برنامج مازال مستمرا على قناة الشروق نيوز، منذ 2016 تقدمه الإعلامية والمستشار في القناة ليلى بوزيدي، تثار من خلاله نقاشات الساعة باستضافة شخصيات من قطاعات مختلفة لوضع اليد على المشكلة… مناقشة قضايا خطيرة كالحريات الأكاديمية ومنع المثقف من فضاء الجامعة، كما حدث منذ أسابيع مع الأستاذ ناصر جابي ليتوسع النقاش إلى كون المنع يتسم دائما بالغموض، ولا يعرف له صاحب ولا من أمر به، وتبقى القضية مجرد نقاط كل واحد يراها مثلما يحلو له…كما حاول البرنامج إيجاد النقاط التي يمكن أن تعطي للمشاهد محتوى لاحتفالات يناير / كانون الثاني خارج الجدل المثار حولها، وهل يمكن تحديد الأصل والفصل الأمازيغي او العربي بصورة قطعية، لإيقاف نزيف الهوية الذي يطرح بحدة في كل مناسبات يناير الاحتفالية التي تعبّر سياسيا وايديولوجيا عن إعادة الاعتبار للمكون الوطني بينما تعتبر مناسبة ذهبيّة للتعبير عن عنصرية مقيتة واتهامات تصل للإقصاء والطرد من جنّة الهوية المنغلقة النائمة فوق فراش حريري مسموم… ويصبح التنوع نقمة وليس نعمة… وهل يمكن أن يثبت أحدنا أنّه من اصل خالص ولم يتمازج عبر التاريخ الطويل وهل تستمر الشعوب ولغاتها وتقاليدها إن لم تتلاقح بمختلف العناصر الوافدة من هنا وهناك …ومتى كان الإنسان الأول ثابتا في مكان واحد…القول بالصفاء والنقاء العرقي واللغوي مخالف للطبيعة وللاستمرارية، ويهدد بانقراض الجماعات؟
كثيرة هي المواضيع التي تحتاج لأن توضع في ميزان الحروف لتقرأ بصورة تزيل التشويش والألم، وتحاول ترك المياه تتدفق في مساراتها بدون إحداث فيضانات وكوارث طبيعية، يحتاج المواطن ليعرف من المسؤول عن اختفاء أغطية البالوعات التي جرفت شابا في مقتبل العمر إلى هاوية موت مفجوعة… نحتاج لمعرفة كيف تتحول نعمة الأمطار لنقمة تجرفنا مع الطين وكيف ترمي الأمواج بالجثث وبالكوكايين.
نحتاج للكثير من التوضيحات بالحروف والصور والأصوات، ونحتاج للكثير من الشجاعة ونقد الذات قبل نقد الآخر لنساهم بشكل من الاشكال في إيجاد قراءة توضح لنا ما آلت إليه الظروف والمصائر.
تراث عبد الحميد عبابسة تحت ألسنة «التيك»
بالرغم من البرامج الهادفة التي لاترغب في الأثارة والبوز، والتي تناقش بهدوء في استديوهات ويديرها مقدمون أكفاء يتركون فرصة للضيوف ليتكلموا بأريحية، حيث بدأنا نشهد هذا التوجه مع العديد من البرامج التي لايفرض مقدم البرنامج فيها رأيه ولايستحوذ على الكلمة ولا يتباهى بمعارفه أمام الضيوف وأهل الاختصاص مما يجعل المتابعة ممتعة والاستفادة اكثر امتاعا، إلا أنه وبالمقابل تنقل لنا تكنولوجيات الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الخاصة مواد دجل اجتماعي وهلوسات أشخاص، ولايمكن التأكد من صحة ماقيل في ظل تضارب ردود الأفعال والتصريحات التي تمس بسمعة الأفراد.
