انهيار بناية ضخمة بإسطنبول يزيد المخاوف من “الاثار المرعبة” لأي زلزال قد يضرب المدينة ـ (فيديوهات)

إسماعيل جمال
حجم الخط
0

إسطنبول –”القدس العربي”:
فتحت حادثة سقوط بناية سكنية ضخمة في إسطنبول، الأربعاء، على رؤوس ساكنيها إلى تضاعف المخاوف من “الآثار المرعبة” التي قد تترتب على أي زلزال متوسط القوة قد يضرب مدينة إسطنبول التي تضم الكثير من الأحياء التاريخية والتجاوزات القانونية في إنشاء المباني الحديثة.
والأربعاء، انهارت بناية مكونة من ثمانية طوابق وتحتوي على أكثر من 30 شقة سكنية في منطقة كارتال في الجانب الآسيوي من إسطنبول، حيث ما زالت تتوصل لليوم الثاني على التوالي عمليات الإنقاذ ومحاولة الوصول إلى المحاصرين تحت الانقاذ، حيث جرى حتى مساء الخميس انتشال جثامين 3 أشخاص و١٥ جريحاً، وسط مخاوف من وجود عدد كبير من المحاصرين تحت الأنقاض.

وبينما لم تعلن السلطات الرسمية نتائج التحقيق النهائية في أسباب سقوط البناية، أكدت مصادر مختلفة أن الأنباء السابقة عن حصول انفجار في تمديدات الغاز غير دقيقة، وأن البناية انهارت نتيجة مخالفات كارثية في قانون البناء، حيث بنيت على قواعد تحمل خمسة طوابق فقط، وجرى بناء ثمانية طوابق، وهو ما أدى إلى انهيار البناء بشكل مفاجئ.
هذه الحادثة أثارت مخاوف كبيرة لدى سكان إسطنبول من ضعف رقابة الحكومة على مشاريع البناء غير القانونية، فيما اتهمت المعارضة الحكومة بالمسؤولية عن الواقعة نتيجة إصدارها قبل أشهر قانون “السلام بالبناء” وهي مبادرة أطلقتها الحكومة لتسوية ملفات مئات آلاف المخالفات القانونية في البناء وفق شروط معينة، قالت الحكومة إن دافع لحكومة لذلك كان كسب أصوات الناخبين والحصول على تحصيلات ضريبية لمواجهة الأزمة المالية التي عصفت في البلاد خلال الأشهر الماضية.
وتشد إسطنبول في الآونة الأخيرة حالات متعددة لسقوط بنايات بشكل مفاجئة لا سيما في المناطق التاريخية والقديمة، لكن معظم هذه الحالات كانت تقع في بنايات قديمة متروكة ولم تؤدي لسقوط أعداد كبيرة من الضحايا على غرار الواقعة الأخيرة.
وخلال الأشهر الأخيرة، تزايدت الهواجس بشكل غير مسبوق من إمكانية حدوث زلزال مدمر في مدينة إسطنبول، بسبب وقوعها على خط زلازل خطير وحصول عدد من الهزات المتوسطة خلال الأسابيع الماضية في محيط أكبر المدن التركية، من حيث عدد السكان والتي لا تمتلك مقومات مُقاومة للزلازل، وسط مخاوف شعبية وإجراءات حكومية للحد من الأضرار التي يمكن أن يتسبب بها في حال وقوعه.
وتقع تركيا في منطقة صدوع زلزالية كبرى وتتعرض تكرارا إلى هزات. وما يزيد من مخاوف المسؤولين والخبراء أن تركيا تعرضت خلال تاريخها الحديث إلى 7 زلازل مدمرة بجانب مئات الهزات الخفيفة والمتوسطة، كان أبرزها 1939 حيث قتل 32 ألف شخص بولاية أرزنجان بفعل زلزال بلغت قوته 7.9 ريختر، وزلزال مرمرة الشهير 1999 الذي قتل فيه 17 ألف شخص ودمر مئات آلاف المنازل في ازميت وإسطنبول.
وتتزايد المخاوف كون المدينة تضم ملايين المنازل القديمة التي لن تستطيع الصمود في وجه زلزال بهذه القوة. وتتركز التكهنات حول زلزال سيكون مركزه 25 كيلومترا في بحر مرمرة ولن يكون عميقاً بحيث يمكن ان يؤدي إلى حصول موجات مد “تسونامي” قد تتسبب في إغراق أحياء كاملة كثيفة بالسكان تقع على جانبي مضيق البوسفور.
وفي مؤتمر بجامعة الفرات في محافظة الإزيغ، الواقعة شرقي الأناضول، قال الخبير الياباني يوشينوري موريواكي إن “تركيا بلد معرض للزلازل، ولا سيما في منطقة بحر مرمرة ومحافظة إزميت المطلة عليه”. وتوقع موريواكي، الذي يقيم في تركيا منذ 28 عاما، أن يقع زلزال بقوة 7.4 على مقياس ريختر في أي لحظة خلال السنوات الـ 25 المقبلة.
وفي أغسطس الماضي، أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية خطة لمواجهة زلزال يمكن أن يؤدي إلى مقتل ٣٠ ألف شخص في إسطنبول، وذكر حينها، رئيس قسم الزلازل التابع لإدارة الكوارث والطوارئ مورات نورلو، إن “هناك سيناريو يشير إلى أن زلزالا قوته 7.6 درجة بمقياس ريختر على صدع الأناضول الشمالي في بحر مرمرة، قد يؤدي إلى مقتل ما بين 26 و30 ألف شخص”.
وحسب آخر إحصائية صدرت قبل أيام، يعيش في اسطنبول أكثر من 15 مليون تركي، لكن التقديرات تشير إلى أكثر من ذلك، كون هذه الإحصائية لا تضم ملايين الأتراك الذين يعيشون خارج المدينة ويعملون فيها نهاراً بالإضافة إلى قرابة مليون لاجئ وعدد كبير من السياح.
التحذيرات التي صدرت عن العديد من المصادر الحكومية والمراكز البحثية التركية والدولية قالت إن المدينة تواجه خطر حصول زلزال مدمر ربما تصل قوته إلى أكثر من 7 درجات على مقياس ريختر، ومن المتوقع ان يضرب المدينة في أي وقت خلال السنوات المقبلة.
وتعمل الحكومة التركية منذ سنوات طويلة على برنامج لإعادة هدم وبناء الأحياء القديمة والمباني التي لا يمكنها الصمود أمام زلزال بهذه القوة، لكنها لم تتمكن حتى الآن من إنجاز سوى قرابة 20% من هذه المهمة، وما زالت ملايين المنازل التي تجاوز عمرها الأربعين عاماً بحاجة إلى هدم وإعادة بناء بمعايير جديدة، وهو ما يكلف الحكومة التي تمر بأزمة اقتصادية مليارات الدولارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية