الاردن: مئة يوم علي وزارة البخيت وغموض في التأييد الشعبي لها والقصر الملكي يتولي الحوار مع قادة العشائر
الحكومة عادت للبداية في الحوار السياسي الداخلي وتجاوزت عقبات البرلمان والصحافة ولا تصورات حول قانون الانتخابالاردن: مئة يوم علي وزارة البخيت وغموض في التأييد الشعبي لها والقصر الملكي يتولي الحوار مع قادة العشائرعمان ـ القدس العربي ـ من بسام بدارين: يستعد مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية لاعداد وثيقته المعتادة عبر استطلاع يحدد انطباعات الناس والرأي العام والنخبة حول اداء الحكومة بمناسبة مرور مئة يوم علي تشكيل وزارة الرئيس معروف البخيت تطبيقا لتقليد يتبعه المركز منذ سنوات في الكشف عن توقعات الناس بخصوص الحكومات بعد مئة يوم من تشكيلها. ورغم ان الرئيس البخيت نفسه اظهر امتعاضه من فكرة استطلاع المئة يوم الا ان المركز المتخصص وهو الاهم بالاستطلاعات في المملكة يعمل علي انجاز هذا التقليد حاليا فقد تجاوزت حكومة البخيت شهرها الثالث ودخلت في المئوية التي تجعل اداءها قابلا للتقييم والتمحيص والدراسة والمتابعة. ودخلت المئوية كاستحقاق في وجه الحكومة فيما عاد القصر الملكي مباشرة لمتابعة بعض الملفات المحلية والوطنية المهمة والتي يفترض ان تتابعها الحكومات وذلك عبر لقاءات مباشرة ينظمها الملك مع قادة العشائر والقبائل من مختلف محافظات المملكة مستمعا لآراء المواطنين المباشرة ومبديا الملاحظات ومتحدثا عن البطالة والفقر باعتبارهما الملف الأكثر اهمية في هذه المرحلة خصوصا في ظل التوقعات الاقتصادية الصعبة للعام المقبل.وخلال اليومين الماضيين ظهر الملك عبد الله الثاني شخصيا علي شاشة التلفزيون وهو يطلب من قادة المجتمع المحلي اقتراح آليات وافكار في اتصالات وجاهية مباشرة معهم مشيرا الي ان مؤسسة الديوان الملكي منفتحة للاستماع للمقترحات والبحث عن برامج واليات لمواجهة المشاكل وهذه الالية في الحوار الملكي ليست جديدة لكنها بالنتيجة وفي التحليل السياسي تحيي دور مؤسسة القصر في التحاور مع اطراف المعادلة الاجتماعية وتكرس بالتالي القناعة بان مؤسسة الديوان الملكي لازالت تقوم بدور وطني وسياسي خلافا لبعض الانطباعات التي اسست بناء علي اشخاص محددين غادروا القصر. وترافقت حوارات القصر المباشرة مع العشائر وقادتها مع غياب شبه كامل لتجربة اللجان الاستشارية التي كانت تقوم بمهام اعداد البرامج وتقديم المقترحات في الماضي لكن مبادرات القصر عادت للاتصال مباشرة بالجمهور في مشاهد يجلس فيها رئيس الوزراء علي يمين الملك فيما يجلس قادة الديوان الملكي علي يساره مما يعني بأن من أولويات القصر الآن الانشغال بالموضوعات المحلية وليس بالاجندة الخارجية والاقتصادية فقط.لكن وزارة البخيت التي اتخذت الهدوء وتجنب الضجيج شعارا لها تدخل مرحلة المئة يوم وسط حالة من الغموض التي تكتنف عملية التقييم والمتابعة، فعمليا لا يوجد ما يشير الي ان الحكومة انجزت حتي الان شيئا ملموسا تجاه القضايا الكبيرة الملحة وان كانت قد اسست لاداء رفيع المسوي وهاديء نسبيا فيما يتعلق بالتعامل مع البرلمان.وفي الواقع تدخل وزارة البخيت في مئويتها وهي في حالة تصالح مع الصحافة وتفاهم مع البرلمان لكن شعبيتها بالتأكيد ستكون منخفضة وسط ادراك جماهيري بأنها سترفع اسعار المحروقات مجددا وهو قرار غير شعبي بالعادة يزاود علي الحكومة بسببه كثير من الساسة والبرلمانيين خصوصا من اعضاء نادي الرؤساء السابقين.