إذا أغلقت قناة «القدس» الفضائية أبوابها فعلاً وانقطعت عن البث تماماً – وهو ما يحدث حالياً ولكن بشكل تدريجي- فهذا معناه أن أعداء المشروع الوطني الفلسطيني نجحوا في إسكات الصوت الذي لطالما أزعج الاحتلال طوال السنوات العشرة الماضية، فضلاً عن أن إسكات «القدس» يحمل جملة من الدلالات الأخرى أهمها هو، ما يرتبط بـ»صفقة القرن» التي يتم طبخها على نار هادئة، وضرورة إسكات الأصوات المعارضة لها.
انهيار قناة «القدس» التي تبث من بيروت يأتي بعد فترة وجيزة من إغلاق وشيك لقناة «الأقصى» في غزة كاد أن يتم قبل أسابيع قليلة من الآن، وتم التراجع عنه في اللحظات الأخيرة، كما يأتي بعد شهور قليلة من إغلاق كامل لقناة «الكتاب» التي كانت تبث من غزة.. والسبب المشترك لكل هذه الإغلاقات والتعثرات هو الأزمة المالية.
استهداف قناة «القدس» وإسكاتها يأتي في سياق الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني بأكمله
قناة «القدس» أزعجت الإسرائيليين وأربكتهم طوال السنوات العشر الماضية، ولعبت دوراً مهماً خلال الحروب الثلاث التي استهدفت قطاع غزة، ولذلك فقد قصفها الطيران الإسرائيلي في غزة، ومنع طواقمها من العمل في الضفة الغربية والقدس المحتلة والأراضي داخل الخط الأخضر، واعتقل بعضاً من صحافييها ومراسليها، لينتهي بها الأمر أخيراً إلى الإغلاق الكامل. السبب الوحيد والأوحد لانهيار وإغلاق قناة «القدس» هو الأزمة المالية، أما سبب الأزمة المالية فهو الحصار المفروض عربياً على المقاومة الفلسطينية وكل وسائل إعلامها، وهو الحصار الذي لم تنجح به إسرائيل، لكن الأنظمة العربية نجحت فيه، وهو حصار مدروس وممنهج يهدف إلى إسكات الأصوات التي ستُعارض «صفقة القرن»، وهي الصفقة التي بات واضحاً بأن عدداً من الأنظمة العربية متورطة في الترتيب لها، ومتواطئة على تمريرها رغم الرفض الفلسطيني والأردني بالإجماع لها.
كل الأسباب الأخرى التي انشغل بعض العاملين والمتابعين بالحديث عنها، ليست سوى تسطيح لأزمة قناة «القدس» ولا تمت للحقيقة بصلة، فالأخطاء الإدارية أو الهدر المالي، أو غير ذلك من الأسباب لا يمكن أن تؤدي إلى إغلاق قناة تلفزيونية بشكل كامل، ولا يمكن أن تُسكت صوتها، فضلاً عن أن الكثير من هذه الأحاديث والقصص ليست سوى محض خيال في أذهان المتحدثين بها. قناة «القدس» وغيرها مما يمكن أن نسميه «وسائل إعلام المقاومة» يتم تمويلها عبر المتبرعين العرب من المحبين لفلسطين والمولعين بالقدس والراغبين بدعم الشعب الفلسطيني، وهؤلاء تمت محاصرتهم من قبل أنظمة عربية تقوم بإنفاق ملايين، بل مليارات الدولارات من أجل تشويه الشعب الفلسطيني، ومن أجل الترويج للتطبيع مع إسرائيل.
الأنظمة العربية التي تحاصر الفلسطينيين وتقوم بشيطنتهم، وتمنع المتبرعين عن دعمهم ودعم مقاومتهم وصمودهم أمام الاحتلال، هي ذاتها التي تبين مؤخراً أنها متورطة في عمليات تهويد للقدس المحتلة، وهي ذاتها التي تبين أنها متواطئة مع ترامب وصهره كوشنر في الترتيب لصفقة القرن، وهي الأنظمة ذاتها التي تُشغّل جيوشاً إلكترونية جرارة لتكتب على الإنترنت أن «الفلسطيني الذي ظلَّ في الداخل صهيوني يحمل جواز سفر اسرائيلي، والفلسطيني الذي في الخارج باع بلده، والفلسطيني الذي في غزة عميل لإيران، وأن مصلحة العرب في التطبيع مع اسرائيل لأن إيران أخطر». أصحاب هذه النظرية الغبية والمشبوهة هم أنفسهم الذين حاصروا قناة «القدس» وأسكتوا صوتها حتى يتسنى لهم إكمال مشروعهم.
خلاصة القول هو، أن استهداف قناة «القدس» وإسكاتها يأتي في سياق الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني بأكمله، وفي إطار حملة التحريض الممنهجة التي تستهدف الفلسطينيين من أجل تبرير التطبيع مع إسرائيل، ومن ثم تبرير «صفقة القرن» التي لا تريد هذه الأنظمة العربية أي صوت معارض لها.
كاتب فلسطيني
وأن غداً لناظره قريب !! ولا حول ولا قوة الا بالله
حماس حوصرت من القريب قبل اابعيد
هذه جريمةنكراء ينفذها المتصهينون العرب عامة والخليجيون أصحاب المال منهم خاصة . هم أعداء القضية . يجب التصدي لهم بكل الوسائل حتى تبقى قناة القدس .