة عدد المواقع المستهدفة ولجهة مساحة الجغرافيا المستهدفة. وبالتالي اعتبرت المؤسسة العسكرية السورية أن هذا الهجوم هو الأعنف والأوسع منذ سنوات طويلة وأنه أعنف من الهجوم الثلاثي البريطاني الفرنسي الأمريكي الذي جرى في نيسان/أبريل من العام الماضي.

مع ملاحظة أنه لا توجد إحصائية دقيقة لعدد الصواريخ التي أطلقتها إسرائيل نحو الأراضي السورية.

وتقول مصادر سورية عسكرية لـ “القدس العربي” إن تل أبيب عملت على تحقيق معادلة الإشباع الصاروخي خلال هجومها الأخير واستخدام آلية التمويه والخداع الصاروخي عبر إطلاق العشرات من النبضات الصاروخية التي عادة ما تقيّمها أجهزة الرادار والرصد الالكتروني على أنها هجوم حقيقي. أما الإشباع الصاروخي فكان الهدف منه وضع الدفاعات الجوية السورية في حالة عدم قدرة لوجستية على ملاحقة هذه الغزارة الصاروخية وهو ما حصل في بعض الحالات أثناء الهجوم كما صارت الدفاعات الجوية السورية في حالة عدم قدرة على تبديل وسائط الذخيرة النارية لديها.

وحسب المتابعة الميدانية فإن مطار المزة العسكري الواقع غرب العاصمة دمشق تلقى موجات غزيرة من الهجوم الصاروخي الإسرائيلي وحملت وسائطه في الوقت ذاته عبئاً دفاعيا كبيرا عنه كموقع مستهدف وعن مواقع أخرى كانت ضمن خريطة الهجوم الإسرائيلي.

وتنقل صحيفة “كوميرسانت” الروسية عن مصادرها تأكيدا بأن الجيش السوري سيصبح جاهزا لاستخدام منظومات صواريخ “إس-300” التي تسلمّها من روسيا اعتبارا من آذار/مارس المقبل، بعد الانتهاء من جميع التدريبات عليها وإتقان استخدامها.

وإذا كانت هذه الأنباء صحيحة فإن الصحيح أيضاً أن موسكو راغبة في إعادة احتواء الانفلات الحربي الحاصل من جهة إسرائيل نحو سوريا وأنها تشعر أن تل أبيب باتت مؤخراً تتحرك في هوامش واسعة بفعل تغير الأوضاع المتصلة بالملف السوري والتي نجمت عن تطورات في شرقي الفرات وتعثر في ملف إدلب وما رافقها من انشغال روسي كبير بهذه التطورات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية