رئيس أسبق للموساد: دون تسوية يعني بدء الدولة الواحدة من البحر للنهر

حجم الخط
2

الناصرة ـ «القدس العربي» : مع الكشف المستمر عن إخفاقات جديدة في إدارة الحرب على غزة تتزايد الانتقادات داخل إسرائيل لحكومتها وجيشها في ظل أجواء خيبة وقلق ومشاعر تفويت فرصة وتساؤلات حول جدوى وأخلاقية الحصار.
وفي هذا السياق دعا الجنرال (احتياط) روني برط الإسرائيليين للقلق لأن قياداتهم لا تخطط وتعمل بشكل عشوائي وفوضوي.
وفي حديث مطول للقناة الإسرائيلية العاشرة، قال ان إسرائيل خاضت الحرب في غزة بعد خمس سنوات لم يجر خلالها أي نقاش في القيادة السياسية أو القيادة المهنية حول المسألة الاستراتيجية المتعلقة بما تريده.
وكان قد ترأس خلال السنوات الخمس الأخيرة، منصب رئيس قسم في الشعبة الأمنية في مجلس الأمن القومي. وقال ان الوضع الحالي في الجنوب، في ظل الحرب الأخيرة، هو نتاج النهج الخاطئ لعملية اتخاذ القرارات في الحكومة الإسرائيلية طوال السنوات الماضية.
وحسب برط الذي أنهى مهمته العسكرية قبل ثلاثة أشهر وكان يشارك في اجتماعات المجلس الوزاري المصغر، فانه لم يجر في السنوات الأخيرة أي نقاش، تقريبا، حول ما يجب عمله حيال غزة وحتى لو تم ذلك فقد تم بشكل خاطئ، حيث لم يعترض الوزراء على الاقتراحات التي يعرضها ضباط الجيش.
وكشف انه حين يتم اجراء نقاش فانه لا يتم طرح أي بدائل جدية، لا سياسية ولا عسكرية، ولا يعترض أحد على مخططات الجيش، ولا يتم عرض أي وجهة نظر دبلوماسية، اعلامية قانونية أو إنسانية «. وأضاف انه لم يتم عرض أي بديل لشكل تفعيل القوة العسكرية للجيش. ومنذ عام 2006 يعمل الجيش بنفس الطريقة، أولا يقفون في الخارج لعدة أيام ويطلقون النار باتجاه الداخل وعندها فقط يدخلون إلى المنطقة. وتابع «هذا ما حدث في لبنان وما يحدث الآن في غزة، ولكنه يجب ان يكون من الواضح لكل مدني، حتى لو لم يكن خبيرا انه «إذا انتظرنا العدو عدة أيام، فانه سيعد نفسه بشكل أكبر للمواجهة».
ويدعي برط انه لو قام الجيش في اليوم الأول للحرب بالتوغل البري في غزة، واستخدام عنصر المفاجاة والخداع، لمنيت إسرائيل بخسائر أقل، منوها ان مثل هذا الخيار لم يتم مناقشته أبدا من قبل القيادة».
ويزعم انه في حال تلقي الجيش أوامر باحتلال غزة فانه يمكنه السيطرة عليها خلال يومين واحتلالها بشكل مطلق خلال سبعة أيام.
وبشان الأنفاق، قال برط ان الجهاز الأمني يعرف منذ 11 سنة المخاطر الكامنة فيها، لكنه لم يفعل شيئا لتقليص المخاطر.
وأثارت أقوال أصداء واسعة في إسرائيل وعلى إثرها توجه نواب بالكنيست لمراقب الدولة لفتح ملف تحقيق بما كشف عنه الجنرال بالاحتياط.
وحتى رئيس الموساد الأسبق إفرايم هليفي انضم أمس لتوجيه الانتقادات وقال ان حماس ورغم «عزلتها وتلقيها ضربات موجعة» ما زالت صامدة ومزروعة في قلب غزة بقوة تضطر إسرائيل للتفاوض معها. وأوضح ان محاولة تهجين غزة بإدخال حركة فتح ستفشل وان التسوية في القاهرة ستفضي لاعتراف إسرائيل بحماس كلاعب شرعي بالمعادلة بينها وبين الفلسطينيين.