ومن المؤكد ان التحدي المالي وليس الاقتصادي فقط هو الأبرز الذي تواجهه حكومة الرئيس البخيت، فالجميع يتحدث عن استحقاقات الدين الخارجي المطلوب دفعها عام 2007 والتي تتجاوز مليار دولار والجميع يتحدث عن الحاجة الملحة للمزيد من المساعدات وهو ما أعلن عنه مباشرة الرئيس البخيت وهو يقول بان حكومته طلبت وستطلب المزيد من المساعات الامريكية.والجميع ايضا يتحدث عن عودة الرقابة المزعجة علي الحكومة الاردنية وادائها الاقتصادي من قبل مؤسسات المال الرقابية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فالبعض يعتبر هذه العودة من مؤشرات التراجع في الاداء الاقتصادي الاردني خصوصا في ظل تزايد مراسلات هذه المؤسسات مع الحكومة وفي ظل الطريقة التي مررت بها الحكومة موازنتها المالية من مجلس النواب. وادارت وزارة البخيت حتي الآن كل فعالياتها ونشاطاتها بصمت وبدون رفع لسقف التوقعات وبالحد الادني من الكلام ومن الشعارات الامر الذي قد يساعدها مستقبلا في تجنب الاتهامات وفيما يتعلق بالاجندة السياسية الاقليمية اتصلت حكومة البخيت اكثر بالعراقيين ورموزهم وحاولت تهدئة جبهة العلاقة مع سورية واقفلت بقرار الابواب امام حركة حماس الي ان ينضج ظرف موضوعي دولي يعترف بالحركة ويتقبلها او يخطط لاجهاض مشروعها.وعلي الصعيد الدبلوماسي واصلت حكومة البخيت اداءها وخطابها التقليدي والتوثيقي عبر وزير الخارجية المخضرم عبد الاله الخطيب اما فيما يتعلق بالاجندة السياسية الداخلية فالمشهد غامض ومفتوح علي كل الاحتمالات فقد خلقت هذه الوزارة مسافة واضحة بينها وبين وثيقة الاجندة الوطنية ولم تقل انها ستلتزم بالوثيقة او ستعمل في ضوئها لكنها لم تتنصل منها في الواقع.وفي الشأن السياسي الداخلي ايضا عادت وزارة البخيت الي المربع الأول في الحديث عن التنمية السياسية والحوار الوطني التوافقي حول ملفات وآليات من بينها قانون الاحزاب وقانون الانتخاب مما يعني عمليا بان هذه الحكومة لا يوجد بين يديها حتي الان تصور واضح لنصوص قانون الانتخاب الذي ستجري بموجبه انتخابات عام 2007 والتي يعتقد عموما انها اول انتخابات منذ عام 93 ستجري بدون قاعدة الصوت الواحد.وأهم ما حرصت عليه الحكومة حزبيا خلال شهورها الثلاثة هو تثبيت التيار الاسلامي والاخواني عند موقعه الاساسي والقديم وعدم تمكينه من استعارة او توظيف فوز حركة حماس في فلسطين سياسيا.ويشار مسبقا الي ان حكومة البخيت اصلا شكلت في ظرف استثنائي خاص بعد حكومة عدنان بدران التي صمدت لسبعة اشهر فقط وشكلت بعد تفجيرات فنادق عمان والتحديات الارهابية وكان الهدف من تشكيلها ضبط الايقاع الاجتماعي بشكل عام والحفاظ علي الامن والاستقرار الداخليين لكن المؤسسة الامنية تقوم بوظيفتها بشكل متكامل وتعفي الحكومة من اي مسؤوليات في المجال الامني مما يعني بان الظروف التي تشكلت خلالها وزارة البخيت تغيرت.ومما يعني بان التحدث عن حكومة تدخل قريبا او دخلت في حاجز المئة يوم هو استرسال في لعبة التقييم التي تمارسها الصحافة مع اعتراف ضمني بان هذه الوزارة كغيرها من الوزارات وتواجه تحديات اساسية المطلوب منها معالجتها ومواجهتها. ولا يمكن بحال من الاحوال ومن الان توقع ظهور تأييد شعبي واسع لحكومة البخيت في الاسبوع المقبل بعد انجاز استطلاعها الأول بمناسبة مرور مئة يوم، فالنخبة قد تتفهم الصعوبات التي تواجهها هذه الوزارة لكن الرأي العام لديه تصور مسبق بان وزارة البخيت سترفع الاسعار وهو فعلا ما سيحصل، الأمر الذي سينعكس بالضرورة علي تقييمات الاستطلاع.