دراسة إسرائيلية: “المعركة الجديدة” استراتيجية حماس في مواجهة إسرائيل

حجم الخط
0

الناصرة- “القدس العربي”:
عشية الذكرى السنوية لمسيرات العودة في غزة، ترى دراسة استراتيجية إسرائيلية أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تطبق ” المعركة الجديدة” التي تضع إسرائيل أمام خيارين قطبيين، وتقدم سلة توصيات تحاشيا لخطورة أكثر الجبهات قابلية للانفجار.

بالتزامن، حذر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من محاولة تصعيد حماس للحصول على المزيد من المكاسب قبيل الانتخابات للكنيست، مهددا بأن الاحتلال سيرد بقوة حتى في هذه الفترة.

وتقول الباحثة مديرة المنتدى للدراسات الفلسطينية في مركز ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا ميخال ميليشطاين، إن مميزات ومدة المعركة الدائرة منذ سنة في قطاع غزة مختلفة جوهريا عن الصراعات التي خاضتها إسرائيل في هذه الجبهة في العقود الأخيرة، ولهذا تعتبر أنه من الأصح تعريفها بـ”المعركة الجديدة “.

وتعتبر أن “المعركة الجديدة ” لم تكن خطة مرتبة تم إخراجها لحيز التنفيذ بل هي نتاج ” التجربة والخطأ ” نفذتها حماس علما أن ميزان القوى الراهن ليس في صالحها تماما.

وتتابع: “لا يوجد مصلحة للطرفين بالتصعيد حتى موعد انتخابات الكنيست بعد شهر، ولكن كما في الماضي احتمال التدهور الأمني وارد رغم عدم رغبتهما نتيجة احتكاك متواصل يرافقه سوء تقدير “. وتزعم الدراسة أن حماس تبدي في المرحلة الحالية عدم رضا من حجم ووتيرة تطبيق التفاهمات مع إسرائيل، ولهذا فهي معنية بالاستمرار بنموذج “المعركة الجديدة ” كي تحصل على مكاسب مدنية إضافية. وهذا الواقع برأيها يؤدي لتوضيح الخيارين القطبيين الماثلين أمام إسرائيل: دفع تسهيلات مدنية لأهالي غزة تصب الماء على طاحونة حماس، ومن جهة أخرى خيار تعزيز احتمالات التورط بمعركة عسكرية واسعة يصعب تخمين كيفية نهايتها.

ملامح المعركة الجديدة
وفي وصفها لملامح ” المعركة الجديدة ” تشير الباحثة الإسرائيلية لمسيرات العودة التي انطلقت في مثل هذا الشهر قبل عام- احتكاك شعبي بحجم وقوة غير مسبوقة في غزة ولاحقا استخدام البالونات والطائرات الحارقة وكذلك بمواجهات عسكرية عينية على الحدود بلغت أوجهها بعدة جولات تذكر بالوضع الراهن قبيل “الجرف الصامد ” في 2014.

وتقول الدراسة إن إسرائيل ركزّت حتى اندلاع “المعركة الجديدة” بتهديدات طابعها عسكري من جهة غزة وعلى رأسها إطلاق قذائف وحفر أنفاق واحتكاكات على الحدود (عمليات قنص ووضع ألغام وإلقاء عبوات وصواريخ مضادة للدروع).

وتعتبر الدراسة الإسرائيلية أن غزة استنسخت نموذج الاحتكاك الشعبي مع الاحتلال من الضفة الغربية المحتلة بعد ملاءمته للظروف المميزة للقطاع المحاصر، وبالاحتفاظ باستمراريته مما أجبر إسرائيل على البقاء بحالة تأهب حربية وتكريس قوات كبيرة وصرف أنظارها عن تحديات استراتيجية مركزية تواجهها وعلى رأسها تحديات الجبهة الشمالية.

معركة ما بين المعارك
وتقول إنه منذ مارس/آذار 2018 بدأ الصراع كمبادرات شعبية مستقلة بسطت حماس عليها رعايتها وطورت أدواتها وفق ما يناسب احتياجاتها.

وتزعم الباحثة الإسرائيلية أن المعركة المذكورة هدفت لتخليص حماس من مأزقها متعدد الجوانب دون الانزلاق لحرب خطيرة على شاكلة “الجرف الصامد” ولذا يمكن تسمية ما تقوم به حماس “معركة ما بين المعارك ” وهو مصطلح مأخوذ من قاموس جيش الاحتلال، وطوره في السنوات الأخيرة. ويعني مواجهة قوية وأقل من معركة.

وتتابع الباحثة مزاعمها: “عشية المعركة الجديدة تقف حماس في حالة يرثى لها بكل المستويات، وقلقها المركزي ينصب على الأزمة المدنية القاسية في غزة وعلى سبل للخروج منها”.

وتدعي أن غاية “المعركة الجديدة ” هي الضغط على إسرائيل من أجل توفر تسهيلات مدنية إضافية داخل القطاع، ومن جهة أخرى صرف الأنظار عن مشاكل أهاليه الداخلية وتوجيه إحباطهم نحو إسرائيل”.

أما الطابع الشعبي وفق الدراسة الإسرائيلية فيهدف للحصول على شرعية داخلية وخارجية، ومنع إسرائيل من ممارسة تفوقها العسكري في حال قامت بمواجهة التحديات الجديدة في جبهة غزة.

استقالة ليبرمان
وتدعي الباحثة الإسرائيلية أن نجاحات حماس ليست باهرة، لكنها نجحت بإجبار إسرائيل على الانشغال بما يجري في القطاع وفرضه على أجندة الخطاب الإسرائيلي، وإلحاق حالة من الإرباك للمستويين السياسي والعسكري فيها.