وقال هليفي ان حكومة إسرائيل غير معنية بهذا ولذا تواصل التعامل مع غزة كقضية أمنية فحسب. ويرجح ان تعود للمعركة العسكرية اجلا ام عاجلا ولتدمير حماس بحال لم تنجز تسوية. ويتابع «ان وقف النار فعليا دون تسوية يعني ان الجيش لم يحقق مكاسب كافية في الميدان وعندها سيفهم العالم العربي ان إسرائيل ربما انتصرت بالمعركة لكنها خسرت بالحرب، وبكلمات أخرى هي استبدلت مكسبا عسكريا في غزة بنتيجة معاكسة حول طأولة المفاوضات». ويرى هليفي ان هذا سيكون المسمار الأخير بنعش السلطة الفلسطينية التي تعاني أصلا من مكانة مهتزة وينهي قاطعا «مثل هذه الخاتمة للحرب على غزة يعني بداية الدولة الواحدة من البحر للنهر».
وأكد الكاتب باروخ لاشام فشل نظرية كيّ وعي الفلسطينيين بالحديد والنار. ونوه في مقال نشرته «يديعوت أحرونوت» أمس ان التجربة تدلل على فشل هذه النظرية التي يقودها وزير الدفاع موشيه يعلون. ويؤكد ان حماس انتصرت بالحرب على رواية الحرب ويدلل على ذلك تظاهر سكان مستعمرات غلاف غزة في تل أبيب ضد الحكومة والجيش وعدم عودتهم لمنازلهم بعد. وأضاف «التغيير بالوعي يحصل لدينا وليس بالجانب الفلسطيني ولدى الإسرائيليين إحساس بالمرارة الحراقة في الحلق».
وعبّر عن بعض هذه الأجواء السوداوية الكاتب البارز دافيد غروسمان الذي أكد في حديث للإذاعة الإسرائيلية العامة أمس عدم وجود حل عسكري للنزاع بين إسرائيل وبين حماس.
وقال غروسمان الذي فقد ابنه الضابط في حرب لبنان الثانية، ما لا يجرؤ على قوله أحد في التيار المركزي الصهيوني ان إسرائيل لا تستطيع ان تتنفس الصعداء طالما ان غزة تكابد الحصار والخناق».
وكرر ما قاله خلال مظاهرة جماهيرية ضد الحرب في تل أبيب ليل السبت الماضي، داعيا الحكومة لان تعرض على الفلسطينيين برنامجا كبيرا رؤيته بعيدة ومثمرة تتضمن مقترحات حقيقية. وتابع «ما ينبغي ان يتغير الآن في إسرائيل بعد الحرب هو تذكير من يفاوض نيابة عنا في القاهرة بانه إذا كان سكان غزة هم أعداء اليوم فانهم سيبقون للأبد جيراننا».
وقال غروسمان ما يعتقده مراقبون سياسيون كثر بان استنكاف إسرائيل عن طرح صيغة لتسوية الصراع مع الفلسطينيين، لن يكون له سوى تفسير وحيد وهو انها تفضل الحروب على أي مخاطرة مطلوبة لإحراز السلام. ودعا الأديب غروسمان الإسرائيليين للاستيقاظ من لامبالاتهم والمشاركة في مبادرة من أجل السلام مع الفلسطينيين وتابع موبخا «كيف نوافق على ان نكون متعاونين وعملاء لليأس والجمود في قضايا مصيرية جدا. حان الوقت لنصحو فهذه الحرب كشفت بشكل خطير المسيرات التي تمر بها إسرائيل بسبب اليأس والجمود. علينا ان نفهم ان أمورا هنا قد حدثت خلال نومنا». وحذر من التشدد القومي والعنصرية التي نجحت بفرض استبداد الخوف في قطاعات واسعة من الدولة مشددا على ضرورة لجم قوى الظلام في إسرائيل. كما دعا للتوحد خلف عدة مبادئ وهي الإيمان بإسرائيل دولة يهودية، ديموقراطية ومساواة بالحقوق والرغبة بإحراز السلام، وذلك من أجل توفير شراكات جديدة لجهات تشمئز من طريق العنف والتطرف».
