دمشق – «القدس العربي»: أراد وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم على ما يبدو من خلال زيارته إلى طهران، وإطلاق تصريحات وصفت بـ «المهمة» حول مصير القوات الإيرانية في سوريا، إذ أنه أراد نسف كل ما تردد عن نية النظام المساومة على الوجود الإيراني خاصة بعد التطورات العربية الأخيرة التي شرعت أبواباً دبلوماسية مع دمشق تحت ذريعة «تحجيم الدور الإيراني».
ووضع المعلم الذي يزور طهران لبحث العديد من الملفات السورية «المهمة»، وأبرزها اللجنة الدستورية، عناوين عريضة حول المباحثات السياسية الخاصة بسوريا، بالتأكيد على واجب حكومة دمشق الحفاظ على «أمن القوات الإيرانية» في الأراضي السورية.
وقد اعتبر أن الدفاع عن الوجود الإيراني في سوريا «واجب»، وأضاف خلال لقائه أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني: «المستشارون العسكريون الإيرانيون في سوريا جاؤوا بدعوة من الحكومة السورية ومهمتهم تعزيز قدرات القوات السورية المسلحة».
المعلم في طهران لدحض «شائعات»
تصريحات خارجية النظام السوري، تأتي مكملة لتصريحات إيرانية، أطلقها المستشار الأعلى للقائد العام للقوات المسلحة في إيران، اللواء حسن فيروز آبادي، عندما قال: «وجود مستشاري بلاده في سوريا باق طالما خطر الإرهاب ماثل، والحكومة السورية تطلب المساعدة».
وكان آبادي قال، في حوار مع وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية، «إن سوريا ولمجابهة المجاميع الإرهابية طلبت من طهران إرسال مستشاريها العسكريين إلى البلد»، مشددًا على بقائهم هناك «طالما الحكومة السورية تطلب ذلك».
حوار مشروط
النظام السوري، يسعى جاهداً وفق مراقبين لإبراز صورته كـ «مكافح للإرهاب»، بعد نجاحه بتحقيق مكاسب عسكرية على المعارضة السورية بدعم إيراني – روسي، وفي الوقت ذاته تعمل دمشق على عدم رفض أي مفاوضات سياسية، وفي الواقع تعرقل أي حلول سياسية.
إذ أشار وليد المعلم إلى أن «الحكومة السورية ستواصل بشكل حثيث الحوار مع المعارضة غير المسلحة التي تؤمن بوحدة سوريا»، موضحاً أن «التوصل إلى السلام والأمن المستدام في المنطقة رهن بتغيير نهج بعض الدول في دعمها للإرهاب، وكذلك مواجهة فلول العناصر الإرهابية مثل جبهة النصرة وبقية الجماعات بشكل حقيقي».
المعارضة السورية، علقت على تصريحات وزير خارجية النظام السوري بالقول: «استمرار وجود النظام السوري منوط بالوجود الإيراني، وأي انسحاب للأخير سيهدد مصير الأول، وبالتالي فإن الأسد حريص على استمرار دور طهران في اللجنة الدستورية، لذلك هذا يؤكد وجود صراع روسي – إيراني متعلق باللجنة الدستورية وبالانتشار العسكري الإيراني في سوريا.
هذا الصراع، حسب ما قاله المتحدث الرسمي لوفد المعارضة في مباحثات «استانة» أيمن العاسمي لـ «القدس العربي»، سببه تماشي السياسة الروسية مع الإقليمية وخاصة العربية برفض الوجود الإيراني، ومن هنا النظام السوري يريد الحفاظ على التواجد عسكرياً وسياسياً، وهذا هدف له، وفي المقابل يمكن القول إن الأسد يضع نظامه في مواجهة كل دول المنطقة في هذا الملف، مع وجود إصرار على إخراج إيران من سوريا، وتحجيم دورها المتصاعد.
دور تخريبي
النظام السوري وفق المسؤول المعارض، دخل «ربع الساعة الأخير» من موضوع القرار حول الدستور، إذ أن ملف اللجنة الدستورية أصبح بيد جميع الأطراف ما عداه، وتأكيده على الدور الإيراني يصب في هذا الاتجاه، لأن الدور الإيراني يساعده في ترسيخ نفوذ أكثر في سوريا حال حصول أي تطور مصيري في المستقبل.
وموقف المعارضة من الوجود الإيراني، بأن طهران دورها تخريبي في المنطقة، والدليل على ذلك هو وجودها في العراق، حيث لم تسمح بأي حل يساعد على الاستقرار، لذلك أي استقرار في سوريا هو إبعاد لها، وبالتالي فإن وجودها في أي مساعِ للحل يكون هدفه سلبياً. أما دخولها في «أستانة»، فيهدف إلى لجمها عن زعزعة أي اتفاق، بمعنى آخر إلزامها قانونياً في أي اتفاقيات تحدث مستقبلاً.
قراءة مختلفة
الباحث سعد الشارع كانت له قراءة مختلفة حول أهمية زيارة المعلم إلى طهران، ليعتبر المصدر أن كلمة وزير خارجية النظام السوري أمام أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني كانت أبعد من المتوقع. إذ قال المعلم: «الحكومة السورية من واجبها الحفاظ على أمن القوات الإيرانية في سوريا»، أي أنه ذهب بعيداً في هذا الإطار، وليس تأكيداً فقط، بل أن حماية هذه القوات يقع على عاتق النظام السوري، «بغض النظر عن قدرات دمشق في فعل ذلك أم لا، وهي رسالة موجهة ضد الجيش الإسرائيلي الذي هاجم العشرات من المواقع العسكرية الإيرانية في الأوقات الأخيرة».
أما على صعيد المعركة السياسية، فتصريحات وليد المعلم تأتي لطمأنة طهران حصراً في ملف اللجنة الدستورية، كون أحد أبرز معوقات انتاجها في الفترات السابقة، كان التعنت الإيراني، بالإضافة إلى أن الزيارة خطوة تمهيدية للملفات الحساسة التي سيتم طرحها في اتفاق «سوتشي» المقبل.
وقال «الشارع» لـ «القدس العربي»: هناك حدث آخر مهم في زيارة المعلم لطهران، ألا وهو توقيتها قبل قمة سوتشي المرتقبة في 14 شباط/فبراير الحالي بين الدول الثلاث الضامنة، التي ستعطي حيزاً كبيراً للجنة الدستورية السورية، والتي على ما يبدو تحمل في حناياها القليل من الحلحلة في بعض النقاط الخلافية التي أعاقت تقدمها في الأوقات السابقة.
المؤتمر القادم يتوقع منه حل الكثير من المشكلات السابقة، ومن جانب آخر يبحث «المعلم» في طهران عمق العلاقة الإيرانية – الروسية، ربما تأتي أيضاً بعد ورود بعض الأنباء عن مساومة حول الوجود الإيراني في سوريا، وزيارة المعلم جاءت لدحض كل هذه الشائعات. وأردف الباحث، أنه من الضروري معرفة وجود ترتيبات سابقة لزيارة المبعوث الدولي غير بيدرسون إلى إيران، بمعنى أن زيارته إلى طهران غير مرتبطة بزيارة وليد المعلم، وفي الوقت ذاته ليست بالصدفة.