لا سلام مع العرب

حجم الخط
6

كم كتب من قبل عن الحاجة الى ردع أعدائنا كي لا يتجرأوا على المس بنا؟ وبرغم طوفان الكلمات وبرغم كل القوة التي استعملت – تنجم دائما منظمة عربية متطرفة جديدة تحاول أن تقتل منا مرة اخرى. فلا يوجد ردع في ظاهر الامر. وتنتهي كل عملية أو حرب قمنا بها في السنوات الاخيرة الى شعور باضاعة فرصة يرى أننا كنا نستطيع أن نسقط وندمر ونقضي لكننا وقفنا في نصف الطريق. فلو لم نوقف الجيش الاسرائيلي فقط لأحرزنا النصر.
صيغت واحدة من أساطين تصور أمننا القومي في مقالة جابوتنسكي «عن الجدار الحديدي». وبعد ذلك – ودون أن يعترف بن غوريون بذلك – تبنى هذا التصور. فالسلام يمكن أن يأتي فقط حينما ييأس أعداؤنا من أمل القضاء علينا.
بيد أن هذه المعادلة ولدت في أذهان خريجي المدرسة الاوروبية في التفكير المنطقي. وكما يحاول هُذاة السلام في اليسار الاسرائيلي أن يخالفوا الواقع ويحاولوا فرض منطقهم على أعدائنا، يفعل ذلك بالضبط ايضا من يصوغون السياسات والمفكرون من اليمين. يجب اعادة النظر في أمل أن تردع قوتنا الضخمة أعداءنا وأن يأتي السلام بذلك. فقد كان الردع المتبادل يمكن أن يوجد بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في ايام الحرب الباردة لأن هذه وتلك كانتا تملكان آلاف رؤوس الصواريخ الذرية التي تكفي للقضاء على العالم كله، ومكّن المنطق المشترك بين الطرفين الردع. لكن من يعتقد أن ذلك سيكون المنطق الايراني وأنهم لن يستعملوا السلاح الذري اذا امتلكوه يتجاهل امكانية أن دولة كايران تستطيع أن تتصرف في صعيد الدولة مثل مخرب منتحر في الصعيد الشخصي. لأنه اذا كان الهدف «أكبر من الحياة» فربما يمكن، بل ربما يكون من الخير، التضحية بالحياة أو بالدولة لقتل اليهود أو للقضاء على اسرائيل.
وهكذا الحال ايضا في حرب تقليدية. فان انتصار اسرائيل الأعظم في تاريخها كله – هزم الدول العربية في حرب الايام الستة، لم يمنع عبد الناصر والاسد من بدء حرب الاستنزاف بعد انتهاء المعارك في حزيران 1967 بأيام معدودة، وبدأ قادة سوريا ومصر يبنون جيشيهم مجددا ويُعدونهما للحرب القادمة. فاذا لم تكن هزيمة حاسمة كهزيمة الايام الستة ردعتهم فما الذي يردعهم؟ واذا لم تُعلم خسارة عظيمة لاراض في الحرب الدول السليمة العقل درسا فما الذي يردع قليلي الشأن من حماس أو داعش؟.
يقول اليسار اليوم – كما قال دائما – إنه يجب أن يوجد «حل سياسي». وتنازلات عن اراض تفضي الى سلام. ويتجاهلون أن الحرب بيننا وبين العرب ليست صراعا على الارض ولهذا لا يوجد لها دواء من الارض. فالحروب الدينية لا تُحل برسم خط حدود على الخريطة.
ويقول اليمين اليوم – كما قال دائما – إنه يجب أن يوجد «حل عسكري»؛ بالهزم والاسقاط وقطع رؤوس الثعبان، وهم يتجاهلون أن الحرب لا تجري بين شعوب أو قادة لهم المنطق نفسه والقيم نفسها والاهداف العليا نفسها.
فما الحل مع عدم وجود الردع ومع عدم وجود السلام؟.
إننا باعتبارنا بشراً نطمح الى التحكم بمصيرنا. والى أن نحيا عالمين بأن ما نفعله أو لا نفعله يحدد مصيرنا الى الحرب أو الى السلام. ولا نقبل بصورة سهلة امكان أن تستمر الحرب على كل حال وألا يوجد سلام مع العرب أبدا. وأعلم بصفتي طبيبا أنه لا دواء للامراض الأكثر وجودا. فنحن نعرف كيف نعالج مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم لكننا ما زلنا لا نعلم الى الآن كيف نشفي منهما. فالسعي الى «حل» هو وهْم. والسلام، مثل «هزم العدو» أو ردعه عن كل محاولة للمس بنا – أفيون الشعوب. وتعلمون أن مسكنات الآلام ضرورية لعلاج الألم لكنها غير كافية للشفاء. ولهذا لا يجب أن يكون «حل الصراع» هو هدفنا السياسي بل الصيغة أو الصيغ التي تُمكننا من أن نحيا، أو أن نحيا بصورة طيبة اذا أمكن. أما الأوهام التي تنتهي الى الانفجار فليست وصفة صالحة لاحراز هذه الأهداف.