وتقاطعت معه رئيسة حزب «ميرتس عضو الكنيست زهافا غالؤون التي وجهت سهام نقدها للحكومة. وقالت في بيان لها أمس ان نتنياهو فشل في الأمن والسلام معا وعليه الذهاب لبيته.
يشار إلى ان حزبها «ميرتس» هو المنظم الأساسي للمظاهرة التي شهدتها تل أبيب وهي أكبر مظاهرة تتعلق بالحرب غلى غزة حتى الآن وفاقت بعدد المشاركين فيها مظاهرة التعاطف مع سكان غلاف غزة الأسبوع الماضي، وتمت تحت شعار «العرب واليهود يرفضون ان يكونا أعداء» و «لا حلول عسكرية للصراع مع الفلسطينيين».
وردا على سؤال «القدس العربي» حول مدى تزايد عدد المناهضين للحرب في إسرائيل قال سكرتير الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة المحامي أيمن عودة انه في هذه الحرب غمرت التوجهات الفاشية والانغلاق العنصري البلاد من أقصاها إلى أقصاها. وبرأيه فان مرد ذلك عدة عوامل منها فقدان الثقة بالنفس من حرب تموز/ يوليو 2006 في لبنان الأمر الذي أدى إلى عصبية جماهيرية إسرائيلية في كل حرب. والثاني ان «الربيع العربي» شيطن الحركات الإسلامية، وجزء منها شياطين حقًا مثل «داعش، ولان أهم حركات المقاومة في غزة هي حماس الإسلامية ناهيك عن الجهاد فهذا شرعن العدوان أكثر بين الجمهور الإسرائيلي. وأضاف «كما كشف الإنفاق حوّل الحرب في إسرائيل من هجومية إلى دفاعية بمنظورهم الذي لا نوافقهم به طبعًا لأن المشكلة الأساسية هي الحصار والاحتلال. أو حوّلها من حرب غير حتمية إلى حرب حتمية أي مفروضة حسب القاموس الإسرائيلي». واشار إلى انه فوق هذا الأسباب فقد جاء التفهّم الرسمي العربي لهذا العدوان مما أكمل حلقة الإقناع لدى 90 ٪من الجمهور اليهودي الإسرائيلي المخبول يوميًا بالإعلام الصهيوني الموجّه.
وحول أهم نتيجة لهذه الحرب مقارنة بحروب سابقة على غزة يرى عودة الذي شارك بمظاهرة تل أبيب ان صمود المقاومة الفلسطينية في غزة وإرسالها صواريخ لأبعاد استراتيجية والتهديد الفعلي لأماكن حساسة مثل المطار المركزي ومفاعل ديمونا، بالإضافة للشلل الجزئي للحياة اليومية طيلة ثلاثة أسابيع أفضت إلى تعزيز القناعة الجماهيرية الإسرائيلية انه لا حل عسكريًا.
وأضاف « هذا كان من بين الأسباب التي جعلت حركة ميرتس وحركة السلام الآن تنضمان لمظاهرة تل أبيب، بعد ان قاطعتا هذه المظاهرات أبّان الحرب.

وديع عواودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جهاد:

    this is gaza

  2. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    “تذكير من يفاوض نيابة عنا في القاهرة بانه إذا كان سكان غزة هم أعداء اليوم فانهم سيبقون للأبد جيراننا”.
    اعتقد ان المقصود هو مصر؟؟ اليس كذلك؟؟ اذا لم يكن دقيقا فان الالتباس له دلالته.

إشترك في قائمتنا البريدية