فلة التي خاطبها خالد “حتى انت وطوالو جنحيك”، في ثنائي سجل أعلى مشاهدات هذه السّنة، تبكي في بلاتو مع فريدة بتذكرها “فلّة تاع زمان، اللي كانت تحشم…” وكذلك ذكرها بحب جميل مع خالد…وأردفت بأن خالد متزوج وله أولاد وزوجته رائعه وبأنها تجمعها معه صداقة وزمالة…لحد الآن الخبر لاتشوبه شائبة حالة أهل المغنى…ورومانسية الفنان…لكن ماذا كان ردّ خالد على ذلك؟
ومن خلال تدوينة على الانستغرام نفى خالد أن يكون قد ارتبط عاطفيا بفلة وذكر بأنّ سميرة زوجته هي حبه الأول والأخير والتي رزق منها خمسة أطفال…تصرفت سلطانة الطرب بتلقائية وعلقت على الذكريات بروح جميلة، يبقى خالد الشاب الذي سيشيب حتما محميا بطقوس الذكورية الحصينة…
تخرج فلة من عبق الذكريات الموجعة، لتقع أختها نعيمة في مطب ساخن في ماروج عنها وعن رغبتها في الارتباط بالشيخ شمس الدين، وبأنها ستقلع عن الفن وتتوب إن حدث النصيب؟ وطبعا لايمكن أن يمر هذا مرور الكرام دون نصب شباك للشيخ ومحاورته عن الموضوع، وأسهب الشيخ في كيفية تواصله مع نعيمة أثناء أداء مناسك الحج على متن الطائرة، وبأنها وللأمانة كانت راقية في محاولة مد يد المساعدة للشيخ أثناء أزمة سكن كان يمر بها، وأنها أرادت أن تضع فيلا فخمة تحت تصرفه، لكنه رفض…
كما علق على طلب نعيمة يده بأنه متزوج والحمد لله وبأنه يتمنى لها أن تجد زوجا صالحا…وعلق على توبتها بعد أن تتزوج، بنصحها بأن تتوب لله وليس لإرضاء الزوج.
لم تصمت الفنانة نعيمة عبابسة على “افتراءات الصحافية زهيدة ثابت” وفندت أقوالها وبأنها طالبة للشهرة، كما ذكرت بأنها متزوجة وتحترم الشيخ شمس الدين وتعتبره بمثابة أخ لها وأنها تعرف والدته…
ومهما يكن فقد كان الشيخ شمس الدين لبقا في ردّه، وفاق الشاب خالد بكثير من حسن التصرف …سيقول البعض هذا فنان وهذا رجل دين…أولى بالفنان أن يكون فنانا في ردوده واحترامه للمشاعر.
مسار لتكريم الطبخ المغربي: حلو ومالح فتان
بحضور أمهر الطباخين المغاربة، أراد برنامج مسار على قناة 2m تكريم الطبخ المغربي من توابل وبهارات وطواجن البرقوق والتنجال أو الزعلوك، هذا الأخير الذي عرفه المغرب منذ القرن السابع، بينما وصل إيطاليا في القرن الثاني عشر…وأطباق المغرب تجد خصوصيتها المتفردة في الطبق الحلو المالح، تشكيلة فعلا لذيذة وراقية ولا أدل على ذلك من البسطيلة، تقدم في إطباق عملاء وتعلوها قباب غاية في الدقة، والمفارش المتعددة التي تعلو السفرة المغربية…قد يكون الهوس كما في البلدان العربية أكثر من غيرها لتسجيل أطباق على قوائم اليونيسكو التمثيلية… جري لاهث نحو ذلك، أرجو ان لايفقد مهارات صناعة الخبز وفتل الكسكس، الذي عوض في السوبرماركت بشتى الأنواع المصنعة ولم تعد النساء تحضره ولا تحضر العولة منه الا نادرا، وبعدما غزت أطباق مودرن الأفراح والليالي الملاح …كلما فقدنا مهارة من المهارات نعيد ارجاعها ولو اصطناعيا لنصنع انتماء وهوية كمن يجري جراحة تجميل تغير ملامحه وابتسامته… وحتى الذوق تغير للكسكسي وغيره من الأطباق التي لم تعد تقليدية، لأنها فقدت الذوق الخالد الذي كان يعبق في مطابخ أمهاتنا وجداتنا، حتى في حالات الندرة والشح …فالذوق لاينتهي والروائح الزكية تصل إلى الأنوف على بعد امتار وأميال… تتبيل وتحضير أشهى الأطباق ولو ببقل ينزع من طبيعة عشوائية لم تلوثها يد إنسان …أرجو أن يكون الطاجين والقصعة تجمعنا على موائد الكرام لا اللئام…وأن نتسارع ونتبارى بود عمن يفتح قلبه وحدوده ويهزم جدران العنصرية بين الأشقاء، قبل التنافس على الأطعمة وعلى البطون… هل تقبع الحضارة والعراقة في حدود المطبخ اليومي الذي يؤرق النساء ويسود عيشتهنّ… وهن يبحثن عن أطباق لإرضاء أذواق أطفالهن التي تغيرت واستقرت عند أسواق ماكدونالدز…
في النهاية الموضوع سيتكرر وسيخلق هوة تزيد من ارتفاع الجدران بين الجزائر والمغرب ويا للأسف… ومن يريد الالتحاق بالوليمة الكبرى في مهرجان الكسكس الدولي عليه أن يحضر ملعقة خشبية مصنوعة من شجر صلب وبطاقة الكترونية ويقول بسم الله…بالصحة والراحة…بالشفا وبصحتكم.
كاتبة من الجزائر