إيكونوميست: لماذا يتسم الربيع العربي الجديد بالحذر؟

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن – “القدس العربي”:
تحت عنوان “الحديث عن الربيع: الاحتجاجات تعود إلى العالم العربي” تحدثت مجلة “إيكونوميست” في عددها الجديد عن الأسباب التي منعت من انتشارها الواسع أو كالنار في الهشيم.
وقالت إن الشعار الحالي هو الربيع العربي قد عاد، ففي الجزائر يهتف المحتجون مطالبين برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وإنهاء حكمه الذي مضى عليه 20 عاما. ويردد الجزائريون أصداء الانتفاضة السودانية التي مضى عليها 3 أشهر وتطالب برحيل نظام عمر حسن البشير. وفي المغرب وطالب المحتجون في الأردن والعراق ولبنان والأراضي الفلسطينية حكما رشيدا وحياة أفضل. وبعد خمسة أعوام من نجاح الأنظمة الديكتاتورية في إسكات الاحتجاجات يستعيد الشارع العربي صوته. وهو ما دعا البعض للحديث عن تتمة للربيع العربي. وكما هو الحال في عام 2011 كانت الاحتجاجات عفوية وشاملة وخالية من القيادة. واندفعت نتيجة لنفس المظلومية التي تغذي تظاهرات اليوم إلا أن السياق ليس مختلفا.

الحروب والفوضى التي تبعت الربيع العربي بردت من حماس الناشطين ورعاتهم الإقليميين. وفي الوقت نفسه شحذ الطغاة والديكتاتوريون من أدوات القمع من أجل سحق ووقف انتشارها في مكان آخر.

فالحروب والفوضى التي تبعت الربيع العربي بردت من حماس الناشطين ورعاتهم الإقليميين. وفي الوقت نفسه شحذ الطغاة والديكتاتوريون من أدوات القمع من أجل سحق ووقف انتشارها في مكان آخر. ويرى مارك لينتش، من جامعة جورج واشنطن ” أعادوا تجديد الأسلاك في محاولة لمنع ربيع عربي جديد”. وتقول المجلة إن تركيا وقطر وإيران دعمت انتفاضات عام 2011 إلا أنها باتت اليوم مشغولة بقضاياها الداخلية. وأحكم الرئيس رجب طيب أردوغان قبضته على البلاد بعد تظاهرات عام 2013 والمحاولة الانقلابية الفاشلة بعد 3 أعوام. ولم يعد النموذج الإسلامي الذي قدمه إلا صورة عن نظام ديكتاتوري ومدعاة للسخرية. أما قادة إيران الذين أشعلوا نيران الربيع العربي لدرجة أنه وصل إلى حليفهم في سوريا وهدد بحرقه، يعانون اليوم من أزمة داخلية. أما قطر التي قامت بعملية تراجع كبيرة وتعاني من حصار وتحتاج لكل الأصدقاء. واستقبلت البشير في شباط (فبراير) والتزمت الصمت حيال المشاكل في الجزائر. وتقول المجلة إن قناة الجزيرة القطرية قامت وقبل ثمانية أعوام بقيادة الربيع العربي. وغطت أحداثه على مدار الساعة وحرضت الجماهير وأنتجت سردا على نطاق واسع. إلا ان تغطيتها لأحداث الجزائر والسودان أكبر دولتين عربيتين من ناحية المساحة والثانية من ناحية عدد السكان صورت التظاهرات على انها أحداث معزولة على هامش العالم العربي. والبعض ركز على الخصوصيات اللغوية الجزائرية، خاصة أن اللهجة يتعسر فهمها في مناطق عدة من العالم العربي. وكافح الطغاة لقمع الإعلام المستقل. وكانت وزارات الإعلام تملي على الصحف العناوين الرئيسية وتمنع التغطية الإعلامية الأجنبية وتلاحق الصحافيين المحليين الذين لا يتعاملون مع النظام. وعادة ما يتم التعامل مع الصحافيين الاستقصائيين كإرهابيين أو خونة. وبعضهم كان يعتقل ويعذب. وأنشأت السعودية “مجموعة التدخل السريع” لملاحقة السعوديين الذين يهربون من بلادهم مثل جمال خاشقجي، المحرر السابق الذي قتل وقطع في داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.

استخدمت الأنظمة الديكتاتورية التكنولوجيا لصالحها مثل السعودية  التي أنشأت وحدات ملأتها بالمهووسين في التكنولوجيا الحديثة بمهمة ضخ المعلومات الزائفة ونشر النقاط المهمة التي تريد حكومات هذه الدول نشرها.

ورغم قدرة إعلام التواصل الاجتماعي على جلب المتظاهرين إلى الشوار ع إلا أن هناك غياب للهاشتاغات التي تربط الاحتجاجات في الدول العربية. وتعد الجزائر من أعلى الدول العربية استخداما للـ “فيسبوك” مع أن النظام غير ماهر في استخدام التكنولوجيا الجديدة. وكما يقول أشرف زيتون الذي أشرف على وحدة للـ”فيسبوك” في المنطقة “فغياب المعرفة تركت مساحة فارغة” في إشارة للنظام. فيما استخدمت الأنظمة الديكتاتورية التكنولوجيا لصالحها مثل السعودية ودول الخليج الأخرى التي أنشأت وحدات ملأتها بالمهووسين في التكنولوجيا الحديثة بمهمة ضخ المعلومات الزائفة ونشر النقاط المهمة التي تريد حكومات هذه الدول نشرها. وقالت المجلة إن الابتزاز من خلال حرب التجسس الإلكترونية والتعليقات المضرة أو الاعتقال وتقليل الرسائل المعارضة هي أمثلة عن محاولات هذه الدول السيطرة على وسائل التواصل. وفي الوقت نفسه زادت الحكومات من وتيرة القمع التقليدي. فعشية أكبر تظاهرة في الجزائر حذر عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري من محاولات استنساخ الاحتجاجات الجزائرية. وسجن سياسي في البحرين لمدة ستة أشهر لدعوته البشير التنحي عن السلطة. ومنعت دول عربية عدة التجمعات فيما شرعت قوانين صيغت بطريقة غامضة بعد الربيع العربي وتسمح للحكومات باعتقال من تراهم محرضين على التظاهر. وتقول سارة لي ويتسون من منظمة هيومان رايتس ووتش إن استخدام الرصاص الحي ضد جماعات صغيرة قللت التظاهرات للصفر. ومع ذلك ففقدان التواصل ليس أمرا سيئا لان المتظاهرين في الجزائر والسودان يفتخرون باستقلالهم ووطنيتهم ولهذا تمسكوا حتى الآن برفض العنف. وصرخوا في الجزائر “لا سوريا وليبيا”، وهم لا يريدون ترك الشوارع. ويرى إميل هوكاييم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية “المد والجزر في تظاهرات الشوارع هي الحالة العادية اليوم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حبيب محمد:

    الشعب الجزائري يطالب برحيل العصابة ( النظام ككل ) التي تدير البلد أما عبد الغزيز بوتفليقة في عداد الموتى بنسبة لكامل الجزائريين

إشترك في قائمتنا البريدية