آريه إلداد
هآرتس 17/8/2014

صحف عبرية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نمر ياسين حريري:

    كلّ مشكلة الاسرائيلين ومصيبتهم الكبرى في اعتقادهم انهم انتصروا في حرب 1967 . وان الجريمة تقع على عاتق قادتهم السياسين والعسكرين بعدم إخبارهم بأنّ من انتصر في هذه الحرب هما الاتحاد السوفياتي وامريكا وبقيادة ضباط تابعين لهما من اجل القبول بوجود اسارئيل في المنطقة , وان دور الجيش الاسرائيلي كان محدودا على لملمة سلاح الفارين بعد ان تخلى عنهم قادتهم . وان هذه الحرب المسرحية كانت من اجل سلام في المنطقة فانقلب عليها الاسرائيليون للاحتفاظ بالارض وبالنتيجة فانهم لم يحصلوا لا على سلام وعلى امان ولم ولن يستطيعوا الحفاظ على الارض . انهم ضحايا خداع النفس او خداع قادتهم لهم لحاجتهم الى ملاحم تقيم اللحمة في مجتمع الشتات في حينه بالاضافة الى الاطماع الصهيونية التوسعية .

  2. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    حلو ما كتبت يا نمر, بعض الاسرائيلين العقلاء يعتقدون ان اكبر خطأ في تاريخهم كان في الاحتلالات التي قاموا بها عام 1967 وخاصة احتلال الضفة وقطاع غزة فقد حلبت لهم وجع الراس مرة تلو مرة ومنع وجود حل منطقي يضمن وجودهم.

  3. يقول حيسون المغرب:

    لما وقفت إسرائيل لوحدها في سيناء انهزمت في 6 ساعات ، وهذه هي حقيقة إسرائيل ، إلا أن ما يحتاج إلى تصويب في مقال المستوطن إلداد ، أن إسرائيل لا تدافع عن نفسها بل تعتدي على غيرها ، لأنها ببساطة كيان تم إقحامه بقوة سلاح القوى العظمى وبغطائهم الديبلوماسي والسياسي في المنطقة وهي مهددة دائما بالإنقراض لأنها غريبة عن المنطقة ، وحسب قوانين الطبيعة لا يمكنها الإستمرار لأنها تخل بالتوازن الطبيعي والديموغرافي بالمنطقة ، وسيستمر المخاض إلى أن تلفظها المنطقة من جديد لتعود إلى طبيعتها ، ولا يمكنها الإستفادة من التجربة الأمريكية في الإستيطان مكان شعب الهنود الحمر لأن الواقع مختلف والعالم أصبح أكثر ضيقا لعمليات النزوح الكبيرة .
    ما يعرفه الصهاينة جيدا انهم سيزولون مع أول هزيمة ، والجديد في هذه المرحلة أنهم أصبحو يحسون بإمكانية هزيمتهم ، لأنها أول مرة يحسون بقوة لا ترغب في وجودهم وقادرة على إلحاق الهزيمة بهم ، فإذا كانت تجليات هزيمة الصهاينة في حرب 2006 في جنوب لبنان قد سرعت بالربيع الإصطناعي العربي لخلط الأوراق وإنشاء واقع جديد، فإن من يحتاج إلى ربيع الآن هو الكيان الصهيوني بعد فشل وصفته السحرية ، لان المقاومة هي نتاج داخلي فلسطيني وليست مرهونة بوجود أنظمة معادية لإسرائيل بالمنطقة لحسن الحظ .

  4. يقول محمد مكدر من المغرب:

    قد نصدق أن سلاح الردع ضرورة لكل دولة تريد أن تظمن أمانها واستمرارها لكن في حالة الاسرائليين وهم يمتلكون السلاح النووي ، فقد ضيعوا الفرصة تلو الأخرى لجلب الطرف الاخر الى سلام متبادل كان لا شك سيؤسس لعلاقة طبيعية مع العرب تبدأ بالمعتدلين وتنتهي بالأكثر تطرفا بانتهاج الصدق والاقناع. لأنه حتى لدى أطياف المقاومة مهما بلغ بها التشدد ، لا بد أن يسري الاقتناع بأن الواقع الدولي قد احتضن اسرائيل ولا سبيل واقعي لازاحتها .وبالمقابل ففكرة التهجير التي اعتمدتها هذه الأخيرة وتوسعت يواسطتها أصبحت غير مجدية . فهل لازال أحد يصدق أن يترك أهل غزة أرضهم؟ واذا كان هذا الواقع ، فلم الاصرار في الاستمرار على هذه الحال؟
    من الذي لم يتابع خطى نتنياهو تنقلها كاميرات العالم يختال في مشيته وهو يصادق في كل مناسبة على مشاريع استيطانية جديدة بعد مصادرة الأرض من أصحابها ؟ فأنتم لا تستطيعون أن تتجنبوا مشاعر الاحباط والغضب ممن تسمونهم العرب وأنتم تفعلون كل شيئ يغذي هذا الحقد . فهل يمكن أن تنجبوا ساسة ليسوا دهاة فحسب ولكن أيضا مقدسون للعدالة والحق، مع شعورهم بامتلاك قوة السلاح الرادعة ؟

  5. يقول adnan:

    لا سلام مع العرب ولا أمان لليهود

  6. يقول AL NASHASHIBI:

    نعم سيكون هناك سلام فقط بزوال الاستعمار من كل تراب فلسطين …وهذا ليس بغريب ولا عجيب بل حق وحقيقه
    …نعم فلسطين لكل إنسان شريف يحترم الانسانيه ويعمل علي خدمتها …
    …وليس للجهل العنصري الاستعماري حق الوجود في هذا الوطن العزيز
    AL NASHASHIBI

إشترك في قائمتنا البريدية