وتضيف: “تعتبر حماس استقالة وزير الأمن أفيغدور ليبرمان قبل شهور وتبكير موعد الانتخابات للكنيست واحدا من إنجازاتها”. وتقول إن حماس أيضا حققت مكاسب مدنية وفرّت تسهيلات معينة داخل غزة في الشهور الأخيرة، منها ترتيب تسديد الرواتب وزيادة فترة التيار الكهربائي.

بالمقابل تقول الدراسة الإسرائيلية إن التسهيلات تواجه مشاكل أساسية صعبة تعجز حماس عن حلها كالبطالة خاصة لدى الشباب، والبنى التحتية المدنية المتداعية، وتقييد حركة الدخول والخروج من وإلى القطاع، وبالتالي تدرك الحركة بقاء احتمالات الانفجار الداخلي علاوة على أن التسهيلات ثمنها الإنساني الذي سددته في ” المعركة الأخيرة ” باهظ.

بين الضفة وغزة
ومن هنا تستنتج الدراسة الإسرائيلية أن هناك قطيعة كبيرة بين غزة وبين الضفة، وتحاول التدليل على ذلك بالقول إن الأخيرة لم تهب وبقيت هادئة جماهيريا وأمنيا بعد قتل 250 فلسطينيا خلال الاحتكاكات على الحدود مع غزة في السنة الأخيرة، مما يسبب “إحباطا لدى حماس”.

كما تزعم أن حماس تواصل التشبث بهدفها المركزي بأنها جسم سيادي يحافظ على سيادته وقدرته على معالجة أوضاع المدنيين دون التنازل عن صبغتها الأصلية كتنظيم عسكري وعلى أهدافها الإستراتيجية وعلى الأهمية التي توليها للقوة العسكرية وتنميتها.

وتضيف: “الاعتبار المدني كما في حالة الجرف الصامد يقف في مركز المعركة الجديدة ويدلل مجددا على العلاقة بين الواقع المدني والأمني داخل غزة، وهي علاقة لم تفهمها إسرائيل بما يكفي عشية الحرب عام 2014”.

تبادل لكمات
وترى أن حماس تدرك ارتداع إسرائيل بكل مقوماتها من تصعيد خطير يؤدي لاحتلال غزة، ولذا فهي تطور نموذجا نضاليا يتيح لها التعبير عن صبغتها العسكرية كمنظمة مقاومة رغم تحولها لحزب حاكم.

وتضيف: “رغم خوفها العميق من معركة واسعة فهي لا ترتدع بشكل كامل عن القيام بخطوات مناهضة لإسرائيل”. وتزعم أن تزامن تجرؤ بقية التنظيمات المسلحة في القطاع مع ارتداع حماس عن فرض سيادتها عليها وردعها، من شأنه أن يؤدي لانزلاق نحو ” تبادل لكمات” مع إسرائيل وربما لمواجهة واسعة.

وتعتبر الدراسة الإسرائيلية أن الشباب هم القوة الدافعة المركزية في الصراع الحالي، وأن حماس تعي جيدا إحباطهم العميق لاسيما أن أوساطا منهم ليس لهم ما يخسرونه، وتسعى لدفعهم للعمل ضد إسرائيل.

وتؤكد الدراسة الإسرائيلية أن قطاع غزة هو الجبهة الأكثر قابلية للانفجار التي تواجهها إسرائيل اليوم، محذرة من انزلاق نحو مواجهة واسعة قبل الانتخابات في التاسع من أبريل/نيسان رغم عدم رغبة الطرفين بها.

وتشير إلى أن إطلاق ناشطي حماس الأربعة من المعتقل في مصر الساعية لتخفيف الاحتكاك بين غزة وإسرائيل لا يحقق الهدف المنشود، بالعكس كما يتجلى في استمرار إطلاق البالونات المتفجرة في هذه الأيام والتي تستدعي ردودا إسرائيلية ربما تدفع نحو مواجهة أكبر، خاصة عشية الربيع وهو فصل مليء بالمناسبات الوطنية الفلسطينية كيوم الأرض وذكرى النكبة.

وتوصي الدراسة بأن تبادر حكومة الاحتلال بخطوات مدنية وتسهيلات حتى بحجم صغير كالتسهيلات في مجال الحركة وتحريك مشاريع بنى تحتية خاصة في مجال الماء والكهرباء وتشجيع مساعدات خارجية كل ذلك من شأنه المساهمة في التهدئة في الوقت القريب وتخفيف وطأة الإحباط في الشارع بما يعين حماس على تطبيق القانون وفرض السيادة.

معضلة إسرائيلية
وتخلص للقول إن الحديث يدور عن قرار مركب يسلط الضوء على خيارين نقيضين يمثلان أمام إسرائيل: دفع تسهيلات مدنية في غزة من شأنها خدمة حماس وتشكل اعترافا بحكمها (هذا رغم عدم دفع قضية الأسرى والمفقودين) ومن جهة أخرى احتمال التورط بمعركة عسكرية واسعة يصعب معرفة كيف ستنتهي.

وقال نتنياهو أثناء جولة على تخوم غزة: “من الأجدر لحماس أن تفهم الآن أن الرد على أي اعتداء من طرفها سيقابل برد حازم وأشدّ عدة أضعاف من قبل إسرائيل. من الأفضل أن حماس ستفهم ذلك الآن بدلا من لاحقا”.

وفي محاولة لكسب نقاط انتخابية طبقا لاتهام مراقبين محليين تابع نتنياهو: “أعي أن حماس قامت في الأيام الأخيرة باستئناف عملياتها العدوانية بطرق مختلفة وعليها الارتداع ومن المفضل اليوم لا لاحقا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية