لن تكون المخيمات وطنا بديلا!

حجم الخط
0

ما زالت صور الماضي تنبعث امامي، امعن النظر بها اتفحصها واحدة تلو الاخرى ليس حبا بماضٍ مؤلم كنت قد ولدتُ به في خيمة للامم المتحدة في مخيم للاجئين الفلسطينيين يبدو لناظره اول الامر كمخيم لرحاله لن يبقوا!ما زالت صور الماضي تنبعث امامي امعن به اكثر الايام. الارض مبللة بالطين واجساد الاطفال شبه عارية والايدي التي ترتجف وهم يصطفون خلف شاحنة للاونروة بغية حصولهم على بعض الملابس القديمة كانت الاونروة قد حصلت عليها من منظمات انسانية لشأن اغاثي محض. ما زالت تلك الصورة تحاصرني الى الان.. ثلاثة مخاتير يجلسون في موخرة صندوق الشاحنة يرتدون معاطف عسكرية قديمة لم يبق من ازرارها النحاسية سوى واحد او اثنين تذكار هزيمة جنود او ضباط في معركة خاسرة ضاع جراءها وطن بأكملهُ، وحتى الاحذية العسكرية في اقدامهم كانت متسخة وقديمة ولم يتحصلوا على شيء لربطها فغدت تشبه الحياة في المخيم، واما موزع الملابس الذي يختار حجم الصرة او البقجة كما سماها اللاجئون، فيسمع صرخة من هنا وهناك.. كبرها الله يخليك كبرها.. واخر يصرخ به كأنك جايبها من بيت ابوك.. بينما على الطرف الاخر للشاحنة فتحت عجوز بقجتها ولبست جاكيتا طويلا اكبر من مقاسها فرفعت يديها الى السماء وقالت (الله ينصرك امريكا) ضحك الاطفال المجتمعون حول السيارة وقالوا: بدهشة (امريكا…الله ينصر …ما امريكا سبب المشكل ناقص تقول وبريطانيا العظمى)…لا احد يعلم شكل الاطفال صبيحة اليوم الثاني لدرجة تشعر انك في كرنفال او حتى حفلة تنكرية من الالوان وموديلات الالبسة وكلٌ حسب بقجته فمن بعض رجال لبس قميص بلون زهر ومن لم يجد الا فردة حذاء واحدة احتار ماذا يفعل بها، وتحسر وربما شتم المتبرع الذي لم يضع الاثنين معا، ومنهم من اشار عليه ان يراجع مكتب الاونروة واقاويل كثيرة تزداد كل ما زاد مشهد اللاجىء اكثر هزلية. ذاك فيض من غيض ما زلنا نخشى ان تعود تلك الايام المؤلمة الينا مرة اخرى.. ما كنا نخشى وقوعه يحدث الان في بداية اعادة فيلم اللجوء المرعب وبشكل مروع، فالموت تحالف مع القذائف والرصاص فقتل البشر ودمر البيوت فوق رؤوس اللاجئيين، فخروجهم من المخيم يعني اذلالهم مرة اخرى امام شاحنات الاونروة ان تمكنت من الوصول اليهم واما بقاؤهم تحت الانقاض فذلك يعني الموت الزؤام، مقتولا او مذبوحا بسكين، وربما اشياء اكثر من الموت نفسه، الاردن ولبنان لن يقبلا الفلسطيني زائرا او عابرا، فكيف ستقبله لاجىء، السعودية وكل دول الخليج؟! لن تقبل لاجئا واحدا، وخاصة ان كان فلسطينيا! العراق ارض الحضارة والفكر اصبح طائفيا يفرق بحرب اهلية من يسوسه اليوم هجر الفلسطينيين الى الارجنتين، امريكا تقول المخيمات خط احمر، وذلك يعني يجب الابقاء عليهم في المخيمات ليموتوا وان قتلوا جميعا فلن تفعل شيئا سوى اصدار بيان يبدأ ‘ان حكومة الولايات المتحدة الامريكية تأسف لمقتل فلسطينيين في المخيمات’! وهي في واقع الامر تفرح لمقتل كل الفلسطينيين، اينما كانوا، فليس اسف امريكا وبريطانيا ومن بحكمهم من الاوروبيين اقل ايلاما من وعد بلفور المشؤوم، فأين يذهب الفلسطينيون ومحمود عباس يريد تسليم السلطة الى نتنياهو، حقا ضاق بنا الوطن العربي ولم يعد يتسع لنا احياء او حتى شبه احياء، ان كان يتعذر كسر الاسلاك الشائكة حول فلسطين المحتلة بتسويات سلمية ومفاوضات ماراثونية لا تؤول الا الى مفاوضات عبثية فلا بد من الذي ليس منهُ بد (الانتفاضة الثالثة) ليس من الداخل بل ومن الخارج ايضا. امين الكلح qmn

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية